الأمير هاري.. "سبنسر الصغير" الذي تخلى عن لقبه الملكي

أمير بريطاني ولد عام 1984، وهو الابن الثاني لملك المملكة المتحدة تشارلز الثالث والأميرة ديانا، والسادس في ترتيب العرش. خدم في الجيش البريطاني 10 سنوات، وعمل في مناطق حرب مثل أفغانستان.

عرف بحياته المثيرة للجدل، واتخذ قرارات غير تقليدية وغير مألوفة للعائلة المالكة البريطانية، وأصبح ثاني عضو، بعد الأمير إدوارد، يتخلى طواعية عن واجباته الملكية.

وسلبه هذا القرار ألقابه الملكية والعسكرية و"المنحة السيادية"، وتمت إزالة تمثاله من الجناح الملكي في متحف "توسو".

واستقر عام 2020 في ولاية كاليفورنيا بعد تخليه عن لقبه، وتزوج من الممثلة الأميركية ميغان ميركل، وواجه دعوات الترحيل منها وسط جدل بشأن ظروف حصوله على تأشيرته واتهامه بتعاطي المخدرات.

وأصدر سيرة ذاتية مثيرة للجدل في 2023 بعنوان "سبير" (البديل أو الاحتياطي)، ضمت تفاصيل طفولته المضطربة ومعاناته النفسية بعد وفاة والدته، وعلاقته المتوترة بعائلته، كما يحكي عن فترة تمرد لجأ فيها إلى الخمر والمخدرات.

المولد والنشأة

ولد هنري تشارلز ألبرت ديفيد في 15 سبتمبر/أيلول بمستشفى سانت ماري في بادينغتون بالعاصمة البريطانية لندن.

هو الابن الثاني لملك بريطانيا تشارلز الثالث وزوجته الأولى الأميرة ديانا سبنسر، والأخ الأصغر لويليام، وريث العرش، الذي يكبره بعامين.

يقال إن الصبي -الذي لقبته ديانا "سبنسر الصغير"- ولد قبل الموعد المتوقع بأسبوع، وقيل إن أمه في ساعات المخاض الست الأولى قرأت كتابا ولم تتناول أي أدوية.

إعلان

وكان تعميد الطفل ذي العينين الزرقاوين والوجه النمش، مليئا بالتقاليد الملكية، إذ أُلبس ثوبا عمره 143 عاما صنع لابنة الملكة فكتوريا، وعُمّد بماء مقدس من نهر الأردن.

نشأ حفيد الملكة إليزابيث الثانية ودوق إدنبره الأمير فيليب، في قصر كنسينغتون الملكي، ونال لقب دوق ساسكس، وكانت طفولته مزيجا من الامتيازات والقيود، وتلقى تربية مختلفة تماما عن شقيقه.

فبينما كان الأخ الأكبر ويليام مثقلا بالمسؤوليات التي تجهزه لتولي منصب الملك، كان هاري يعامل باعتباره الابن الثاني، أو الاحتياطي والبديل بتعبير عنوان مذكراته، التي ينقل فيها عن أبيه قوله لوالدته يوم ولادته "رائع.. الآن منحتني وريثا احتياطيا".

أحبت ديانا الأمومة وعشقت طفليها، لكنها وصفت ولادتهما بأنها "ظلام دامس"، وقالت عندما ولد الأمير الصغير "انقلب زواجنا وذهب كل شيء إلى الهاوية".

كان الأمير ذو الشعر الأحمر قريبا من والدته، مستمتعا بمرافقتها في رحلات ترفيهية واستكشافية، والمشاركة في أنشطتها المتنوعة وبالإجازات إلى الخارج، لكنه تَربّى في بيئة أسرية تفتقد الاستقرار، وطغت عليها مشاكل والديه وانهيار علاقتهما بالطلاق رسميا عام 1996، قبل عام من وفاة والدته عن عمر يناهز 36 عاما في حادث سيارة.

في صباه وصف بأنه كان طفلا حساسا وخجولا يمص إبهامه ويعاني من دوار الحركة (شعور بالدوخة والغثيان عند ركوب العربات ووسائل النقل)، وكان مهتما بالصيد وركوب الخيل، وبرع في لعبتي البولو والريكبي.

وفي شبابه أصبح مضطربا ومتهورا ومقاوما للواجبات الملكية، وعجت حياته بالمغامرات والسهرات الصاخبة والماجنة.

تزوج دوق ساسكس في 19 مايو/أيار 2018 من الممثلة الأميركية السابقة ميغان ميركل، وأنجبا طفلين سمياهما آرتشي وليليبيت، وفي مارس/آذار 2020، تخليا عن واجباتهما الملكية.

