أعرق الأندية وأشهر اللاعبين وأبرز المحطات.. تاريخ كرة القدم في المغرب

تختلف الروايات بشأن تاريخ تعرّف المغاربة على لعبة كرة القدم في شكلها المنظم الذي تطور إلى ما هو عليه حاليا، وأبرزها روايتان:

الأولى تقول إنهم تعرفوا على هذه اللعبة منذ أواسط القرن الـ19عن طريق البحارة الإنجليز الذين كانوا يمارسونها وهم ينتظرون الانتهاء من إصلاح سفنهم كلما حلّوا بالموانئ المغربية.

وأما الرواية الثانية فتقول إنه على عكس ما جرى في بلدان أخرى، فإن لعبة كرة القدم لم تصل إلى المغرب عن طريق مكتشفيها الإنجليز، بل إن الذين أدخلوا هذه اللعبة إلى المغرب هم العسكريون والمستوطنون الفرنسيون.

فقد ظل المغاربة، كما تقول بعض المصادر، يمارسون هذه اللعبة في المدن والقرى ويروّحون بها عن أنفسهم بكل عشوائية، ولم تجر أول منافسة رسمية بين فرق مؤسسة وفي دوري منتظم فوق التراب المغربي إلا في سنة 1916.

ولكن قيدوم الصحفيين والمعلقين الرياضيين المغاربة الحسين الحياني يؤكد أن أول مباراة رسمية لُعِبت فوق التراب المغربي قد جرت أطوارها في سنة 1913 في قرية "عين تاوجطات" الواقعة بين مدينتي فاس ومكناس (وسط المغرب)، وذلك بعد سنة فقط من فرض نظام الحماية على المغرب، والذي تحول عمليا إلى استعمار حقيقي. وقد تكون هذه المباراة قد جرت بين مستوطنين فرنسيين من مدينة فاس ومستوطنين فرنسيين من مدينة مكناس.

مقاومة الاستعمار

وأيّما الروايتين صحّت، فإن سنة 1913 عرفت تأسيس أول نوادي كرة القدم في المغرب، وعلى رأسها النادي الشهير "الاتحاد الرياضي المغربي البيضاوي" (U.S.M.) الذي أصبح الرمز الممثل لحقبة كرة القدم بالمغرب في عهد الاستعمار.

ثم شهدت سنة 1916 إطلاق صافرة انطلاق أول منافسة رسمية، أطلق عليها اسم "العصبة المغربية" (La Ligue Marocaine)، ولم تكن تحمل من الصفة المغربية إلا الاسم، إذ لم يكن مسموحا أن تمارس فيها إلا نوادٍ تضم لاعبين أوربيين فقط.

كما أنها كانت على الصعيد الإداري تحت وصاية الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، الذي كان يضم 22 "عصبة" (دوري) إقليمية تمثل المستعمرات الفرنسية، من بينها 5 من شمال أفريقيا (عصبة المغرب، وعصبة وهران، وعصبة الجزائر، وعصبة قسطنطينة، وعصبة تونس).

وقد فاز بلقب الموسم الأول "نادي الدار البيضاء" (C.A. Casablanca) الذي سيصبح، بالمحصلة، أول بطل في تاريخ المغرب، وبعد ذلك بسنة بدأ عهد انتصارات "الاتحاد الرياضي المغربي لكرة القدم" (L’Union Sportive Marocaine) (U.S.M.) الذي فاز بالبطولة في 3 سنوات متتالية. وفي أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى، توقفت انتصارات النادي البيضاوي فترة من الزمن، حيث ساد نادي "الأولمبيك المغربي"، وهو فريق رباطي لـ4 سنوات متوالية.

وفي بداية عشرينيات القرن الـ20، ولأن الأندية بدأت تعاني من نقص في مواردها البشرية، سُمح لهذه الأندية بإدماج لاعبين مغاربة، وهكذا تميز النصف الأول من العشرينيات ببروز اللاعبين المغاربة الأولين داخل نوادي البطولة.

ومن ضمنهم محمد بن لحسن التونسي العفاني الملقب بـ"الأب جيغو" (Père Jégo)، فبعد أن كان أول حامل لشهادة الباكالوريا في تاريخ المغرب، اكتشف الأب "جيكو" حبه لكرة القدم حينما ذهب إلى فرنسا من أجل مواصلة دراسته سنة 1919.

وبعد أن أنهى دراسته في مجال المهن المالية والبنكية، عاد إلى المغرب سنة 1922، حيث انضم إلى صفوف الاتحاد الرياضي للدار البيضاء (U.S.M.).

لم يكن مسار هذا اللاعب مسارا ساطعا كما سيسطع نجمه فيما بعد مدربا ومربّيا، لكنه يبقى واحدا من اللاعبين المغاربة القلائل الذين لعبوا في الدوري المغربي آنذاك. وبعد عقود قليلة على ذلك، ستبرز عبقريته الكروية في التدريب وسيبقى اسمه مرتبطا إلى الأبد بفريق الرجاء البيضاوي، الذي كان أول مؤسس له على إثر اختلاف بينه وبين مسيّري نادي الوداد الرياضي، الذي كان كذلك أحد مؤسسيه.

وقد قال مقولته الشهيرة وهو يغادر الوداد "لأؤسسن فريقا سوف يقتسم مع الوداد شمس وهواء مدينة الدار البيضاء". وكذلك كان بعد تأسيسه لفريق الرجاء، وما زال إلى اليوم.

