أنطاكيا.. مدينة تركية تعاقبت عليها الدول والحضارات والكوارث

A city view from Antakya, Turkey.; Shutterstock ID 750228268; purchase_order: ajnet; job: ; client: ; other:
مدينة أنطاكيا كانت عاصمة لعدة دول وإمبراطوريات عبر التاريخ (شترستوك)

مدينة أصبحت بعد عام 1939 جزءا من تركيا، تعاقبت عليها الدول والحضارات، وتعتمد في اقتصادها على الزراعة والصناعة والسياحة. شهدت عدة كوارث طبيعية وحروب، كان آخرها زلزال 6 فبراير/شباط 2023 الذي خلف دمارا في العمران والبنى التحتية، إضافة إلى عدد كبير من الضحايا.

التأسيس

تأسست مدينة أنطاكيا قبل الميلاد بقرون، وكانت عاصمة لعدة دول ومهدا للمسيحية، حتى لقبت بـ "عاصمة الكنائس المسيحية" وشهدت أحداثا هامة عبر تاريخها.

الموقع

تقع على الضفة اليسرى لنهر العاصي على مسافة 30 كيلومترا من شاطئ البحر الأبيض المتوسط، فيما يعرف حاليا بمحافظة "هاتاي" التركية.

السكان والمساحة

يبلغ عدد سكان أنطاكيا -حسب آخر إحصائيات رسمية أجريت عام 2021- زهاء 400 ألف نسمة موزعين على مساحة تقدر بـ 15 كيلومترا مربعا.

تاريخ أنطاكيا السياسي والديني

تأسست مدينة أنطاكيا التاريخية عام 310 ق.م، على يد سلوقس الأول وسماها باسم أبيه أنطيوخوس، ولعبت عبر تاريخها أدوارا سياسية ودينية هامة.

وكانت أنطاكيا عاصمة للإمبراطورية السلوقية منذ تأسيسها وحتى عام 64 ق.م، وبعدها سيطرت عليها الجمهورية الرومانية من سنة 64 ق.م إلى أن انهارت سنة 27 ق.م، وأصبحت تحت حكم الإمبراطورية الرومانية من سنة 27 ق.م إلى 395 م ثالث أكبر مدينة في العالم بعد روما والإسكندرية، لتحتلها الإمبراطورية البيزنطية بعد ذلك حتى سنة 637م وتجعلها إحدى أهم مراكزها الثقافية..

أصبحت أنطاكيا جزءا من الأراضى السورية بعد الحرب العالمية الأولى وحتى عام 1939، حين أعادها الانتداب الفرنسي من سوريا إلى تركيا ضمن منطقة لواء الإسكندرون.

وصنفت أنطاكيا بالعهد الروماني ثالث أكبر مدن العالم بعد روما والإسكندرية، ولعبت أدوارا دينية رائدة، ففيها ظهرت الهلنستية اليهودية، كما تأسست طائفة المؤمنين المسيحيين سنة 42 م، وترقت بها حتى لقبت "مهد المسيحية".

وعدت أنطاكيا عاصمة الكنائس المسيحية الشرقية، حتى صنفت كأحد الكراسي الرسولية بعد روما والإسكندرية والقسطنطينية والقدس، لترتقي بعد ذلك إلى ولاية الأسقف.

وتضم حتى الآن أعرق الجماعات المسيحية من أصل عربي، يعرفون بـ "الروم الأنطاكيين" وأتباع الكنيسة البيزنطية ويتكلمون التركية والعربية واليونانية.

وبالموازاة مع كل هذا، فتح المسلمون أنطاكيا مبكرا على يد الصحابي الجليل أبي عبيدة سالم بن الجراح، فأسس بها معالم إسلامية لا تزال قائمة ومن أبرزها مسجد حبيب النجار الذي يرجع تاريخ بنائه إلى عام 638.

الاقتصاد والمعالم

يعتمد اقتصاد أنطاكيا -بشكل أساسي- على الزراعة نظرا لغزارة المياه وخصوبة الأرض، لا سيما في سهل "عميك" فتنتج كميات معتبرة من القمح والأرز والزيتون والعنب والخضراوات والقطن.

كما تعتمد أيضا على بعض الصناعات التحويلية لزيت الزيتون وحبوب القطن والصابون والحرير والأحذية والأدوات المنزلية.

ومن ثم على السياحة، إذ تتمتع أنطاكيا بطبيعة رائعة ومناخ متميز علاوة على ما تضمه من معالم أثرية مثل:

  • متحف هاتاي الأثري، ثاني أكبر مجموعة أثرية رومانية في العالم.
  • سوق الميدان وبركته العريقة.
  • مسجد حبيب النجار الذي يعد أقدم المعالم الإسلامية في المنطقة.
  • كنيسة القديس بطرس، أقدم كنيسة منحوتة في الصخر.
  • دير القديس سيمون، القلعة البيزنطية.

حروب وكوارث شهدتها أنطاكيا

كانت أنطاكيا مسرحا لعدة حروب مدمرة وكوارث طبيعية راح ضحيتها العديد من الأرواح والآثار والممتلكات، فقد تعرضت قديما للغزو الروماني. وحاصرها الصليبيون وارتكبوا فيها مذبحة دامت 3 أيام، راح ضحيتها عدد من السكان.

ومن أهم الكوارث الطبيعية في تاريخ أنطاكيا: زلزال سنة 147 ق.م، وآخر عام 379 ق.م، وثالث سنة 115م الذي خلف الأخير دمارا وضحايا على نطاق واسع.

وقدر بعض الباحثين ضحايا زلزال 115م بحوالي 250 ألف قتيل ومصاب، ويردون ذلك إلى قوة الزلزال والحرائق التي نشبت بعده، وإلى تزامنه مع مهرجان مسيحي سنوي يعقد فيها، مما دفع الإمبراطور حستنيان إلى إنفاق هائل لإعادة بنائها.

وشهدت أنطاكيا زلزالا عنيفا عام 458، وآخر عام 526، ليأتي بعدهما زلزال 1045 الذي قدرت ضحاياه البشرية بزهاء 10 آلاف شخص، وزلزال 1822 الذي قدر الدمار الناجم عنه بحدود 60% من المدينة.

كما ضربها -ضمن مدن تركية أخرى- زلزال في 6 فبراير/شباط 2023، كان عبارة عن هزتين متتاليتين تحطمت جراءهما معالم تاريخية ودينية وأثرية، من ضمنها مئذنة مسجد حبيب النجار وأجزاء من الكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية العريقة، كما حصد آلاف الأرواح، وتدمرت إثره مبان وتعطلت بعض البنى التحتية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية