نعيمة المشرقي سيدة المسلسلات التلفزيونية بالمغرب
نعيمة المشرقي فنانة وممثلة مغربية، من أبرز رواد المسرح والسينما والتلفزيون، ولدت بمدينة الدار البيضاء عام 1943 وتوفيت عام 2024، كانت بدايتها في عالم الفن في خمسينيات القرن الـ20 على خشبة مسرح الهواة، في وقت كانت فيه مشاركة النساء في الفن أمرا نادرا.
بدأت نعيمة المشرقي مسيرة الاحتراف مع الفنان المغربي الراحل الطيب الصديقي، إذ قدمت معه مسرحيات ناجحة.
بدأت علاقتها مع كاميرا السينما عام 1962 مع المخرج الإسباني فرناندو فرنان غوميز في فيلم "انتقام دون ميندو"، ثم توالت أعمالها السينمائية، فكانت وجها بارزا في الفن السابع والتلفزيون.
تركت إرثا فنيا مهما ينهل من تيمة الإنسان والمجتمع، وحازت في مسارها الفني الطويل جوائز وتكريمات عديدة، من أبرزها توشيحها عام 2012 من طرف الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط.
ولادة ونشأة نعيمة المشرقي
ولدت نعيمة المشرقي في مدينة الدار البيضاء سنة 1943، ونشأت وترعرعت بين درب السلطان والمدينة القديمة، وتربت في أسرة محافظة على التقاليد والعادات، وهو ما أثر على اختياراتها الفنية، إذ كانت أدوارها وأعمالها تتلاءم مع رؤيتها للفن بوصفه رسالة تربوية وتوعوية.
في عام 1958 انضمت إلى دورات تدريبية على المسرح نظمتها وزارة الشباب والرياضة بمركز الفن الدرامي في المعمورة بالعاصمة الرباط لتدريب الهواة تحت إدارة الفنان الفرنسي بيير لوركا، وفيها تعلمت قواعد وأدوات الفن المسرحي.
تزوجت في سبعينيات القرن الـ20 بالمخرج والفنان عبد الرحمن الخياط الذي ساعدها على صقل موهبتها، وأنجبت 3 أبناء هم هشام وبسمة وياسمين.
المسار الفني لنعيمة المشرقي
كانت بدايتها الفنية في خمسينيات القرن الـ20 على خشبة المسرح، إذ سمح لها والدها وهي طفلة بالمشاركة في مسرحية أدت فيها دور ابنة سيدة تبكي، فظلت تبكي إلى حين انتهاء العرض وعودتها إلى البيت.
قدمت مع فرقة المعمورة أولى تجاربها، وهي مسرحية "كاليكولا" للمخرج الراحل مصطفى التومي، ثم مسرحية "البغلة المسحورة" للمخرج شارل نوغيس، و"ألعاب الحب والصدفة" للمخرج الطيب الصديقي، ثم اشتغلت مع فرق فنية أخرى، من بينها فرقة البساتين ومسرح الأنس.
دخلت عالم الاحتراف عام 1962 بعد انضمامها إلى فرقة المسرح الوطني محمد الخامس في الرباط، وكان الصديقي هو مدير الفرقة، وشاركت معه في أعمال مسرحية كان لها صدى كبير، من بينها "السيدة كوديفا" و"المغرب واحد" و"مولاي إسماعيل" و"سلطان الطلبة" و"مدينة النحاس"، وغيرها.
وقفت لأول مرة أمام كاميرا السينما عام 1962 في الفيلم الإسباني الطويل "انتقام دون ميندو" لمخرجه فرناندو فرنان غوميز، وهو كوميديا اجتماعية ذات طابع مسرحي، وبعدها شاركت في فيلمين طويلين آخرين، الأول مغربي وعنوانه "حديث الأجيال" للمخرج عبد الرحمن خياط، والآخر فرنسي إسباني إيطالي مشترك بعنوان "الدار البيضاء.. عش جواسيس" للمخرج الفرنسي آنري دوكوان، وهو دراما بوليسية.
توالت أدوارها مع أهم المخرجين المغاربة في أفلام كانت لها بصمة في تاريخ السينما المغربية، منها:
- عرس دم، لسهيل بن بركة.
- أيام شهرزاد الجميلة، لمصطفى الدرقاوي.
- حجر الصحراء الأزرق، لنبيل عيوش.
- فرسان المجد، لسهيل بن بركة.
- البحث عن زوج امرأتي، وللا حبي، وجارات أبي موسى، لمحمد عبد الرحمن التازي.
- وبعد، لمحمد إسماعيل.
- دم وماء، لعبد الإله الجوهري.
وكانت آخر إطلالاتها على الشاشة الفضية في فيلم "دوار الدوم" لعز العرب العلوي لمحارزي، و"دموع الرمال" للمخرج عزيز السالمي، كما كان لها حضور في أفلام أجنبية، إذ شاركت في أزيد من 20 فيلما إيطاليا وفرنسيا.
أما شاشة التلفزيون فقد ظهرت فيها لأول مرة عام 1964، إذ أدت أول دور نسائي في سلسلة "رام دام"، ثم مثلت في أوائل الأعمال التلفزيونية المغربية، مثل مسلسل "التضحية" ومسلسل "المنحرف".
وشاركت بعدها في أكثر من 100 عمل تلفزيوني حتى لقبت بـ"سيدة الأعمال التلفزيونية"، ومن أشهرها مسلسلاتها:
- أولاد الحلال، لمحمد حسن الجندي.
- عز الخيل مرابطها، وأولاد الناس، لفريدة بورقية.
- الغالية، لرضوان القاسمي وأحمد بوعروة.
- دار الضمانة، لمحمد علي المجبود.
كانت لها تجربة مميزة في البرامج التلفزيونية، إذ قدمت بين سنتي 2000 و2004 البرنامج التعليمي والتثقيفي "ألف لام" على القناة الأولى، وأدت فيه دور "لالة فقيهتي"، وحقق هذا البرنامج -الذي كان يهتم بمحاربة الأمية وعرض قصص وحكايات شعبية- حينها متابعة مهمة لأنه جمع بين المتعة والإفادة.
كما كانت لها تجربة مماثلة في القناة الثانية من خلال البرنامج التلفزيوني الاجتماعي "أمي الحبيبة"، والذي بدأ بثه سنة 2015 واستمر مواسم عدة، وسجلت حلقاته نسب مشاهدة عالية، وكانت تحكي فيه بصوتها المميز قصص أمهات في وضعيات صعبة وقاسية.
وكان آخر ظهور فني لها عام 2019 في الفيلم التلفزيوني "التكريم"، وهو دراما اجتماعية كوميدية من إخراج حميد زيان، ولعبت نعيمة بطولتها مع الفنان محمد خيي، ثم مسلسل "الزعيمة" لمخرجه علاء أكعبون وبطولة مريم الزعيمي ومحسن مالزي ويونس ميكري وآخرين.
العمل المدني
كان للفنانة نعيمة المشرقي اهتمام بالقضايا التي تهم النساء والأطفال، وشاركت في العديد من الفعاليات والأنشطة الحقوقية.
عينت سفيرة للنوايا الحسنة لدى صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، ومستشارة لدى المرصد الوطني لحقوق الطفل.
تم تعيينها عضوة في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري -وهي الهيئة المخولة بتنظيم البث الإذاعي والتلفزي في المملكة- في الفترة بين 2012 و2018.
وشغلت مهمة رئيسة مساعدة في النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، إلى جانب عضويتها في لجان تحكيم عدد من المهرجانات المسرحية والسينمائية والتلفزيونية.
جوائز وتوشيحات
توجت طوال مسيرتها الفنية بالعديد من الجوائز، من بينها جائزة أحسن أداء صوتي في مسلسل "أمينة" بمهرجان الإذاعات العربية في القاهرة سنة 1998، وجائزة أفضل ممثلة بمهرجان السينما العربية في مالمو سنة 2021 عن دورها بفيلم "خريف التفاح" للمخرج محمد مفتكر.
ووشحها الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط في الذكرى الـ13 لعيد العرش سنة 2012.
الوفاة
توفيت نعيمة المشرقي يوم السبت 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن عمر ناهز 81 عاما في مدينة الدار البيضاء.
ونعاها فنانون ومثقفون ومسؤولون، منهم وزير الثقافة الذي قال إنها كانت "رمزا للفن المغربي وأثرت الساحة الفنية بأعمالها الخالدة التي ستظل شاهدة على إبداعها وتفانيها".
وقال عنها رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية مسعود بوحسين إنها "فنانة وإنسانة ومثقفة استثنائية".