كتيبة طولكرم.. عقبة في وجه الاقتحامات الإسرائيلية بالضفة
تنظيم فلسطيني مسلح تأسس في مارس/آذار 2022، تمركز في مدينة طولكرم ومخيم نور شمس المجاور لها، ويضم عناصر من فصائل فلسطينية متعددة، إلا إنها تتبع رسميا لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. نفذت العديد من العمليات العسكرية النوعية ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي عند نقاط التماس والحواجز، وتصدت للاقتحامات التي تعرضت لها المدينة والمخيم، كما طورت أساليبها القتالية والتدريبية وعملت على تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات.
النشأة والتأسيس
أعلن عن تأسيس كتيبة طولكرم في مارس/آذار 2022 على أيدي مجموعة من شباب المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية، يتقدمهم سيف أبو لبدة ومحمد جابر أبو شجاع.
اتخذت الكتيبة من مخيم نور شمس بطولكرم مركزا لها، وتوسعت لتضم إلى صفوفها مزيدا من الشباب المقاوم، وقُدر عدد عناصرها في سبتمبر/أيلول 2022 بحوالي 40 فردا مجهزين.
وفي وقت لاحق انضم إلى الكتيبة فصيل أسسه أمير أبو خديجة في فبراير/شباط 2023 ويحمل شعار كتائب شهداء الأقصى ويطلق عليه "مجموعة الرد السريع"، إلا إن مؤسسه ظهر في مقاطع فيديو وصور بمناسبات مختلفة وخلفه شعار كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
جاء تأسيس الكتيبة ضمن سياق فلسطيني اتسم بظهور كتائب أخرى في جنين ونابلس وغيرها، مع التنسيق على مستوى عال بين هذه الكتائب التي تجمع منتمين لفصائل سياسية متعددة.
ولأن قوانين السلطة الوطنية الفلسطينية تمنع إقامة التشكيلات العسكرية المسلحة غير النظامية، فإن عناصر كتيبة طولكرم تعرضوا للملاحقة من طرف الأجهزة الأمنية، وقُتل بعضهم برصاصها إثر عمليات الملاحقة.
الفكر والأيديولوجيا
على الرغم من أن كتيبة طولكرم تضم عناصر من فصائل فلسطينية متعددة، فإنها تصنف تابعة لمجموعة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، التي تعتبر الخيار العسكري طريقا وحيدا لتحرير فلسطين وإنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
وتنطلق الحركة الأم للسرايا التي تضم كتيبة طولكرم من رفض أي اتفاقية أو مشاريع تسوية مع الاحتلال الإسرائيلي، وتدعو إلى القضاء التام على وجوده وتحرير كامل فلسطين، ويقوم أسلوبها على العمل الجماهيري الثوري والجهاد المسلح.
الأعلام والرموز
- سيف أبو لبدة
ولد في أواخر تسعينيات القرن الـ20، كان ينتمي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، تعرض للاعتقال من الاحتلال أكثر من مرة، كان آخرها يوليو/تموز 2021، ثم أصبح قائدا لخلية في سرايا القدس.
تقدم مؤسسي كتيبة طولكرم في شهر مارس/آذار 2022 رفقة محمد جابر أبو شجاع، وكان أحد المطلوبين لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) باعتباره مسؤولا عن سلسلة عمليات إطلاق نار على جنود الاحتلال.
في 2 أبريل/نيسان 2022 استشهد أبو لبدة رفقة اثنين آخرين من شباب المقاومة أثناء اشتباك مع وحدة إسرائيلية حاولت اعتقالهم في جنين، بينما أخذ جنود الاحتلال جثمانه.
وجاء في وصيته التي نشرها الاحتلال "أقدّم روحي رخيصة في سبيل الله وفي سبيل تحرير فلسطين المسلمة من دنس اليهود المعتدين"، مشيدا بأداء شهداء مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية.
- أمير أبو خديجة
ولد عام 1999، التحق في عمر الـ18 بجهاز أمن الرئاسة الفلسطيني، مما أهله للتدريب على استخدام السلاح، إلا إنه فصل من عمله عام 2019 وعُرض على محكمة عسكرية فلسطينية بتهمة العلاقة بمجموعات مسلحة تقاوم الاحتلال.
بعد إبعاده عن حرس الرئاسة تابع أبو خديجة دراسته بكلية الرياضة في جامعة فلسطين التقنية (جامعة خضوري)، لكنه لم يكمل تعليمه بسبب ملاحقة الاحتلال، ومن ثم انتقل إلى العمل الخاص سائقا لمركبة نقل خاص وعاملا بورشة لحجر البناء، كما تعرض للاعتقال من طرف قوات الاحتلال لنحو عام.