بدايات كرة قدم "الأهالي"

بدأت فيما بعد في المغرب ما يمكن أن نسميها مرحلة "كرة قدم الأهالي" (Le football des indigènes)، وهي المرحلة التي بدأ فيها تأسيس النوادي على يد الوطنيين المغاربة، وكانت السلطات الفرنسية في المغرب قد أصدرت قانونا يمنع على المغاربة تأسيس الجمعيات أو النوادي، إلا بشرط وجود من يحمل الجنسية الفرنسية في مكتبها ولو كان فردا واحدا.

ولأن فرنسا بعد استعمارها الجزائر عدّتها مقاطعة فرنسية وأعطت كل أبنائها الجنسية الفرنسية، فقد اهتدى بعض الوطنيين المغاربة إلى حيلة تضمين مكاتبهم التنفيذية مواطنين جزائريين من المقيمين في المغرب.

فأخذوا بهذه الطريقة يؤسسون بالتعاون مع الجزائريين جمعيات رياضية وثقافية، ولذلك نجد أن المكاتب المسيّرة الأولى للفرق المغربية سواء الوداد البيضاوي أو الرجاء البيضاوي أو الفتح الرباطي أو غيرها لا تخلو من عضو جزائري واحد على الأقل.

ظهور "النوادي الإسلامية"

وفي هذه المرحلة بدأت فترة ما عرف بـ"النوادي الإسلامية" ترى النور، وهي نواد بدأ المغاربة يطلقون عليها وصف "الإسلامي" ردا على الاستعمار الفرنسي الذي استهدف في كثير من المناسبات الهوية الإسلامية للمغرب. ولم يعترف الاستعمار رسميا بالجمعية الرباطية-السلاوية باعتبارها أول "فريق إسلامي" إلا في سنة 1932، مع أنها أُسّست في سنة 1923.

ورأت فرق أخرى مماثلة في شمال البلاد النور، ففور إقامة منطقة طنجة الدولية سنة 1923 تم الترخيص لأول ناد مغربي فيها وهو "جمعية المغرب الأقصى" بمدينة طنجة، لكن غياب إقصائيات في هذه المنطقة لغياب فرق منافسة، وكذلك بمجموع شمال المغرب الخاضع حينئذ للحماية الإسبانية، أجبر الفرق على المكوث في الأقسام المتدنية للبطولة الإسبانية.

وكان الاستثناء الوحيد هو الإنجاز الذي حققه النادي التطواني الذي تمكن في موسم 1950-1951 من الصعود إلى القسم الأول الإسباني لكي يلعب ضد فرق مثل "ريال مدريد" و"إف سي برشلونة".

أما في المناطق التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي فقد شكلت سنة 1926 بداية مرحلة جديدة في تطور كرة القدم المغربية. فبعد الانضمام لبطولة أفريقيا الشمالية، تمكنت نوادي المملكة هذه المرة من التباري مع نظرائها من الجزائر وتونس.

وبعد 6 سنوات (1932) تمكن "الاتحاد الرياضي المغربي للدار البيضاء" (U.S.M.) (كان يسمى ناديا مغربيا تجاوزا فهو كان ناديا للمعمرين الفرنسيين وسمح لبعض المغاربة باللعب فيه) من أن يصبح أول فريق مغربي يفوز بهذه البطولة، بعد سيطرة النوادي الجزائرية عليها لمدة طويلة.

وقد شكل ذلك العصر الذهبي للفريق البيضاوي، الذي كان يضم في صفوفه أفضل العناصر المشاركة في هذه البطولة. وكان أيضا من أفضل اللاعبين الذين انضموا إليه بعد فوزه بهذه البطولة أسطورة كرة القدم المغربية العربي بن مبارك.

ففي سنة 1935 وقع هذا اللاعب الذي لقب بـ"الجوهرة السوداء" مع فريق الاتحاد الرياضي المغربي للدار البيضاء، لكن العربي بن مبارك لم يتمكن في الموسم الأول مع النادي من إيجاد موقع له، فكان يلعب احتياطيا، وفي باقي الوقت كان يمارس مهنته عاملا في محطة للوقود.

وفي العام التالي، نجح أخيرا في فرض نفسه بتقنياته وبأناقة لعبه. لكن بن مبارك لم يمكث سوى سنتين أخريين قبل أن يقطع البحر المتوسط للتوقيع مع فريق "أولمبيك مرسيليا"، حيث صنع فرح وسعادة الجمهور هناك.

شكل هذا الانتقال نوعا من الاعتراف بمهارة جيل بكامله من اللاعبين ممن كان الفرنسيون يسمونهم بـ"الأهالي" (les indigènes)، الذين تعلموا كرة القدم باللعب بكرات يصنعونها بأيديهم من خرق بالية تُجَمَّع وتُكوَّم وتوضع وسط خرقة كبيرة تضمها جميعا في شكل دائري يحاكي الكرات التي كان يلعب بها الفرنسيون.

فمنذ بداية الحماية أصبحت كرة القدم وسيلة للاستيعاب. وخلال الثلاثينيات من القرن الماضي، التي شهدت بزوغ الحركة الوطنية المغربية المقاومة للاستعمار، أصبحت كرة القدم وسيلة رائعة لتأكيد الهوية الوطنية والثقافية.

