المقاومة الإسلامية في العراق.. فصائل موالية لإيران تكتلت بعد طوفان الأقصى
تحالف فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران، كثفت نشاطها إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، معلنة "إسناد" المقاومة الفلسطينية. شنت هجمات على قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا ردا على الدعم الأميركي المفتوح لإسرائيل، واتسع نطاق هجماتها ليشمل أهدافا حيوية إسرائيلية في غور الأردن والجولان المحتل وبئر السبع وطبريا وحيفا وتل أبيب.
النشأة والتأسيس
ظهر اسم المقاومة الإسلامية في العراق بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بغرض دعم المقاومة الفلسطينية في غزة.
وتعد جزءا مما يعرف بـمحور المقاومة، وهو تحالف جماعات مسلحة في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن مدعومة من إيران، تناهض النفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط وحليفته إسرائيل.
نفذت أولى عملياتها العسكرية في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما شنت هجوما بطائرة بدون طيار من طراز "قاصف 2 كي"، استهدف القاعدة الأميركية حرير في محافظة أربيل بكردستان العراق.
ومنذ ذلك التاريخ، شنت هذه الفصائل مئات الهجمات التي استهدفت قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا، ثم توسع نطاق هجماتها ليشمل أهدافا في إسرائيل.
وتنشر الولايات المتحدة الأميركية حوالي 2500 عسكري في العراق و900 في سوريا ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
العمليات العسكرية
استهدفت الفصائل التي تسمي نفسها "المقاومة الإسلامية في العراق" القواعد الأميركية في العراق وسوريا، وقالت في بيان إن ذلك يأتي في إطار ردها على "الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة بتوجيه وإدارة أميركية".
وتركزت الهجمات في العراق على قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار وقاعدة حرير الجوية في محافظة أربيل، كما جرى استهداف السفارة الأميركية في بغداد في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وفي سوريا استهدفت الهجمات قواعد حقل غاز كونيكو وحقل العمر النفطي والقرية الخضراء في ريف دير الزور وقواعد خراب الجير ورميلان والشدادي في محافظة الحسكة، وقاعدة النتف الواقعة عند مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية.
ونفذت معظم الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ كروز من نوع الأرقب، وأدخلت الفصائل في عملياتها للمرة الأولى صاروخا ذكيا قصير المدى من طراز "صارم" إلى الخدمة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في يناير/كانون الثاني 2024 أن عدد الهجمات التي استهدفت القوات الأميركية في العراق وسوريا بلغ 170 هجوما منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وردا على تلك الهجمات، شنت واشنطن ضربات عدة في العراق استهدفت مقاتلين وقيادات ومراكز تدريب فصائل المقاومة الإسلامية في العراق ومواقع للحشد الشعبي العراقي.
ومنذ أبريل/نيسان 2024، تصاعدت وتيرة الهجمات بالطائرات المسيرة واتسع نطاقها ليستهدف أهدافا إسرائيلية حيوية في غور الأردن وبيسان والجولان المحتل وحيفا وبئر السبع وإيلات وطبريا وتل أبيب.
واستهدفت هذه العمليات مطارات وموانئ ومحطات كهرباء ومواد كيميائية وقواعد عسكرية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 صرح مسؤولون عسكريون أميركيون لوكالة "أسوشيتد برس" أن إسرائيل تتعرض لهجمات يومية بطائرات مسيرة من العراق وأن القوات الأميركية وشركاءها اضطروا لاعتراض هذه المسيرات.
وقال ضابط أمن إقليمي أميركي إن حوالي 5 عمليات إطلاق تتم يوميا من داخل العراق تستهدف إسرائيل من قبل الحركات المسلحة المتحالفة مع إيران.
ومن أبرز العمليات التي نفذتها المقاومة الإسلامية في العراق:
- 8 ديسمبر/ كانون الأول 2023: إطلاق ثلاثة صواريخ استهدفت السفارة الأميركية وقاعدة مجاورة لها في بغداد، دون وقوع أضرار مادية أو بشرية.
- 28 يناير/كانون الثاني 2024: هجوم بطائرة مسيرة استهدف قاعدة عسكرية في الحدود الأردنية السورية أسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة العشرات.
