حي التفاح بغزة.. تاريخ من الصمود ضد الاحتلال الإسرائيلي
حي يقع شرق مدينة غزة، وشمال تلة غزة القديمة، ويمتد على مساحة 2843 دونما (الدونم يعادل ألف كيلومتر مربع)، ويعود سبب تسميته إلى فترة الدولة العثمانية، حيث كانت تكثر زراعة أشجار التفاح التي تميز المنطقة بزهورها الجميلة ورائحتها العطرة.
شهد حي التفاح صمودا طويلا أمام موجات الاحتلال، إذ تعرض لهجمات عدة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها في أعوام 1993 و2004 و2014 و2024.
موقع حي التفاح ومساحته
يقع حي التفاح شرق مدينة غزة، شمال تلة غزة القديمة، وتبلغ مساحته 2843 دونما، وينقسم إلى جزء شرقي وآخر غربي، ويفصل بينهما شارع صلاح الدين، أحد الشوارع الرئيسية في قطاع غزة.
سبب تسميته
سمي الحي بهذا الاسم نظرا لكثرة زراعة أشجار التفاح به في الفترة العثمانية، إذ كانت تسحر أعين زائريها بزهرها الثلجي اللون، ورائحتها الزكية، وقد أطلق عليه قديما اسم "حكر التفاح"، نسبة إلى نُزل كان موجودا فيه يحمل الاسم نفسه.
سكان حي التفاح
بلغ عدد سكان حي التفاح حتى عام 2015 حوالي 37 ألف نسمة، ومن بين العائلات التي تقطن الحي آل حسين وآل مرزوق وآل بستان وآل الريس وآل حمادة وعائلة البكر وآل الشوا وآل غزال وغيرهم.
تاريخ الصمود
تشير الآثار القديمة الموجودة في حي التفاح إلى وجود بشري منذ قرون، من العصر المملوكي، مرورا بفترات الحروب الصليبية، حتى الحرب العالمية الأولى.
وبحسب "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، فقد انتهجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1992 سياسة هدم منازل الفلسطينيين، مستخدمة الصواريخ المضادة للدبابات، بناء على الاشتباه بوجود شباب مطلوبين فيها، ووصلت إلى حد تدمير حي التفاح بأكمله في أبريل/نيسان 1993.
وفي عام 2004 تعرض الحي للقصف من قبل مروحيات تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في إطار الاشتباكات مع كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في سياق معركة "أيام الغضب".
وقد اشتدت الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية عام 2009 في حي التفاح، وتركز القصف المدفعي العنيف والعشوائي في محيط الحي وحي الزيتون، مما أدى لسقوط شهداء وجرحى جراء الهجمات الإسرائيلية.
أما في عام 2014 في إطار حرب "العصف المأكول"، فقد أعلنت كتائب القسام أنها قتلت 14 جنديا من قوات الاحتلال الإسرائيلي في كمين محكم معد مسبقا شرق حي التفاح.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، قصفت طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي مناطق عدة في قطاع غزة، من بينها "مسجد الودود" في حي التفاح وبعض منازل المواطنين في الحي.
وفي عام 2023، وفي سياق عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول على مستوطنات غلاف غزة، شهد حي التفاح معارك عنيفة بين كتائب القسام وجيش الاحتلال الإسرائيلي، استهدفت فيها الكتائب آليات ودبابات الاحتلال، وتمكنت من قتل عشرات الجنود الإسرائيليين.
وفي مطلع عام 2024، كشف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، عن نبش جيش الاحتلال الإسرائيلي قرابة 1100 قبر في مقبرة حي التفاح، مضيفا أن آليات الاحتلال "جرفتها وأخرجت جثامين الشهداء والأموات منها".
وقد وصلت في مارس/آذار 2024 شاحنات محملة بالمساعدات الغذائية إلى مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في حي التفاح، تحمل معلبات ومواد غذائية لم تكن موجودة منذ بدء الحرب.
واستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي في أبريل/نيسان 2024 الحي، موقعا شهداء وجرحى فلسطينيين من ضباط وأفراد شرطة ومواطنين، بحسب وزارة الداخلية الفلسطينية.
وفي يونيو/حزيران 2024، استشهد العديد من أبناء حي التفاح إثر غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على بعض منازل مواطني الحي، مما أدى لتدميرها بشكل كامل، وتضرر لمنازل أخرى مجاورة.
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي حي التفاح، مما أدى لسقوط 4 شهداء فلسطينيين وإصابة آخرين.
أبرز معالم حي التفاح
- مقبرة الإنجليز
تقع مقبرة الإنجليز في حي التفاح، وهي المقبرة الثانية للإنجليز في فلسطين من حيث المساحة بعد مقبرة بئر السبع، وتبلغ مساحتها 40 دونما، وقد أسستها هيئة قوات التحالف "الكومنولث البريطاني"، أثناء احتلال فلسطين عام 1917.
تضم المقبرة 3217 قبرا لقادة مشاة وقادة سلاح المظليين والطيران، وجنود من جنسيات متعددة منها الأسترالية والنيوزلندية والهندية، ويوجد به ضريح جماعي للهنود المسلمين والهندوس.
- جامع علي بن مروان
يعود أصل جامع علي بن مروان للعصر المملوكي، ويمتد على مساحة 320 دونما، وتجاوره مقبرة سميت باسمه تضم شواهد قبور تاريخية.
وقد أنشئ المسجد عام 1371م، وجرت عليه الكثير من التجديدات والإضافات، وسمي نسبة إلى الشيخ علي بن مروان، صاحب الضريح الموجود أسفل القبة الملحقة بالمسجد.
- مقام ابن مروان
يتكون المقام من غرفة واحدة تقع إلى الجنوب الغربي من مسجد علي بن مروان، ويصل ارتفاعها إلى 5 أمتار تعلوها قبة الضريح، ويوجد داخلها قبر الشيخ علي بن مروان، وهو من المغرب وينتمي لعائلة الحساني، وأتى إلى غزة في بداية عهد المماليك، وتوفي عام 1314م.
كما يعج حي التفاح بمعالم أثرية أخرى، أبرزها مسجد "الأيبكي"، الذي يحتوي على بلاطة رخامية تعود لسنة 751 هجرية. وتوجد أيضا مقبرة "التمرتاشي"، ومنطقة المشاهرة، وتقع إلى شمال الحي مقبرة للشهداء المسلمين الذين قتلوا في الحروب الصليبية.