مدينة صور اللبنانية عراقة تعود للعهد الفينيقي
مدينة صور رابع أكبر مدينة لبنانية، تقع في ساحل البحر الأبيض المتوسط، تأسست في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت واحدة من أهم حواضر العالم في العهد الفينيقي. تعاقبت عليها الحضارات والأمم، وأصبحت جزءا من دولة لبنان عام 1920.
الموقع الجغرافي
صور مدينة لبنانية ساحلية، تبعد حوالي 83 كيلومترا جنوب العاصمة بيروت، ترتفع عن سطح البحر نحو 10 أمتار، وتمتد على مساحة تُقدَّر بـ6.75 كيلومترات مربعة.
يحدها من الشمال قضاء صيدا-الزهراني، ومن الشرق قضاء بنت جبيل، ومن الجنوب الحدود المشتركة مع فلسطين ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط.
تسمية مدينة صور
اشتق اسم "صور" من الجذر الفينيقي "صُر"، الذي يعني "الصخرة"، وفي ذلك إشارة إلى الصخرة التي بنيت عليها المدينة.
ويعود أقدم ذكر مكتوب لاسم مدينة صور إلى رسائل "تل العمارنة" المصرية، وقد ذكر فيها اسم صور بـ"سورّو". كما ذكرت في النقوش الآشورية باسم "سور".
التاريخ
تأسست المدينة في الألف الثالث قبل الميلاد، وتكونت من قرية مزدوجة، جزؤها الأول على الساحل والآخر على جزر صخرية تقابل الشاطئ.
وقد وصلت المدينة إلى عصرها الذهبي في القرن العاشر قبل الميلاد، حين أصبحت تحت حكم الملك حيرام الأول، الذي وسّعها وطوّر بنيتها التحتية، ووصل الجزر المحيطة بها بالمدينة على الشاطئ.
وقد أشار الباحثون إلى أن صور كانت من أشهر حواضر العالم في الحقبة الفينيقية، إذ كانت مركز التجارة البحرية، وساهم بحّارة المدينة ببناء مستعمرات في جميع أنحاء الشواطئ المطلة على البحر الأبيض المتوسط مثل قرطاج، التي تأسست على يد الأميرة الفينيقية إليسار.
خلال القرون التالية واجهت المدينة تحديات عديدة من القوى الكبرى في المدينة، وحاصرها الآشوريون والبابليون، وكذا الإسكندر الأكبر، ثم تمكن من احتلالها بعد حصار دام 7 أشهر، وذلك عام 332 قبل الميلاد.
ومع الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، استمرت المدينة في الازدهار تحت الحكم الأموي والعباسي، ثم احتلها الصليبيون عام 1124م، وعادت بعدها إلى سيطرة الممالك عام 1291م.
في بداية القرن السادس عشر دخلت صور تحت حكم الدولة العثمانية عندما توسعت هذه الإمبراطورية لتشمل معظم الأراضي في منطقة الشام، وذلك بعد معركة مرج دابق عام 1516م.
وخلال تلك الفترة بقيت صورة مدينة ساحلية صغيرة نسبيا، لكنها لم تستعد مكانتها السابقة، ولم تشهد تطورا في تلك الحقبة.
وبعد الحرب العالمية الأولى أصبحت صور جزءا من دولة لبنان التي أسسها الفرنسيون عام 1920.
الاقتصاد
أدى اقتصاد المدينة دورا مهما في تطورها وازدهارها، فقد اشتهرت بصناعة المنتجات اليدوية الفاخرة، كما تميزت بتجارتها البحرية.
ومن أبرز صناعاتها الأرجوان أو الصبغة الأرجوانية، المستخرجة من أصداف الموريكس البحرية، واستخدمت لاحقا رمزا للملوك والأباطرة في العالم القديم.
كما اشتهرت المدينة بصناعة الزجاج الشفاف والنسيج والأعمال الحرة التي جذبت التجار من مناطق بعيدة مثل مصر وبلاد ما بين النهرين.
وبحكم موقعها الجغرافي على البحر المتوسط أصبحت مركزا تجاريا دوليا في العهود القديمة وصدر الفينيقيون عن طريقها الأقمشة المصبوغة والزجاج إلى مختلف دور العالم.
معالم مدينة صور الأثرية
تحتضن مدينة صور عددا من المعالم الأثرية التي تظهر تعاقب الحضارات عليها، ومنها:
- الآثار الرومانية والبيزنطية: إذ تحتوي على مجمعات سكنية وحمامات عامة، وحوض سباحة روماني، ومجمعات رياضية، وشوارع مرصوفة بالفسيفساء، التي تعود جميعها إلى العصرين الروماني والبيزنطي. كما تم العثور في سواحلها على بقايا مرفأ فينيقي قديم.
- الهيبودروم الروماني: ثاني أكبر ميدان سباق عربات في العالم القديم، ويبلغ طوله 480 مترا وكان يتسع لنحو 30 ألف مشاهد.
- كاتدرائية صور الصليبية: بناها الصليبيون باستخدام أعمدة من الغرانيت الأحمر وأحجار رومانية قديمة.
- محمية شاطئ صور الطبيعية: تمتد على مساحة 3.8 كيلومترات مربعة، وتشتهر بتنوعها البيئي، إذ تجمع بين الكثبان الرملية والشاطئ البحري وبساتين الحمضيات المحيطة بها. وتعد من أكبر الشواطئ الرملية في لبنان وأبرز مناطق الجذب السياحي.