- 2 مايو/أيار 2024: هجوم بصواريخ كروز من نوع الأرقب استهدف مركزا في قاعدة غليلوت تابعا للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه الذي يستهدف تل أبيب.
- 2 أكتوبر/تشرين الأول 2024: هجوم بطائرة مسيرة استهدف قاعدة للجيش الإسرائيلي شمال الجولان السوري المحتل، أسفر عن مقتل جنديين وإصابة 25 آخرين. وكانت هذه المرة الأولى -منذ بداية العدوان الإسرائيلي- التي تنجح فيها عمليات الفصائل العراقية في إيقاع قتلى وجرحى.
الفصائل المشكلة للمقاومة الإسلامية في العراق
تضم المقاومة الإسلامية في العراق فصائل مسلحة عدة تتوحد في استهداف المصالح الأميركية في العراق وسوريا وأهداف حيوية في إسرائيل، وهي:
حزب الله العراقي
تأسس عام 2007 بمدينة العمارة جنوب العراق على يد أبو مهدي المهندس، ونشأ إثر اتحاد عدة فصائل شيعية مسلحة تأسس بعضها بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003. صنفته الولايات المتحدة الأمريكية منظمة إرهابية عام 2009.
كان مقاتلو الحزب من أوائل المسلحين المشاركين في القتال في سوريا إلى جانب قوات النظام ضد الثورة السورية عام 2011.
قُتل زعيمه أبو مهدي المهندس بهجوم أميركي بطائرة مسيرة عام 2020 مع قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني في مطار بغداد الدولي.
يعرف حزب الله العراقي نفسه بأنه "تشكيل جهادي إسلامي مقاوم يؤمن بمبادئ الإسلام وينتهج خط الإسلام المحمدي الأصيل وآل البيت الأطهار عليهم السلام في رفض الظلم ومقارعة الظالمين".
ويهدف إلى تحقيق "حاكمية الإسلام"، ويرى أن ولاية الفقيه هي الطريق الأمثل لتحقيق هذه الحاكمية في زمن غيبة الإمام المهدي، الإمام الثاني عشر بحسب المذهب الإثنى عشري.
يعتبر تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران إنجازا عظيما، وليس سوى مرحلة أساسية في التمهيد لدولة العدل الإلهي وصورة من صور حاكمية الإسلام وولاية الفقيه.
يقول معهد واشنطن للدراسات إن كتائب حزب الله تدير الألوية 45 و46 و47 من قوات الحشد الشعبي، التي تمولها الحكومة العراقية، وشارك في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتدير أيضا أقسام الاستخبارات والصواريخ ومكافحة الدروع التابعة للحشد الشعبي، إضافة إلى وحدة القوات الخاصة 313 ووحدة الاستخبارات 101.
وأعلنت كتائب حزب الله العراقي دخولها المعركة ضد إسرائيل بتوجيه ضربات إلى القواعد الأميركية.
وقال جعفر الحسيني المتحدث العسكري باسمها في تصريحات صحفية إن الأميركيين "شركاء أساسيون" في قتل سكان قطاع غزة، ومن عليهم تحمل العواقب.
عصائب أهل الحق
تأسس تنظيم عصائب أهل الحق عام 2006 على يد الأخوين قيس وليث الخزعلي وأكرم الكعبي، إثر تفكيك جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وتلقى دعما من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بغرض تنفيذ عمليات تستهدف الوجود الأميركي في العراق.
تتهم وزارة الخارجية الأميركية عصائب أهل الحق بالمسؤولية عن أكثر من 6000 هجوم ضد القوات الأميركية وقوات التحالف.
تحولت العصائب إلى حركة سياسية، وأصبح قيس الخزعلي أمينها العام، وتمكنت كتلتها السياسية التي أطلق عليها اسم "الصادقون" من دخول مجلس النواب عام 2014 بعد فوزها بمقعد برلماني، وارتفع هذا العدد إلى 15 مقعدا في انتخابات 2018 وانخفض إلى 5 في انتخابات 2021.
في 6 ديسمبر/كانون الأول 2019، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية قيس وليث الخزعلي على قائمة العقوبات متهمة إياهما بانتهاك حقوق الإنسان في العراق، وفي يناير/كانون الثاني 2020 أدرجتهما وزارة الخارجية الأميركية ضمن قائمة "الإرهابيين العالميين".
