ليز تراس.. رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة

Liz Truss announced as next UK PM following Conservative membership ballot, in London
ليز تراس ثاني امرأة في تاريخ المملكة المتحدة تشغل منصب وزير الخارجية وثالث سيدة ترأس الحكومة (رويترز)

"ليز تراس" سياسية بريطانية محافظة، ثاني امرأة في تاريخ المملكة المتحدة تشغل منصب وزير الخارجية عام 2021، وثالث سيدة ترأس الحكومة في بريطانيا بعد مارغريت تاتشر، التي تولت السلطة بين 1979 و1990، وتيريزا ماي التي تولتها في الفترة بين عامي 2016 و2019، وأعلنت تراس استقالتها من منصب رئاسة الوزراء في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وجاءت الاستقالة بعد أيام من الضغوط اضطرتها للاعتذار (قبل يوم إعلان استقالتها) عن أخطاء ارتكبتها، حيث كانت طرحت خطة اقتصادية أثارت فوضى في الأسواق وتسببت في تراجع شعبيتها، وطالبتها المعارضة بالاستقالة، لكنها رفضت في حينها.

 

المولد والنشأة

ولدت ماري إليزابيث تراس الشهيرة بـ"ليز تراس" في 26 يوليو/تموز 1975، في مدينة أكسفورد بإنجلترا، لأبوين يساريين.

كان والدها أستاذا للرياضيات في جامعة ليدز، ووالدتها ممرضة ومعلمة وناشطة.

شاركت تراس والدتها في مسيرات ضد السلاح النووي قادتها "حملة نزع السلاح النووي"، وهي منظمة عارضت بشدة قرار حكومة تاتشر بالسماح بنشر رؤوس حربية نووية أميركية في قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في غرينهام كومون بغرب لندن.

الدراسة والتكوين العلمي

انتقلت تراس مع عائلتها من أكسفورد إلى بيزلي، في غرب وسط أسكتلندا، وعمرها 4 سنوات، حيث التحقت بمدرسة ويست الابتدائية، ثم انتقلت العائلة إلى ضواحي ليدز في شمال إنجلترا، لتلتحق تراس بمدرسة روندهاي (Roundhay) الحكومية وتحصل منها على شهادة الثانوية العامة عام 1993.

بعد ذلك، التحقت بكلية ميرتون في جامعة أكسفورد، حيث درست السياسة والفلسفة والاقتصاد، وفي عام 1996 حصلت على شهادة الليسانس.

الزواج

في عام 1997 التقت تراس المحاسب هيو أوليري، في مؤتمر حزب المحافظين، وتزوجا عام 2000، ولديهما ابنتان.

التجربة السياسية

انخرطت تراس في السياسة في سن مبكرة، إذ كانت رئيسة لحزب الديمقراطيين الأحرار (يسار الوسط) في جامعة أكسفورد.

وفي عام 1994 ألقت خطابا في مؤتمر حزب الديمقراطيين الأحرار أيدت فيه اقتراحا يدعو إلى إلغاء الملكية البريطانية، وكانت وقتئذ في عمر الـ19.

بعد تخرجها في الجامعة عام 1996، انضمت تراس إلى حزب المحافظين، وخلال عامين انتقلت من معاداة الملكية إلى أكثر حزب ملكي في المملكة المتحدة.

ترشحت تراس لعضوية البرلمان عامي 2001 و2005 عن حزب المحافظين، لكنها لم تنجح.

في عام 2006 انتُخبت لتكون عضوا في مجلس بلدية غرينتش جنوب شرقي لندن، وفي عام 2008 عملت نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث "إصلاح" ذات التوجهات المحافظة.

أصرت تراس على خوض الانتخابات العامة في عام 2010، ونجحت هذه المرة في أن تحصل على مقعد في البرلمان ممثلة عن دائرة جنوب غرب نورفوك.

أيدت تراس بحماسة البقاء في الاتحاد الأوروبي، وغردت على حسابها معلنة "دعمها لكل من سيصوت لخيار البقاء مع الاتحاد الأوروبي، لأن هذا يخدم مصالح الاقتصاد البريطاني"، لكنها بعد التصويت في الاستفتاء الوطني لعام 2016 أعلنت أنها كانت مخطئة.

في الرابع من سبتمبر/أيلول 2022 أعلن حزب المحافظين في بريطانيا فوزها بزعامة الحزب خلفا لبوريس جونسون فتولت رئاسة الحكومة.

بعد انتشار مقطع فيديو ظهرت فيه تراس تعتلي دبابة، وصفتها وسائل إعلام بريطانية -خاصة اليمينية منها- بـ"المرأة الحديدية"، وهو اللقب الذي طالما حظيت به رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر.

