اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية معاهدة دولية للقضاء على القتل بالغازات

A chemical weapons team assembles outside the Russell Senate Office Building near the Capitol Building Wednesday 04 February 2004 in Washington, to place a plastic bag into a containment barrell. All Capitol mail will be decontaminated after the poison ricin was found in the Dirksen Senate Office Building. EPA/JOE MARQUETTE
الاتفاقية تفرض على الدول الأعضاء فيها التفتيش الروتيني للمرافق المرتبطة بالأسلحة الكيميائية والتصنيع الكيميائي (الأوروبية)

اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية هي معاهدة دولية متعددة الأطراف، وُقعت عام 1993 ودخلت حيز التنفيذ عام 1997، وتهدف إلى القضاء الكامل على الأسلحة الكيميائية، ومنع استخدامها أو تطويرها أو تخزينها. 

تنص الاتفاقية على التزامات صارمة منها التدمير الشامل للأسلحة الكيميائية وتفتيش المنشآت ذات الصلة تحت إشراف "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، ويبلغ عدد الدول الأطراف بالمعاهدة 193.

وقعت إسرائيل على الاتفاقية دون أن تصادق عليها، بينما لم توقعها ولم تصادق عليها 3 دول هي مصر وكوريا الشمالية وجنوب السودان.

الخلفية التاريخية

يعود تاريخ استخدام الأسلحة الكيميائية السامة إلى آلاف السنين، عبر تقنيات مثل السهام المسمومة ودخان الزرنيخ والأبخرة الخانقة، وارتبط استخدامها في الحروب بوصمة الوحشية غير المبررة.

وقد احتلت الجهود الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية مكانة بارزة في العديد من اتفاقيات نزع السلاح المبكرة.

وتعود أول اتفاقية دولية للحد من استخدام الأسلحة الكيميائية في الحروب إلى عام 1675، حين توصلت فرنسا وألمانيا إلى اتفاق وُقع في ستراسبورغ الفرنسية، يحظر استخدام الرصاص المسموم.

وبعد نحو 200 عام، وُقعت اتفاقية بروكسل عام 1874 بشأن قوانين وأعراف الحرب، وحظرت توظيف الأسلحة الكيميائية في الحروب، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ.

وفي عام 1899، أُبرمت اتفاقية لاهاي التي أكدت فيها الأطراف التزامها بالامتناع عن استخدام المقذوفات التي يكون هدفها الوحيد نشر الغازات الخانقة أو الضارة، ثم جاءت اتفاقية لاهاي الثانية عام 1907 لتؤكد مجددا على الحظر المفروض على استخدام الأسلحة المسمومة.

ورغم الاتفاقيات المتكررة، شهد العالم استخداما غير مسبوق للمواد الكيميائية السامة أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، ووقع أول هجوم واسع النطاق باستخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة إبير ببلجيكا.

وبنهاية الحرب، أُطلق نحو 124 ألف طن من الكلور وغاز الخردل ومواد كيميائية أخرى، وتوفي أكثر من 90 ألف جندي نتيجة تعرضهم لها، كما خلفت الحرب قرابة مليون شخص أعمى أو مشوه أو مصاب بإصابات معقدة.

التفاوض على الاتفاقية

لم تحظ الأسلحة الكيميائية بأولوية في الجهود الدولية بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، إذ انصب الاهتمام العالمي آنذاك على التهديد الأكبر الذي تمثله الأسلحة النووية.

إعلان

وقد طُرح الأمر بشكل جاد عام 1968، عندما بدأت المناقشات بشأن الأسلحة البيولوجية والكيميائية في مؤتمر نزع السلاح بجنيف. وأُبرمت اتفاقية الأسلحة البيولوجية وفُتح باب التوقيع عليها عام 1972.

ورغم أن الاتفاقية لم تتضمن إجراءات أو وسائل فعالة للتأكد من التزام الدول الموقعة بها، فإنها ألزمت الدول الأطراف بمواصلة المفاوضات حول الأسلحة الكيميائية، بهدف وضع تدابير تُلزم بتدميرها وحظر تطويرها وإنتاجها وتخزينها.

استغرقت المفاوضات بشأن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وقتا أطول بكثير، وتقدمت بوتيرة متقطعة. ففي عام 1980، أنشأ مؤتمر نزع السلاح مجموعة عمل مخصصة للسلاح الكيميائي.

وقد ساعدت عوامل عدة في دفع المفاوضات قُدما، منها تحسن العلاقات بين القوى العظمى أواخر ثمانينيات القرن العشرين، والهجوم الكيميائي على الأكراد في مدينة حلبجة العراقية عام 1988، إضافة إلى إعلان التوصل إلى اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يقضي بتدمير معظم مخزونهما من الأسلحة الكيميائية.

رغم ذلك، بقيت قضايا عالقة، فقد أرادت بعض الدول ربط نزع السلاح الكيميائي بإحراز تقدم في نزع السلاح النووي، فيما طالبت دول أخرى بتضمين الاتفاقية بنودا لتقديم المساعدة في حال التعرض لهجوم كيميائي.

وحتى مرحلة متأخرة من المفاوضات، أصرت الولايات المتحدة على الاحتفاظ بحق الرد بالمثل في حال استخدام الأسلحة الكيميائية ضدها. ومع استمرار المشاورات، أزيلت العقبات وحُلت القضايا العالقة.

