فيفيك راماسوامي سياسي أميركي يلقب بـ"ترامب الصغير"
فيفيك راماسوامي رجل أعمال أميركي من أصول هندية، ولج عالم السياسة ولفت الأنظار إليه، إذ عدته بعض الاستطلاعات ثاني أكثر المرشحين الجمهوريين شعبية، بعد الرئيس السابق دونالد ترامب. ورغم ديانته الهندوسية فهو يدعم "القيم المسيحية" ويهاجم العلمانية، ويتبنى خطابا معاديا للمثليين ومناهضا للإجهاض وسياسات تغير المناخ.
المولد والنشأة
ولد راماسوامي في سينسيناتي بولاية أوهايو عام 1985 لأبوين مهاجرين هندوسيين هنديين، ونشأ في عائلة ذات مستوى علمي عال، إذ كان والده مهندسا تخرج من المعهد الوطني للتكنولوجيا بينما كانت والدته طبيبة نفسية تخرجت من جامعة ميسوري.
وتعود أصول عائلة راماسوامي إلى ولاية كيرالا الهندية، وتنتمي إلى البراهمة الذين يتحدثون اللغة التاميلية. وحرصت العائلة على ممارسة طقوسها الدينية في أوهايو، فكانت تصطحب ابنها إلى المعبد الهندوسي المحلي بمدينة دايتون، كما كان راماسوامي يمضي إجازات الصيف في الهند مع والديه.
وكان العزف على البيانو إحدى هوايات راماسوامي في المرحلة الابتدائية، لكن نجمه لمع أكثر في ممارسة التنس في المرحلة الثانوية، فقد كان لاعبا مصنفا على المستوى الوطني آنذاك.
الدراسة والتكوين العلمي
يذكر أن راماسوامي كان قد التحق بمدرسة سانت كزافييه في المرحلة الثانوية، وهي كاثوليكية تابعة للرهبنة اليسوعية، وتخرج طالبا متفوقا منها عام 2003.
ودرس علم الأحياء بجامعة هارفارد وتخرج بامتياز مع مرتبة الشرف عام 2007. عرف بين أقرانه خلال المرحلة الجامعية بكونه ذا "شخصية متحررة وجريئة".
وكان عضوا في اتحاد هارفارد السياسي، ثم أصبح رئيسا له في وقت لاحق، كما حصل على جائزة بودوين المرموقة للطلاب. وكان ينتمي خلال حياته الجامعية للحزب الليبرتاري الأميركي المكرس لمبادئ الاقتصاد الحر وعدم تدخل الحكومة، وثالث الأحزاب السياسية الأميركية بعد الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وعام 2011، حصل راماسوامي على زمالة الدراسات العليا لدراسة الحقوق في جامعة ييل، واللافت أنه في ذلك الوقت المبكر من حياته كان قد حقق ثروة من أنشطته في مجالات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية، ومع حلول عام 2023 باتت ثروته الصافية تبلغ حوالي 15 مليون دولار.
فكره
انضم راماسوامي فيما بعد إلى الجمهوريين وامتلك سمعة طيبة بينهم، خاصة بعد نشره كتابا عام 2021 انتقد فيه الشركات التي تجعل إستراتيجياتها تتمحور حول "قضايا العدالة الاجتماعية والتغير المناخي" إضافة إلى سعيها لإحباط قيم "الرأسمالية والكفاح والمعتقد والوطنية".
ويعتبره كثيرون نسخة مصغرة عن ترامب، إذ يؤمن أن أميركا تعاني من "أزمة هوية" وهو الخطاب الذي يتشابه مع شعار ترامب "نحن في أمة في حالة انحدار".
وأثرت طبيعة تربيته على فكره، إذ يرى أن استمرار الريادة الأميركية ونجاح الفرد يعتمدان في أساسهما على "أسرة مستقرة" وبرأيه فإن الديمقراطيين لا يساعدون على تحقيق ذلك.
التجربة الاستثمارية
انخرط راماسوامي في مرحلة مبكرة من حياته في عدد من الأنشطة التجارية التي ساعدته على تشكيل ثروة تقدر بملايين الدولارات، وكانت البداية من عام 2007، عندما شارك في تأسيس شبكة "كامبيوس فينتور نيتوورك" التي صممت موقعا خاصا للتواصل الاجتماعي لطلاب الجامعات الذين يطمحون إلى إطلاق مشروع تجاري.
