روما

كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان
كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان من أشهر معالم مدينة روما (الجزيرة)

عاصمة إيطاليا، عُرفت قديما بـ"المدينة الخالدة" لمكانتها السياسية والدينية. ويُعتقد أنها كانت أول مدينة كبيرة في التاريخ، وكان لها تأثير سياسي وثقافي وديني عظيم على العالم.

الموقع
تقع روما في إقليم لاتسيو بالوسط الغربي لشبه الجزيرة الإيطالية، ويعبرها نهر التيبر (Tevere)، وتبلغ مساحتها 1.287.36 كيلومترا مربعا، وهي أكبر بلدية مساحةً في البلاد.

السكان
يبلغ عدد سكان روما نحو 2.870 مليون نسمة في أيام العطلة، و3.5 ملايين خلال أيام الأسبوع العملية (حسب إحصاء رسمي أجرته بلدية المدينة). وهي المدينة الأكثر اكتظاظاً بإيطاليا والرابعة من حيث السكان في الاتحاد الأوروبي.

التاريخ
اختلفت الروايات والأساطير بشأن نشأة واسم روما، لكن الرواية الرسمية تفيد بتأسيسها في 21 أبريل/نيسان عام 753 قبل الميلاد (ق.م)، وكان "رومولو" أول ملوكها ولهذا اشتُق اسمها من اسمه.

ويُعتقد أن روما كانت -على مدى ثلاثة آلاف عام- أول مدينة كبيرة في تاريخ الإنسانية وقلب إحدى الحضارات القديمة، وكان لها تأثير كبير على الثقافة واللغة والأدب والفن والعمارة والفلسفة والدين والقانون في العالم.

فقد نشأت فيها اللغة اللاتينية، وكانت عاصمة للإمبراطورية الرومانية، التي امتدت سيطرتها على حوض البحر الأبيض المتوسط وجزء كبير من أوروبا والدولة البابوية.

تعتبر روما قلب الديانة المسيحية الكاثوليكية، وهي المدينة الوحيدة في العالم التي تستضيف -ضمن حدود أراضيها- دولة أخرى هي حاضرة الفاتيكان (دولة البابا)، ولهذا غالبا ما توصف بأنها "عاصمة لدولتين".

ووفقا للرواية التاريخية، فقد اتبعت المدينة النظام الملكي مدة 244 عاماً وكان ملوكها من أصل لاتيني وسابي، ثم حكمها ملوك الأترورية (إتروسكان أو Etruschi).

لكن التاريخ الموثوق به بدأ منذ أن تخلت روما عن نظام الملكية، وتأسست جمهورية روما عام 509 ق.م إثر التراجع البطيء للحضارة الأترورية التي سيطر آخر ملوكها على روما الملكية.

تزامنت تلك الفترة مع تأثر المدينة بالحضارة اليونانية التي وضعت حداً لتوسع شعب الأتروسكان في المدينة. وفي تلك الحقبة بالذات، بدأ يتجسد نوع من الديمقراطية الحقيقية بدعم من القناصل والقضاة والمسؤولين إلى حد المساواة في الحقوق بين النبلاء والعوام.

وفي القرن الثالث والثاني قبل الميلاد، بسطت روما سلطانها على جزر ودول حوض المتوسط وبلاد الشرق (264-146 ق. م)، فقاتلت ضد مدينة قرطاجنة (تونس) ومقدونيا (212-168 ق.م).

عاشت روما عصرها الذهبي خلال حكم أوكتافيوس الذي أسس الإمبراطورية وشهدت في عهده أكبر توسعاتها حتى عام 14 ق.م، فمنحه "السناتو" (أي مجلس الشيوخ) لقب "آوغوسطو" أي فخامة أو جلالة.

وفي عهد من أعقبوه من الأباطرة، بسطت روما سيادتها على العالم حين تراوحت أراضي الإمبراطورية من المحيط الأطلسي إلى الخليج الفارسي إلى بريطانيا فمصر. وأُعلنت روما آنذاك عاصمة للعالم (روما موندي).

شهدت روما تحولاً مع الإمبراطور قسطنطين الذي جمع كل إمارات الإمبراطورية في شخصه، ونقل مقر الإمبراطورية من روما إلى القسطنطينية (إسطنبول الحالية) في إمبراطورية الشرق.

ومع ذلك قدّر لروما أن تمضي بالمسيحية في أداء رسالتها في العالم، ومارست كنيستها نفوذاً قوياً على مدى نحو خمسة قرون جمعت خلالها ولايات الإمبراطورية تحت سلطتها. ومع قسطنطين أُقيمت أولى الكنائس المسيحية الرئيسية في روما من أهمها: كنيسة القديس يوحنا لاترانو، وكنيسة القديس بطرس في الفاتيكان.

نُهبت المدينة على أيدي القوط الغربيين (Goti) مرتين عاميْ 410 و455. وأعاد الباباوات إعمارها لكنها نُهبت مرة أخرى عام 472. ثم استولى عليها البيزنطيون 1536 فتعزز مركز البابوية التي اتخذت منها مقرا، وبقيت نحو قرنين تحت الحكم البيزنطي.

في نهاية القرن الثامن عشر، توقفت سلطة الباباوات بإعلان جمهورية روما (1798) التي بُنيت على غرار الثورة الفرنسية واستمرت عاما واحدا فقط. ومع قدوم نابليون بونابرت، أصبحت روما جزءا من الإمبراطورية الفرنسية الأولى (1808)، وأعلن روما المدينة الثانية للإمبراطورية الفرنسية ومقر الإدارة.

أعلنت عائلة سافويا المالكة في 1870 روما عاصمة لإيطاليا، وتم بناء المدينة وترميمها وصممت المباني الوزارية والمؤسسات السياسية لإحياء دور العاصمة مما أعطى دفعة جديدة للمدينة، وسمح لروما بالدخول إلى الحضارة الحديثة وبالتطور اجتماعيا واقتصاديا.

استولى الفاشيون على روما يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 1922، وقام الملك فيتوريو إيمانويلي الثالث بتعيين بينيتو موسوليني رئيسا جديدا للحكومة فاستطاع توطيد السلطة بإنشاء حكم ديكتاتوري.

دخلت إيطاليا في 1940 الحرب العالمية الثانية إلى جانب النازيين، وفي 19 يوليو/تموز 1943 كانت المدينة هدفا لقصف شديد نفذه سلاح الجو الأميركي أودى بحياة أكثر من ثلاثة آلاف شخص. وفي 25 يوليو/تموز 1943 احتل الألمان مدينة روما ثمانية أشهر إلى أن حُررت في 4 يونيو/حزيران 1944.

والغريب أن روما تستضيف على أراضيها السفارة الإيطالية لدى حاضرة الفاتيكان، وهي الحالة الوحيدة عالميا التي توجد فيها سفارة لبلد داخل حدوده. كما أنها مقر لجميع المؤسسات الرئيسية للدولة، وللعديد من المؤسسات الدولية.

المعالم
تجمع معالم روما بين الجديد والقديم، وهي محج يأتيه الزوار من جميع بقاع العالم لرؤية الكنوز الفنية من عصر النهضة، والكنائس الباروكية المزينة برسومات ألمع الفنانين مثل مايكل أنجيلو، ونماذج كثيرة من الفن الحديث والأساليب الفنية الأخرى من القرنين التاسع عشر والقرن العشرين.

ومن أهم معالم المدينة الأثرية المنتدى الروماني (فوري روماني)، ومبنى الكامبيدوليو (مبنى البلدية اليوم) ومسرح الكولوسيوم، وساحة نافونا، والبانثيون (معبد الآلهة)، وضريح كاستل سانت أنجيلو، وحمامات كركلا، إضافة إلى الجسور التي تربط بين ضفتيْ نهر التيبر، والقنوات وسدود المياه (منذ 312 ق.م).

المصدر : الجزيرة