القدّيس بريفيريوس ناشر الديانة المسيحية في قطاع غزّة

صورة للقديس بريفيريوس في الكنيسة التي تضم قبره بقطاع غزة (الأناضول)

قدّيسٌ يوناني له مكانة خاصة لدى مسيحيي المشرق عمومًا ومسيحيي فلسطين على وجه الخصوص، تولّى منصب أسقف مدينة غزّة وقاد حملة ضد الوثنيين فيها مستعينا بالإمبراطورية البيزنطية، كما بنى كنيسة كبيرة حملت اسمه بعد وفاته.

المولد والنشأة

وُلد القدّيس بريفيريوس عام 347 في مدينة "سالونيك" (تسالونيكي سابقا) شمالي اليونان لأبوين متديّنين من النبلاء، فتلقّى تعليما جيدا ونشأ في وسط ملتزم.

التجربة الفكرية والدينية

تأثّر بريفيريوس بأسرته المتديّنة، وعلى الرغم من ثروته فإنه مال في شبابه إلى الحياة الرهبانية، حيث سافر إلى مصر -التي كانت آنذاك مركزا دينيا كبيرا وموطنا للنسّاك المسيحيين، فأقام فيها بأديرة وادي النطرون والتقى بالعديد من القساوسة هناك.

وتحوّل بعدها بـ5 سنوات إلى البريّة المجاورة لنهر الأردن وأقام ناسكا في إحدى المغارات، إلا أنه أصيب بمرض خطير دفعه للذهاب بعد 5 سنوات أخرى إلى القدس للاستشفاء، وبدأ بعد شفائه تبشير سكانها ودعوتهم إلى قراءة الإنجيل واعتناق المسيحية.

أسقف مدينة غزة

بعد وفاة أسقف مدينة غزّة عام 395، عُيّن بريفيريوس مكانه، وعند وصوله إليها وجد أن المدينة تحتوي على كنيسة واحدة وعدد قليل من المسيحيين، بينما كان فيها 8 هياكل وثنية، كما واجه رفضا شديدا من قبل الوثنيين، فتوجه إلى القسطنطينية مركز الإمبراطورية البيزنطية طالبا العون من الإمبراطور "أركاديوس". إلا أنه لم يلق الدعم الذي أمله منه بداية، حيث خشي الإمبراطور من أن يرحل سكان غزّة عنها فيخسر بذلك ضرائبها ومكوسها، لكنّ زوجته الإمبراطورة "يودوكسيا" شجعت الأسقف.

إعلان

وتذكر المصادر المسيحية أن الإمبراطورة "يودوكسيا" كانت عاقرا، وحين عرف القديس بأمرها دعا لها أن تنجب ذكرا، فوعدته ببناء كنيسة حال تحقق ذلك، وهذا ما حدث. فبعد ولادة الطفل استطاع تشييد كنيسة جديدة كبيرة عام 402، فوق "مرينون" أكبر الهياكل الوثنية وأفخمها، بأمر ودعم مالي من الإمبراطور، وتم تدشينها عام 407 وتسميتها باسم الإمبراطورة بادئ الأمر، ثم حملت اسم القدّيس بريفيريوس بعد وفاته.

كما أصدر الإمبراطور مرسوما يأمر فيه بتدمير المعابد الوثنية في غزّة وإعادة الامتيازات للمسيحيين فيها. وهكذا حلّت الكنائس محلّ الهياكل الوثنية، وانتشرت الديانة المسيحية في المدينة.

GAZA CITY, GAZA - OCTOBER 20: A view of the damaged historical Greek Orthodox Saint Porphyrius Church, where civilians took shelter, after Israeli airstrike in Gaza City, Gaza on October 20, 2023. At least eight people were killed in an overnight Israeli airstrike on the Greek Orthodox Saint Porphyrius Church in Gaza city, which was sheltering hundreds of Palestinians, local media reported on Friday. Civil defense teams and residents continue search and rescue efforts in the church. (Photo by Ali Jadallah/Anadolu via Getty Images)
آثار تدمير كنيسة القديس بريفيريوس عقب تعرضها لقصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي (الأناضول)

كنيسة القديس بريفيريوس

تقع شرق مدينة غزة، وتعد ثالث أقدم كنائس العالم، بنيت بداية القرن الخامس الميلادي، وسميت نسبة للقديس بريفيريوس وتحتضن قبره.

وتبلغ مساحتها 216 مترا مربعا، بنيت بحجارة يبلغ سمكها 1.8 متر، تتكون من جزأين رئيسيين، الأول هو رواق المصلين الذي يسع 500 مصل تقريبا، والثاني هو الهيكل المخصص لأداء الطقوس الدينية.

وبنيت الكنيسة على الطراز البيزنطي، وتزين جدرانها وسقفها المقبب المرفوع على أعمدة رخامية صور ورسومات لشخصيات مسيحية كان لها أثر مهم في التاريخ، إضافة إلى نقوش وتراتيل تروي محاربة القديس بريفيريوس للوثنيين في غزة.

وتآكلت أجزاء من الكنيسة عبر الزمن وتعرضت لأضرار إثر الحروب التاريخية والكوارث الطبيعية التي مرت على المنطقة. واتخذت الكنيسة شكل السفينة بعد ترميمها أواخر العهد العثماني.

وتعرضت الكنيسة يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لقصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على قطاع غزة، مما أدى لأضرار جسيمة لقاعاتها، وهيكلها العام.

الوفاة

اختلف المؤرخون في تاريخ موته، فالبعض يذكر أنه توفي عام 419، بينما يقول آخرون إنه توفي عام 450، إلا أنهم أجمعوا على أنه توفي في مدينة غزّة، وتحتضن الكنيسة قبره في الزاوية الشمالية الشرقية لها.

إعلان
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان