الأسير محمود عيسى.. مقدسي خطف جنديا إسرائيليا لتحرير الشيخ أحمد ياسين

الأسير المقدسي محمود عيسى منصة اكس - @PalinfoAr
الأسير المقدسي محمود عيسى قاد عملية خطف الجندي الإسرائيلي نسيم طوليدانو عام 1992 (مواقع التواصل الاجتماعي)

عميد أسرى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأقدم أسير للحركة في سجون إسرائيل، محكوم عليه بالسجن ثلاث مؤبدات و46 عاما، قضى منها 13 سنة في العزل الانفرادي حرم أثناءها من زيارة عائلته.

انضم إلى حركة حماس بعد تأسيسها، ثم التحق بجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، وأسس أول خلية عسكرية لها في القدس أطلق عليها اسم الوحدة الخاصة 101، وكانت مهمتها خطف جنود إسرائيليين بغرض مبادلتهم بأسرى فلسطينيين لدى إسرائيل.

قاد عملية خطف الجندي الإسرائيلي نسيم طوليدانو نهاية عام 1992 بهدف الضغط لإطلاق سراح مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، غير أن إسرائيل رفضت المقايضة مما أدى إلى مقتل الجندي، واعتقل محمود ورفاقه في يونيو/حزيران 1993 بعد ستة أشهر من البحث والتحريات والمطاردات.

تصنفه السلطات الإسرائيلية بأنه واحد من "أخطر" ثمانية أسرى في سجونها، لذلك رفضت الإفراج عنه ضمن صفقة الأحرار عام 2011 وضمن صفقة عام 2013، خاصة بعد اتهامه بتجنيد خلايا خارج السجن ومحاولته الهرب مع أفراد وحدته بعد حفر نفق بطول 10 أمتار أسفل سجن عسقلان.

الولادة والنشأة

ولد محمود موسى عيسى في بلدة عناتا شمال شرق مدينة القدس المحتلة يوم 21 مايو/أيار 1968، وهو أعزب، وله خمس شقيقات وثلاثة أشقاء.

توفي والده بعد عام على اعتقاله، في حين توفيت والدته عام 2021 بعد أن زارته خمس مرات فقط أثناء سجنه.

المسار التعليمي

تلقى تعليمه الأساسي في بلدته عناتا، وبعدها قرر الدراسة في الفرع العلمي، وهو ما لم يكن متاحا في بلدته، فاتجه إلى المدرسة الرشيدية في القدس.

إعلان

حصل على الثانوية العامة، ثم التحق بكلية الشريعة وأصول الفقه في جامعة أبو ديس في القدس.

المسار المهني

عمل مديرا لمكتب صحيفة "صوت الحق والحرية" في مدينة القدس، والتي كانت تصدر في مدينة أم الفحم منذ عام 1948.

الأسير المقدسي محمود عيسى منصة اكس - @PalinfoAr
محمود عيسى انخرط في صفوف حركة حماس فور تأسيسها عام 1987 (مواقع التواصل الاجتماعي)

التجربة النضالية

انضم إلى الكتلة الإسلامية في جامعة القدس أبو ديس، ثم انخرط في صفوف حركة حماس فور تأسيسها عام 1987، وبعدها التحق بجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام.

أسس مع ثلاثة شباب مقدسيين -هم موسى عكاري ومحمود عطون وماجد قطيش- أول خلية عسكرية تابعة لكتائب القسام في منطقة القدس تحت اسم الوحدة الخاصة 101، وأوكلت لها مهمة أسر جنود الاحتلال الإسرائيلي لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.

نفذت هذه الوحدة عدة عمليات من أبرزها خطف الرقيب الأول في الجيش الإسرائيلي نسيم طوليدانو قرب مدينة اللد يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 1992، وطالبت الوحدة بإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين مقابل الإفراج عن طوليدانو، وعرفت هذه العملية لدى المقاومة باسم "عملية الوفاء للشيخ أحمد ياسين".

أمهلت الوحدة الحكومة الإسرائيلية التي كان يترأسها إسحاق رابين عشر ساعات لتنفيذ مطلبها، غير أن إسرائيل رفضت الاستجابة، فنفذت الوحدة وعيدها بعد انتهاء المهلة وقتلت الجندي وألقت جثته في أحد الشوارع.

بعد ذلك شنت إسرائيل حملة انتقام عنيفة ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فاعتقلت الآلاف من عناصرهما في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأبعدت المئات من القادة إلى مرج الزهور في جنوبي لبنان.

تابعت الوحدة الخاصة تنفيذ عملياتها العسكرية، فدهست جنديا في مدينة الخضيرة يوم 17 مارس/آذار 1993، وقتلت شرطيين في المدينة نفسها في الـ30 من الشهر نفسه، واستولت على مسدسيهما، وأطلقت النار على عقيد في جيش الاحتلال وأصابته بجراح خطيرة على مفرق "بيلو" في مدينة الرملة يوم 6 مايو/ أيار من العام نفسه.