إعلان

فقد ألقابه العسكرية ولقب صاحب السمو الملكي وتنازل عن "المنحة السيادية"، وهي الأموال التي تدفعها الخزانة البريطانية لدعم الواجبات الرسمية للعائلة الملكية، بما في ذلك النفقات المتعلقة بمساکنهم الرسمية وأماکن العمل.

وأصبح مصطلح "ميغزيت" (تسمية مشتقة من اسم ميغان وكلمة خروج باللغة الإنجليزية) جزءا من لغة تغطية وسائل الإعلام لهذا التحول في حياة الأمير وزوجته، وقد وصفته الصحفية والمؤلفة أنجيلا ليفين بأنه "رجل معقد، ورث الكاريزما غير العادية لوالدته الراحلة وهو مصمم على إحداث فرق".

رفع 3 دعاوى قضائية ضد صحف بريطانية لخوضها في حياته الشخصية، وأصبح أول عضو في العائلة المالكة يدلي بشهادته في المحكمة بعد جده الأكبر الملك إدوارد السابع في عام 1891.

طفولة محطمة

كان حادث وفاة والدته في 31 أغسطس/آب 1997 لحظة محورية في سنوات تكوينه، وكان لها تأثير كبير على حياته الشخصية وعلى عمله.

ووصف فقدان والدته وهو في سن 12 عاما بأنه أغلق كل مشاعره على مدى 20 عاما، ورفض القبول بما حدث، واعتقد لسنوات أن والدته تختبئ فقط وأنها ستعود يوما ما، حسب ما ذكر في مقابلة إعلامية عام 2017.

وروى أنه أمضى سنوات مراهقته وشبابه مصمما على عدم التفكير فيها، وعانى من نوبات هلع وقلق شديد، وكان "قريبا من الانهيار الكامل في مناسبات عديدة".

وزادت الوفاة المفاجئة لأحد أصدقائه المقربين في حادث سيارة من تعميق حزنه، وكان لها تأثير عميق على مسار حياته.

كان يكافح معركة داخلية مع غضبه وحزنه، وقال إنه لجأ إلى المخدرات والخمر في مراحل مختلفة من حياته. واعتاد تدخين الحشيش في حمام منزله بكلية إيتون الداخلية، بعيدا عن رقابة حراسه الشخصيين.

وعندما كان في سن الـ28، بدأ في معالجة حزنه بعد أن شعر بأنه "على وشك لكم شخص ما"، ولجأ إلى ممارسة الملاكمة وتناول علاج إزالة حساسية حركة العين، وخضع لعلاج مشكلات صحته العقلية، وقال إن كل ذلك ساعده على مواجهة أحزانه.

إعلان

الدراسة والتكوين العلمي

في عيد ميلاده الثالث في سبتمبر/أيلول 1987، بدأت أولى مراحل تعليم الأمير الصغير في حضانة "جين مينورز" في لندن. وكانت تكلفتها 200 جنيه إسترليني للفصل الدراسي.

عندما بلغ الخامسة من عمره في سبتمبر/أيلول 1989، انتقل إلى مدرسة "وذربي" الإعدادية، وكان طفلا مشاغبا ونشيطا ويشغله اللعب عن التركيز في دروسه.

وفي عام 1992، التحق بمدرسة "لودغروف" الداخلية الإعدادية المستقلة في بيركشاير، واستقر فيها مع زملائه، وكان يعود إلى في العطلات فقط، كما أظهر انشغالا بالرياضة أكثر من الدراسة.

وعندما بلغ 13 عاما في سبتمبر/أيلول 1998، التحق بمدرسة إيثون، وهي إحدى أرقى المدارس الثانوية في بريطانيا، وكان تحصيله الأكاديمي متوسطا، لكنه تفوق في رياضة البولو والريكبي.

وكانت درجاته أقل من المتوسط في الرياضيات ولم يتفوق في الدراسات الدينية، في حين كانت نتائجه في مادة التاريخ أفضل قليلا من المواد الأخرى.

وتلقى مساعدة في إعداد مشروع التعبير بامتحانات شهادة ما قبل الجامعة، باعتباره جزءا أساسيا من التقييم اللازم للالتحاق بالأكاديمية العسكرية.

وفي عام 2004، أوقف دراسته سنة كاملة عمل أثناءها في مزرعة أغنام بأستراليا، ومع أطفال أيتام في ليسوتو كان آباؤهم ضحية مرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز).

وفي الثامن من مايو/أيار 2005، أصبح طالبا في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست، مدفوعا بحلم طفولته بأن يكون جنديا.