في 22 فبراير/شباط 2023 أعلن أبو خديجة عن تأسيس مجموعة "الرد السريع"، ردا على مجزرة نفذتها قوات الاحتلال وراح ضحيتها 11 شهيدا، وانضوى هذا الفصيل الجديد تحت لواء كتيبة طولكرم.
وفي 23 مارس/آذار 2023 استشهد برصاصة أصابته أثناء اشتباك مع وحدات إسرائيلية خاصة حاصرت مبنى كان يتحصن فيه بقرية عزبة شوفه جنوب مدينة طولكرم.
- محمد جابر أبو شجاع
ولد في مخيم نور شمس بمحافظة طولكرم أواخر تسعينيات القرن الـ20، وينتمي لعائلة فلسطينية هجّرها الاحتلال من مدينة حيفا في نكبة عام 1948، اعتقله الاحتلال الإسرائيلي وعمره 17 عاما ثم اعتقل مجددا وقضى نحو 5 سنوات في السجن، كما اعتقل مرتين في سجون السلطة الفلسطينية.
كان من مؤسسي كتيبة طولكرم إلى جانب سيف أبو لبدة وتولى قيادتها من بعد اغتيال أبو لبدة، ويصفه الإعلام الإسرائيلي بأنه شجاع وأحد المطلوبين الكبار لإسرائيل.
في 21 إبريل/نيسان 2024 ظهر أبو شجاع في موكب تشييع شهداء بطولكرم بعد أيام من إعلان الاحتلال الإسرائيلي اغتياله عقب اشتباكات ضارية دامت 50 ساعة واستشهد فيها 14 فلسطينيا في مخيم نور شمس.
تطوير الأساليب القتالية
حققت كتيبة طولكرم تطورا في التكتيك والأساليب القتالية وتدريب الأفراد وتصنيع العبوات الناسفة، مما مكنها من تنفيذ عمليات نوعية ضد جنود الاحتلال عند نقاط التماس والحواجز العسكرية، فضلا عن التصدي للاقتحامات العسكرية والقتال أحيانا خارج حدود المخيم.
ويتجنب مقاتلو الكتيبة الحديث حول التفاصيل باعتبارها أسرارا قتالية، لكنهم يؤكدون حصول "تطور كبير في آلية تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة، بحيث أصبحت أكثر قدرة على الانفجار وإحداث الأضرار المباشرة".
وعن أداء الأفراد فإن المزيد من الدروس تستخلصها الكتيبة أثناء عمليات التصدي لقوات الاحتلال التي تقتحم المخيم، وتعمل أيضا على تطوير وحدات الرصد والدعم اللوجستي التي تعمل جنبا إلى جنب مع الوحدات القتالية.
اقتحامات طولكرم
يوم 18 أبريل/نيسان 2024 اقتحمت قوات عسكرية إسرائيلية مخيم نور شمس بمدينة طولكرم ضمن عملية عسكرية استمرت نحو 50 ساعة، واستشهد فيها 14 فلسطينيا، مع تدمير واسع في البنية التحتية بواسطة الجرافات الإسرائيلية، بينما تصدت الكتيبة للهجوم وأكد الجيش الإسرائيلي إصابة ضابط و3 جنود.
ليست هذه العملية إلا واحدة من بين أكثر من 20 اقتحاما تعرضت لها طولكرم ومخيم شمس في الفترة ما بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 و18 أبريل/نيسان 2024 وخلفت استشهاد 56 شخصا، واستخدم فيها الجيش الإسرائيلي ضربات جوية في حالات نادرة على مدن الضفة الغربية.
وبدأت قوات الاحتلال يوم 28 أغسطس/آب عملية عسكرية واسعة لإعادة احتلال شمالي الضفة الغربية أطلقت عليها اسم "مخيمات صيفية"، شملت هجوما على محافظات جنين وطولكرم وطوباس ومخيماتها في وقت متزامن.
في طولكرم اندلعت اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال، وأعلنت كتيبة طولكرم إسقاط مسيرة في محور المنشية، واستهداف قناصة في منزل بمخيم نور شمس، مؤكدة تحقيق إصابات.
وأشارت الكتيبة إلى أنها تخوض اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال في محوري المنشية والشارع الرئيسي، إضافة لاشتباكات في محور جبل النصر.
وفي 29 أغسطس/آب أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتيال محمد جابر أبو شجاع قائد كتيبة طولكرم مع 4 آخرين من أعضائها بعد محاصرة مبنى كانوا بداخله وتبادل إطلاق النار معهم.
وأطلقت القوات الإسرائيلية صاروخا على المبنى المحاصر، وبعد انتهاء الاشتباكات المسلحة، أعلنت مقتل "أبو شجاع" و4 ممن كانوا برفقته.