"نيهون هيدانكيو" منظمة يابانية تسعى لإنصاف ضحايا القنبلة الذرية الأميركية
نيهون هيدانكيو منظمة يابانية أسسها عام 1956 ناجون من القنبلتين الذريتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة الأميركية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي عام 1945. تدعو المنظمة إلى تعويضات حكومية للضحايا والناجين، وتنادي بحظر السلاح النووي.
تم الاعتراف بها دوليا عام 2001، وشاركت في عدد من الأنشطة في الأمم المتحدة وبلدان آسيوية وأوروبية، وفازت يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 2024 بجائزة نوبل للسلام اعترافا بجهودها في مجال مكافحة الأسلحة النووية.
التسمية
الاسم الكامل للمنظمة هو "الاتحاد الياباني لمنظمات ضحايا القنبلة الذرية والهيدروجينية"، وتعرف أيضا باسم "هيبكوشا"، وهي لفظة يابانية تطلق على المتضررين من القنبلتين الأميركيتين.
لمنظمة نيهون هيدانكيو فروع في كل المحافظات اليابانية، ولديها مكتب استشاري مركزي، وهي المنظمة الوحيدة -غير الرسمية- التي تعنى بشؤون الناجين من القنبلة الذرية.
التاريخ
أثناء الحرب العالمية الثانية وتحديدا يوم 6 أغسطس/آب 1945 ألقت أميركا قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية وانفجرت فوق المدينة بنحو 600 متر، وأدت إلى مقتل نحو 140 ألف مدني ودمار كلي في المدنية.
وبعد 3 أيام، وفي صباح يوم 9 أغسطس/آب 1945، ألقى الأميركيون قنبلة ثانية على مدينة ناغازاكي، مما أدى إلى تدمير كبير ومقتل نحو 70 ألف شخص.
لم يقتل جميع سكان المدينتين، ونجا أشخاص عرفوا لاحقا باسم "هيبكوشا"، وهي كلمة استخدمت بشكل مخصص للأشخاص الذين تأثروا بالقصف الذري عام 1945.
تعرض الناجون لمخاطر كبيرة مثل احتمال الموت المبكر من السرطان والأمراض الأخرى التي تسببها الإشعاعات النووية، كما تعرضوا لما يسمى بـ"سرطانات أولية متعددة" وهي أورام خبيثة تحدث بشكل مستقل في أكثر من موقع بالجسم.
وأصيب عدد من الناجين بمتلازمات خلل النسيج النقوي، وهو فشل في نخاع العظام غالبا ما يتطور إلى سرطان الدم النخاعي الحاد.
لم يتوقف ما تعرض له الناجون عند حد المرض، بل تعداه إلى الفقر والتمييز العنصري من المجتمع، وبقوا يعانون في صمت، إلى أن تعرضت سفينة صيد يابانية لتلوث إشعاعي نتيجة تجربة الولايات المتحدة الأميركية للقنبلة الهيدروجينية في جزيرة بيكيني أتول.
وأدى هذا الحدث إلى تصاعد حركة مناهضة الأسلحة النووية وشجع الناجون على بدء تنظيم أنفسهم في منظمة للمطالبة بحقوقهم.
تشكيل نيهون هيدانكيو
يوم 10 أغسطس/آب 1956 أسس الناجون "الاتحاد الياباني لضحايا القنبلة الذرية" في مدينة ناغازاكي، وكان ذلك أثناء المؤتمر العالمي الثاني لحظر الأسلحة النووية، ونشر الاتحاد الإعلان الأول الذي سماه "تحية للعالم"، وأكد فيه على المطلب الأساسي للضحايا، وهو حظر الأسلحة النووية، كما شدد على ثلاثة مطالب وهي:
- تعويض ضحايا القنبلتين الأميركيتين.
- إنشاء نظام للرعاية الصحية يتكفل بهؤلاء الضحايا.
- البحث عن علاج جذري للأمراض المرتبطة بالإشعاعات النووية.
قانون الرعاية الطبية لضحايا القنبلة الذرية
أدى نشاط المنظمة إلى ضغط شعبي نتج عنه سن قانون لدعم الضحايا عام 1957، عُرف باسم "قانون الرعاية الطبية لضحايا القنبلة الذرية"، ويعدّ القانون أول استجابة رسمية من الحكومة اليابانية لمطالب الناجين.
