سامية صولوحو.. أول امرأة تتولى رئاسة تنزانيا
أول امرأة مسلمة محجبة تتولى رئاسة جمهورية تنزانيا، وسادسة رئيس وزراء للبلاد، ولدت عام 1960، وشغلت مناصب سياسية عديدة إلى أن أصبحت نائبة رئيس الجمهورية عام 2015، ثم تولت مقاليد الحكم عام 2020، لتصبح أول سيدة تشغل هذا المنصب في أفريقيا وفي شرقها خصوصا. لقبت بـ"ماما سامية" وهو لقب يدل في الثقافة التنزانية على الاحترام الذي تحظى به هذه المرأة.
عرفت بشخصيتها القيادية القوية وتشجيعها المستمر للنساء على تحقيق أحلامهن، واجهت تحديات كبيرة منذ توليها الحكم وعملت على إصلاحها، بداية من اتخاذ حكومتها التدابير اللازمة للتصدي لوباء كورونا، الذي كان متفشيا في البلاد آنذاك، ثم مواجهتها للإجراءات القمعية التي كانت مفروضة على الحريات.
المولد والنشأة
ولدت سامية صولوحو حسن يوم الـ27 يناير/كانون الثاني 1960 في زنجبار (جزء من جمهورية تنزانيا الحالية) في المحيط الهندي، لأسرة مسلمة متواضعة، والدها كان يعمل مدرسا ووالدتها ربة منزل.
تزوجت عام 1978 من حافظ أمير، وهو مسؤول متقاعد في قطاع الزراعة، ولديهما 4 أبناء، من بينهم ابنتها موانو العضو بمجلس النواب في زنجبار.
الدراسة والتكوين العلمي
أنهت المرحلة الثانوية عام 1977، ثم التحقت بمعهد إدارة التنمية في جامعة مزومبي تخصص الدراسات المتقدمة في الإدارة العامة عام 1986. أكملت سامية دراسات مختلفة في تنزانيا، وبعدها التحقت بالمعهد الوطني للإدارة العامة في لاهور بباكستان، ثم بعد ذلك انضمت إلى معهد الإدارة للقادة في حيدر أباد بالهند عام 1991.
حصلت على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد من جامعة مانشستر بالولايات المتحدة الأميركية عام 1994، ودرجة الماجستير في التنمية الاقتصادية والمجتمعية من خلال برنامج مشترك بين جامعة تنزانيا المفتوحة وجامعة جنوب نيو هامبشاير بالولايات المتحدة عام 2005.
التجربة السياسية والعملية
بدأت مسيرتها السياسية عام 2000 عندما عينت عضوا بالبرلمان في زنجبار من قبل الحزب الحاكم "تشاما تشا مابيندوزي"، ثم انتخبت عضوا في الجمعية الوطنية التنزانية (البرلمان).
تقلدت سامية منصب وزيرة عدة مرات في الفترة ما بين 2000 و2010 عن وزارتي المرأة والشباب ثم السياحة والتجارة عام 2010 انتخبت لعضوية البرلمان التنزاني عن دائرة ماكوندوتشي الانتخابية.
وأثناء فترة عملها فيه عينت وزيرة لشؤون النقابات في عهد الرئيس آنذاك جاكايا كيكويتي عام 2014، وفي العام نفسه عينت نائبة لرئيس الجمعية الدستورية وهي المجموعة التي كانت مكلفة بكتابة الدستور الجديد للبلاد.
ذاع صيت سامية في الحياة السياسية واختيرت لمنصب نائب الرئيس جون ماغوفولي المرشح الرئاسي عن الحزب الحاكم في انتخابات 2015 وحققا انتصارا، فأصبحت أول امرأة تتولى منصب نائب رئيس الجمهورية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
ترشحت سامية بجانب جون ماغوفولي في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2020 وفازا بفترة رئاسية ثانية. لكنهما واجها تحديا كبيرا مع بداية الولاية الثانية، حيث تزامنت مع تفشي وباء كورونا. زادت حدة الانتقادات ضد ماغوفولي لعدم اتخاذه التدابير اللازمة لمواجهة الفيروس وادعائه بأن تنزانيا خالية من الوباء.
في الـ17 من مارس/آذار 2021 توفي ماغوفولي وترددت الشائعات بأن سبب الوفاة إصابته بكورونا، لكن سامية أعلنت بأنه تعرض لأزمة قلبية. فتولت منصب رئيس الجمهورية لتستكمل فترة حكم ماغوفولي المتبقية إلى 2025.
في الـ19 من مارس/آذار 2021 أدت اليمين الدستورية في مجلس الدولة في العاصمة التجارية دار السلام مرتدية الحجاب وحاملة نسخة من القرآن الكريم.
قضايا عكفت رئيسة تنزانيا على معالجتها
- وباء كورونا
تفادت سامية صولوحو أخطاء جون ماغوفولي في التصدي لوباء كورونا، واتخذت التدابير اللازمة للسلامة العامة وفرضت بروتوكولات للصحة العامة للمواطنين. وأعلنت حكومتها عدة إجراءات احترازية كانت نفسها المتبعة في باقي الدول.
كما حددت نحو 2.2 مليون دولار من أجل البحوث التي تهدف إلى كيفية القضاء على وباء كورونا المتفشي. وخصصت نحو 2.4 مليون دولار لدعم حوالي 40 ألف أسرة فقيرة متضررة من فيروس كورونا.
- الحريات
عملت سامية على تغيير جميع سياسات الرئيس جون القمعية، فرفعت الحظر عن وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية، وألغت القوانين التي تمنع الفتيات الحوامل من تلقي تعليمهمن، وحسنت العلاقات مع دول شرق أفريقيا.
- المناخ السياسي
شكلت لجنة للعمل على الإصلاح السياسي في البلاد وتحقيق الديمقراطية من خلال جمع المقترحات والانتقادات من أعضاء المجتمع المدني ووسائل الإعلام والقادة. وأطلقت سامية على هذه الإستراتيجية "المصالحة والصمود والإصلاحات وإعادة البناء".
وتزامنا مع هذه الخطوات الإصلاحية، خففت من القيود المفروضة على أحزاب المعارضة من خلال رفع الحظر عن التجمعات السياسية المفروضة قبل 6 سنوات، والتي كانت تعطي الحق في الاعتقال التعسفي للمعارضين.
- الاقتصاد
في الـ28 من أبريل/نيسان 2021 أعلنت حكومتها عن بناء خزان مياه بمساحة 268 مترا مكعبا لري 11700 هكتارا من الأراضي الزراعية، بهدف تحسين الإنتاج الزراعي خلال 5 سنوات منذ بنائه، وفي الوقت ذاته خططت لبناء السد المستقبلي على نهر نغونو في منطقة كاجيرا، لإنتاج الكهرباء والمياه وتنمية صيد الأسماك والتصدي للفيضانات وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض الأطعمة الأساسية كالأرز والذرة والموز.
في مايو/أيار 2021 خفضت صولوحو الضرائب بنسبة 1% لتصل إلى 8% في العام المالي 2021-2022.
تزامنا مع توليها الحكم، انتعشت حركة الموانئ وزاد معدل الإيرادات، إذ وصلت نسبة البضائع التي تم تداولها في فبراير/شباط حتى يوليو/تموز 2022 إلى8.87 مليون طن.
كما استأنفت الحكومة التنزانية بأمر من سامية المفاوضات مع شركات أوروبية لإحياء مشروع الغاز الطبيعي المسال باستثمارات قدرها 30 مليار دولار، بعد أن كانت تلك الشراكة متوقفة لعامين قبل توليها الحكم.
- المناخ
حرصت على الحد من آثار تغير المناخ ورصدت لذلك نحو 157 مليون دولار في السنة المالية 2021-2022. وعملت على مشاريع تخفف من التغيرات المناخية وتضم بناء جدران على طول المحيط الهندي للحد من التآكل الناجم من ارتفاع مستوى سطح البحر.
- الأمن الداخلي
أطلقت حملة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في جميع أنحاء البلاد لاستعادة الأسلحة غير القانونية التي يملكها الأفراد غير المصرح لهم، واستمرت العملية شهرا واحدا.
الوظائف والمسؤوليات
حصلت سامية على وظيفة كاتبة في مكتب حكومي وعمرها آنذاك 17 سنة، وتقلدت مناصب إدارية في حكومة زنجبار خلال عامي 1977-1978، ثم شغلت منصب مديرة التطوير في الحكومة.
في الفترة ما بين 1988 و1997 تولت منصب مديرة مشروع في برنامج الغذاء العالمي، ثم ترأست عدة منظمات غير حكومية لعامين.
الجوائز والتكريمات
حصدت الجائزة الذهبية الرئاسية لأهداف التنمية المستدامة لعام 2022 لدورها في تعزيز السلام والاستقرار السياسي في تنزانيا.
نالت الجائزة الكبرى للبناء الكبير "باباكار ندياي" في 25 مايو/آيار 2022 مقدمة من البنك الأفريقي للتنمية تقديرا لجهودها في تطوير خطوط النقل والسكك الحديدية والمطارات في تنزانيا.
فازت بجائزة القيادة التحويلية لجوائز مجلة "ميوزيك" الأفريقية لعام 2022 تقديرا لدورها في تطوير صناعة الفنون والثقافة في تنزانيا، لتصبح ثالثة رئيس أفريقي وأول امرأة حاكمة أفريقية تفوز بها.
حصلت على الدكتوراة الفخرية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023 من جامعة "جواهر لال نهرو" في الهند لتصبح أول رئيس لتنزانيا ينالها، لدورها الرئيسي في تعزيز العلاقات الهندية التنزانية والدبلوماسية الاقتصادية وتحقيق النجاح الإقليمي الكامل.