الأم تيريزا .. راهبة وهبت حياتها لمساعدة الفقراء
ولدت الأم تيريزا في 26 أغسطس/آب 1910 في مدينة سكوبيا، ونذرت نفسها لتكون راهبة ومعلمة لما يقارب عقدين من الزمن، قبل أن تنذر ما تبقى من عمرها لمساعدة الفقراء والمرضى والمعدمين. توفيت في الخامس من سبتمبر/أيلول 1997 في كالكوتا بالهند.
الولادة والنشأة
ولدت الأم تيريزا في 26 أغسطس/آب 1910 في مدينة سكوبيا، التي تقع الآن في دولة مقدونيا. لعائلة مسيحية كاثوليكية تنحدر من أصل ألباني.
وتم تعميدها باسم "آغنيس غونكزا بوجاكسيو" في 27 أغسطس/آب 1910. وهي أصغر إخوتها.
والدها يدعى نيكولا بوجاشيو، عمل متعهد بناء، وكانت له علاقات سياسية مجتمعية، أما والدتها درانا بوجاكسيو فكانت ربة منزل وشاركت في أنشطة الكنيسة المحلية.
توفي والدها وهي في سن الثامنة، وحملت والدتها مسؤولية تربية الأبناء، وتأثرت آغنيس بأمها فنشأت محبة للخير عطوفة.
الدراسة والتكوين العلمي
التحقت آغنيس بمدرسة ابتدائية تابعة للدير، وغنّت أثناء طفولتها مع فرقة القلب المقدس المحلية، وكان يُطلَب منها الأداء الفردي في بعض الأحيان.
وفي الـ12 من عمرها وأثناء رحلة الحج السنوية التي كان يُنظمها المجمع إلى "كنيسة العذراء السوداء" (Church of the Black Madonna) في فيتينا بكوسوفو حاليا، شعرت آغنيس برغبتها في تكريس حياتها لخدمة الكنيسة. وأكملت دراستها الثانوية في مدرسة تابعة للحكومة.
التجربة الدينية التعليمية
في عام 1928 قررت آغنيس وهي في عمر 18 عاما أن تصبح راهبة، فسافرت إلى أيرلندا للانضمام إلى الأخوات لوريتو في معهد "العذراء المباركة مريم" في دبلن.
وهناك حصلت على لقب "الأخت ماري تيريزا" (Sister Mary Teresa) تبعا "للقديسة تيريز من ليزيو" (Saint Thérèse of Lisieux).
انتقلت إلى بلدة دارغيلنغ في الهند عام 1929 لتعمل معلمة ومبشّرة، ثم بُعِثت إلى كالكوتا لتعمل معلمة في مدرسة القديسة ماري الثانوية للفتيات، وهي مدرسة مخصّصة لتعليم الفتيات من الأسر الفقيرة في المدينة، وهناك أتقنت تيريزا اللغتين الهندية والبنغالية.
وفي 24 مايو/أيار 1937 قررت الالتزام بحياة الفقر والعفة والطاعة، وهو ما يُعرف باسم "العهد الأخير" ومُنحت لقب "الأم" بعد اتخاذها العهد الأخير، فعُرفت منذ ذلك الحين باسم "الأم تيريزا".
وواصلت الأم تيريزا التدريس بمدرسة القديسة ماري إلى أن أصبحت مديرة للمدرسة عام 1944.
قررت الأم تيريزا في العاشر من سبتمبر/أيلول 1946 ترك التّدريس والعمل في أحياء كالكوتا الفقيرة لمساعدة الفقراء والمرضى، وفي يناير/كانون الثاني 1948 حصلت على إذن رسمي بترك منصبها، لكنها تركته على نحو فعلي في أغسطس/آب 1948.
وتعلمت أساسيات الطبّ خلال تلك الفترة، لتبدأ بعدها التّجول بالمدينة مرتدية الساري الأبيض والأزرق الذي عرفت به طوال حياتها.
الأعمال والإنجازات
أنشأت الأم تيريزا مدرسة في الهواء الطلق لمساعدة فقراء مدينة كالكوتا، كما أنشأت مسكنا للمعدمين في إحدى المباني المهجورة بعد أن تبرعت به إدارة المدينة، وحولت جزءا من معبد كالي إلى منزل لرعاية المصابين بأمراض مزمنة والعناية بهم في أيامهم الأخيرة.
كذلك أسست جماعة "الإرساليات الخيرية" في أكتوبر/تشرين الأول 1950، والتي هدفت إلى الاهتمام بالأطفال والمشردين والعجزة، وذلك بعد أن انضمت إليها مجموعة من المدرسات والطالبات السابقات في مدرسة القديسة ماري.
وفي عام 1957 اهتمت بالمجذومين وسعت إلى العناية بهم، كما أسست عام 1963 جمعية "أخوة المحبة" وهي جمعية خاصة بالرهبان.
ثم منح الأب "لولس السادس" لجمعية "الإرساليات الخيرية" الإذن بالتوسع عالميا خارج الهند في فبراير/شباط 1965.
وفي عام 1971 افتتحت الأم تيريزا أول دار خيرية في أميركا، وساعدت الأطفال في بيروت خلال الحرب عام 1982. كما افتتحت دارا لرعاية المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) في نيويورك عام 1985، وسافرت أيضا في العام ذاته إلى إثيوبيا لمساعدة المنكوبين وإغاثتهم من الجوع والتشرد.
مع حلول عام 1997 كانت جمعية الإرساليات الخيرية تضم 4 آلاف أخت، و300 منظمة شقيقة تعمل في الخدمة الاجتماعية في 123 دولة، كما بلغ عدد المنازل التي افتتحتها الجمعية 755 منزلا للمعدمين في 125 دولة مختلفة.
الجوائز والأوسمة
حازت الأم تيريزا على عدد من الجوائز والأوسمة نتيجة لعملها في المجال الخيري، منها:
- جائزة "البابا يوحنا الثالث والعشرون" للسلام 1971.
- جائزة كينيدي 1971.
- جائزة نهرو لتعزيز السلام والتفاهم الدوليين 1972.
- جائزة ألبرت شفايتزر الدولية 1975.
- جائزة نوبل للسلام 1979.
- وسام الحرية الرئاسي 1985.
- الميدالية الذهبية للكونغرس 1994.
- جائزة يو ثانت للسلام 1994.
- الجنسية الفخرية للولايات المتحدة 1996.
المرض والوفاة
أصيبت الأم تيريزا بذبحة قلبية عام 1983 في روما، ثم أصيبت بذبحة أخرى عام 1989 واضطرت على إثرها للخضوع لعملية جراحية جرى خلالها زرع منظم للنبض، وحين كانت في المكسيك عام 1991 أصيبت بمرض في الرئة أثر على عمل القلب، كما عانت من مرض الملاريا والتهاب الصدر وخضعت من جديد لعملية جراحية في القلب عام 1996.
توفيت بعد معاناتها مع المرض في الخامس من سبتمبر/أيلول 1997 في كالكوتا بالهند، عن عمر يناهز 87 عاما.
وقد تمّ تأبينها في أكتوبر/تشرين الأول 2003، ومنحها الأب فرانسيس لقب تيريزا قديسة كالكوتا في سبتمبر/أيلول 2016.