وبموجب القانون أصبحت الدولة مسؤولة عن تكاليف الفحوصات الطبية والعلاج لضحايا القنبلة المعترف بهم رسميا، وتركزّ القانون على الجوانب الطبيبة من دون التعرض لجوانب الحياة الأخرى.
في منتصف الستينيات من القرن العشرين حدثت انقسامات في المنظمة إلا أنها بقيت عند مطالبها، فأصدرت سنة 1966 وثيقة بعنوان "الخصائص الخاصة لأضرار القنبلة الذرية ومطالب قانون دعم الضحايا".
وأوضحت الوثيقة الأضرار التي تسببت بها القنبلة الذرية وأثرها على الضحايا، وطالبت بوضع قانون لدعم الضحايا يقوم على التعويضات الوطنية، ورافقت المطالبات سلسلة من الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات.
مما أدى إلى سن قانون آخر عام 1968، وهو "قانون الإجراءات الخاصة"، الذي بدأ بتقديم مجموعة من الإعانات مثل بد ل الرعاية الصحية، من دون الاعتراف بمسؤولية الدولة عن أضرار القنبلة، ومن دون أن يتضمن أي تعويضات للأسر أو الضحايا.
استمرت نيهون هيدانكيو في المطالبة بسن قانون للدعم قائم على التعويضات الوطنية، لذا أصدرت عام 1974 وثيقة بعنوان "متطلبات قانون دعم ضحايا القنبلة الذرية"، وحددت فيها مطالبها الرئيسية المتعلقة بكيفية دعم الحكومة للضحايا وركزت على أهم المطالب وهو الاعتراف بالتعويضات الوطنية.
حصلت المنظمة على تأييد الحزب الاشتراكي وحزب كوميتو والحزب الديمقراطي الاشتراكي والحزب الشيوعي، من دون تأييد من الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم.
وكان هدف تأييد الأحزاب إعداد مشروع قانون مشترك قائم على التعويضات الوطنية، وقُدم المشروع إلى البرلمان عدة مرات في السبعينيات من القرن العشرين، لكنه واجه مقاومة شديدة من الحزب الحاكم والحكومة ورفضا اعتماده.
لجنة القضايا الأساسية لضحايا القنبلة الذرية
في عام 1977 نظمت الأمم المتحدة ندوة دولية حول قضية ضحايا القنبلة الذرية، وركزت على الحديث عن حجم الأضرار التي لحفت بالضحايا، واستجابة للرأي العام أنشأت الحكومة اليابانية عام 1979 لجنة للعناية بالقضايا الأساسية لضحايا القنبلة الذرية.
قدمت اللجنة عام 1980 توصياتها بعد الدراسة، مفاجئة الجميع برفضها التعويضات، إذ نص رأيها على أن "أضرار الحرب يجب أن يتحملها جميع المواطنين بالمساواة"، مسقطة بذلك حق الضحايا والناجين بالتعويضات.
بعد ذلك أصدرت نيهون هيدانكيو عام 1984 بيانا عبرت فيه عن "المطالب الأساسية لضحايا القنبلة الذرية"، وركز البيان على الأضرار الناجمة عن القنابل ووصف السلاح الذري بأنه سلاح "إبادة" يجب حظره.
عززت منظمة نيهون هيدانكيو مطالبها من خلال حملات شعبية تتمثل في جمع توقيعات وطنية لدعم القانون، وتوقيعات أعضاء البرلمان، وقرارات من المجالس المحلية.
أسفرت هذه الحملات عن تحرك برلماني واسع، فقدمت جميع الأحزاب السياسية المعارِضة "مشروع قانون مشتركا للتعويضات الوطنية".
في عامي 1982 و1992 وافق مجلس الشيوخ الياباني على القانون لكن لم يُحول بسبب مقاومة الحزب الحاكم.
في عام 2001 أصدرت المنظمة "إعلان القرن الواحد والعشرين لضحايا القنابل الذرية" للتعبير عن التزامها المستمر بالنضال من أجل عالم خالٍ من الأسلحة الذرية، وضمان عدم تكرار ما حدث، وجاء الإعلان دعوة لتحرك دولي للقضاء على الأسلحة النووية.