مشهد من مدينة الخضيرة التي نفذ فيها محمود عيسى أشهر عملياته ضد الاحتلال (غيتي)

الاعتقال

بعد ستة أشهر من البحث والتحري، اعتقلت إسرائيل محمود عيسى من منزله في بلدة عناتا في 3 يونيو/حزيران 1993 وكان عمره آنذاك 25 عاما، واعتقل أيضا رفاقه ماجد قطيش وموسى العكاري ومحمود عطون، واجتمع البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) حينها وأعلن عن اعتقال أخطر خلية في شرق القدس.

إعلان

خضع محمود ورفاقه للتحقيق العسكري لأكثر من شهرين في مركزي المسكوبية في القدس والرملة، وتعرض أثناءها لكافة أشكال التعذيب من الضرب والخنق والمنع من النوم، لكنه رفض الاعتراف بالتهم الموجهة إليه.

حياة السجن

وجهت له محكمة إسرائيلية تهم المشاركة في خطف وقتل جندي إسرائيلي ومحاولة قتل جنديين إسرائيليين آخرين، وحكمت عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات و46 عاما، وكان يُنقل من سجن لآخر كل ستة أشهر لمنعه من الاستقرار.

أمضى في العزل الانفرادي حوالي 13 سنة، فأطلق عليه عميد الأسرى المعزولين، حرم فيها من الزيارات العائلية ما عدا والدته التي زارته خمس مرات فقط بسبب تدهور وضعها الصحي، وكان لا يراها إلا من وراء الزجاج ويكلمها عبر الهاتف.

تعرض للعزل الانفرادي عدة أشهر بعد اعتقاله، ثم أعيد للعزل مدة شهرين عام 1996 عقابا له لمحاولته الهرب مع أفراد وحدته بعد حفرهم نفقا تحت سجن عسقلان طوله 10 أمتار.

وفي عام 1998 أعيد للتحقيق بعد أن وجهت له تهمة قتل مستوطن قبل عملية خطف الجندي الإسرائيلي، وظل في العزل عامين متتاليين.

في عام 2002 استدعي للتحقيق مرة أخرى بتهمة تجنيد مجموعة عسكرية من داخل السجن كانت تخطط لشن عمليات عسكرية على جنود الاحتلال، تعرض لتعذيب وحشي أثناء التحقيق، وحكمت عليه المحكمة بست سنوات إضافية، ووضع في زنزانة الحبس الانفرادي عشر سنوات.

تأملات قرآنية" صدر عام 2014 للأسير المقدسي محمود عيسى
كتاب "تأملات قرآنية" ألفه الأسير المقدسي محمود عيسى وصدر عام 2014 (الجزيرة)

خاض الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إضرابا جماعيا عن الطعام في أبريل/نيسان 2012 استمر 28 يوما، وانتهى بتحقيق عدة مطالب من أبرزها إنهاء الحبس الانفرادي لمجموعة من الأسرى، ومن بينهم محمود عيسى.

حوّل مدة العزل إلى فرصة للتعلم والتكوين، إذ حفظ أثناءها القرآن الكريم كاملا وتعلم الخط العربي، وانكب على قراءة الكتب والتأليف، فأصدر عدة كتب في مجالات فكرية وأدبية.

إعلان

لم يتوقف عن نشاطه في السجن، فانتخب عضوا في الهيئة القيادية العليا لحركة حماس لأكثر من دورة، وشارك في التخطيط وتنفيذ عدد من الإضرابات عن الطعام، وأصبح واحدا من قادة الحركة الفلسطينية الأسيرة.

رفضت إسرائيل إدراجه ضمن قوائم الأسرى المحررين في عدد من صفقات التبادل، ففي نهاية عام 2011 أفرج الاحتلال عن أفراد وحدته الخاصة ضمن صفقة وفاء الأحرار، لكن إسرائيل رفضت بشدة إطلاق سراحه بدعوى تصنيفه ضمن الأسرى الخطرين، ورفضت مرة أخرى إدراجه في قوائم أسرى ما قبل اتفاق أوسلو الذين أفرج عنهم عام 2013.

رواية (حكاية صابر)، التي اعتبرت بمثابة سيرته الذاتية، صدرت عام 2012. للأسير المقدسي محمود عيسى
رواية "حكاية صابر" صدرت عام 2012 واعتبرت بمثابة سيرة ذاتية لمحمود عيسى (الجزيرة)

المؤلفات

ألَّف محمود عيسى في سجنه كتبا عدة ضمنها أفكاره وأطروحاته في قضايا المقاومة والسياسة، إلى جانب إنتاجات أدبية من أبرزها:

  • "المقاومة بين النظرية والتطبيق" صدر عام 2000.
  • رواية "حكاية صابر"، التي اعتبرت بمثابة سيرته الذاتية، صدرت عام 2012.
  • "عِبر لمن يعتبر.. أقاصيص من التاريخ"، صدر عام 2012.
  • "وفاء وغدر"، مجموعة قصصية صدرت عام 2013.
  • "تأملات قرآنية" صدر عام 2014.
  • "نظرية المؤامرة في القرآن الكريم" صدر عام 2015.
  • "السياسة بين الواقعية والشرعية.. دراسة نقدية لكتاب الأمير مكيافيلي"، صدر عام 2016.
  • "رسالة الوسطية في الجهاد والفكر والتربية"، صدر عام 2018.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الفلسطينية

إعلان