يقول معهد واشنطن للدراسات إن الألوية 41 و42 و43 ضمن قوات الحشد الشعبي التابعة للجيش العراقي تخضع للسيطرة الإدارية والعملياتية لقادة العصائب.
وفي الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ألقى قيس الخزعلي، خطابا أعلن فيه السير في طريق قادة "محور المقاومة الذين استشهدوا".
تشكيل الوارثين
تشكلت هذه الجماعة في أكتوبر/تشرين الثاني 2019 بغرض مهاجمة الأهداف الأميركية، ويتزعمها الحاج حميد، وهو أحد المقربين من قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني.
أصدرت جماعة الوارثين بيانها الأول في 18 أغسطس/آب 2022، وأعلنت فيه أن أهدافها تشمل القواعد العسكرية والمراكز الأمنية التي ثبتت مشاركتها في اغتيال سليماني، وأيضا الدول التي احتلت الأراضي العراقية أو تفرض عقوبات عليها أو تدعم ضربات ضدها.
وفي اليوم الموالي أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف منشآت عسكرية في قاعدة علي السالم الجوية في الكويت في 12 أغسطس/آب، ونشرت الجماعة شريط فيديو قالت إنه توثيق للعملية.
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم استهدف قاعدة الحرير الأميركية في العراق، مقدما العملية بأنها إسناد لطوفان الأقصى، وتعد هذه العملية هي الأولى للمقاومة الإسلامية في العراق.
حركة النجباء
تأسست عام 2013 على يد أكرم الكعبي، القائد العسكري البارز في جيش المهدي، لكنه انسحب من التيار الصدري عام 2005، ثم انضم إلى تنظيم عصائب أهل الحق الذي تأسس في السنة الموالية.
بعد انفصاله عن العصائب، شكل الكعبي تنظيما يحمل اسم "المقاومة الإسلامية حركة النجباء" وتعرف اختصارا باسم حركة النجباء، وذلك عبر اندماج ثلاثة ألوية عراقية هي "لواء عمار بن ياسر" و"لواء الإمام الحسن المجتبى" و"لواء الحمد".
وفي سبتمبر/أيلول 2008 أدرجت وزارة الخزانة الأميركية الكعبي على قائمة "الإرهابيين العالميين". وفي مارس/آذار 2019 أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة النجباء ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية".
تصف الحركة نفسها بأنها "إحدى فصائل المقاومة الإسلامية في العراق التي تهدف إلى الدفاع عن الوطن والمقدسات، وخصوصا في سوريا والعراق".
كان للحركة دور بارز في المعارك في سوريا، إذ أرسلت عناصرها للقتال إلى جانب القوات الحكومية السورية تحت ذريعة حماية المقامات الشيعية المقدسة.
في فبراير/شباط 2024، أصدرت الحركة بيانا قالت فيه إن المقاومة العراقية "مستمرة في تحرير البلد واستهداف المواقع الصهيونية"، وإنها تعتبر نفسها "جزءا أساسيا في معركة التصدي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة".
كتائب سيّد الشهداء
تأسست عام 2013 على يد مصطفى عبد الحميد حسين العتابي، المعروف أيضا بأبو مصطفى الشيباني -وهو أحد مؤسسي كتائب حزب الله- وشارك مقاتلوها في الحرب في سوريا إلى جانب القوات الحكومية بدعوى حماية الأضرحة الشيعية.
في عام 2014 انتقلت قيادة الكتائب إلى هاشم فنيان رحيم السراجي -المعروف باسم أبو آلاء الولائي- وأصبحت جزءا من قوات الأمن العراقية عندما شكلت اللواء 14 من قوات الحشد الشعبي.
تعرف الكتائب نفسها بأنها "تشكيل عقائدي، ظهر في المجتمع العراقي مع صدور فتوى الجهاد الكفائي"، التي أطلقها المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني، للدفاع عن المقدسات الشيعية.
أسست الكتائب ذراعا سياسية أطلقت عليه اسم المنتصرون، وفازت في 2014 بمقعد في مجلس النواب العراقي باسم ممثلها السياسي والمتحدث باسمها فالح الخزعلي لولايتين متتاليتين.
في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، صنفت وزارة الخارجية الأميركية "كتائب سيد الشهداء" وأمينها العام على القائمة الأميركية للإرهاب.