جمعية نماء تونس.. ملاحقة قضائية في قلب الصراع السياسي

جمعية نماء تونس تأسست بعد الثورة ويؤكد محاموها أنها تنموية وليست خيرية (الجزيرة)

جمعية نماء تونس واحدة من نحو 25 ألف جمعية تنشط في مجالات مختلفة بترخيص من الحكومة، وبرز اسمها إلى الواجهة يونيو/حزيران 2022 بعد أن وجهت لها السلطات عدة اتهامات شملت "غسل أموال متأتية من الخارج بشكل غير قانوني"، التهمة التي نفاها فريق الدفاع عن الجمعية.

وفي إطار هذه القضية، أحيل للتحقيق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وآخرون، ويأتي ذلك في ظل صراع سياسي محتدم بين الرئيس قيس سعيّد الممسك بكل السطات وقوى معارضة تتهمه بالسعي لإقامة نظام دكتاتوري عن طريق دستور جديد أعاد إرساء النظام الرئاسي ومنح الرئيس صلاحيات واسعة وحصانة من المساءلة خلال قيامه بمهامه.

التأسيس والصفة

تأسست جمعية نماء تونس مارس/آذار 2011 في إطار مرسوم الجمعيات في عهد حكومة محمد الغنوشي، التي تولت السلطة عقب الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن على، والأعضاء هم رجال أعمال وصناعيون.

والجمعية -حسب هيئة الدفاع عنها- ليست خيرية وإنما تنموية غير ربحية تنشط في مجال المشاريع الاقتصادية ذات الطابع الاجتماعي، خاصة توفير فرص عمل للشباب.

منذ تأسيسها، تناوب على رئاسة جمعية نماء تونس كل من محمد كشلاف وعمر بالخيرية وحسان المؤدب.

يعد كشلاف من بين أبرز المؤسسين، وقال في كلمة ألقاها عام 2017 إن تأسيس الجمعية تم إثر اجتماع مصغر، مستعرضا الأهداف التي لخصها في "رغبة دفينة نحو التميز والريادة في مجال الأعمال والاستثمار بعد طول كبت وقمع للحريات".

إعلان

ينص القانون الداخلي للجمعية على انتخاب مجلس إدارة كل 3 سنوات.

النشاط والأهداف

حددت جمعية نماء تونس أهدافها كما يلي:

  • دفع التنمية الاقتصادية في تونس عبر شراكات تم إبرامها مع جمعيات في الصين وفرنسا ودول عربية بعضها خليجية.
  • إيجاد فرص للعاطلين عبر مشاريع تجارية، ومساعدة خريجي الجامعات الجدد في الحصول على عمل وإنجاز مشاريع اقتصادية.
  • تقديم خدمات استشارية في تنشيط المبادرات الاقتصادية والمشاريع التنموية الصغيرة.
  • جذب المستثمرين والخبراء من الداخل والخارج بهدف بعث المشاريع الاقتصادية التي توفر وظائف، خاصة في المناطق ذات الأولوية.

مصادر التمويل

في مؤتمر صحفي عقدته يوم 12 يوليو/2022، أكدت هيئة الدفاع عن جمعية نماء تونس أن الجمعية لم تتلق أي تمويلات من الخارج، وأن أموالها تأتي من مساهمات الأعضاء ومن المنتديات الاقتصادية التي تنظمها.

الهيئة نفت أيضا ما صرحت به متحدثة باسم المجمع القضائي المتخصص في مكافحة الإرهاب من أن الجمعية تلقت بين عامي 2011 و2021 تمويلات بقيمة 20 مليون دينار (6.3 ملايين دولار).

ووصفت المحامية الأموال التي كانت في الحساب المصرفي للجمعية حتى بدء ملاحقتها أمام القضاء بأنها "تافهة"، مشيرة إلى أن الكشوفات المالية للجمعية مدرجة لدى رئاسة الحكومة.

هيئة الدفاع أكدت أيضا أن الجمعية ترسل تقاريرها المالية بشكل دوري إلى رئاسة الحكومة، وأنها تعمل في إطار الشفافية الكاملة.

 

 

اتهامات وملاحقات

أواخر يونيو/حزيران 2022، وجهت النيابة العامة بالمجمع القضائي لمكافحة الإرهاب اتهامات لمسؤولين حاليين وسابقين في جمعية نماء تونس "من أجل جرائم تعلقت بتبييض الأموال وغسيلها والاشتباه في تمويل أشخاص أو تنظيمات مرتبطة بالإرهاب، سواء داخل التراب التونسي أو خارجه".

بدورها، وجهت وزارة الداخلية التونسية اتهامات للجمعية بتلقي أموال أجنبية وضرب أمن الدولة.

إعلان

ردت هيئة الدفاع -في مؤتمر صحفي- بأن الاتهامات دوافعها سياسية، مؤكدة أنه لا علاقة لأي من السياسيين الذين أحيلوا للتحقيق في هذه القضية بالجمعية.

ووفقا لهذه الهيئة، فإن القضية أثيرت بناء على ما سمتها "وشاية" من قبل ما تعرف بـ"هيئة الدفاع عن الشهيدين"، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وهما معارضان تعرضا للاغتيال عام 2013 على يد عناصر توصف بالمتشددة عندما كانت حركة النهضة تقود حكومة ائتلافية.

بالإضافة إلى مسؤولين في جمعية نماء، تشمل التحقيقات في هذه القضية أكثر من 30 شخصا، بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وابنه معاذ وصهره وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام.

ويوم 19 يوليو/تموز 2022، خضع الغنوشي -بحضور محاميه- لتحقيق مطول في المجمع القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة التونسية، وغادر المقر بحالة سراح.

وقبل ذلك، اعتقل رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي أواخر يونيو/حزيران 2022 لمدة 4 أيام، قبل أن يفرج عنه مع إبقائه على ذمة التحقيقات.

وكان قاضي التحقيق المكلف بقضية جمعية نماء أصدر قرارا بتجميد أموال عدد من المتهمين في قضية نماء، من بينهم الغنوشي وبعض أفراد عائلته والجبالي.

بدوره، أصدر البنك المركزي قرارا في وقت سابق بتجميد أرصدة وحسابات الغنوشي و9 آخرين، بينهم مقربون منه، إلى جانب الجبالي، القيادي المستقيل من حركة النهضة.

وتنفي حركة النهضة، التي توصف بأنها الخصم الأبرز للرئيس قيس سعيّد، أي صلات للغنوشي بالجمعية، وتتهم السلطات بتلفيق تهم بدواع سياسية.

المصدر : الجزيرة

إعلان