ويجيد هاري اللغة الإنجليزية، وتعلم اللاتينية في مدرسة إيتون، ولديه بعض المعرفة باللغة الفرنسية، وقدر ضئيل من المفردات العسكرية بلغات أخرى مثل الفارسية.

المهام العسكرية والرسمية

تلقى الأمير الشاب تدريبات صارمة لمدة عام في المدرسة العسكرية، وتخرج برتبة ملازم ثانٍ في الجيش البريطاني. وفي سنوات خدمته العسكرية، كان يُعرف بلقب "هاري ويلز" وأحيانا "الملازم هاري ويلز" لإخفاء هويته الملكية لدواع أمنية.

إعلان

انضم إلى سلاح الفرسان الملكي في أبريل/نيسان 2006، وفي 16 مايو/أيار 2007 قرر قادة الجيش عدم إرساله إلى العراق خوفا عليه من المخاطر.

وشارك في مهمة سرية لمدة 10 أسابيع مراقبا جويا أماميا، بينما كانت القوات البريطانية تشارك في الحرب على أفغانستان بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2008. وعندما تسرب الخبر إلى الإعلام، أعادته وزارة الدفاع إلى بريطانيا لأسباب أمنية.

وفي 16 أبريل/نيسان 2011، أصبح نقيبا في سلاح الجو البريطاني، وحصل على شارة طيران الأباتشي وتدرب على الطائرات المروحية الدفاعية.

وفي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2011، تدرب على طائرات المروحية الحربية في قاعدة "جوين" الجوية التابعة للجيش الأميركي في ولاية كاليفورنيا، وعاد إلى بريطانيا في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني لإنهاء دورة تدريب مروحيات الأباتشي في مدرسة الطيران العسكرية.

وفي مهمة ثانية، تم إرساله مع فيلق الجيش الجوي في مهمة طيار مساعد ومدفعي طائرة مروحية أباتشي في جنوب أفغانستان في السابع من سبتمبر/أيلول 2012.

وكتب في مذكراته أنه حلق في 6 مهام عسكرية في ولاية هلمند، وقتل 25 أفغانيا وصفهم بقطع "شطرنج"، ووصفه زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار بأنه "ابن آوى" الذي "يقتل الأبرياء وهو مخمور".

وفي الثامن من يوليو/تموز 2013، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن الأمير مؤهل لقيادة طائرة أباتشي. وفي سبتمبر/أيلول 2014، أسس دورة ألعاب إنفكتوس للمحاربين القدامى الذين أصيبوا أثناء خدمتهم العسكرية.

وأنهى مهامه الرسمية مع القوات المسلحة في 19 يونيو/حزيران 2013، وقال إن السنوات العشر في الخدمة كانت "أسعد الأوقات" في حياته.

وفي سن الـ21 تم تعيينه بموجب قانون الوصاية الملكية لعام 1937 مستشارا للدولة، لتولي بعض المهام الملكية نيابة عن الملكة إليزابيث الثانية.

إعلان

وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 2017، خلف جده الأمير فيليب في منصب النقيب العام في مشاة البحرية الملكية، وتم تعيينه سفيرا للشباب في الكومنولث، ورئيسا لصندوق الكومنولث للملكة (منظمة خيرية) في أبريل/نيسان 2018.

وفي مايو/أيار 2018، تمت ترقيته إلى رتبة ملازم أول في البحرية الملكية، ورائد في الجيش البريطاني وقائد سرب في سلاح الجو الملكي. وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أصبح مساعدا شخصيا للملكة إليزابيث الثانية.

وفي 18 يناير/كانون الثاني 2020، أعلن قصر باكنغهام الاتفاق مع هاري على التخلي عن واجباته الملكية، بما في ذلك التعيينات العسكرية الرسمية.

وفي فبراير/شباط 2021، تم الإعلان عن طريق تأكيد كتابي أن الأمير تخلى عن منصب قائد جنرال لمشاة البحرية الملكية، وأنه أعاد جميع التعيينات العسكرية الفخرية الأخرى إلى الملكة إليزابيث الثانية.

الحياة المهنية

ترك هاري خلفيته العائلية الملكية، وأخد يصوغ المرحلة الثانية من حياته المهنية بعد أن انتقل إلى كاليفورنيا في يونيو/حزيران 2020.

وتقدر ثروته بنحو 30 مليون جنيه إسترليني، ورث جزءا منها عن والدته (نحو 10 ملايين دولار)، ويتراوح راتبه العسكري ما بين 50 ألفا و39 ألف دولار في السنة، وإضافة إلى ذلك، انخرط هو وزوجته عبر مؤسستهما "أرشيويل" في مشاريع تجارية في مجال الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية والبودكاست، والاستثمار في شركات ناشئة.

وشارك الزوجان، في تأليف كتاب "العثور على الحرية: هاري وميغان وتكوين عائلة ملكية حديثة"، والذي بلغت مبيعاته في الأسبوع الأول من نشره في أغسطس/آب 2020 أكثر من 3.2 ملايين نسخة، مما جعله واحدا من أكثر الكتب مبيعا.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، نشر سيرة ذاتية بعنوان "سبير" (الاحتياطي)، بلغت مبيعاتها يوم إصدارها أكثر من 1.4 مليون نسخة، لتصبح الكتاب الواقعي الأسرع مبيعا وفقا لموسوعة غينيس للأرقام القياسية.

إعلان

وفي عام 2023، اشترى حقوق الرواية الأكثر مبيعا "قابلني في البحيرة" للمؤلفة كارين إيه. ديفيز، مقابل 3.8 ملايين دولار لحقوق تحويل الكتاب إلى فيلم.

جدل تأشيرة الأمير

في مارس/آذار 2024، ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إمكانية ترحيل الأمير هاري من الولايات المتحدة، والتزم بأن يواجه تدقيقا حول مدى صحة المعلومات التي قدمها في طلب التأشيرة الخاص به.

بيد أن ترامب بعد فوزه بالرئاسة رفض دعوات ترحيل الأمير البريطاني، وقال "لا أريد أن أفعل ذلك"، منتقدا زوجته الممثلة الأميركية ميغان ميركل.

وفي مذكراته، التي صدرت عام 2023، اعترف دوق ساكس بتعاطيه للمخدرات. وهي معلومات لو اعترف بها عند وصوله إلى الولايات المتحدة في عام 2022، كان يمكن أن تؤثر على أهليته للحصول على التأشيرة.

فوفقا للقوانين الأميركية، يواجه أي شخص يكذب بشأن تعاطي المخدرات في طلب التأشيرة عقوبة السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات أو غرامة أو الترحيل.

يواجه الأمير الجندي مطالب التدقيق بشأن وضع الهجرة الخاص به، بما في ذلك نوع التأشيرة التي وصل بها أو كيف أصبح مقيما في الولايات المتحدة.

ورفعت مؤسسة الشفافية الحكومية دعوى قضائية تطالب فيها بالكشف عن تفاصيل طلب تأشيرة هاري، وتتساءل إن كان قد حصل على استثناء خاص أو كذب في استمارات الهجرة.

لكن قاضيا أميركيا قرر بأن الإفصاح عن وضع الهجرة الخاص به سيمثل انتهاكا لخصوصيته.

الأوسمة والجوائز

  • دوق ساسكس من الملكة إليزابيث الثانية، وهو لقب فخري يمنح لأفراد العائلة الملكية عند الزواج (2018).
  • وسام إيزابيلا الكاثوليكية درجة قائد الدرجة الأولى (2017).
  • القائد العام الفخري للبحرية البريطانية منذ عام 2006 حتى مغادرته العائلة الملكية في 2020.
  • وسام الإمبراطورية البريطانية قلدته إياه الملكة إليزابيث الثانية تقديرا للخدمة العسكرية وإنجازاته في مؤسسة ألعاب إنفيكتوس (2015).
  • ميدالية اليوبيل الذهبي والماسي والبلاتيني للملكة إليزابيث الثانية (2012- 2002-2022).
  • وسام فارس قائد النظام الملكي الفيكتوري (2015).
  • وسام الخدمة العسكرية الممتازة، تقديرا لخدمته العسكرية في أفغانستان ضمن الجيش البريطاني (2008).
  • جائزة "تموج الأمل" من منظمة روبرت إف كينيدي لحقوق الإنسان (2022).
  • تم إدراج اسمه في قائمة مجلة "تايم" لأكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم (2021).
  • الشارة الذهبية للجمعية البريطانية الملكية للفنون، لدوره في دعم وتحسين حياة المحاربين القدامى (2018).
  • جائزة دوق إدنبره، لدعم المبادرات الاجتماعية والرياضية (2015).
  • جائزة القيادة الملهمة تقديرا لقيادته مؤسسة ألعاب إنفكتوس (2014).
  • جائزة كلامورالبريطانية لأكثر الرجال تأثيرا (2013).
  • جائزة القلب الذهبي لمنظمة قلب للأطفال الألمانية (2010).
إعلان
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة البريطانية

إعلان