وبدأ ذلك بظهور أندية تتخذ ألقابها مباشرة من المرجعية الوطنية مثل "الجمعية الرياضية الرباطية-السلاوية" سنة 1923، و"الاتحاد الأدبي والرياضي الرباطي السلاوي" سنة 1926، الذي سينفصل بعد ذلك وتنبثق عنه فرق هي "الجمعية الرياضية السلاوية" و"اتحاد الفتح الرباطي"، و"المغرب الرباطي" سنة 1930، و"المغرب البيضاوي" سنة 1938، و"المغرب الفاسي" سنة 1946.

وبذلك أصبحت كرة القدم جزءا لا يتجزأ من اللعبة السياسية التي بدأت تتعارض فيها الحركة الوطنية مع السلطات الفرنسية.

محمد تيمومي Mohamed Timoumi 1986 World Cup Finals, Monterrey, Mexico, 6th June, 1986, England 0 v Morocco 0, Morocco's Mohamed Timoumi (Photo by Bob Thomas Sports Photography via Getty Images)
محمد التيمومي أحد أبرز نجوم المنتخب المغربي في مونديال 1986 (غيتي)

"وداد الأمة" أول نادٍ يقتحم عليهم الباب

لم يحن بعد وقت المطالبة بالاستقلال، لكن كرة القدم والرياضة بصفة عامة أسهمت في المطالب الإصلاحية التي رفعتها الحركة الوطنية بالمغرب، وكان الهدف الرئيس لها هو القطع مع الظلم والتمييز، والشاهد على ذلك هو تاريخ إنشاء أحد أكبر الأندية المغربية، وهو الوداد البيضاوي.

فقد بدأ كل شيء سنة 1935، حين شرع بعض المسلمين واليهود في الدخول إلى المسابح المحيطة بميناء الدار البيضاء. وإذ كان الدخول لهذه المسابح مشروطا بالانتماء لنادٍ من الأندية، فقد تكاثر انضمام المغاربة لهذه الأندية، وهو ما أقلق الأوربيين الذين بدؤوا بطرد هؤلاء من أنديتهم.

وأمام هذا الوضع، قرر كل من محمد بنجلون وعبد اللطيف بنجلون التويمي إنشاء ناد يسمح للمغاربة بولوج المسابح البيضاوية. وبعد عدة اتصالات، رخص المقيم العام الفرنسي "شارل نوغيص" بإنشاء "نادي الوداد لكرة الماء" سنة 1937.

وبعد سنتين، تم إنشاء فرع كرة القدم، وضم الفريق 10 لاعبين مغاربة وأوروبيا واحدا، فضاعف ذلك من شعبية النادي البيضاوي لدى الجماهير بشكل واسع، لأنه كان أول نادٍ يمثل المغاربة ويقارع الأوروبيين، فحظي بتشجيع المواطنين المغاربة، وهو تشجيع يختلط فيه ما هو رياضي وما هو وطني محض، فكان هذا النادي مزعجا للسلطات الفرنسية، وهذا ما جعله يحمل إلى اليوم لقب "وداد الأمة".

MEX: World Cup 1986 - Morocco v Germany
من مباراة المغرب وألمانيا في الدور الثاني من مونديال 1986 (غيتي)

وخلال سنة 1940، وبينما كانت أوروبا تغوص في عنف الحرب العالمية الثانية، تم تعليق منافسات العصبة (الدوري) المغربية، وتم إحلال منافسات أخرى محلها، سميت بكأس الحرب. وقد لمع نادي الوداد، الذي كان يلعب موسمه الأول، خلال هذه المنافسات، بوصوله إلى النهاية قبل أن يخسر بهدف لصفر أمام الاتحاد الرياضي المغربي.

وبعد ذلك بسنتين فاز الاتحاد الرياضي المغربي مرة أخرى بالبطولة. ورغم أن الفرق التي تضم أغلبية من الأوروبيين كانت متألقة في تلك المرحلة، فإن الهزيمة العسكرية لفرنسا سنة 1940 أعطت زخما جديدا للوطنية المغربية وازداد عدد الأندية المغربية.

وظهر أن نموذج الوداد أصبح مثالا وقدوة تحتذى، حيث تم تأسيس عدد من الفرق التي ستصنع مجد الكرة المغربية فيما بعد، مثل "المغرب الفاسي" (1946) و"الكوكب المراكشي" (1947) و"الرجاء البيضاوي" (1949)، على يد شخصيات وطنية مغربية، وطبعا بوجود وطنيين جزائريين يحملون الجنسية الفرنسية في مكاتبها التنفيذية.

وكانت سنة 1948 سنة تتويج الوداد البيضاوي بالبطولة، ولم يكن اللقب الذي فاز به هذا النادي إنجازا رياضيا فقط، ولكنه كان نصرا سياسيا أيضا. فالرمزية مهمة في هذا المجال، فالنادي الذي يضم أكبر عدد من اللاعبين "الأهليين" هو الذي فاز على كل الأندية الأخرى ذات الأغلبية الأوروبية. وقد شكل الفوز الرياضي للوداد والشعور بالهوية الوطنية عامل جذب لآلاف المشجعين عبر المملكة بأكملها.

"وداد الأمة" يقلق الفرنسيين

كان كل فوز للنادي البيضاوي يعدّ نصرا على سلطات الاستعمار، ومع ذلك ففي كل تنقل للوداد كان الفرنسيون يضعون طوقا أمنيا هائلا من أجل ردع حمية الجمهور المغربي، فقد كانت تستدعى الشرطة وكذلك الدرك وكتيبة السنغاليين والدبابات في بعض الأحيان أمام مداخل الملاعب.