وبدعم نهائي من الولايات المتحدة وروسيا، اعتمد مؤتمر نزع السلاح التابع للأمم المتحدة معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية في 3 سبتمبر/أيول 1992، وفُتح باب التوقيع عليها في يناير/كانون الثاني 1993، بينما دخلت حيز التنفيذ في 29 أبريل/أيلول 1997.

البنود الرئيسية

تتكون اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من 24 مادة رئيسية، إضافة إلى 3 ملاحق أساسية هي الملحق الخاص بالتحقق، والملحق الخاص بالمواد الكيميائية، ثم ملحق الإفصاح والتصريح والسرية. وفيما يلي أهم بنود الاتفاقية:

تنص اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية على منع ما يلي: 

  • تطوير أو إنتاج أو حيازة أو تخزين أو الاحتفاظ بالأسلحة الكيميائية.
  • النقل المباشر أو غير المباشر للأسلحة الكيميائية.
  • استخدام الأسلحة الكيميائية أو الإعداد العسكري لاستخدامها.
  • المساعدة أو التشجيع أو التحريض على انخراط الدول الأخرى في أي نشاط محظور بموجب الاتفاقية.
  • استخدام المواد الكيميائية الخاصة بتفريق المظاهرات -مثل الغاز المسيل للدموع أو رذاذ الفلفل- في سياق النزاعات المسلحة أو العمليات الحربية.

وتشترط الاتفاقية على الدول الأطراف تقديم إقرار خطي إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية ومرافق الإنتاج والمنشآت الصناعية ذات الصلة، وأي معلومات أخرى تتعلق بالأسلحة.

وتُلزم الاتفاقية الدول الموقعة عليها بتقديم إقرارات حول المنشآت التي تُنتج مواد غير مدرجة في المحلق الخاص بالمواد الكيميائية، لكن يُشتبه في إمكانية استخدامها في إنتاج السلاح الكيميائي.

تُلزم الاتفاقية الدول الأطراف بتدمير ما يلي:  

  • جميع الأسلحة الكيميائية الخاضعة لولايتها أو سيطرتها.
  • جميع مرافق إنتاج الأسلحة الكيميائية الخاضعة لولايتها أو سيطرتها.
  • الأسلحة الكيميائية المهجورة التي تخلت عنها دولة في أرض الدولة المعتدى عليها أُثناء حرب.
  • الأسلحة الكيميائية القديمة.
إعلان

تُقر الاتفاقية بـ3 أنواع من الأنشطة الميدانية التي تهدف إلى تعزيز الثقة في التزام الدول الأطراف باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وتشمل:

  • عمليات التفتيش الروتينية للمرافق المرتبطة بالأسلحة الكيميائية والتصنيع الكيميائي، بهدف التحقق من صحة التصريحات المقدمة والتأكد من أن الأنشطة تتماشى مع التزامات الاتفاقية.
  • عمليات التفتيش غير المعلنة، التي يمكن إجراؤها في أي منشأة أو موقع داخل دولة طرف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وذلك عندما تُثار شكوك أو تساؤلات حول احتمال عدم التزام تلك الدولة بالاتفاقية.
  • التحقيقات التي تجريها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، للتحقق من حالات الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي بناء على ادعاءات أو تقارير مقدمة من دولة طرف أو منظمة دولية، ويشمل ذلك إرسال فرق خبراء وتحليل المواد الكيميائية ثم تقديم تقرير موضوعي حول ما إذا كانت الأسلحة استخدمت بالفعل أم لا.

تُشجع الاتفاقية الدول الأعضاء على التعاون التجاري بينها، خاصة ما يتعلق بالمواد الكيميائية ذات الأغراض السلمية، مثل الاستخدامات الطبية والصناعية والزراعية.

في المقابل، تفرض قيودا صارمة على التجارة بالمواد الكيميائية مع الدول التي لم توقع على الاتفاقية، ويشمل ذلك حظر نقل المواد ذات الدرجة الأولى والثانية شديدة الخطورة، والتي تُستخدم في صنع الأسلحة الكيميائية، أما مواد الدرجة الثالثة فيسمح بتصديرها إلى الدول غير الأعضاء شريطة الحصول على شهادة "استخدام نهائي".

نصّت الاتفاقية على مجموعة من التدابير العقابية التي يمكن اتخاذها حال أخلت دولة طرف بالتزاماتها، وتشمل هذه الإجراءات: 

  • إذا ثبت أن دولة طرفا نفذت أعمالا محظورة تسببت بضرر جسيم للاتفاقية، مثل تقويض الثقة بين الدول أو تهديد الأمن العالمي، يمكن لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن توصي الدول الأطراف الأخرى باتخاذ تدابير عقابية ضد الدولة المخالفة.
  • في الحالات التي تتسم بـ"خطورة خاصة"، يمكن للمنظمة إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
  • يجب على الدولة المعنية أن ترد على الأسئلة المطروحة بشأن التزامها بالاتفاقية، وأن تتخذ إجراءات توضيحية لتبرئة موقفها، وإذا لم تتعاون، يُمكن لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تقيد حقوقها بموجب الاتفاقية، مثل حق التصويت والاستفادة من التبادل التجاري المتاح للدول الأطراف.
المصدر: الجزيرة

إعلان