وكذلك عمل راماسوامي في صندوق التحوط الاستثماري "كيو في تي" بين عامي 2007 و2014. وبعدها أسس شركة التكنولوجيا الحيوية "علوم الرويفانت" التي حصلت على ما يقرب من 100 مليون دولار من رأس المال المبدئي من شركة "كيو في تي" ومستثمرين آخرين.
وكانت إستراتيجية هذه الشركة حينها شراء براءات الاختراع من الشركات الكبرى للأدوية التي لم يتم تطويرها بنجاح بعد، ومن ثم تحضيرها لتباع في الأسواق.
وأنشأت الشركة العديد من الشركات التابعة لها، بما في ذلك "ديرمافانت" التي تركز على الأمراض الجلدية، و"يوروفانت" التي تركز على أمراض المسالك البولية، و"سينوفانت" و"سيتوفانت" ومقرهما الصين، واللتان تركزان على السوق الآسيوية.
وعام 2015، ظهر راماسوامي على غلاف مجلة فوربس الشهيرة وقال إن شركته "ستحقق أعلى عائد للاستثمار على الإطلاق في صناعة الأدوية". وبالفعل تمكن في وقت قياسي من رفع القيمة السوقية للشركة في البداية إلى ما يقرب من 3 مليارات دولار، على الرغم من أنه في ذلك الوقت كان لديه 8 موظفين فقط، بما في ذلك شقيقه ووالدته.
وأوائل عام 2022، شارك راماسوامي مع أحد أصدقائه في تأسيس شركة "سترايف آست مانجمينت" لإدارة الأصول، ومقرها كولومبوس بولاية أوهايو، مدعوما من ممولين جمهوريين، وقد تمكنت الشركة من جمع حوالي 20 مليون دولار من مستثمرين خارجيين. وكان راماسوامي الرئيس التنفيذي قبل أن يستقيل في فبراير/شباط 2023 للتركيز على حملته الرئاسية.
الحملة الانتخابية
لم تظهر الاهتمامات السياسية لراماسوامي في وقت مبكر، فقد امتنع عن التصويت بالانتخابات الرئاسية لأعوام 2008 و2012 و2016، واصفا نفسه بأنه لم يكن سياسيا خلال تلك الفترة، لكن عام 2020 دعم راماسوامي ترامب في الانتخابات، ووصف نفسه في وقت لاحق بأنه "جمهوري".
ورغم أنه لم يشغل مناصب سياسية في وقت سابق، فإنه ساهم في دعم كل من الديمقراطيين والجمهوريين. ففي عام 2016، تبرع بمبلغ 2700 دولار لحملة دينا جرايسون، النائبة الديمقراطية التي ترشحت للكونغرس عن فلوريدا. وما بين عامي 2020 و2023، تبرع بمبلغ 30 ألف دولار لحزب أوهايو الجمهوري.
وفي 21 فبراير/شباط 2023، أعلن راماسوامي ترشحه عن الحزب الجمهوري لمنصب رئيس الولايات المتحدة لعام 2024، وكخطوة أولى أصدر للعلن إقرارات ضريبة الدخل الفردية الخاصة به لمدة 20 عاما، ودعا منافسيه في الانتخابات التمهيدية إلى فعل الشيء نفسه.
لكن في 15 يناير/كانون الثاني 2024 أعلن راماسوامي انسحابه من السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، وذلك بعد أن مني بهزيمة في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية أيوا.
وأعلن راماسوامي تأييده للمرشح ترامب الذي يتنافس مع حاكم فلوريدا رون ديسانتيس والسفيرة السابقة للولايات المتحدة بالأمم المتحدة نيكي هيلي
وشكلت ثروة راماسوامي الغالبية العظمى من الأموال التي تم جمعها لحملته التي استهدفت الناخبين اليمينيين المسيحيين الإنجيليين والقوميين المسيحيين، وهم جزء مهم من القاعدة الجمهورية، لا سيما وأن بعضهم مترددون أو غير راغبين في دعم مرشح رئاسي غير مسيحي مثل راماسوامي.
وضمن حملته الانتخابية انتقد راماسوامي العلمانية قائلا إن الولايات المتحدة تأسست على " القيم المسيحية" أو "القيم اليهودية المسيحية " وأكد أنه يشارك تلك القيم ويؤمن بإله واحد.
