حمّام العين.. مبنى أثري بالقدس من العصر المملوكي

حمّام أثري يعود إلى العصر المملوكي، يقع في البلدة القديمة لمدينة القدس، أنشأه الأمير سيف الدين تنكز الناصري عام 1337 م، استولى الاحتلال على جزء من أراضيه لصالح كنيس يهودي، وأعيد ترميمه وافتتاحه عام 2018.
الموقع
يقع حمّام العين في سوق القطانين من الجهة الغربية بالحي الإسلامي في البلدة القديمة لمدينة القدس.
التسمية
سمي حمّام العين نسبة إلى عين العروب التي كان الحمّام يستمد ماءه منها بواسطة قناة السبيل التي كانت تحمل مياه العين إلى القدس حتى طريق باب السلسلة، ثم تتفرغ من هناك.
المساحة
تبلغ مساحة المنطقة الواقعة فوق حمّام العين 2200 متر مربع، في حين تبلغ مساحة الجزء المجاور -وهو عبارة عن بستان- 270 مترا مربعا، وهو وقف مشترك بين الأوقاف الإسلامية التي تمتلك 8 قراريط وبين وقف الخالدي الذي يمتلك 18 قيراطا.
ولحمّام العين وتوابعه 4 دكاكين و3 غرف على سطح الحمام وبيارة، وهي أرض وقفية مسجلة رسميا.
كان يتبع لوقف آل الخالدي وآل نسيبة وآل الأنصاري قديما، وتتابع الأمر إلى أن صار الموقع بيد الحاج عطية عوض عبد الجواد الذي سكن غرفة من غرف الحمّام بين عامي 1948 و1967.
التاريخ
ذكر الرحالة التركي أوليا جلبي في القرن الـ11 أنه "في مدينة بيت المقدس 6 خانات و6 حمّامات هي حمّام ستنا مريم وحمّام السلطان وحمّام الشفا وحمّام العين وحمّام الصخرة وحمّام البطرك".
يعود تاريخ إنشاء حمّام العين إلى العصر المملوكي في فلسطين على يد الأمير سيف الدين تنكز الناصري عام 1337 م في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون.
توقف استخدامه مطلع سبعينيات القرن الـ20 بعدما أصبح استخدام قنوات المياه بشكلها المعروف الآن شائعا في منازل القدس قبل نحو قرن، وجُدد الحمّام عشرات المرات وتقلب عليه عشرات المستأجرين.
أغلقته سلطات الاحتلال، وتوقف استخدامه حمّاما عاما لأهالي مدينة القدس، وظل بيد الأوقاف الإسلامية إلى أن انتقلت ملكيته إلى جامعة القدس.
استخداماته
كانت حمّامات بيت المقدس عموما تستخدم مراكز اجتماعية ترتادها مختلف فئات المجتمع، وترتبط بالمناسبات الاجتماعية مثل حفلات الولادة، والطهور، والزواج، ويرتادها الذكور والإناث في مواعيد مختلفة، ويعمل فيها الرجال لخدمة الرجال، والنساء لخدمة النساء.
وحمّام العين كان يستخدم متوضأ للمسلمين القاصدين للمسجد الأقصى المبارك القريب منه، وكان رواده من التجار وساكني مدينة القدس، إضافة إلى كونه فضاء اجتماعيا كانت تقام فيه المناسبات الخاصة.

شكله الهندسي
كانت حمّامات القدس تشبه في تقسيماتها الداخلية تقسيمات الحمّامات في المدن المملوكية الأخرى، من حيث وجود المشالح والغرف الباردة والساخنة والحارة والموقد (الإقميم) والمغطس، وكذلك من حيث الأدوات المستخدمة فيها، ودور المحتسب وأعوانه في الإشراف على الحمّامات ومراعاة النظافة العامة، والشروط الصحية المفروض توفرها في العاملين فيه.
يضاف إلى ذلك مراعاة آداب الاستحمام وطريقة استخدام المآزر (الفوط) وأطوالها، وتجديد أمواس الحلاقة كل فترة، وتنظيف الحمّام كل حين منعا من حدوث أي تلوث.
وورد في المصادر أن حمّام العين يتشابه في شكله مع الحمّامات الدمشقية، ويرجح أن البنائين والحرفيين الذين تولوا الإشراف على إنشائه قدموا من سوريا.
لحمّام العين قباب كثيرة بأحجام مختلفة تسمح بمرور الضوء عبر ثقوب يغطيها زجاج باللونين الأزرق والأصفر، وفيه مشربيات خشبية، ويعتمد في تصميمه على الألوان الأسود والأبيض والأحمر.
كنيس يهودي على أراضي الوقف
في سبتمبر/أيلول 2008 أنشأت جمعية "عطيروت كوهنيم" الاستيطانية كنيسا يهوديا على أسطح حمّام العين.
وكانت هذه الجمعية الاستيطانية بدأت عام 2001 في مشروع لإقامة كنيس يهودي محاذ لوقف خان تنكز الذي يضم حمّامي الشفاء والعين، ولما وصلت أعمال البناء إلى مراحلها الأخيرة تنبه الأهالي إلى حفريات تجري خارج نطاق رخصة البناء المصدقة، كما أنهم أحاطوا بيارة حمّام العين بسياج يمنع دخول الأشخاص إليه.
قدّم الوقف الإسلامي اعتراضات قبلت بعضها، ورفضت أغلبيتها من قبل ما تسمى لجان التنظيم والبناء تزامنا مع محاولات الجمعية الاستيطانية الاستيلاء على باقي أرض وعقارات حمّام العين أو شرائها بمبالغ خيالية تصل إلى ملايين الدولارات، لكن الحاج عطية أولاده رفضوا محاولات الاحتلال وباعوا العقار للأوقاف الإسلامية.
وفي سابقة قضائية أصدر القاضي الشرعي محمد رشيد زبدة قاضي المحكمة الشرعية في غربي القدس بتاريخ 24 فبراير/شباط 2009 قرارا بحق الجمعية وسلطة الآثار وبلدية القدس يأمر بإيقاف جميع أعمال الحفر والبناء ويمنع تغيير المعالم أو أي أعمال أخرى في منطقة وقف الحمّام، ملزما المدعى عليهم بالرد خلال 30 يوما.

إعادة الترميم
رمم الحمّام عام 2018، وأعيد تشغليه وافتتاحه للجمهور بتمويل من الاتحاد الأوروبي وتنفيذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشعب الفلسطيني ضمن رؤية جامعة القدس في حماية الموروث الثقافي ببلدة القدس القديمة.
حافظ المبنى على طرازه المعماري القديم، وأضيفت إليه مصابيح للإضاءة تعمل بالكهرباء، وصنابير للاستحمام، وأصبح يزود بالمياه عبر المواسير بعدما كان يعتمد على مياه الأمطار التي تتجمع في الصهاريج أو مياه الينابيع.
وكانت دائرة الأوقاف الإسلامية وضعت خطط الترميم في ثمانينيات القرن الماضي، لكن الافتقار إلى التمويل اللازم حال دون إتمامها.
ولما انتقلت ملكية الحمّام إلى جامعة القدس صار يستخدم مقرا لدراسات القدس، ولمديرية الحج في الأوقاف الإسلامية.