جون بول ستاب.. طبيب عسكري أميركي كان وراء فرض حزام السلامة في السيارات

جون بول ستاب اشتهر بسبب تجاربه بلقب "أسرع رجل على وجه الأرض" (غيتي إيميجز)

جون بول ستاب (1910-1999)، طبيب وعقيد في سلاح الجو الأميركي، حاز على درجة الدكتوراه في الفيزياء الحيوية في جامعة أوستن من ولاية تكساس الأميركية.

يعتبر رائد الأبحاث والتجارب في مجال تسارع وتباطؤ المركبات والطائرات وتأثيراتها على جسم الإنسان، ويعود الفضل لتجاربه في تطوير مجال سلامة الرحلات الجوية، واشتهر جراء تجاربه بلقب "أسرع رجل على وجه الأرض".

المولد والنشأة

ولد جون بول ستاب يوم 11 يوليو/ تموز 1910 في مدينة ساو سلفادور باهيا البرازيلية، كان والده تشارلز فرانكلين ستاب ووالدته ماري لويز ستاب قسّين من المبشّرين المعمدانيين الأميركيين، وكرسا حياتهما للدعوة إلى المسيحية.

الدراسة والتكوين

سجّله والداه سنة 1923 في مدرسة براونوود تكساس الثانوية، وهو في سن الـ13، ثم انتقل إلى أكاديمية سان ماركوس باتيست في الولاية نفسها.

حصل سنة 1931 على درجة البكالوريوس في العلوم، ولكن تكاليف الدراسة الباهظة حالت دون التحاقه بإحدى الجامعات لدراسة الطب، فاختار البقاء في بايلور، وحصل سنة 1932 في جامعتها على درجة الماجستير في علم الحيوان، ثم على درجة الدكتوراه في الفيزياء الحيوية من جامعة أوستن تكساس سنة 1940.

سنة 1941 أتيحت له فرصة الالتحاق بجامعة توين سيتيز من ولاية مينيسوتا، حيث حصل سنة 1944 على شهادة جامعية في الطب، ختمها بتدريب في مستشفى سانت ماري في دولوث مينيسوتا.

جون بول ستاب أجرى العديد من الرحلات الجويّة لاختبار أنظمة التنفس والأكسجين (غيتي إيميجز)

المسيرة المهنية والعلمية

في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1944 انضم إلى سلاح الجو الأميركي ليشغل منصب طبيب جراح في قاعدة دايتون من ولاية أوهايو الأميركية.

منذ 1945 أدرك المشرفون على القواعد الجوية الأميركية الحاجة إلى سلسلة شاملة من الدراسات تؤدي إلى استخلاص قواعد ومفاهيم علمية مضبوطة قابلة للتطبيق لحماية ركاب الطائرات في حالات السقوط أو الهبوط الاضطراري الخطير.

وقع الاتفاق على أن المرحلة الأولى من البرنامج يجب أن تركّز على تطوير المعدات والأجهزة التي يمكن من خلالها محاكاة حوادث الطائرات، ودراسة صلابة مواد صنع المقاعد، ومدى تحمّل الجسم البشري لظروف سقوط الطائرات.

في 1946 تم تعيين ستاب في مختبر طب الملاحة الجوية، حيث شغل منصب مدير مشروع، وعمل مستشارا طبيا في فرع الفيزياء الحيوية.

المشكلات التي كانت تواجه الطيارين وجنود سلاح الجو الأميركي تمثلت في التشوهات العظمية أو الانحناءات، وتهاوي ضغط الدورة الدموية وآلام في المفاصل والرأس وقصور حاد في البصر وفقدان للوعي يؤدي إلى حوادث مميتة للطيارين.

لذلك تضمّنت مهمّته الأولى في هذا المختبر إجراء العديد من الرحلات الجويّة لاختبار أنظمة التنفس والأكسجين المختلفة في الطائرات غير المضغوطة على ارتفاع 40 ألف قدم (12.2 كيلومترا).

إحدى التجارب التي كان يجريها جون بول ستاب لاختبار مدى تحمل جسم الإنسان لقوة الضغط (غيتي إيميجز)

نجح ستاب في التوصل لحلول جذرية لهذه المشكلات، إضافة إلى صعوبات أخرى كانت تعيق السير الآمن لعمليات التحليق العسكري، وبذلك أوكلت له في مارس/آذار 1947 مهمة الإشراف على مشروع التباطؤ (المرور من السرعة صفر إلى سرعات عالية جدا ثم التوقف الفجائي).

في 1947 كانت القواعد العلمية المعمول بها في مجال تحمّل الجسم البشري للتسارع والتباطؤ الفجائي للسرعة لا تسمح بتجاوز قوة الجاذبية بأكثر من 18 مرة، وكان عليه -في المراحل الأولى للتجارب التي أجراها- الاعتماد على دمية بشرية تحاكي الجسم في الوزن والطول ومادة الصنع.

اقتنع ستاب بأن الاستنتاجات والبراهين العلمية الصحيحة يجب استخلاصها عن طريق إقحام الإنسان في هذه التجارب، لذلك قرّر القيام بها بنفسه، معرضا حياته للخطر مقابل اكتشاف درجة التحمّل القصوى للجسم والأضرار الناجمة عن التعرض لضغط جاذبية يتجاوز بكثير المعايير المتفق عليها.

تتمثل التجارب في تصميم مزلجة تزن حوالي 680 كيلوغراما، ووضعها على مسار سكة حديدية بطول 610 أمتار ثم القيام بتسريعها بواسطة عدة صواريخ دفع وفرملتها فجأة عن طريق مكبح هيدروليكي قبل 15 مترا من نهاية المسار وملاحظة آثار هذه العملية على جسم الإنسان في محاكاة سقوط الطائرة.

في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1954، وفي أخر مراحل التجارب التي قام بها ستاب، عرّض جسمه إلى قوة تعادل 46.2 مرة قوة الجاذبية، وهي قوة تفوق بـ3 أضعاف المعايير العلمية السابقة المتفق عليها، وعانى جراء ذلك من إصابات متنوعة بما في ذلك كسور في الأطراف والقفص الصدري، وانفصال في شبكية العين وصدمات متنوعة أدت إلى قصور في النظر نجم عن انفجار الأوعية الدموية للعين.

جون بول ستاب أجرى تجارب عدة ليثبت جدوى حزام السلامة في السيارات (غيتي إيميجز)

نتائج تجارب ستاب

لتجنب حوادث الطيران القاتلة الناجمة عن التحليق على مستويات عالية، استخلص ستاب جملة من التوصيات التي كان لها دور رئيسي في تطوير التجهيزات المعدّة للطيارين ومنها:

وجوب خضوع الطيارين لحصص تنفس اصطناعي للأكسجين لمدة 30 دقيقة قبل الإقلاع بالطائرة، وأدت هذه التوصية إلى تطوير تصميم البدلات الخاصة بهم وتزويدها بأقنعة أكسجين ذات ضغط يعدّل حسب السرعة.

  • تطوير تقنيات حساب وتعديل ضغط الطائرات.
  • تطوير آليات السلامة ومواد تصنيع الطائرات للتحليق على مسافات عالية.
  • تطوير تقنيات قذف المقاعد المعدّة للطيارين والنزول بالمظلات في حال سقوط الطائرة.
  • إدراج أحزمة الأمان لكل المركبات، بما في ذلك السيارات، حيث أصبح من الدعاة الشرسين المطالبين بوضعها في السيارات، وفي 1966 وقّع الرئيس الأميركي ليندون جونسون قانونا يجبر مصنّعي السيارات على تزويدها بأحزمة أمان.
جون بول ستاب نال جوائز وأوسمة عدة خلال مسيرته العلمية والعملية (غيتي)

الجوائز والأوسمة

  • في سنة 1973 حصل على ميدالية إليوت كريسون من معهد فرانكلين.
  • في سنة 1979 تم إدراج اسمه في قاعة مشاهير الفضاء الدولية وإحداث فضاء جون بول ستاب التابع لمتحف نيومكسيكو لتاريخ الفضاء.
  • في سنة 1991 حصل على الميدالية الوطنية للتكنولوجيا لأبحاثه حول "تأثير القوة الميكانيكية على الأنسجة الحيّة"، التي أدت إلى تطوير تكنولوجيا الحماية من التصادم.

الوفاة

توفي جون بول ستاب في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1999 عن عمر 89 عاما في منزله في ألامورغوردو بولاية نيومكسيكو.

المصدر : مواقع إلكترونية