قاعدة التنف مركز عسكري إستراتيجي أميركي بين 3 دول عربية
قاعدة التنف الأميركية في سوريا أنشئت عام 1991 واستخدمت مرات عدة، ثم تركت إلى أن أعيد استخدامها عام 2016 بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها، وتقع قرب معبر التنف الحدودي.
استخدمت في الحرب التي شنها التحالف الدولي على تنظيم الدولة الإسلامية، وفي قطع الطريق البري أمام الإمدادات العسكرية من إيران إلى حزب الله في لبنان.
وتعرضت القاعدة لهجمات متتالية ومختلفة، نفذتها جهات مختلفة، منها هجمات بمسيرات روسية وإيرانية، إضافة إلى اشتباكات مع فرق حاولت الاقتراب منها.
الموقع
تقع قاعدة التنف في أقصى جنوب شرقي محافظة حمص، على بعد 24 كيلومترا غرب معبر التنف-الوليد عند تقاطع الحدود السورية مع الأردن والعراق، وتشرف على طريق دمشق-بغداد الدولي، وتبعد عن مدينة تدمر نحو 240 كيلومترا.
وتحيط بالقاعدة منطقة عازلة لفض النزاعات، في إطار تفاهم أميركي-روسي عام 2016، بهدف هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وتقليل احتمال حدوث صدام أميركي مع القوات الروسية أو السورية أو غيرها من القوات.
وتصل حدود المنطقة العازلة من الشمال إلى منطقة الشعار، ومن الشمال الشرقي إلى منطقة الخويمات، ومن الشمال الغربي إلى منطقة العليانية.
الأهداف
صرح قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي جونيور بأن الهدف الرئيس من وجود الأميركيين في سوريا هو "تنفيذ عمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية"، إذ إن مكان وجود القاعدة يساعد على تنفيذ عمليات مباشرة وغير مباشرة ضد التنظيم.
وتكمن الوظيفة الأساسية لقاعدة التنف -حسب ما هو معلن- في تدريب فصائل "جيش سوريا الجديد" وتسليحها، وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لها، وتمكينها من قتال عناصر تنظيم الدولة والقضاء على وجوده في صحراء سوريا.
ووفق تقرير صادر عن معهد واشنطن، فإن القاعدة تهدف إلى إعاقة أنشطة الحركات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا، وتعطيل نقل الإمدادات العسكرية والأسلحة.
وقد ذكر التقرير ذاته أن الوجود الأميركي في قاعدة التنف مفيد لإسرائيل التي نفذت عشرات المهام الجوية ضد أهداف للنظام السوري، وأخرى لحزب الله والحركات المسلحة في سوريا.
وقد خدمت القاعدة المصالح الأردنية أيضا، إذ ساعدت في ضمان أمن المملكة من خلال حماية الحدود والسيطرة عليها وضبط عمليات التهريب والتسلل المحتمل لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية أو الحركات المسلحة المدعومة من إيران.
ووفق تقرير معهد واشنطن، فإن الكولونيل دانييل ماغرودير جونيور من القوات الجوية الأميركية شرح، في تقرير صادر عن "مؤسسة بروكينغز" في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن الوجود العسكري في قاعدة التنف يدعم 3 أهداف للسياسة الأميركية في المنطقة، وهي:
- مواصلة الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية.
- تقويض الأنشطة المدعومة من إيران على طول الجسر البري من إيران إلى لبنان.
- التمتع بنفوذ في المفاوضات المتعلقة بمستقبل سوريا.
الاسم
تسمى القاعدة قاعدة التنف أو حامية التنف، وقد سميت باسم معبر التنف الحدودي القريب منها.
والتنف في لسان العرب "القفر من الأرض"، أي المكان الذي لا ماء فيه ولا نبات ولا إنسان، وسميت المنطقة بهذا الاسم لموقعها في منطقة صحراوية منعزلة.
