الحزب النازي الألماني.. صعد مع هتلر ومات بانتحاره
تأسس الحزب النازي الألماني عام 1920 بعد سنتين من الهزيمة الألمانية في الحرب العالمية الأولى، وتمكن من الوصول لقيادة البلاد عام 1933 بعد حصوله على الأغلبية البرلمانية، وتولى أدولف هتلر رئاسة البلاد عام 1934، واستمر الحزب حاكما للبلاد حتى عام 1945، ثم انطفأ نجمه بعد دخول الحلفاء ألمانيا وسيطرة الاتحاد السوفياتي على برلين وانتهاء الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا.
التأسيس والنشأة
انتشرت في ألمانيا حالة من الركود الاقتصادي والبطالة بسبب اتفاقية فرساي التي وقعتها الحكومة الألمانية المهزومة عام 1918 في الحرب العالمية الأولى، إذ ألزمت الاتفاقية برلين بأن تدفع 132 مليار مارك ألماني للحلفاء المنتصرين في الحرب.
أفضى ذلك إلى ثورة اجتماعية في البلاد كان من نتائجها تَشكّل حزب العمال الألماني عام 1919، الذي تحول لاحقا إلى حزب العمال الاشتراكي القومي الألماني، أو الحزب النازي، وهو اسم مشتق من عبارة تعني "القومي الاشتراكي" في اللغة الألمانية، وكُتب برنامج الحزب على يد الاقتصادي الألماني غوتفريد فيدير، وانضم إليه لاحقا أدولف هتلر وعدد من الضباط الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى.
التوجه الأيديولوجي
اعتمد الحزب أيديولوجيا على مزيج من القومية المتطرفة والاشتراكية الوطنية، مع التركيز على ضرورة توحيد الأمة الألمانية وإعادة تأكيد هيمنتها في أوروبا، إضافة إلى دعوته إلى إلغاء معاهدة فرساي، التي اعتبرها إهانة وظلما لألمانيا.
اقتصاديا ركز الحزب النازي على سياسات اقتصادية مركزية قائمة على التحكم، مع التأكيد على التوجه نحو الاكتفاء الذاتي والبرامج الضخمة للبناء والتوظيف، وخاصة خلال فترة الكساد الكبير التي سببها انهيار سوق الأسهم في نيويورك، كما سعى الحزب إلى تحقيق استقلال اقتصادي كامل لألمانيا من خلال سياسات التسلح وإعادة البناء الاقتصادي.
على الصعيد الاجتماعي، سعى الحزب النازي لإعادة هيكلة المجتمع الألماني وفقا لمبادئه العرقية والأيديولوجية، إذ تم تشجيع القيم التقليدية مثل العائلة والولاء للدولة، ولكن في سياق شديد التحكم والقمع، خاصة ضد الأقليات والجماعات التي اعتبرها الحزب "غير مرغوب فيها"، إضافة إلى ترويجه لفكرة تفوّق العرق الآري على بقية الأعراق كونه حسب معتقدات الحزب "العرق ذا السيادة".
المسار السياسي
بدأ الحزب النازي (حزب العمال الاشتراكي القومي الألماني) مساره السياسي بشكل محدود في الساحة السياسية بعد الحرب العالمية الأولى، حيث لم يحقق في الانتخابات الألمانية عام 1928 إلا 2.6% من الأصوات، لكن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، بدأت تزداد شعبيته بسبب برامجه الاقتصادية، إذ استطاع عام 1930 الحصول على 18% من الأصوات.
وأصبح الحزب لاحقا أكبر حزب في الرايخستاغ (البرلمان الألماني) عند فوزه بحوالي 37% من الأصوات في انتخابات يوليو/تموز 1932، واستمر في كسب دعم الشعب الألماني في ظل ظروف اقتصادية صعبة وحالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
في يناير/كانون الثاني 1933 عين الرئيس بول فون هيندنبورغ أدولف هتلر (زعيم الحزب) مستشارا لألمانيا، ولكن بعد وفاة هيندنبورغ عام 1934، دمج قادة الجيش منصبي الرئيس والمستشار، مما جعل هتلر الحاكم المطلق لألمانيا، وحوّل بعدها الحزبُ ألمانيا إلى دولة الحزب الواحد، حين ألغى هتلر جميع الأحزاب الأخرى وقمع الحريات السياسية والمدنية، وسيطر على وسائل الإعلام والتعليم، وذلك إثر إعلان مجلس الوزراء حالة الطوارئ في عموم البلاد في فترة أُطلق عليها اسم "الرايخ الثالث".
انتهى مسار الحزب عند نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث انتحر هتلر ودخلت قوات الاتحاد السوفياتي برلين يوم 2 مايو/أيار 1945 وتم حظر الحزب وإعلانه "تنظيما إجراميا" وحوكم قادته في محاكمات نورمبرغ.
محاكمات نورمبرغ
عقدت محكمة نورمبرغ في مدينة نورمبرغ الألمانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية (1945-1946)، وكانت محاكمات عسكرية نُظمت من قبل الحلفاء المنتصرين لمحاسبة قادة النظام النازي، حيث تمت محاكمة 24 من مسؤولي الحزب، ووجهت إليهم تهم تتعلق بالجرائم ضد السلام وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذه المحاكمات كانت مثالا على تطبيق مبدأ "المسؤولية الجنائية الدولية" إذ حكم على الأفراد بدلا من الدول.
شملت المحاكمات كبار قادة الحزب النازي مثل هيرمان غورينغ ورودولف هيس مساعدي هتلر، وأسفرت عن إصدار 12 حكما بالإعدام، 3 أحكام بالسجن مدى الحياة، و4 أحكام بالسجن لفترات متفاوتة، بينما تمت تبرئة 3 متهمين.