ومن ذلك ما حدث في مدينة مكناس التي كانت تضم فريقا للفرنسيين هو نادي "الرشاد المكناسي"، وعندما حل فريق الوداد بمكناس فوجئ الفرنسيون بأن جمهورهم المحلي قد انقلب عليهم كليا وصار يشجع الوداد البيضاوي، مضمنا تشجيعه شعارات الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال، مما دفع السلطات الفرنسية إلى مواجهة الأمر بقمع شديد أسفر عن مئات القتلى.

وقد كانت تلك الحقبة حقبة تألق الثلاثي الذهبي للوداد: محمد الشتوكي وإدريس جماد وعبد السلام، هذه العناصر الثلاثة قادت النادي إلى الفوز بالبطولة 4 سنوات متتالية، بل إن فرقا إسبانية حاولت التعاقد معهم، إلا أن ولي العهد المغربي آنذاك (الملك الحسن الثاني فيما بعد) طالبهم بالبقاء في البلاد من أجل ضمان هيمنة الوداد، كنوع من الواجب الوطني. وكان ولي العهد -حسب شهادات متعددة- يأتي بانتظام للعب كرة القدم في أحياء المدينة القديمة بالبيضاء.

وفي سنة 1947 هز زلزال صغير النادي الودادي؛ فالأب جيكَو الذي كان إلى ذلك الحين مدرب النادي وصانع أمجاده وانتصاراته الكبرى غادر الوداد البيضاوي. وسيقوم بعد سنتين بتأسيس نادي الرجاء، حيث سيطبق أسلوب اللعب الأميركي الجنوبي عوض الأسلوب الأوروبي الذي كان قد طوّره في الوداد.

وقد كانت سنة مغادرة الأب جيكَو للوداد هي نفسها السنة التي فقد فيها النادي اللقب، وفاز به الاتحاد الرياضي البيضاوي، غريمه الدائم خلال حقبة الاستعمار، الذي فاز تلك السنة بلقبه الـ15.

غير أن سنة 1953 كانت أيضا سنة الاضطرابات الكبرى على الساحة السياسية، فقد أطلق نفي السلطان محمد الخامس إلى جزيرة مدغشقر العد العكسي النهائي نحو الاستقلال، وبذلك بدأ غروب الأندية المرتبطة بالمستعمرين.

وفي سنة 1955 فاز الوداد البيضاوي بلقبه الخامس والأخير خلال هذه الفترة، إذ سيعود السلطان محمد الخامس من منفاه كي يعلن استقلال المغرب، ومن ثم أسدل الستار على "عصبة المغرب" وترك المجال لبطولة أخرى ولصفحة أخرى من كرة القدم الوطنية.

المغاربة يأخذون بزمام تسيير الكرة في المغرب

في سنة 1955، وقبل الاستقلال بسنة، أخذت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المغربي لكرة القدم)، وذلك قبل حتى تأسيسها بصفة رسمية، بزمام أمور "العصبة الوطنية" التي كانت آنذاك واحدة من العصب الـ22 المنضوية تحت لواء جامعة الكرة الفرنسية (الاتحاد الفرنسي) في عهد الحماية الفرنسية.

وفي السابع من يوليو/تموز 1956 أُسّس بصفة رسمية الاتحاد المغربي لكرة القدم، وانطلق بعدئذ أول دوري مغربي في 15 سبتمبر/أيلول 1956، كما انتسب المغرب للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في 1960م. وهو كذلك عضو في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" منذ عام 1959م.

وبعد استقلال المغرب سنة 1956 انطلق أول موسم للدوري المغربي تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فتوِّج نادي الوداد البيضاوي بالنسخة الأولى لموسم 1956-1957، وهو اللقب السادس له والأول بعد الاستقلال.

وفي الموسم الذي يليه توّج نادي الكوكب المراكشي، ثم في الموسمين اللاحقين توِّج كل من "نجم الشباب البيضاوي" و"النادي القنيطري".

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1956 نظم أول جمع عام، إذ عرف حضور ذوي الكفاءات العالية من مواطني المملكة ومن تحذوه رغبة في تحمل مسؤوليات الجامعة الجديدة، وفي هذا الجمع تم توزيع المهام والسلطات وقوانين الجامعة وتحديد أعضائها ورئيسها، كما تم تحديد جغرافية العصب الجهوية (هيئات تنظم لعبة كرة القدم محليا).

وهكذا شارك في أول موسم كروي 310 فرق لكرة القدم، ضمت 6087 رخصة موزعة على 7 عصب جهوية هي: الشاوية، الغرب، الشرق، الجنوب، سوس، الشمال الشرقي والشمال.

أشهر لاعبي الكرة بالمغرب

أصبح المغرب خزانا لا ينضب لكبار اللاعبين، كالجوهرة السوداء العربي بن مبارك وعبد الرحمن بلمحجوب، وحسن أقصبي، وإدريس باموس، وأحمد فرس، وعبد المجيد ظلمي، وبادو الزاكي، ومحمد التيمومي، وعزيز بودربالة، ومصطفى حجي، وصلاح الدين بصير، ونور الدين النيبت، والقائمة طويلة.

عبد الرحمن بلمحجوب

ولد عبد الرحمن بالمحجوب بالدار البيضاء، وبدأ اللعب مع الاتحاد الرياضي البيضاوي، ثم غادر نحو فرنسا للانضمام إلى صفوف الفريق العريق "راسينغ باريس"، حيث لُقِّب بـ"أمير حديقة الأمراء"، و"حديقة الأمراء" هو اسم الملعب الذي كان يلعب فيه الفريق، ويلعب فيه حاليا فريق "باريس سان جيرمان".

