"الوعد الصادق".. أول هجوم عسكري إيراني مباشر على إسرائيل
شنت إيران أول هجوم عسكري مباشر في تاريخها على إسرائيل يوم 13 أبريل/نيسان 2024، وأطلقت عليه تسمية "الوعد الصادق". وأعلنت على تلفزيونها الرسمي إطلاق مسيرات وصواريخ باليستية من أراضيها باتجاه إسرائيل. وقالت إنه رد على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وقتل عدد من القادة العسكريين في الأول من أبريل/نيسان 2024. وأعلنت إسرائيل أنها صدت 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، في حين أكد التلفزيون الإيراني إصابة نصف هذه الصواريخ والمسيرات الأهداف التي أطلقت لأجلها.
وأعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة انتهاء الهجوم بعد ساعات من إطلاق المسيرات والصواريخ الباليستية، وتوعدت إيران برد أكبر في المرات القادمة إذا استهدفت إسرائيل مصالح أو مواقع إيرانية.
الأسباب
في الأول من أبريل/نيسان 2024 شنت إسرائيل هجوما استهدف مبنى القنصلية الإيرانية في حي المزة في العاصمة السورية دمشق، أدى إلى مقتل قائدين في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، هما العميد محمد رضا زاهدي ومساعده العميد محمد هادي حاج رحيمي، و5 مستشارين عسكريين إيرانيين هم حسين أمان اللهي ومهدي جلالتي وشهيد صدقات وعلي بابائي وعلي روزبهاني.
وقد صرح السفير الإيراني في دمشق حسين أكبري وقتها لوكالة الصحافة الفرنسية أن الهجوم نُفّذ بـ6 صواريخ من طائرات إف-35. وأكد أكبري أن "الرد سيكون حاسما".
كما نقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر عسكري "أن الهجوم أدى إلى تدمير مبنى القنصلية بالكامل"، في حين أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي انتظر مغادرة القنصل الإيراني قبل تنفيذ الهجوم في رسالة من الجيش إلى حزب الله اللبناني.
وتوعدت إيران بالرد على إسرائيل، واصفة الهجوم بأنه "عمل عدائي وانتهاك للقانون الدولي"، وأكد حزب الله بدوره "أن هذه الجريمة لن تمر دون عقاب".
واستمرت تصريحات المسؤولين الإيرانيين بالتنديد بالهجوم والتوعد بمعاقبة إسرائيل طوال الأيام التي سبقت الهجوم الإيراني.
بدء الهجوم
في 13 أبريل/نيسان 2024 نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن الحرس الثوري إطلاق عشرات المسيرات والصواريخ ضد أهداف إسرائيلية في إسرائيل، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي عبر حسابه على منصة إكس أن إيران أطلقت طائرات مسيرة من أراضيها باتجاه إسرائيل، وأوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن المسيرات الإيرانية استغرقت ما بين 7 و9 ساعات للوصول إلى إسرائيل، مشيرة إلى إطلاق إيران موجة من الصواريخ الباليستية نحو إسرائيل.
وقد ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمقطع مصور يتحدث عن استعداد إسرائيل لمواجهة الهجوم الإيراني، مؤكدا على الدعم الأميركي وعدة دول أخرى لإسرائيل.
وبمجرد بدء الهجوم من الأراضي الإيرانية أعلنت إسرائيل تعليق العمل في المدارس والجامعات وتعليق الأنشطة التعليمية كافة يومي الأحد والاثنين.
وتزامنا مع بدء الهجوم أوقفت عدة دول في المنطقة حركة الملاحة الجوية، منها العراق وسوريا ولبنان والأردن. وقد أعلنت إسرائيل أن عدد المسيرات تجاوز 200 مسيرة.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين إقليميين أن الطائرات الأردنية أسقطت عشرات الطائرات المسيرة الإيرانية التي حلقت في المجال الجوي الأردني متجهة إلى إسرائيل.
أما الحكومة الأردنية فقالت في بيان إنه "جرى التعامل مع بعض الأجسام الطائرة" التي دخلت إلى الأجواء الأردنية في اليوم نفسه، و"التصدي لها للحيلولة دون تعريضها لسلامة المواطنين والمناطق السكنية والمأهولة للخطر".
كما نقلت الوكالة ذاتها عن مصادر أمنية أميركية قولها إن الجيش الأميركي اعترض عددا من المسيرات الإيرانية في سوريا، في حين صرح الرئيس الأميركي جو بايدن بأن بلاده ساعدت إسرائيل في إسقاط معظم المسيرات.
وأكد الجيش الإسرائيلي اعتراض عشرات المسيرات والصواريخ من فئة أرض-أرض -التي أطلقتها إيران- قبل أن تصل إلى الأجواء الإسرائيلية.
نهاية الهجوم
وبعد عدة ساعات على إعلان بدء الهجوم، أعلنت بعثة إيران في الأمم المتحدة انتهاء الرد العسكري الإيراني، وفق بيان أصدرته جاء فيه أن الهجوم الإيراني على إسرائيل يندرج ضمن حق الدفاع المشروع الذي كفلته المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ردا على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق.
وأوضح البيان أن "الرد الإيراني سيكون أكثر حدة إن انتهكت إسرائيل خطا آخر". في حين بدأت إسرائيل بتخفيف قيود الحركة بعد عدة ساعات من إعلان إيران انتهاء الهجوم.
ومع نهاية الهجوم أعلن الأردن والعراق ولبنان إعادة فتح المجالات الجوية أمام حركة الملاحة واستئناف الرحلات.
النتائج
أدى الهجوم إلى إصابة مطار عسكري إسرائيلي وفق ما أعلنه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إضافة إلى أضرار مادية طفيفة في قاعدة للجيش الإسرائيلي، وإصابة فتاة بجروح طفيفة جراء الهجوم.
كما أعلنت إسرائيل اعتراض 99% من القذائف والمسيرات والصواريخ التي أطلقت باتجاهها، في حين أعلنت إيران أن نصف صواريخها أصابت أهدافا إسرائيلية.
وقال قائد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء علي باقري إن بلاده نفذت عملية "الوعد الصادق" بنجاح، موضحا أن هدف العملية "هو استهداف القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات الإسرائيلية التي اعتدت على القنصلية الإيرانية في دمشق".
المواقف الدولية
أكد الرئيس الأميركي جو بايدن دعم أميركا الثابت لإسرائيل في مواجهة أي هجوم إيراني، مشيرا إلى أنه سيعقد اجتماعا مع مجموعة السبع للتنسيق لرد دبلوماسي موحد على إيران.
وأدان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الهجوم الإيراني على إسرائيل، مؤكدا دفاع بلاده عن إسرائيل وتضامنها معها، كما أدان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل الهجوم الإيراني، وكتب على منصة إكس "إن ما تفعله إيران تصعيد غير مسبوق وتهديد خطير للأمن الإقليمي".
وأكد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه عبر حسابه على منصة إكس إدانة بلاده للهجوم، متهما إيران بزعزعة أمن المنطقة.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء ما وصفه "بالخطر الحقيقي المتمثل في تصعيد مدمر على مستوى المنطقة"، واصفا الرد الإيراني بـ"التصعيد الخطير".
واستجاب مجلس الأمن الدولي لطلب إسرائيل بعقد جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الإيراني، وحُدد موعد الجلسة يوم الأحد 14 أبريل/نيسان 2024.
وعبرت وزارة الخارجية المصرية عن "قلقها العميق" بسبب التصعيد، ودعت إلى ضبط النفس، محذرة من "خطر توسيع الصراع الإقليمي"، كما دعا الأردن إلى "ضبط النفس والتعامل بمسؤولية وعدم جر المنطقة إلى تصعيد مآلاته خطيرة".
أما وزارة الخارجية السعودية فأصدرت بيانا عبرت فيه عن قلقها إزاء التصعيد العسكري، ودعت إلى "ضبط النفس لتجنب مخاطر الحروب على المنطقة والشعوب".
كما حثت وزارة الخارجية الصينية على ضبط النفس، وعدّت الهجوم "امتدادا للصراع في قطاع غزة".
وأعربت قطر عن قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في المنطقة ودعت لوقف التصعيد وضبط النفس، وذلك بعد الهجمات الإيرانية الأخيرة التي استهدفت إسرائيل الليلة الماضية.
وأدانت وزيرة الخارجية الألمانية الهجوم الإيراني على إسرائيل، مشيرة إلى أثره في زعزعة استقرار المنطقة، وشددت على موقف برلين الداعم لإسرائيل، وهو الموقف نفسه الذي أعلنته الأرجنتين.
وأدان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الهجمات الإيرانية في مؤتمر صحفي، وأكد دعم بلاده لإسرائيل، في حين دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عبر حسابه على موقع إكس "إلى ضبط النفس وعبر عن قلقه إزاء ما يحدث".