وكذلك أطلق راماسوامي على نفسه لقب "القومي الأميركي الشجاع" وهاجم كثيرا منافسه بالانتخابات الجمهوري ديسانتيس، لكنه تجنب انتقاد ترامب بشكل مباشر.
ولم يكن "القومي الأميركي الشجاع" اللقب الوحيد الذي أطلقه راماسوامي على نفسه، بل سمى نفسه أيضا "العالِم" قائلا إنه ساهم في تطوير العديد من الأدوية، لكن ذلك أدى إلى توجيه العديد من الانتقادات له، فرغم أنه درس علم الأحياء، فإنه ليس عالما، وكان دوره في صناعة التكنولوجيا الحيوية يقتصر على كونه ممولا ورجل أعمال.
ومن الانتقادات التي طالت راماسوامي أيضا خلال حملته الانتخابية أنه دفع أموالا لمحرر لتغيير سيرته الذاتية على موقع الموسوعة المفتوحة "ويكيبيديا" قبل الإعلان عن ترشيحه، لكن راماسوامي أنكر أن هذا التعديل كان بدوافع سياسية ووصفه بأنه كان مجرد مراجعة لتصحيح بعض الوقائع.
مواقف راماسوامي السياسية
رغم أن ترامب يعتبر منافسا لراماسوامي للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لعام 2024، فإنه يعتبر أحد أبرز الداعمين للرئيس السابق. وإن كان أدان هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2020 الذي نفذه أنصار ترامب على مبنى الكابيتول احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية، فإنه أيضا قال إن حظر وسائل التواصل على ترامب ينتهك التعديل الأول للدستور. كما كان راماسوامي من المدافعين عن ترامب بعدما وجهت إليه تهم جنائية اتحادية عام 2023.
وقبل أن ينسحب من السباق، وعد راماسوامي بالعفو عن ترامب إذا تم انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، وبالعفو عن مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج، وروس أولبريشت المتهم بتسهيل بيع المخدرات عبر الإنترنت، وإدوارد سنودن الذي سرب معلومات سرية من وكالة الأمن القومي.
ويعارض راماسوامي الإجهاض ويصفه بأنه "جريمة قتل" ويدعم حظر الإجهاض على مستوى الولاية مع استثناءات الاغتصاب وسفاح القربى والخطر على حياة المرأة، لكنه يعارض الحظر الفدرالي. وقال إنه سيلغي حق المواطنة بالولادة إذا أصبح رئيسا.
ويستخدم راماسوامي أيضا خطابا مناهضا للمتحولين جنسيا ويدعم القيود الواسعة على حقوق الأميركيين المتحولين جنسيا.
وتعهد بطرد 75% من الموظفين الفدراليين وإلغاء ما لا يقل عن 5 وكالات فدرالية، بما فيها وزارة التعليم ومكتب التحقيقات الفدرالي و"إيه تي إف" ومصلحة الضرائب واللجنة التنظيمية النووية وخدمة الغذاء والتغذية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية.
كما وصف إدارة الغذاء والدواء بأنها "فاسدة" وتعهد "بفضحها وتدميرها" ووصف أجندة مكافحة التغير المناخي بأنها "خدعة" قائلا إن تغير المناخ العالمي ليس سيئا تماما، وإن على الناس أن يفخروا بعيش نمط حياة عالي الكربون.
وتعهد راماسوامي باستخدام الجيش للقضاء على عصابات المخدرات المكسيكية، وقال إنه يفضل التشريع الفدرالي للماريغوانا.
وعلى الصعيد الدولي، يميل راماسوامي إلى تقديم "تنازلات كبيرة لروسيا" في الحرب مع أوكرانيا، فهو يفضل إنهاء المساعدات العسكرية الأميركية لكييف، واستبعادها من حلف شمال الأطلسي (ناتو) والسماح لروسيا باحتلال مناطق في أوكرانيا مقابل اتفاق يقضي بإنهاء موسكو تحالفها مع الصين.
وقد أعرب عن دعمه لاستقلال تايوان، وطرح فكرة "وضع سلاح في كل منزل تايواني" لردع غزو الصين، لكنه قال إن الولايات المتحدة ينبغي ألا تدافع عسكريا عن تايوان ضد أي هجوم صيني.