تم انتقل بعد ذلك إلى "نيس" ثم "مونبولييه‮"، وفاز مع فريق "نيس" بكأس فرنسا سنة 3591 ضد فريق "أولمبيك مرسيليا".

أداؤه المتميز في البطولة الفرنسية نال إعجاب المسؤولين عن المنتخب الفرنسي، فاستدعوه للدفاع عن القميص الفرنسي، ليصبح بذلك ثاني لاعب مغربي يحمل القميص الأزرق بعد العربي بن مبارك‮.

ولم يكن ليخيّب آمال الفرنسيين، فقد تألق في كأس العالم عند مواجهة فرنسا لإسبانيا سنة 1954 بالمونديال الذي نظم في سويسرا، واستطاع تسجيل الهدف الوحيد في المباراة‮.

شدّ الرحال بعد ذلك نحو بلده المغرب، حيث أكمل مشواره الرياضي داعما صفوف الوداد البيضاوي والفريق الوطني، وزاول بعد ذلك مهنة التدريب، ودرب المنتخب الوطني المغربي لفترة من الزمن‮.‬‬‬‬

الأسطورة العربي بن مبارك

الملقب بـ"الجوهرة السوداء"، هو أول مغربي يحترف لعب كرة القدم في أوروبا، وأول من قاد فريقا كاملا من اللاعبين المغاربة المسلمين لمواجهة نظرائهم من أبناء المستوطنين الأوروبيين في مدينة الدار البيضاء، وصاحب أطول مسيرة رياضية في صفوف المنتخب الفرنسي لكرة القدم حتى الآن بما يقارب 16 عاما.

ولم يتردد الأسطورة البرازيلي "بيليه" خلال زيارته للمغرب عام 1976 في اعتبار بن مبارك أحسن لاعب على الإطلاق بين أبناء جيله، كما أهداه قميصا لنادي سانتوس البرازيلي يحمل الرقم 10، تأكيدا لاعتراف "بيليه" بنجومية اللاعب المغربي، التي ألهمت الأجيال اللاحقة.

وأما صاحب الرقم القياسي لهدافي كأس العالم الفرنسي "جوست فونطين" فعندما سُئِل عمن هو أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ: هل "بيليه" أو "ماردونا"؟ أجاب "لو كان هناك تلفزيون يسجل المباريات في الأربعينيات لما طُرح هذا السؤال عليَّ ولا على أي أحد، فالعربي بن مبارك يتفوق على الجميع".

وقد بلغ شغف الفرنسيين به إلى درجة أن الجمهور الباريسي عندما كانت تجري المفاوضات لانتقال العربي بن مبارك إلى فريق "أتلتيكو مدريد"، كان يجوب شوارع باريس في مظاهرات تحمل شعارا يقول "إذا كنتم بحاجة إلى المال، فبيعوا برج إيفيل وحافظوا لنا على العربي بن مبارك".

كومبو لثلاث نجوم المغرب حسب الترتيب من اليمين لليسار Mustapha Hadji Ahmed Faras Abdelmajid Dolmy
3 نجوم مغاربة من اليمين: مصطفى حجي وأحمد فرس وعبد المجيد الظلمي (مواقع التواصل الاجتماعي)

حسن أقصبي

يعدّ حسن أقصبي، المولود في 5 ديسمبر/كانون الأول 1934 بمدينة طنجة، من أفضل اللاعبين المغاربة المحترفين، وقد صال وجال في ملاعب الكرة الفرنسية منذ خمسينيات القرن الماضي.

بدأ مشواره الكروي مع نادي "اتحاد الفتح الرباطي" سنة 1952، ولعب له حتى سنة 1955 قبل أن يحترف في صفوف نادي "أولمبيك نيم" الفرنسي، وصنع أمجاد النادي خلال 6 سنوات ثم انتقل إلى نادي "ريمس" سنة 1961 واستمر معه 3 سنوات كانت أبهى سنوات النادي.

فقد فاز "ريمس" خلال السنوات المذكورة بكأس أوروبا في 3 سنوات متتالية بفضل حسن أقصبي، ومع حلول سنة 1963 واقتراب النادي من الإفلاس وافق على بيع أقصبي إلى "نادي موناكو"، حيث لعب له موسم 1963-1964، ليعود سنة 1965 لفريقه الأم "اتحاد الفتح الرباطي" الذي دافع عن ألوانه إلى حين اعتزاله سنة 1970، وقد صنف حسن أقصبي واحدا من أفضل المراوغين والهدافين في تاريخ البطولة الفرنسية.

إدريس باموس

ولد إدريس باموس، عميد الفريق الوطني في كأس العالم سنة 1970، بمدينة برشيد (وسط المغرب) في 15 ديسمبر/كانون الأول 1942، وتوفي بالرباط في 16 أبريل/نيسان 2015.

وفضلا عن كونه لاعب كرة قدم مغربي، كان له مسار عسكري بارز، فهو خريج مدرسة "سان-سير" العسكرية الشهيرة بفرنسا، وكان من أبرز لاعبي وسط الميدان المغاربة وصانع ألعاب المنتخب المغربي.

حمل إدريس باموس قميص نادي الجيش الملكي من 1960 إلى 1975 لاعب وسط ميدان، وفاز معه بعدة ألقاب بالدوري المغربي وكأس العرش، ولعب للمنتخب المغربي في الألعاب الأولمبية الصيفية 1964 بطوكيو.

وكان قائدا للمنتخب المغربي في كأس العالم لكرة القدم 1970، وكان حينئذ برتبة ملازم في جهاز الدرك الملكي المغربي، وتقلد منصب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من 1986 إلى 1992، وقد بلغ في مساره العسكري إلى رتبة جنرال سنة 2003.

وفي سنة 2006 اختير من طرف الاتحاد الأفريقي لكرة القدم واحدا من أحسن 100 لاعب كرة قدم أفريقي في آخر 50 سنة.

LEON, MEXICO - JUNE 6: Moroccan defender Khanousi Moulay Idriss (L) and Peruvian forward Teofilo Cubillas (C) fight for the ball during the World Cup first round soccer match between Peru and Morocco, 06 June 1970 in Leon. Cubillas scored two goals to help Peru beat Morocco 3-0. AFP PHOTO (Photo credit should read STAFF/AFP via Getty Images)
من مباراة المغرب ضد البيرو في مونديال مكسيكو 1970 (غيتي)

أحمد فرس

نجم المنتخب المغربي في السبعينيات من القرن الماضي، من مواليد مدينة المحمدية في 7 ديسمبر/كانون الأول 1946، لعب لنادٍ واحد طوال مسيرته الكروية هو "شباب المحمدية"، وطلبته عدة أندية أجنبية للعب في صفوفها مثل "ريال مدريد" الإسباني و"كوسموس" الأميركي، لكنه فضل البقاء في فريقه الأصلي.

في حوزة أحمد فرس عدة إنجازات مع المنتخب المغربي، من بينها الظهور لأول مرة في كأس العالم سنة 1970، والفوز بكأس الأمم الأفريقية سنة 1976، والحصول على الكرة الذهبية في السنة نفسها، ويعدّ هداف المنتخب المغربي على مر العصور بـ42 هدفا.

محمد التيمومي

من مواليد مدينة الرباط سنة 1960، بدأ مسيرته الكروية عام 1975 في الدوري المغربي في نادي "اتحاد توارغا" (TOUARGUA)، وهو أحد أندية العاصمة، ثم انتقل سنة 1982 إلى نادي الجيش الملكي.

لاعب وسط، كان يرتدي القميص رقم 10، وعرف بتمريراته الحاسمة ومراوغاته المميزة، ولذلك يعدّ إلى جانب باموس من أفضل من حمل الرقم 10 في تاريخ المغرب.

لعب محمد التيمومي في صفوف منتخب بلاده من عام 1979 حتى عام 1990، واستطاع مع فريق "نادي الجیش الملكي" الفوز بلقب دوري أبطال أفريقيا، وشارك أيضا في هذه البطولة عام 1986، وفاز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا حائزا الكرة الذهبية عام 1985.

شارك مع منتخب بلاده في كأس العالم في المكسيك 1986، حيث تألق الأسطورة المغربي في المونديال ونال إعجاب الجميع واختير في منتخب العالم.

أسهم تألقه في مونديال المكسيك في أن يبدأ مشواره الاحترافي خارج بلده حيث انضم إلى نادي "مورسيا" الإسباني، ثم انتقل إلى الدوري البلجيكي منضما لنادي "لوكيرين"، وكانت خاتمة مشواره الاحترافي في دوري سلطنة عمان.

Badou Zaki, former Moroccan goalkeeper and coach, shows the name of Monterrey during the draw for the 2013 Club World Cup in Marrakech on October 9, 2013. Morocco will host this year's tournament with European champions Bayern Munich and Copa Libertadores winners Atletico Mineiro. AFP PHOTO /FADEL SENNA
بادو الزاكي حارس المنتخب المغربي في الثمانينيات من القرن الماضي (الفرنسية)

بادو الزاكي

الحارس الأسطوري، حارس مرمى المنتخب المغربي السابق ومدرب المنتخب في دورتين، النجم بادو الزاكي، من مواليد أبريل/نيسان 1959، لعب في صفوف منتخب بلاده من عام 1979 حتى عام 1992، وشارك معه في 118 مباراة.

تألق الزاكي في مونديال المكسيك عام 1986، حيث شارك في 4 مباريات واستطاع أن يدافع عن عرينه بمهارة، فلم يدخل شباكه إلا هدفان، استطاع أن يصدّ في المونديال هدفا محققا من تسديدة قوية من النجم الألماني كارل هانز رومنيغه.

حاز عام 1986 جائزة أفضل حارس مرمى أفريقي، كما فاز في السنة نفسها بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في أفريقيا، واختير من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضمن قائمة أفضل حراس المرمى في التاريخ.

وقد حقق تاريخا مشرفا مع نادي ريال مايوركا الإسباني، كما حقق مع المنتخب كثيرا من الإنجازات الفردية والجماعية، فقد تألق الزاكي بمهارته في صد كرات أكبر نجوم العالم في الدوري الإسباني، مثل الألماني كومان والمكسيكي سانشيز.

اختير ليكون أفضل لاعب أجنبي في الدوري الإسباني في عامي 1986 و1987، واختير أفضل حارس مرمى في الليغا الإسبانية، فيما يعرف بجائزة "زامورا" في المواسم 1986-1987، 1987-1988، 1988-1989، واستطاع الزاكي قيادة فريقه ريال ماريوركا إلى نهائي كأس إسبانيا لأول مرة في تاريخ النادي عام 1992، وأقام له النادي تمثالا وسط جزيرة مايوركا عام 1992، تقديرا وتكريما لما قدمه للنادي.

وبعد أن اعتزل هذا الحارس الأسطورة لعب كرة القدم توجه عام 2001 إلى مزاولة مهنة التدريب ودرب فرقا كثيرة استطاع أن يوصلها إلى مراتب متقدمة في المنافسات. ومن الفرق التي دربها الزاكي: فريق "الوداد الرياضي" ونادي "الفتح الرياضي، ونادي "شباب المحمدية"، و"الكوكب المراكشي"، وفريق "المغرب الفاسي"، ودرب منتخب بلاده من 2004 إلى 2005، وأيضا من 2014 حتى 2016. ومن بين إنجازاته وهو مدرب للمنتخب المغربي الوصول إلى نهائي كأس أمم أفريقيا في تونس عام 2004.

عبد المجيد الظلمي أحد النجوم التاريخيين للمنتخب المغربي ونادي الرجاء البيضاوي (مواقع التواصل الاجتماعي)

عبد المجيد الظلمي

من مواليد حي درب السلطان، معقل فريق الرجاء البيضاوي بالدار البيضاء، في 19 أبريل/نيسان 1953، لاعب تميز بدماثة خلقه، وحسن سلوكه، داعب كرة القدم في الأزقة قبل أن يلتحق بشباب الرجاء سنة 1971 ليتحول بعدها إلى أحد أعمدة الفريق الأول لمدة تزيد على عقدين.

كان عبد المجيد الظلمي يلقب بالمايسترو، حيث اعتاد المغاربة مشاهدته وهو يبدع على أرضية الميدان بلمساته الفنية وتمريراته الأنيقة، وكان يقف جدارا في وسط دفاع الرجاء الرياضي والمنتخب المغربي رغم نحافة جسمه، وكذلك يمد خط الهجوم بتمريرات محكمة وأنيقة.

لعب الظلمي مع الرجاء لأزيد من 17 سنة، فاز فيها بـ3 كؤوس للعرش، وصنع لاسمه مكانا في قلوب الجماهير المغربية.

وعلى مستوى المنتخب المغربي عاصر الظلمي حقبة من النجوم من وزن فرس وعسيلة والهزاز والشريف، وبعد ذلك أصبح العصب الحيوي لخط وسط المنتخب المغربي، وكان ممن عاصروا مجد تتويج المنتخب بكأس أفريقيا في المرة الوحيدة في تاريخ المغرب.

ثم عاد ليزيّن تشكيلة المنتخب المغربي التي قادها الحارس بادو الزاكي، والتي توهجت طوال سنوات الثمانينيات، وكان لها شرف التأهل للدور الثاني في كأس العالم 1986، في سابقة هي الأولى من نوعها لمنتخب عربي وأفريقي.

اعتزل الظلمي اللعب دوليا مع المنتخب المغربي سنة 1988، غير أنه واصل مساره مع الرجاء حتى عام 1991، وبعد سنة كرّمته منظمة اليونسكو بجائزة اللعب النظيف، ليكون بذلك أول لاعب في العالم يحصل على هذه الجائزة.

فالظلمي لم يتلقَّ على امتداد مساره الكروي الطويل أي ورقة، لا صفراء ولا حمراء، وهذا أمر مستغرب لللاعب وسط ميدان دفاعي، فقد كان أنقيا جدا في لعبه، يستخلص الكرة من خصمه بهدوء غير معهود ويمررها لزملائه المهاجمين بنفس الدقة والأناقة.

توفي الظلمي سنة 2017 عن عمر ناهز 64 سنة بعد نوبة قلبية أوقفت حياته وتركت خلفها ذكريات أسطورة يصعب أن تتكرر في هذا الزمن.

مصطفى حجي أحد نجوم المنتخب المغربي في التسعينيات من القرن الماضي (الجزيرة)

مصطفى حجي

مصطفى حجي، من مواليد 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1971، في قرية إفران الأطلس الصغير جنوب المغرب، بدأ مسيرته الكروية مع نادي نانسي الفرنسي في عام 1991، ولعب له حتى عام 1996، وفي موسم 1996/1997 انتقل إلى نادي "سبورتنغ لشبونة" البرتغالي.

وفي عام 1997 انتقل إلى نادي "ديبورتيفو لاكارونيا" الإسباني، وفي عام 1999 انتقل إلى نادي "كوفنتري سيتي" الإنجليزي ولعب له حتى عام 2001، ثم انتقل إلى نادي "أستون فيلا" الإنجليزي ولعب له حتى عام 2004، ثم انتقل إلى نادي "إسبانيول الإسباني"، وفي موسم 2004/2005 انتقل إلى نادي "الإمارات الإماراتي"، ثم انتقل في عام 2005 إلى نادي "ساربروكن" الألماني ولعب له لموسمين (2005-2007).

ومرة أخرى، قرر الاعتزال ومغادرة المستديرة، لكن فريق "فولا إيسش اللوكسمبورغي" أقنعه باللعب ووقع عقدا في بداية موسم 2007 حيث لعب في صفوف الفريق 44 لقاء وسجل 25 هدفا قاده بها لتحقيق الصعود إلى الدوري الممتاز، ثم اعتزل الكرة بعد ذلك.

لعب مصطفى حجي مع المنتخب المغربي لكرة القدم بين عامي 1993 و2004، شارك خلالها في أزيد من 60 لقاء دوليا سجل خلالها 13 هدفا، وهو صاحب أشهر هدف في مرمى منتخب مصر في التسعينيات، في المباراة التي انتهت بهزيمة الفراعنة على يد المنتخب المغربي، وحاز سنة 1998 لقب أحسن لاعب في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم (الكرة الذهبية).

حجي والمنتخب المغربي

مرت الكرة المغربية بفترة فراغ بعد جيلها الذهبي في الثمانينيات، فغاب بعدها النجوم وتراجع مستوى "أسود الأطلس"، خصوصا بعد خيبة الأمل في نهائيات كأس الأمم الأفريقية عام 1992، فراح المسؤولون يبحثون عن البديل أو المنقذ، فكان في اللاعبين المغتربين في الخارج، ووقع الاختيار على لاعب الوسط وصانع الألعاب مصطفى حجي.

كان المنتخب المغربي يقيم معسكرا تدريبيا في فرنسا استعدادا لتصفيات كأس العالم 1994، عندما اكتشف المسؤولون المغاربة اللاعب مصطفى حجي.

في ذلك الوقت كان يلعب مع "نانسي" الفرنسي، فأعجب الجهاز الفني بقيادة المدربين المحليين عبد الله بليندة وعبد الغني الناصيري بمؤهلاته الفنية، خصوصا أن المنتخب كان بحاجة إلى صانع ألعاب بحجم حجي آنذاك، فعرضوا عليه اللعب للمغرب ووافق على الفور رغم إلحاح المنتخب الفرنسي في طلبه.

ولم يخيّب حجي الآمال، وأبان عن مؤهلات فنية عالية وعن أحقيته في حمل القميص الوطني، وقدم أداء رائعا، خصوصا في المباراة الحاسمة ضد زامبيا، والتي كانت جواز السفر إلى المونديال الأميركي. لعب حجي في مونديال أميركا وكان صاحب التمريرة الحاسمة لهدف حسن ناظر ضد هولندا.

وتألق حجي مع منتخب بلاده في مونديال 1998 في فرنسا، خصوصا في المباراة ضد النرويج (2-2)، حيث سجل الهدف الأول في المباراة وضد أسكتلندا (3-صفر) ليحرز المغرب 4 نقاط، لكن الهزيمة المفاجئة للبرازيل أمام النرويج أقصت المغرب من الدور الأول.

سنة 1998 كانت مترعة بالأحداث بالنسبة لمصطفى حجي، فقد أسهم إسهاما كبيرا في تأهل المغرب لمونديال فرنسا وكأس الأمم الأفريقية ببوركينا فاسو، حيث كان هدفه الأكروباتي بضربة المقص ضد منتخب مصر أحسن هدف في البطولة، ومن أحسن الأهداف في تاريخ كأس أفريقيا، وتمكن مرة أخرى في العام نفسه من تسجيل هدف آخر رائع أيضا ضد مصر، وذلك خلال إقصائيات كأس العالم 2002.

الكرة الذهبية

في سنة 1998 حصل على الكرة الذهبية الأفريقية، ليصبح رابع مغربي ينال هذا الشرف بعد أحمد فرس 1975 ومحمد التيمومي 1985 وبادو الزاكي 1986، كما أحرز جائزة أحسن لاعب في كأس أمم أفريقيا 1998.

اللاعب الأسطورة

منح مصطفى حجي جائزة اللاعب الأسطورة، ليدخل بذلك ضمن اللاعبين الأسطوريين في القارة السمراء، وقد نال هذا اللقب سنة 2011 في حفل كبير نظمه الاتحاد الأفريقي على شرف نجوم القارة السمراء.

قائمة اللاعبين المغاربة المميزين لا تكاد تنتهي، فلا أحد يمكن أن ينسى إبداعات مصطفى شكري (بيتشو)، ولا إبراهيم طاطوم والحسن شيشا وعبد الله الأنطاكي وعبد الله الزهر، وغيرهم كثير.

مونديال قطر 2022

وتبقى أكبر محطة تاريخية في كرة القدم المغربية هي تأهل أسود الأطلس إلى نصف نهائي مونديال قطر، ودخولهم ضمن أحسن 4 فرق في العالم (الأرجنتين، فرنسا، كرواتيا، المغرب).

بقيادة المدرب المغربي وليد الركراكي -الذي تسلّم الدفة قبل شهرين فقط من بداية المونديال- دخل أسود الأطلس المنافسة بطموح المرور إلى الدور الثاني، حيث تعادلوا في أول مباراة مع كرواتيا من دون أهداف، وهزموا بلجيكا بهدفين لصفر، ثم هزموا كندا بهدفين مقابل هدف، وهكذا تصدروا مجموعتهم بـ7 نقاط وعبروا إلى دوري الـ16.

في مباراة الدور الثاني مع إسبانيا كبر الحلم المغربي، حيث انتهت المباراة بالتعادل السلبي، وفاز المغرب بضربات الترجيح، ثم كبر الحلم أكثر فأطاح المغرب بالبرتغال في مباراة ربع النهائي بهدف لصفر، ليقابل فرنسا في نصف النهائي، وانهزم أمامها بهدفين لصفر.

وأنهى المنتخب المغربي حلم مونديال قطر 2022 في المرتبة الرابعة بعد هزيمته أمام كرواتيا في مباراة الترتيب بهدفين لهدف.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية