حاجي جينجوب.. أول رئيس وزراء لناميبيا بعد استقلالها
حاجي جينجوب سياسي ناميبي، ترأس جمهورية بلاده في 2015 حتى وفاته في 2024، يعدّ أول رئيس وزراء لناميبيا بعد نيلها الاستقلال في 1990. عاش حوالي 25 سنة في الولايات المتحدة الأميركية، وعاد إلى وطنه في 1989. وهو مقاتل سابق بالمنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا "سوابو".
المولد والنشأة
وُلد حاجي جينجوب يوم 3 أغسطس/آب 1941، بمدينة أوتجيوارونجو شمالي ناميبيا.
عُرف عنه عشقه لكرة القدم، وقد مارس هذه الرياضة في شبابه حتى استحق لقب "نقطة الخطر"، ويحمل ملعب كرة القدم في ويندهوك اسمه.
تزوج الرئيس الراحل 3 مرات، آخرها كانت يوم 14 فبراير/شباط 2015 من مونيكا جينجوس، وهي محامية وكانت مديرة عامة لأكبر صندوق للأسهم الخاصة في ناميبيا.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الأولي في مدرسة بمدينة صغيرة شمال ناميبيا تدعى أوتافي، وبعدها واصل دراسته بكلية أوجيسطينو في 1958، وطُرد منها خلال فترة الدراسة إثر مشاركته في مظاهرة احتجاجية، لكن القرار ألغي فيما بعد ليحصل على شهادة لممارسة التعليم في 1961.
بعد 3 سنوات غادر بلاده متجها نحو الولايات المتحدة الأميركية، لمتابعة دراسته بجامعة فوردهام، وحصل من إحدى كلياتها على الماجيستير في العلاقات الدولية في 1970، وفي 1987 حصل على ماجيستير من جامعة كولومبيا في إلينوي بأميركا.
في 1995 حصل على دكتوراه في القانون من جامعة دلهي بالهند، وحصل على الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة ناميبيا في 1997، ودكتوراه فخرية في الآداب الإنسانية من الجامعة الأميركية في روما في 1998 ، وعلى دكتوراه في 2004 من جامعة ليدز ببريطانيا، وكان عنوان أطروحته هو "تشكيل الدولة في ناميبيا: تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد".
الحياة المهنية
بعد حصوله على شهادة تدريب في مجال التعليم في 1961، عمل جونجيب أستاذا في مدرسة تسوميب الابتدائية وسط ناميبيا، لكنه قرر ترك التعليم احتجاجا على القانون المعتمد حينها.
هاجر إلى أميركا في 1964، ثم عمل موظفا للشؤون السياسية بالأمانة العامة للأمم المتحدة من 1971 إلى 1975، حيث كان يعمل على ملفات الحكومة.
المسؤوليات والوظائف
تربع جينجوب على عرش المسؤوليات الرسمية منذ عودته من الولايات المتحدة الأميركية في 1989، فصار أول رئيس وزراء لناميبيا في الفترة من 21 مارس/آذار 1990 إلى 28 أغسطس/آب 2002، وشغل منصب وزير التجارة والصناعة من 2008 إلى 2012، ثم تولى منصب رئيس الوزراء مرة أخرى حتى 21 مارس/آذار 2015.
انتُخب رئيسا لنامبيبا يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وذلك بأغلبية ساحقة وصلت 87%، وأدى اليمين رئيسا يوم 21 مارس/آذار 2015.
فاز للمرة الثانية رئيسا للبلاد في 2019 بنسبة 56%، وتزامنت الانتخابات الرئاسية خلال هذه الفترة مع صدور وثائق ويكليكس، التي تضمنت اتهامات لمسؤولين حكوميين في بلاده بتلقي رشاوى من شركة أجنبية مقابل العمل في مجال الصيد.
ومن المهام التي تولاها أيضا: رئيس الاجتماع 14 لخبراء برنامج الأمم المتحدة للإدارة العامة والمالية في 1998، ثم عضو مجلس المحافظين الدولي لمركز الابتكار في مجال الحوكمة الدولية (سي آي جي آي) في كندا 2004.
المناصب السياسية
تولى مسؤوليات سياسية عدة داخل بلاده وخارجها، فقد عمل مساعدا لممثل المنظمة الشعبية "سوابو" لجنوب غرب أفريقيا (اسم ناميبيا خلال فترة الاستعمار)، في بوتسوانا في 1963.
ثم صار ممثلا للمنظمة نفسها لدى الأمم المتحدة والأميركتين من 1964 حتى 1971.
وفي 1989 عمل مديرا لانتخابات حزب سوابو، وفي يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1989 انتخب رئيسا للجمعية التأسيسية، التي كانت مسؤولة عن صياغة الدستور الناميبي، الذي اعتُمد في 9 فبراير/شباط 1990.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أصبح جينجوب الرئيس الثالث لسوابو بعد فوزه في المؤتمر السادس للحزب، وهي المسؤولية التي ظل يتولاها إلى حين وفاته.
نضال ومواقف
ناضل من داخل ناميبيا وخارجها على استقلال بلاده، وأسهم في مواجهة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا الذي حكم الأراضي الناميبية، وكان مساهما رئيسا في اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ"سوابو" ممثلا وحيدا لشعب ناميبيا، التي خاضت مقاومة مسلحة دولية منذ 1966 إلى حين الاستقلال 1990.
عمل خلال توليه المسؤولية بناميبيا، على إنشاء الخدمة المدنية وتعزيز المصالحة الوطنية. وفي وقت لاحق، بصفته وزير التجارة، تولى تحديث السياسات التجارية لناميبيا لجذب الاستثمارات الأجنبية، باستخدام مبادئ التجارة المتساوية.
كان يؤمن بأفريقيا موحدة ودافع بقوة عن صوت القارة وظهورها في المشهد العالمي، لا سيما وأنه تولى منصب الأمين التنفيذي للتحالف العالمي لأجل أفريقيا في واشنطن، وهو منتدى حكومي دولي يجمع كبار صناع السياسات الأفارقة وشركاءهم.
كان قد دعا الولايات المتحدة الأميركية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، لتطمئن الدول الأفريقية أن هذه المؤسسة الدولية لا تستهدف الأفارقة.
كما عُرف بمواقفه المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، فقد أيّد الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 بهدف وقف الإبادة الجماعية ضد أهالي غزة، كما أدان موقف ألمانيا الرافض لهذه القضية، وذكرها بأنها تسببت بأول مجزرة في القرن العشرين بحق السكان الأصليين لبلاده.
أوسمة وجوائز
- عام 1980، حصل على جائزة السعفة الأكاديمية (درجة ضابط)، من الحكومة الفرنسية تقديرا لجهوده في مجال التعليم.
- عام 1987، حصل على وسام (سوابو) للشجاعة.
- عام 1994 حصل على ثاني أعلى وسام في كوبا، ويطلق عليه وسام "كارلوس مانويل دي سيسبيديس".
- عام 1994، حصل على وسام الشمس من الدرجة الأولى، من حكومة ناميبيا لقيادته السياسية المتميزة.
الوفاة
عانى حاجي جينجوب من أمراض عدة، كان من نتائجها خضوعه في 2013 لعملية جراحية في الدماغ، كما خضع للعلاج من سرطان البروستانا، وفي يونيو/حزيران 2023 أجرى عملية جراحية لصمام القلب في جنوب أفريقيا.
سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية أوائل 2024، ولمّا عاد إلى بلاده كشف عن وجود "خلايا سرطانية" في جسده، ثم أعلن عن وفاته في وقت مبكر من يوم الأحد 4 فبراير/شباط 2024، في مستشفى ليدي بوهامبا بالعاصمة ويندهوك.
وأعلن رئيس البلاد المؤقت نانغولو مبومبا في بلاغ وفاة جينجوب. وقال "لقد فقدت الأمة الناميبية خادما مميزا للشعب، ورمزا للنضال من أجل التحرير، والمهندس الرئيس لدستورنا وعمود البيت الناميبي".
كان الراحل يتمنى أن يقضي بقية حياته بعد تقاعده بين بلده ومصر في شرم الشيخ بمصر، وهي الأمنية التي أفصح عنها في 2022 على هامش مؤتمر المناخ "كوب 27″، وذكر بأنه زار مصر في 1967 عندما كان شابا مقاتلا يبحث عن تحرير بلاده.