رون آراد.. طيار إسرائيلي أُسر في لبنان وما يزال مصيره مجهولا

Ron Arad credit _ idf
الطيار الإسرائيلي رون آراد (موقع الجيش الإسرائيلي)

رون آراد طيار إسرائيلي ولد عام 1958، خُطف في لبنان عام 1986 حين خرج في مهمة لاستهداف مقاتلين هناك، ووقع أسيرا بيد حركة أمل ثم حزب الله، ثم اختفى أثره. تضاربت الروايات كثيرا بشأنه، وأجرت إسرائيل عدة تحقيقات من أجل الوصول إليه، توصل معظمها إلى نتائج متشابهة تتعلق بوفاته، لكنها اختلفت في تاريخ الوفاة.

وفي شهر أبريل/نيسان 2024 ذكَّر الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة أهالي الأسرى بـ"رون آراد" مُلوِّحًا بمصير مشابه لأبنائهم ما لم يتحركوا ضد حكومة بنيامين نتنياهو.

المولد والنشأة

ولد رون آراد يوم الخامس من مايو/أيار 1958 في مدينة هود هشارون، وهي مدينة إسرائيلية تقع جنوب مدينة كفر سابا وغرب جدار الفصل في الضفة الغربية.

والده دوف آراد، ووالدته بيثيا داسكال، وهو الابن الأكبر لعائلته من بين 3 أبناء. تزوج من تامي، ورزقا ببنت سمَّياها يوفال، وكانت رضيعة عند اختفاء والدها.

الدراسة والحياة المهنية

أتم آراد دراسته في تل أبيب، ثم بدأ الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي عام 1978 وتخرج طيارا مقاتلا بعد عام، وفي عام 1985 بدأ دراسة الهندسة الكيميائية، وحين اعتقل كان قد أتمّ عامه الأول فيها.

المهمة الأخيرة

كُلف آراد بمهمة يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1986، وهي استهداف عمارة في مدينة صيدا في لبنان، إذ طُلب منه التجهز للمهمة وركوب الطائرة مع زميله يشاي أفيرام، وأعلم جميع الطيارين بخطوات المهمة، وهي خروج 4 طائرات للقصف وتبقى طائرتان بالانتظار، وإذا قُدِّر أن عادت الطائرات الأربع دون إنجاز المهمة لأي سبب كان؛ تنطلق الطائرتان الأخريان لإكمال المهمة.

رون آراد خطف في لبنان عام 1986 على يد عناصر من حركة أمل (الفرنسية)

بدأت المهمة، وحلقت الطائرات، وحين حاول آراد وزميله إطلاق إحدى القذائف حدث خطأ تقني فانفجرت القذيفة بالقرب من الطائرة. وفق التحقيق الذي أجراه سلاح الجو الإسرائيلي.

تسبب الانفجار بإصابة الطائرة وسقوطها شرق مدينة صيدا، إلا أن الطيارين اللذين كانا على متن الطائرة تمكنا من القفز بمظلتيهما، ثم حاولا الهرب وسط إطلاق نار كثيف إذ كانت المجموعات المسلحة تتعقب الطائرة.

تمكن الجيش الإسرائيلي من تحديد مكان الطيار الأول "يشاي أفيرام" وإنقاذه، لكنه فقد أثر رون آراد، وكل ما عُرف عنه أنه اعتقل.

لاحقا، أكد جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) أن الذين اعتقلوا آراد هم عناصر من "حركة أمل"، وأنهم سلموه إلى مسؤول الأمن مصطفى الديراني.

مصير مجهول

حاولت حركة أمل عقب عملية الأسر عقد صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل لإطلاق سراح عدد من عناصر الحركة في السجون الإسرائيلية مقابل تسليم رون آراد، إلا أن إسرائيل رفضت ذلك.

بقي رون آراد أسيرا لدى الديراني قبل أن تختطفه جماعة مسلحة عام 1988 من منزله، وفق تصريح للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عام 2000، إذ قال إن المجموعة اقتادت آراد إلى مكان مجهول.

عام 1994 خطفت فرقة من الكوماندوز الإسرائيلي مصطفى الديراني من قريته للتحقيق معه بشأن قضية آراد، ولم تتوصل حينها السلطات الإسرائيلية لأي معلومات جديدة.

وعلى الرغم من إطلاق سراح الديراني بصفقة تبادل بين إسرائيل وحزب الله عام 2004 شملت 462 معتقلا فلسطينيا ولبنانيا، مقابل العقيد الإسرائيلي إلحنان تانينباوم وجثث 3 جنود إسرائيليين؛ إلا أن الصفقة لم تتضمن الإفراج عن آراد أو كشف مصيره.

وبعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، وفي إطار صفقة تبادل بين الجانبين، أصر الإسرائيليون على الكشف عن مصير رون آراد، حينها عين حزب الله فريقا للتحقيق في مصيره، والتوصل إلى معلومات.

