سد التلول الترابي.. دمر زلزال كهرمان مرعش أجزاء منه فأغرق قرية كاملة
سد التلول الترابي أنشئ حول قرية التلول لحمايتها من ارتفاع منسوب مياه نهر العاصي في الشتاء، إلا أن زلزال كهرمان مرعش أدى إلى انهيار أجزاء من الساتر الترابي، ورافق ذلك ارتفاع كبير في منسوب مياه النهر متحولا إلى طوفان أغرق القرية وأجبر أهاليها على النزوح فجر الخميس 9 فبراير/شباط 2023.
التلول
هي قرية سورية تقع في الريف الشمالي لمحافظة إدلب على الحدود مع تركيا. وتعد آخر نقطة في الأراضي السورية الشمالية قبل الأراضي التركية.
يفصل بين التلول وتركيا نهر العاصي الذي يحيط بالقرية من معظم جهاتها، وقد حولها إلى شبه جزيرة.
والعاصي نهر ينبع من لبنان من منطقة عين الزرقاء، على بعد 10 كيلومترات جنوب الهرمل، ويقطع سوريا وصولا لولاية هاتاي التركية، ثم يصب في البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ طوله 571 كيلومترا، منها 525 كيلومترا في سوريا.
وتختلف غزارة مياه النهر باختلاف موقعه، فتبدأ من 14 مترا مكعبا في الثانية قبل بحيرة قطينة، وتصل إلى 87 مترا مكعبا في الثانية عند أنطاكيا.
وفي الشتاء، تزيد غزارته على نحو كبير، وقد تصل إلى 400 متر مكعب في الثانية أوقات المطر الغزير، كما حدث في فبراير/شباط 2003.
الساتر الترابي
نتيجة لارتفاع منسوب مياه نهر العاصي المحيط بالتلول في الشتاء، قام السكان بالتعاون مع وزارة الري والزراعة قبل الثورة بعدة سنوات (أي قبل 2011) ببناء ساتر ترابي محيط بالقرية مواز للعاصي لا يعترضه، بعرض 3 أمتار، وارتفاع 3 أمتار تقريبا، وامتداد يتماشى مع امتداد النهر حول القرية.
ويهدف الساتر الترابي المعروف باسم "سد التلول" إلى حماية القرية من فيضان النهر خلال الشتاء، إذ إن ارتفاع منسوب مياهه في الشتاء يكون مؤقتا خلال أيام المطر فحسب، فيمنع الساتر الترابي الماء من التسرب إلى التلول.
انهيار الساتر الترابي
لم يسبق أن انهارت أجزاء من الساتر الترابي، أو عانى من تصدع منذ بنائه، وقبل زلزال كهرمان مرعش كان السكان يحرصون على ترميمه باستمرار خلال الصيف ليكون جاهزا للشتاء.
وعادة ما يكون ارتفاع منسوب مياه العاصي مناسبا لارتفاع سد التلول الترابي، مما يمنع حدوث أي فيضانات أو أضرار في القرية.
ولأن الساتر الترابي لا يواجه النهر، وإنما يكون بمحاذاته، فقد منع ذلك أي انهيارات متعلقة بانجراف التربة أو تصدعات في جدرانه.
غير أن حدوث زلزال كهرمان مرعش -فجر الاثنين 6 فبراير/شباط 2023- أدى إلى حدوث تصدعات وانهيار بالتربة من الجهة الغربية للساتر الترابي.
وترافق هذا الانهيار مع عدة عوامل أدت إلى ارتفاع منسوب مياه نهر العاصي، وهي:
- استمرار هطول الأمطار في الفترة التي سبقت الزلزال والفترة التي تلته.
- حدوث تصدعات بجدران سد الرستن نتيجة زلزال كهرمان مرعش، وهو أحد سدود نهر العاصي الضخمة، فقام النظام السوري بفتح السد خوفا من انهياره في حالة حدوث هزات ارتدادية أو زلازل أخرى، مما أدى إلى تدفق كميات كبيرة من المياه إلى العاصي وارتفاع منسوب المياه بشكل كبير.
- سقوط جسر بيتوني ضخم في قرية الجسر التركية التي تقع بين مدينتي الريحانية وأنطاكيا، مما أدى إلى حبس مياه النهر من الجهة السورية، أي أنه شكل سدا مصغرا عمل على ارتفاع منسوب الماء بالجهة التي تسبق الأراضي التركية، أي عند قرية التلول.
وأدت هذه العوامل جميعها إلى تدفق المياه من الجهة المنهارة من السد على نحو كبير. وقد حاول أهالي القرية سد الجزء المنهار من الساتر الترابي عن طريق وضع أكياس ترابية واستخدام آليات لردم الفتحة، إلا أنهم لم يتمكنوا من السيطرة على التدفق الكبير للمياه التي دخلت القرية فجر الخميس 9 فبراير/شباط 2023.
الأضرار
أدى الفيضان الذي أعقب زلزال كهرمان مرعش بـ 3 أيام إلى اجتماع كارثتين على القرية، فقد تهدم أكثر من 20 منزلا على نحو كامل بفعل الزلزال، وتعرضت بقية المنازل لتصدعات مختلفة، إلا أن الفيضان زاد الوضع سوءا، فقد غمرت المياه القرية والأراضي الزراعية المحيطة، كما غمرت مخيما لإيواء النازحين قريبا من القرية.
وأجبر الفيضان أهالي القرية على النزوح عنها، وخروج النازحين من مخيم الإيواء إلى مناطق أخرى بعيدة عن الفيضان.
وقد شوهدت المياه في القرية وقد أغرقت حقول الفول والقمح وبساتين الفواكه التي لم تعد صالحة، وغطت الشوارع والطرقات، وحاصرت البيوت ودخلت أراضيها.
وخلت القرية من سكانها إلا من بعض الرجال الذين بقوا ينتظرون انتهاء الفيضان ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، لا سيما وأن الضرر عم أملاكهم جميعها.