الشهيد محمود الخواجا.. مؤسس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي
محمود الخواجا قيادي فلسطيني في حركة الجهاد الإسلامي، ولد عام 1960، تخرج في الجامعة الإسلامية، وكان من قيادات حركة الجهاد في مخيم الشاطئ، وأسس جناحها العسكري سرايا القدس -الذي سمي حينها "قسم"-، وكان مسؤولا عن التخطيط لعدد من العمليات الفدائية التي أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين، اغتالته إسرائيل عام 1995 ردا على عملية بيت ليد.
المولد والنشأة
ولد محمود عرفات إبراهيم الخواجا يوم 27 يناير/كانون الثاني 1960، في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، لأسرة هُجِرت من قرية حمامة، عُرفت بأنها أسرة مقاومة وجهاد، فقد اعتقل والده مدة من الزمن نتيجة مقاومته للاحتلال الإسرائيلي. وقتل عمه على يد قوات الاحتلال، مما ترك في نفسه أثرا كبيرا.
عُرف محمود في مخيم الشاطئ بالتزامه وعلاقاته الطيبة مع أبناء المخيم، ومساندة المستضعفين، كما عرف بتواضعه وتفانيه في العمل، وحرصه على المشاركة بلجان الإصلاح وتسوية النزاعات بين الفصائل في المخيم إبان الانتفاضة الأولى.
كان يحب رياضة كمال الأجسام ورفع الأثقال، ويمارسها على نحو دائم، ولشدة حبه لها افتتح صالة رياضية لتدريب الشباب عليها.
الدراسة والتكوين العلمي
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ودرس المرحلة الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية في مدينة غزة، وحصل على شهادة الثانوية من الفرع العلمي عام 1981.
تابع دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، وتخرج فيها من كلية أصول الدين عام 1985، ثم أكمل الدراسات العليا ودرس دبلوم التربية في قسم الدراسات العليا وتخرج في الجامعة ذاتها عام 1993.
الانتماء والتنظيم
بدأ الخواجا تجربته الجهادية مع انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين في شبابه، وتأثر بخليل القوقا والشيخ أحمد ياسين، ثم التحق بحركة الجهاد الإسلامي عام 1981 إلى جانب المؤسس فتحي الشقاقي، فكان فاعلا في الحركة وأنشطتها.
انخرط في العمل الطلابي خلال دراسته الجامعية، وترأس الكتلة الطلابية التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في الجامعة.
التجربة العسكرية
عُين محمود الخواجا مسؤولا لحركة الجهاد الإسلامي في مخيم الشاطئ، ونشط خلال الانتفاضة الأولى، وعرف بمواجهة قوات الاحتلال، وكان همه الأكبر تأسيس جهاز عسكري للحركة، فخطط للأمر وتعاون مع زملائه، إلى أن أسس الجهاز العسكري الذي كان يعرف حينئذ باسم "القوى الإسلامية المجاهدة" وأطلق عليه اختصارا اسم "قسم".
ثم بدأ بالتخطيط لعمليات فدائية ردا على الاحتلال، وأشرف على عدد منها تدريبا وتخطيطا ومتابعة ورصدا، ومن هذه العمليات:
عملية أسدود
وهي عملية استشهادية نفذها الشهيد علي العيماوي من مخيم الشاطئ، استهدفت تجمعا لجنود إسرائيليين في أسدود يوم السابع من أبريل/نيسان 1990، وأدت إلى مقتل ضابطين إسرائيليين وإصابة ما لا يقل عن 20 آخرين.
وقد أشرف الخواجا على تدريب الفدائي، وعلمه فنون المواجهة وإطلاق النار، ومن شدة تأثره بالفدائي علي العيماوي؛ سمى ابنه على اسمه تيمنا به وحفظا لذكراه.
عملية نتساريم
وهي عملية فدائية نفذها الشهيد هشام حمد من حي الرضوان، يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1994، فاستهدف تجمعا عسكريا للإسرائيليين وسط قطاع غزة قرب مستوطنة نتساريم.
وكان منفذ العملية قد استهدف التجمع بدراجته النارية المحملة بالمتفجرات، وفجر نفسه بينهم، مما أدى إلى مقتل 3 جنود وإصابة 6 آخرين.
عملية بيت ليد المزدوجة
وهي عملية نفذها فدائيان هما أنور سكر وصلاح شاكر، وبدأ التخطيط لها على نحو عال من السرية لضمان الأمن وعدم تسرب الأخبار عنها، ولم يعلم بالعملية من الحركة سوى 5 أشخاص على رأسهم الخواجا ومهندس وبعض القادة لضرورات الترتيب والرصد والعمل، وفق فيلم وثائقي نشرته سرايا القدس عام 2017 عن العملية.
دخل منفذا العملية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الاحتلال كل على حدة، والتقيا المرة الأولى بعد حاجز إيريز (بيت حانون) ثم التقيا عند محطة الباصات المركزية في بيت ليد.
وارتدى المنفذان ملابس عسكرية إسرائيلية حتى يستطيعا المرور من دون أن يعرفا أو يشكّ بأمرهما، واقتربا من مجموعة من الجنود الإسرائيليين من سلاح الطيران كانوا بانتظار الذهاب لقاعدتهم العسكرية.
نفذت العملية يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، وبدأت حين فجر أنور سكر نفسه بمجموعة من الجنود، فهرع الباقون لتفقد بعضهم وإسعاف الجرحى وخلال دقائق قليلة تقدم الفدائي الثاني صلاح شاكر وفجر نفسه بالبقية، وكان من المخطط أن يلحق بهما استشهادي ثالث للمكان ذاته، ويفجر نفسه بمجموعة أخرى إلا أنه تأخر عنهما لأسباب فنية، وفق ما ورد في الفيلم.
وأدت عملية بيت ليد إلى مقتل أكثر من 22 إسرائيليا وإصابة أكثر من 60 آخرين، وهي أول عملية فدائية مزدوجة في تاريخ سرايا القدس، وردت عليها إسرائيل باغتيال كل من كان له يد فيها، وعلى رأسهم محمود الخواجا.
الاعتقال
تعرض الخواجا إلى الاعتقال عدة مرات، كان أولها عام 1973 حين اعتقله الاحتلال لمدة 21 يوما، ثم توالت الاعتقالات حتى بلغت 10 مرات، إحداها كانت مع والده بالتهمة ذاتها، وهي مقاومة الاحتلال، وقد تراوحت مدة اعتقاله في كل مرة بين أسابيع وأشهر، بحسب التهم التي كانت توجه إليه.
كما اعتقلته الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية مرتين خلال عام 1994.
الاغتيال
تعرض الخواجا للمطاردة فترة من الزمن عام 1955، إلى أن تمكن جنود الاحتلال من اغتياله يوم 22 يونيو/حزيران 1995 بإطلاق نار فأصابوه بـ9 رصاصات.
وبعد عدة سنوات من الاغتيال، وأثناء مقابلة مع صحيفة معاريف قال نائب رئيس الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) يتسحاق إيلان إن هذا الجهاز اغتال أحد قادة الجهاد الإسلامي لضلوعه بالتخطيط لعملية بيت ليد التي أوقعت 22 إسرائيليا.
وأوضح إيلان "أن الشاباك لم يتبنَّ العملية ولم يذكر تفاصيلها"، وأضاف أن قرار الاغتيال صدر من قيادات أمنية وسياسية عليا في إسرائيل.