وفي عام 2007 سلم حزب الله رسالة بخط رون آراد إلى إسرائيل عبر الوسيط الألماني، أكدت حينها زوجة آراد أن الرسالة كتبت بخطه.

وقبل إتمام صفقة التبادل عام 2008 سلم حزب الله تقريرا لإسرائيل شرح فيه جهوده لتحديد مصير رون آراد، وأكد عدم امتلاكه أي معلومات جديدة.

وفي العام ذاته عرضت قناة "إل بي سي" اللبنانية فيلما وثائقيا عن رون آراد ونشرت لقطة فيديو قديمة مصورة عام 1988 أي قبل 20 عاما من نشر الفيديو، وأقرت أنها حصلت عليها من منظمة شيعية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت أن الموساد أجرى عملية استخباراتية للكشف عن مصير رون آراد.

فيما أقر رئيس الموساد ديفيد برنيع خلال اجتماع داخلي أن "العملية كانت شجاعة وجريئة ومعقدة لكنها باءت بالفشل"، وفق ما نقلته القناة الـ12 الإسرائيلية.

رواية إسرائيلية

تقول رواية إسرائيلية إن العناصر الذين خطفوا رون آراد من بيت مصطفى الديراني عام 1988 أخذوه إلى قرية صغيرة في سهل البقاع، وحرسته هناك إحدى العشائر، لكن سلاح الجو الإسرائيلي قصف المكان يوم الخامس من مايو/أيار من السنة نفسها، فهرب الخاطفون من المكان، وتركوا آراد في مكان اعتقاله وسط القصف.

وفي صباح اليوم التالي حين عاد الخاطفون لم يجدوه في مكانه، ولم يعرفوا أين ذهب.

وتفيد الرواية ذاتها أن مصطفى الديراني الذي اعتقلته قوات الكوماندوز الإسرائيلية أخبر المحققين أنه اتصل بقائد الحرس الثوري الإيراني، لأنه اشتبه باعتقال آراد لدى عناصر إيرانية نقلته إلى طهران.

احتمالات الوفاة

عملت الأجهزة الإسرائيلية الاستخباراتية على القضية، فصدر تقرير عن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" وجهاز الموساد يفيد بأن رون آراد توفي عام 1988.

وفي عام 2004 سلّم حزب الله رفات جندي لإسرائيل على أنه قد يكون لرون آراد، إلا أنه بعد إجراء فحص الحمض النووي تبين أن ذلك غير صحيح.

ثم نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريرا صادرا عن الاستخبارات العسكرية عام 2005، يفيد بأن آراد بقي حيًّا حتى عام 1995 ثم توفي بسبب المرض، إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض تقرير الصحيفة، وأكد أن إسرائيل ستعتبر آراد حيًّا ما لم يثبت العكس.

وخلص تقرير آخر للجنة تحقيق عسكرية إسرائيلية إلى وفاة رون آراد بين عامي 1993 و1997، وقالت إنها لم تقف على أي علامات تدل على وجوده حيًّا بعد عام 1995، وفق التقرير.

ورجح رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت مقتل رون آراد في مايو/أيار 1988، وفق ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

رون آراد وطوفان الأقصى

بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد مستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، واعتقال عدد من الأسرى الإسرائيليين، ناشدت يوفال ابنة الطيار رون آراد الحكومة الإسرائيلية بأن "تتحمل المسؤولية وتأخذ قرارات" من أجل التفاوض وإطلاق سراح المحتجزين.

وقالت إن "التاريخ لا يعيد نفسه فحسب، بل الناس يرفضون التعلم من دروسه"، وفق تصريح لها في منشور على صفحة والدتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

وفي 23 أبريل/نيسان 2024 بُثت كلمة مصورة للمتحدث باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة، بعد مرور 200 يوم على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، طرح خلالها أسئلة على أهالي الأسرى حول  مصير أسرى إسرائيليين سابقين ما زالوا في قبضة القسام منذ 10 سنوات، مؤكدا أن الجميع نسيهم لأنهم ليسوا من اهتمامات الحكومة الإسرائيلية، وفق تعبيره.

وقال في تسجيله "نحيطكم علما أن سيناريو رون آراد ربما يكون السيناريو الأوفر حظا أن يتكرر مع أبنائكم في غزة"، وأكد أن "الكرة في ملعب من يعنيه الأمر من جمهور العدو، لكن الوقت ضيق والفرص قليلة" على حد قوله.

وخلال احتجاجات أهالي الأسرى في إسرائيل رفعت صورة رون آراد وكتب عليها "لا تتركوهم وحدهم أيضا"، في إشارة إلى تخلي حكومة إسرائيل عن رون آراد.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية

إعلان