أعداد القوات
أشار تقرير معهد واشنطن إلى أن القاعدة تضم نحو 100 إلى 200 جندي أميركي، بينما أشارت دراسة صادرة عن مركز حرمون إلى أن عددهم يتجاوز 600 مقاتل من 3 دول هي أميركا وبريطانيا والنرويج، وجلّهم من مشاة المارينز الأميركيين.
أما جنود بريطانيا والنرويج فدورهم يتمثل في الدعم اللوجستي والتدريب القتالي لفصيل مغاوير سوريا.
تاريخ قاعدة التنف
أنشئت القاعدة أول مرة في عام 1991 قبل حرب الخليج الثانية، ثم أغلقت بعد انتهاء العمليات العسكرية في الكويت، وأعيد افتتاحها عام 2003 مع بدء الغزو الأميركي على العراق، فكانت قاعدة لوجستية للقوات الأميركية في كل من محافظتي الأنبار ونينوى، ثم أغلقت بعد سيطرة الولايات المتحدة على العراق.
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على منطقة ومعبر التنف يوم 22 مايو/أيار 2015، حين استطاع فرض سيطرته على مساحات من سوريا، لكن في مارس/آذار 2016 طردت القوات المدعومة من التحالف عناصر التنظيم من المنطقة.
بعد ذلك أعيد افتتاح القاعدة وأصبحت مركزا لتدريب ما أطلق عليه الأميركيون اسم "الجيش الحر المعتدل" أو "جيش سوريا الجديد".
وقد نقلت تقارير إعلامية أن مصادر استخباراتية كشفت في يونيو/حزيران 2017 "عن نصب الجيش الأميركي في القاعدة قاذفة صواريخ طويلة المدى من نوع هايمارس التي قد يصل مداها إلى 300 كيلومتر.
ووفقا لتقارير صدرت عن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بعد مراجعتها لسياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، فإن القواعد الأميركية بما فيها قاعدة التنف ستركز على مواصلة العمليات ضد تنظيم الدولة، إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية.
الهجمات
ذكر تقرير صادر عن معهد واشنطن أن طائرة روسية ضربت القاعدة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2016 مرتين باستخدام الذخائر العنقودية، على الرغم من تحذير أميركي يفيد بوجود قوات من التحالف في المنطقة العازلة.
وفي أبريل/نيسان 2017 هاجم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية جنودا أميركيين، وبعد أسابيع من الحادثة أطلقت إحدى الحركات المدعومة من إيران طائرة مسيرة محملة بقذيفة على القاعدة.
وبين مايو/أيار ويونيو/حزيران 2017 اشتبكت القوات الأميركية مع قوة مؤيدة للنظام السوري مكونة من 60 جنديا في المنطقة العازلة.
وفي فبراير/شباط 2020 قالت قوات المعارضة التي يدربها الأميركيون في القاعدة إنها تصدّت لقوة من العناصر المتحالفة مع إيران بينما كانت تحاول دخول المنطقة، وفق تقرير نشرته صحيفة "ميليتيري تايمز".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 تعرضت قاعدة التنف لهجمات بطائرات دون طيار، لكن لم يعلن عن خسائر، كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من السنة ذاتها استهدف هجوم بطائرات مسيرة قاعدة التنف، واتهمت أميركا إيران بالضلوع في العملية.
وفي يونيو/حزيران 2022 كشفت تقارير إعلامية أن مقاتلات سوخوي الروسية قصفت موقعا بقاعدة التنف، وأتبعت القوات الروسية هذا الهجوم بهجوم آخر في أغسطس/آب 2022 أجهزت من خلاله على مجموعة من المسلحين الذين تدربوا على أيدي القوات الأميركية في التنف.
تكرر الهجوم على القاعدة بالمسيرات في يناير/كانون الثاني 2024، وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024 أعلنت وسائل إعلام سورية عن استهداف قاعدة التنف الأميركية بسرب من المسيرات أدى إلى أضرار في نقطة استطلاع بمعسكر التدريب.