ترامب البريطاني.. بوريس جونسون رئيس وزراء أغرقته "الفضائح السياسية"

بوريس جونسون واجه ضغوطا كثيرة قبل أن يقدّم استقالته من رئاسة الوزراء (الأوروبية)

بوريس جونسون صحفي وسياسي بريطاني أميركي من أصول تركية، ينتمي لحزب المحافظين وترأسه عام 2019 بعد هزيمته لتيريزا ماي، لكنه تخلى عن زعامة الحزب بعد حملة استقالات جماعية من مسؤولين حكوميين قادته للتنحي في 7 يوليو/تموز 2022.

ولد جونسون في الولايات المتحدة الأميركية عام 1964، لكنه غادرها منذ طفولته ودرس وعاش باقي حياته في بريطانيا.

المولد والنشأة

ولد بوريس جونسون (اسمه الكامل ألكسندر بوريس دي فيفيل جونسون Alexander Boris de Pfeffel Johnson) في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية يوم 19 يونيو/حزيران 1964، مما منحه الجنسيتين البريطانية والأميركية معا.

جونسون هو الابن البكر لوالده ستانلي جونسون، ووالدته شارلوت، اللذين كانا من العائلات الثرية، ونقلت وسائل إعلام عن شقيقته قولها إنه عندما كان طفلا كان يردد أنه يريد أن يصبح "ملك العالم".

كان والده طالبا في شعبة الاقتصاد بجامعة كولومبيا، كما عمل في وظيفة بالبنك الدولي في واشنطن، ثم انتقل إلى وظيفة مع لجنة تعنى بالسياسات السكانية، أما والدته شارلوت فوسيت فكانت فنانة من عائلة ليبرالية.

في عام 1969، انتقلت أسرة جونسون إلى منطقة مايدا فالي غرب لندن، وهناك استكمل ستانلي جونسون دراسته العليا في كلية لندن للاقتصاد.

تعود أصول عائلة جونسون إلى الزعيم التركي علي كمال بك، السياسي والصحفي رئيس وزارة الداخلية العثمانية عام 1919، والذي عاش في المنفى بأوروبا بسبب معارضته ومواقفه السياسية.

تزوج بوريس جونسون من أليغرا موستن أوين عام 1978، وانفصل عنها عام 1993، ثم تزوج في السنة نفسها من مارينا ويلر، ورزق منها بابنتين وولدين، ثم انفصلا عام 2018، وتزوج للمرة الثالثة من كاري سيموندس في نهاية مايو/أيار 2021.

الدراسة والتكوين

بعد انتقال الأسرة إلى بريطانيا سنة 1969، درس بوريس جونسون المرحلة الابتدائية في بريمروز هيل، ثم التحق بالمدرسة الأوروبية في بروكسل، ثم حصل على المنحة الملكية للدراسة في جامعة إيتون المرموقة.

حصل أيضا على منحة للدراسة في جامعة أكسفورد عام 1984، وتخصص في دراسة الأدب التاريخي والفلسفة الكلاسيكية والحضارات القديمة.

الوظائف والمسؤوليات

وهو طالب في الجامعة، انتخب بوريس عام 1986 رئيسا لاتحاد الطلبة في أكسفورد.

وانتخب عضوا في مجلس العموم (البرلمان) عام 2001، وعمدة لمدينة لندن في مايو/أيار 2008، وأعيد انتخابه لنفس المنصب لولاية ثانية (4 سنوات) في مايو/أيار 2012.

تقلّد أكثر من منصب في حكومة الظل التي شكلتها المعارضة موازية للحكومة القائمة، ومنها وزير التعليم العالي، وأقيل عام 2004 من منصب وزير الخزانة في حكومة الظل بسبب الكذب بشأن علاقة أقامها خارج إطار الزواج.

انتخب في 7 مايو/أيار 2015 لعضوية البرلمان من جديد عن دائرة غرب لندن من أوكسبريدج وجنوب ريوسليب.

اختارته رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك تيريزا ماي يوم 13 يوليو/تموز 2016 وزيرا للخارجية في حكومتها الجديدة التي أعقبت استقالة سلفها ديفد كاميرون.

وفي 23 يوليو/تموز 2019، فاز بزعامة حزب المحافظين ومن ثم رئاسة الوزراء، خلفا لتيريزا ماي.

في 6 نوفمبر/تشرين الثاني من السنة نفسها، قدّم استقالته للملكة إليزابيث الثانية، وطلب السماح بحل البرلمان تمهيدا لخوض الانتخابات التي أجريت في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، وحصل فيها حزب المحافظين على 365 مقعدا بنسبة 43.6%، بينما حصل حزب العمال بقيادة جيرمي كوربين على 202 مقعد بنسبة 32.1%.

في اليوم التالي، عينته الملكة رئيسا للوزراء، ووعد بخروج سريع من الاتحاد الأوروبي (وهو ما اصطلح على تسميته بـ"بريكست")، وفعلا وافق مجلس العموم على اتفاق بريكست في 31 يناير/كانون الثاني 2020، بعد 3.5 سنوات من الاستفتاء الشعبي الذي وافق على الخروج من الاتحاد.

في 7 يوليو/تموز 2022، استقال جونسون من رئاسة الوزراء بعد سلسلة "فضائح" استمرت عدة أشهر، وبلغت الأزمة ذروتها بعد أن استقال أكثر من 50 مسؤولا حكوميا بريطانيا خلال 48 ساعة، بينهم نحو 10 وزراء من حكومته.

التجربة الصحفية والسياسية

لم تكن درجات جونسون عالية في العلوم والرياضيات، لكنه حقق نتائج جيدة جدا في اللغة الإنجليزية والكلاسيكيات، فولج الجامعة لدراسة هذا التخصص (الكلاسيكيات والحضارة)، ودفعه ذلك التكوين إلى الكتابة في صحيفة جامعة إيتون، وأصبح محررا فيها.

لكنّ مشوراه المهني في الصحافة لم يبدأ إلا عندما بدأ يكتب لصحيفة "التايمز" (The times)، التي فصلته فيما بعد بسبب فبركة تصريحات، وانتقل ليصبح مراسلا في بروكسل لصحيفة ديلي تلغراف اليمينية (The Daily Telegraph) من 1989 إلى 1994، وترقى فيها إلى أن أصبح مساعدا لرئيس التحرير.

خلال عمله في ديلي تلغراف، اشتُهر من خلال كتابة ما اعتبره كثيرون "خرافات أوروبية"، حيث اتهموه بـ"المبالغة" في تصوير ما يحدث في الاتحاد الأوروبي لما كان مراسلا للصحيفة في بروكسل.

كما عين عام 1999 رئيسا لتحرير مجلة "المشاهد" (The Spectator) إلى غاية 2005، وبقي يكتب عمود رأي في صحيفة "ديلي تلغراف".

فاز بلقب "صحفي العام" من قبل اتحاد الصحافة البريطاني عام 1998، كما انتخب "محرر السنة" عام 2003.

كان انتخابه عام 2001 عضوا بمجلس العموم نافذته الكبرى على عالم السياسية والشهرة، وكان من الوجوه السياسية التي حظيت باهتمام وتناول صحافة السخرية البريطانية.

ساعده نجاح دورة الألعاب الأولمبية بلندن في نفس العام (27 يوليو/تموز-12 أغسطس/آب 2012) في رفع شعبيته وسط البريطانيين بشكل عام وداخل حزب المحافظين بشكل خاص، مما جعله منافسا شرسا لرئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون.

اتهمه البعض بأنه معاد للإسلام والمسلمين، خاصة بعدما كتب مقالا في 16 يوليو/تموز2005 -عقب تفجيرات في لندن- ينتقد فيه المسلمين، كما تعددت تصريحاته المسيئة للإسلام، حيث قال في إحدى المرات إن العقيدة الإسلامية "غريبة وغير جذابة"، كما شبّه المسلمات اللائي يرتدين النقاب بـ"لصوص البنوك" الذين يكونون ملثمين.

وبعد أن انتخب عمدة للندن انتقد ما وصفه بالرؤى التخيلية لواقع أوروبا المرير، ودعا إلى ضرورة مواجهة السياسة المعادية للإسلام بتذكر ما يدين به الغرب لحضارة المسلمين في إسبانيا.

نجا جونسون في 6 يونيو/حزيران 2022 من تصويت لسحب الثقة داخل حزب المحافظين الحاكم، بعد أن أثار 54 من نواب الحزب ما عرف بفضيحة "بارتي غيت" (Partygate) المتعلقة بانتهاك القيود الخاصة بفيروس كورونا.

وفي هذا السياق، يتهمه معارضوه بأنه أول رئيس لوزراء بريطانيا يخرق القانون وهو في منصبه، حيث حضر تجمّعات أقيمت داخل مقرّ الحكومة البريطانية (داوننغ ستريت) إبان فرض الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا.

وفي أحد تصريحاته الصحفية، أبدى بوريس جونسون إعجابه بأسلوب تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب (2017-2020) مع الشؤون السياسية، وأضاف مازحا أنه يريد أن تتاح له الفرصة لاستخدام تويتر كثيرا مثلما كان يفعل ترامب.

كما وصف نفسه بأنه "صهيوني حتى النخاع"، ونقل عنه موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي قوله إنه "صهيوني متحمس"، وإن "إسرائيل هي البلد العظيم الذي يحبّه".

وغرقت قيادة جونسون في فضائح خلال الأشهر الأخيرة من رئاسته للوزراء في 2022، إذ فرضت عليه الشرطة غرامة لانتهاكه قوانين الإغلاق المتعلقة بكوفيد-19، وواجه اتهامات بأنه لم يستجب بسرعة ولم يتخذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسبة لمكافحة جائحة كورونا.

كما اعتذر وقال إنه أخطأ عندما عين في حكومته كريس بينشر المسؤول عن الانضباط البرلماني للنواب المحافظين، واعترف بأنه عينه رغم اطلاعه على أنه كان محور شكاوى تتعلق بالتحرش الجنسي.

وواجه جونسون أيضا انتقادات بأنه لم يبذل جهدا كافيا لمعالجة التضخم جراء ارتفاع أسعار الوقود والغذاء، وأثار كذلك جدلا بسبب تمويل مكلف لتجديد الشقة التي يشغلها بصفته رئيسا للوزراء.

المؤلفات

لم يحل عمل بوريس جونسون السياسي دون الكتابة الصحفية وتأليف الكتب، ومن كتبه: "الأصدقاء.. الناخبون والمواطنون" (Friends, Voters, Countrymen) و"عامل تشرشل" (The Churchill Factor).

المصدر : الجزيرة + ويكيبيديا