دعاوى قضائية جماعية للاعتراف بأمراض الإشعاع
على الرغم من سن قانون الرعاية الطبيبة، إلا أن الاعتراف بوجود أمراض إشعاعية كانت له معايير صارمة، وعلى مر عقود قدم عدد من الناجين طلبات للاعتراف بإصابتهم بأمراض مرتبطة بالإشعاع، إلا أن طلباتهم رفُضت.
لذا رفعت منظمة نيهون هيدانكيو دعاوى قضائية جماعية في جميع أنحاء اليابان، وكسبت عددا منها.
في عام 2007 -وتحت ضغط القضايا والأحكام- طلب رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي من وزارة الصحة مراجعة نظام الاعتراف بالأمراض، مما أدى إلى تبني "سياسة جديدة للاعتراف بالأمراض" عام 2008.
الدور الدولي
ساهمت نيهون هيدانكيو في عدد من الأنشطة الدولية عام 1957، فقد أرسلت وفدا إلى الاتحاد السوفياتي والصين ومنغوليا، كما نظمت جولات في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والنمسا للتحدث عن معاناة الناجين.
كما شاركت عام 1958 في مؤتمر ستوكهولم العالمي للشباب والطلاب، وكذلك في المؤتمر الدولي ضد التجارب النووية في جنيف. وفي عام 1961 أرسلت وفدا إلى عدد من الدول الأوروبية وكذلك إلى المؤتمر الآسيوي الأفريقي للسلام في الهند وسريلانكا.
وفي عام 1975 شارك رئيس المنظمة في وفد شعبي زار الأمم المتحدة وطالب بإبرام معاهدة دولية لحظر الأسلحة النووية، كما قدمت المنظمة في العام التالي تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول الأضرار الناجمة عن القصف، ودعت إلى عقدة ندوة دولية بشأن ذلك.
وفي عام 1974 شارك 41 عضوا من المنظمة في جلسة الأمم المتحدة الأولى الخاصة لنزع السلاح النووي، وقدموا شهاداتهم حول تجربتهم مع ما نتج عن القنبلة النووية.
عام 1982 أرسلت المنظمة وفدا إلى جلسة الأمم المتحدة الخاصة الثانية لنزع السلاح، وتحدث رئيس الوفد في الجمعية داعيا إلى إنهاء الحروب والأسلحة النووية.
الاعتراف الدولي
سُجّلت نيهون هيدانكيو عام 2001 منظمة غير حكومية تابعة للأمم المتحدة، وبعد عدة أعوام نظمت في مقر الأمم المتحدة معرضا لزيادة الوعي بأضرار القنابل الذرية.
شاركت المنظمة عام 2010 في المؤتمر الاستعراضي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية مرة أخرى، ونظمت معرضا في الأمم المتحدة، ولقيت كلمات الناجين استقبالا حارا وصفق لها الحضور طويلا واقفين.
أهداف منظمة نيهون هيدانكيو
- المطالبة بإلغاء الأسلحة النووية وتعويض الضحايا عن أضرار القنبلة الذرية.
- تنظيم حملات للضغط على الحكومة اليابانية والأمم المتحدة وحكومات الدول الأخرى.
- السعي إلى إلغاء الأسلحة النووية وتدميرها، وتوقيع المعاهدات الدولية الخاصة بإلغاء الأسلحة النووية وتنظيم المؤتمرات الدولية.
- سن قوانين لحظر الأسلحة النووية وتعديل قانون دعم ضحايا القنابل الذرية ليشمل التعويضات الحكومية وتعزيز إجراءات دعم الناجين.
- نشر الحقائق المتعلقة بتأثير القنبلة الذرية في الداخل والخارج.
- إجراء البحوث والدراسات عن أضرار القنبلة الذرية.
- تقديم الاستشارات والدعم للناجين من القنبلة الذرية.
جوائز وتكريمات
فازت المنظمة بجوائز وتكريمات، أبرزها:
- جائزة المكتب العالمي للسلام عام 2003.
- جائزة تمنحها القمة العالمية لحاملي جائزة نوبل للسلام، وهو منتدى عالمي للفائزين بهذه الجائزة تأسس في تسعينيات القرن الـ20، ومنحت لها الجائزة عام 2010.
- جائزة نوبل للسلام عام 2024.