أعلنت استقالتها من زعامة حزب المحافظين (مما يعني استقالتها من رئاسة الحكومة) في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022 بعد ضغوط تعرض لها برنامجها الاقتصادي، الذي أثار صدمة في الأسواق بعد 6 أسابيع من تعيينها فقط، وخفض من شعبيتها.

وقد أظهر استطلاع لمعهد "إبسوس" (Ipsos) في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022 أن 53% من الناخبين البريطانيين يعتقدون أن رئيسة الوزراء يجب أن تستقيل من منصبها، كما اتهم 80% منهم حكومتها بأنها وراء ارتفاع تكلفة المعيشة.

الوظائف والمسؤوليات

عملت تراس بعد التخرج مباشرة في شركة "شل" للنفط، وتولت منصب المدير التجاري بالشركة، ثم انتقلت بعدئذ إلى شركة أخرى لتتولى منصب المدير الاقتصادي.

في سبتمبر/أيلول 2012 عُيّنت في منصب وكيل وزارة الدولة للتعليم ورعاية الأطفال، حيث بدأت حياتها المهنية الوزارية.

وفي عام 2014 رقاها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى منصب وزيرة الخارجية للبيئة والغذاء والشؤون الريفية.

أصبحت تراس أول امرأة على الإطلاق تشغل منصب وزير العدل ووزير الدولة لشؤون العدل، بعد تعيينها في هذا المنصب من قبل رئيسة الوزراء تيريزا ماي في يوليو/تموز عام 2016، عقب استقالة كاميرون من رئاسة الوزراء.

وفي العام 2017، وعقب إجراء الانتخابات العامة تم تعيين تراس في منصب السكرتير الأول للخزانة.

في عام 2019، بعد أن أعلنت ماي أنها ستستقيل من منصب زعيمة حزب المحافظين، أصبحت تراس واحدة من أوائل الوزراء الذين دعموا محاولة بوريس جونسون ليصبح زعيما للحزب ورئيسا للوزراء.

وفي أغسطس/آب 2019 كافأ جونسون تراس بتعيينها وزيرة الخارجية للتجارة الدولية ورئيسة لمجلس التجارة، وبعد شهر أضاف إلى حقيبتها وزارة شؤون المرأة والمساواة.

في سبتمبر/أيلول 2021، اختارها جونسون لمنصب وزير الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية، لتصبح ثاني امرأة تشغل هذا المنصب على الإطلاق في بريطانيا.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، تم تعيين تراس في منصب كبير مفاوضي الحكومة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي، بعد استقالة اللورد ديفيد فروست.

وفي يوليو/تموز 2022، وبعد سلسلة من الفضائح، أعلن جونسون استقالته من زعامة حزب المحافظين، ومن ثم رئاسة الحكومة البريطانية، ليفتح الطريق أمام تراس كي تترشح لخلافته.

وينص النظام البرلماني المعتمد في بريطانيا على تولي زعيم أكبر حزب ممثّل في البرلمان رئاسة الحكومة، وعلى إمكان استبداله قبل انتهاء الولاية من دون الدعوة لانتخابات عامة.

عندئذ، تنافست تراس و10 مرشحين آخرين في التصويت الذي أجري في يوليو/تموز 2022، وفي الاقتراع الخامس للمشرعين (النواب) من حزب المحافظين فاز رئيس الخزانة السابق ريشي سوناك بـ137 صوتا من أصل 357 صوتا، مقابل 113 صوتا لتراس و105 أصوات لوزيرة التجارة بيني موردونت.

وفي الاقتراع النهائي الذي صوّتت فيه القواعد الحزبية وأعلنت نتائجه في الخامس من سبتمبر/أيلول 2022، دخلت تراس المواجهة ضد سوناك وفازت عليه بعد حصولها على 81 ألفا و326 صوتًا مقابل 60 ألفا و399 صوتا.

حرب روسيا وأوكرانيا

عند زيارتها لروسيا في فبراير/شباط 2022، قبل أيام قلائل من بدء الحرب في أوكرانيا، كانت تراس ترتدي قبعة مستديرة من الفرو شبّهها المراقبون بأخرى كانت ترتديها تاتشر (1925-2013) في رحلة لها إلى معسكر تدريب لحلف الناتو في عام 1986.

في نهاية فبراير/شباط 2022، دعت تراس دول مجموعة السبع إلى الحد من استيراد النفط والغاز الطبيعي من روسيا، وقالت إن الحرب الروسية الأوكرانية يمكن أن "تستمر سنوات" ويمكن أن تمثل "بداية النهاية" لبوتين.

وفي يوليو/تموز 2022، ألقت تراس باللوم على بوتين في أزمة الطاقة والغذاء العالمية.

المؤلفات

شاركت تراس في تأليف كتاب بعنوان "بريطانيا متحررة من القيود"، دعا إلى إلغاء الدور التنظيمي للدولة لتعزيز مكانة المملكة المتحدة في العالم.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان