مراكش.. مدينة "سبعة رجال"

Jamaa el Fna market square, Marrakesh, Morocco, north Africa. Jemaa el-Fnaa, Djema el-Fna or Djemaa el-Fnaa is a famous square and market place in Marrakesh's medina quarter.; Shutterstock ID 685174879; purchase_order: aljazeera ; job: ; client: ; other:
ساحة سوق جامع الفنا في مراكش (شترستوك)

مراكش واجهة المغرب السياحية، وعاصمته أيام حكم المرابطين والموحدين، وتلقب بالمدينة الحمراء نسبة إلى اللون الغالب على مبانيها، وتوصف بمدينة البهجة، حيث لا تخفى الروح المرحة والميل للنكتة لدى أهلها. 

يصفها الأوروبيون بالمدينة الساحرة لطبيعتها ومناخها الصحي، مما جعل الآلاف منهم يختارون الاستقرار فيها، وفيهم شخصيات عالمية وأسماء كبيرة في عالم السياسة والفن والرياضة. 

وشهدت المنطقة يوم 8 سبتمبر/أيلول 2023 زلزالا وصف بأنه "الأعنف منذ قرن" بلغت شدته 7 درجات على مقياس ريختر وراح ضحيته المئات، وكان مركزه إقليم الحوز جنوب غربي مراكش على عمق 8 كيلومترات.

الموقع

تقع مراكش جنوب المغرب عند سفوح جبال الأطلسي على بعد ثلاثين كيلومترا منها، وترتفع 450 مترا عن سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الرباط 327 كيلومترا، تتميز بمناخ شبه جاف شتاؤه معتدل رطب وصيفه جاف حار.

وتقدر مساحة المدينة بنحو 230 كيلومترا مربعا، وتعد رابع أكبر مدينة في البلاد بعد الرباط وفاس والدار البيضاء، ووصفت بأنها "المدينة الحمراء، الفسيحة الأرجاء، الجامعة بين حر حرور وظل ظليل وثلج ونخيل".

السكان

تُصنف مراكش ثالث أكبر مدن المغرب من ناحية عدد السكان، حيث يفوق عدد سكانها مليون نسمة حسب إحصائيات عام 2023 يشتغل أغلبهم في قطاع الخدمات والصناعة الحديثة والتقليدية والأعمال الحرة والوظائف العمومية.

ويمثل الأمازيغ أغلبية السكان في المدينة، ويشكلون أكبر مجموعة عرقية في مراكش، مع وجود العرب وأقلية من الأوروبيين.

الجغرافيا

تعد مراكش من المدن السهلية الزراعية، وفيها العديد من الأنهار التي تغذيها، منها نهر تانسيفت، بالإضافة إلى عدد من الوديان، مثل نفيس وأوريكا.

وتعتبر الجبال من أبرز التضاريس في المدينة، ومن أشهرها جبال الأطلس وتوبقال، وفيها محميات طبيعية ومساحات خضراء كثيرة، وتنتشر فيها الهضاب الداخلية والساحلية.

ويعد مناخها شبه صحراوي وشبه استوائي، فيكون في الشتاء معتدلا وفي الصيف حارا، وبسبب ارتفاعها عن مستوى سطح البحر تنخفض فيها درجات الحرارة ليلا.

ويعد جبل توبقال (صاحب أعلى قمة في مراكش) مؤثرا كبيرا في ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى الصحراء الكبرى التي تحمل الرياح القادمة منها رمالا.

الاقتصاد

يعتمد اقتصاد المدينة بشكل كبير على النشاط السياحي والعقاري، كما يقوم على الصناعة التقليدية باعتبارها رافدا مهما لقطاع السياحة، حيث يشتغل أكثر من أربعين ألف شخص في صناعة الفخار والنحاس والجلود والسجاد (الزرابي) وغيرها، إضافة إلى بعض المعارض كمعرض مراكش الدولي للصناعات وخدمات الطيران.

ويشارك أكثر من نصف السكان في الزراعة التي تعد المحرك الرئيسي لاقتصاد المدينة، ويعد الزيتون أكثر المحاصيل الزراعية إنتاجا تليه الحبوب، ثم أنواع من الفاكهة ثم الخضار فالأعلاف.

تتوفر المدينة على شبكة مواصلات وطرق حديثة، وفيها سكة حديد ومطار دولي هو الثاني على مستوى المغرب من حيث حركة المسافرين، وفيها أقدم الموانئ في المغرب وهو ميناء أسفي الذي يعد رابع أكبر ميناء تجاري في البلاد.

واختيرت مراكش أفضل وجهة سياحية جديدة في العالم عام 2015 في تصنيف أعده الموقع العالمي المتخصص في الأسفار (تريب أدفايزر)، حيث تفوقت مراكش على أعرق العواصم العالمية، ومنها لندن وروما وباريس.

وحققت "زهرة الجنوب" المركز الأول على المستوى الوطني، من حيث عدد سياح المدينة، برقم تجاوز مليوني سائح عام 2014، واحتلت من خلاله المركز السابع عربيا في نتائج المدن التي شهدت أكبر عدد زوار، بحسب تقرير لصحيفة إندبندنت البريطانية.

وتعد مراكش المركز السياحي الأول في المغرب، والمركز الثاني إقليميا في مجال الصناعة إقليميا، والمركز الاقتصادي الثالث في الثروة الاقتصادية على مستوى البلاد، وعاصمة المنطقة الاقتصادية الجنوبية الغربية الوسطى.

وتتوفر على بنية تحتية فندقية مهمة، حيث تحتوي على أكثر من 1400 وحدة للإيواء، بما فيها أكثر من 170 فندقا مصنفا.

التاريخ

يعود تأسيس مراكش إلى زمن المرابطين، وتختلف الروايات في تفسير الاسم، فيرى بعضها أن مراكش كلمة أمازيغية تعني "مرّ بسرعة".

وكان اسم "مراكش" يطلق على كل المغرب قديما منذ أن تأسست كعاصمة للمرابطين إلى عهد الاحتلال الفرنسي في العصر الحديث، ولا تزال هذه التسمية متداولة في كل اللغات، كالفارسية (مراكش)، والإسبانية (مارويكوس) والإنجليزية (موروكو).

وتقول المصادر التاريخية إن بناء النواة الأولى لمراكش كان عام 1070 على يد مجموعة قبائل أمازيغية أتت من الصحراء واختارت موقعها لقربه من صحراء لمتونة ومن جبال المصامدة.

وتوصف بالمدينة الحمراء، لأن معظم منازلها تم طلاؤها باللون الأحمر، وتزداد جمالا وإشراقا مع انعكاس ضوء الغروب على بيوتها.

وتعرف مراكش أيضا بلقب "مدينة سبعة رجال"، ويرجع الباحثون أصل ذلك إلى مجموعة من كبار العلماء والصوفية الذين عاشوا في المدينة واضطلعوا بدور كبير في نشر الوعي السياسي والفكري والتربوي وسط سكانها، وهم على التوالي: يوسف بن علي الصنهاجي، وعياض بن موسى اليحصبي، وأبو العباس السبتي، ومحمد بن سليمان الجزولي، وعبد العزيز التباع، ومحمد بن عجال الغزواني، وعبد الرحمن الضرير.

وشهدت المدينة ازدهارا عمرانيا وتنظيميا كبيرا في عهد السلطان يوسف بن تاشفين (1061-1107)، وباتت عاصمة ومركزا سياسيا وثقافيا للدولة المرابطية وكل الغرب الإسلامي.

وصفها الحميري في كتابه "الروض المعطار في خبر الأقطار" بأنها أكبر "مدن المغرب الأقصى، وعظمت تجارتها وتنافس الناس في البناء فيها وبنيت فيها الفنادق والحمامات، وفيها قيسارية عظيمة البنيان، وهي أكثر بلاد المغرب جنات وبساتين وفواكه، وأكثر شجرها الزيتون".

أسهمت دولة الموحدين بعد عام 1147 في تطوير المدينة بعدما اتخذتها عاصمة، وتركت فيها معالم لا تزال قائمة، وحرص كل من جاء بعدهم من المرينيين -رغم أنهم لم يتخذوها عاصمة- والسعديين على أن تصبغ الأسوار والمباني بلون الآجر والطين الأقرب إلى الحمرة بما يتوافق ولقب المدينة الحمراء.

ولقيت في ظل حكم العلويين اهتماما في أيام السلطان سيدي محمد، فبنيت فيها أحياء ومعالم عديدة ورُمّم عدد من مساجدها وأسوارها ومعالمها البارزة.

ومنذ عام 1985 أُدرج القسم القديم منها في لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو.

مدينة مراكش تعد المركز السياحي الأول في المغرب (الفرنسية)

المعالم

تزخر مدينة مراكش بالمعالم الأثرية التاريخية والحضارية الشاهدة على تاريخ عريق، منها أسوار مراكش التي يقدر طولها بنحو تسعة كيلومترات، ولها أبواب، أبرزها بابا أكناو ودكالة.

وفيها القبة المرابطية، وهي شاهد حي يبرز جمال الفن المعماري المرابطي، وتحمل نقوشا فنية فيها أقواس وأشكال تشبه نجمة سباعية.

ويعتبر بعض المؤرخين والجغرافيين القدامى القصر البديع في مراكش من عجائب الدنيا لاحتوائه على أربع حدائق وزخارف ورخام وتيجان وأعمدة مكسوة بأوراق الذهب والزليج متعدد الألوان.

ومن معالم المدينة الشهيرة مسجد الكتبية ومدرسة ابن يوسف، وساحة جامع الفنا التي يحج إليها الزوار من داخل المغرب وخارجه، واعتبرتها منظمة اليونيسكو عام 1997 تراثا شفويا إنسانيا.

وتتوفر "عاصمة النخيل" على معالم ومآثر تاريخية أخرى، بينها "حدائق ماجوريل" التي تحتوي على نباتات وأزهار نادرة قادمة من القارات الخمس، و"حدائق المنارة" التي يتوسطها خزان المنارة الكبير.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية