معسكر أقصى اليمين الإسرائيلي.. أهدافه ومكوناته الحزبية

معسكر أقصى اليمين الإسرائيلي، تحالف يجمع أحزابا يمينية متطرفة. تجمّع المعسكر برئاسة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، وهدف إلى الإطاحة بالحكومة اليسارية في انتخابات الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي 2022، استطاع حصد ما مجموعه 64 من أصل 120 مقعدا، مما يؤهله لتشكيل حكومة جديدة.
النشأة والتأسيس
هو تحالف مكون من عدّة أحزاب يهودية دينية هي "حزب الليكود" و"حزب شاس" و"حزب الصهيونية الدينية" و"حزب يهودت هتوراه"، تجمعها الأيدولوجيا المتشابهة، بقيادة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
يهدف التحالف إلى الإطاحة بمعسكر اليسار الحاكم، وتعزيز الجهود اليمينية للفوز بانتخابات الكنيست الإسرائيلي التي تقام في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
بدأ صعود اليمين على الساحة الإسرائيلية منذ سبعينيات القرن الماضي، وأخذ مكانته في الكنيست الإسرائيلي والحكومة منذ انتخابات 2003.
وقد حصد المعسكر 64 مقعدا في الكنيست من أصل 120 مقعدا، أي ما يؤهله لتشكيل حكومة جديدة، برئاسة نتنياهو.
الأحزاب
من أهم أحزاب تحالف معسكر أقصى اليمين المتطرف:
"حزب الليكود"
يعرف "حزب الليكود" بأنه حزب صهيوني من اليمين الليبرالي، يؤمن بفكر المحافظين الجدد.
تشكل الليكود باندماج حزبين هما الحزب الليبرالي و"حيروت" (أسسه رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن عام 1948) ليشكلا معا حزبا وسطا يميل أكثر نحو اليمين، وذلك عام 1973.
وقد وصل الليكود إلى السلطة أول مرة منذ تأسيسه عام 1977، بفوز مناحيم بيغن على زعيم حزب العمل آنذاك شمعون بيريز، وبذلك كانت أول هزيمة لحزب العمل منذ تأسيس دولة إسرائيل.
حكم "حزب الليكود" إسرائيل بين عامي 1977 و1984، ثم بين عامي 1986 و1992، وبين عامي 1996 و1999، ووصل الحزب إلى السلطة بين عامي 2001 و2005، بقيادة آرييل شارون، قبل أن ينشق الأخير ليشكل حزبا جديدا باسم "كاديما"، ويتسلم من بعده بنيامين نتنياهو رئاسة الحزب إلى عام 2009.
وخاض الحزب انتخابات الكنيست التي أقيمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 برئاسة نتنياهو وحصل على 32 مقعدا.
الصهيونية الدينية
يعدّ "حزب الصهيونية الدينية" امتدادا لحزبي كاخ ومنظمة "غوش أيمونيم"، وليس وريثا للأحزاب الدينية القديمة التي ظهرت في إسرائيل بداية القرن الماضي عام 1902.
وحزب كاخ هو منظمة إسرائيلية يمينية متطرفة أُنشئت عام 1971، وتقوم أيديولوجيتها على التوراة والعنف المسلح لتحقيق آمال الصهيونية، وأعلنتها إسرائيل حركة إرهابية عام 1994 عقب مجزرة الخليل، وصدر أمر باعتقال إداري بحق 5 من قادتها.
أما منظمة "غوش أيمونيم" فقد أعلنت بشكل رسمي عام 1974، تحت شعار "أرض إسرائيل لشعب إسرائيل، وفقا لتوراة إسرائيل" ومع أن هدف الحركة السيطرة على الأراضي الفلسطينية، إلا أن الاهتمام ببناء "المعبد" وإعادة تأسيس "المملكة التوراتية" غلب على أعضائها.
ويتكون "حزب الصهيونية الدينية" من اتحاد الصهيونية الدينية والقوة اليهودية و"حزب نوعم" المتطرف، وقد حصد الحزب 14 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي في دورة الانتخابات الـ25 التي أقيمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
"حزب شاس"
تأسس "حزب شاس" عام 1984، ويمثل الشريحة المتدينة اليهودية من أصول شرقية في إسرائيل.
بلغ "شاس" ذروة قوته في انتخابات عام 1999 عندما حصل على 17 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي، قبل أن يتراجع تمثيله إلى 12 مقعدا عام 2006، إلا أنه تساوى مع "حزب الليكود"، وأصبح القوة الدينية الأولى والسياسية الثالثة في إسرائيل.
لعب "حزب شاس" دورا فاعلا بالحياة السياسية في إسرائيل منذ نشأته حتى الآن، على عكس الأحزاب الدينية الأخرى في الكنيست، التي تركز على القضايا الدينية وتعطيها الأولوية، فهو عادة ما ينضم إلى الائتلافات الحكومية المتشكلة في أعقاب انتخابات الكنيست الإسرائيلي، إلا أن مواقفه السياسية توصف بالمتباينة وتميل أحيانا إلى الوسطية؛ فهو يؤيد التفاوض مع الفلسطينيين وفي الوقت ذاته يطرح مواقف متصلبة حيال مختلف القضايا المتفاوض عليها.
ويدعم الحزب الاستيطان، ولكنه يرفض التفاوض حول مستقبل مدينة القدس ويرفض التفاوض مع الدول العربية إن لم تشترط التعويض على اليهود الذين "فقدوا ممتلكاتهم بعد هجرتهم من دول المنطقة" على حد تعبيرهم.
وتتشكل مواقف "حزب شاس" السياسية عادة من خلال موقف الحاخام عوفاديا يوسيف إزاء كل قضية على حدة.
"حزب يهودت هتوراه" (التوراة اليهودية الموحدة)
حزب يميني ديني سياسي إسرائيلي متشدد تأسس عام 1992، يدعو إلى إقامة دولة يهودية تقودها القوانين الدينية، ويرفض التفاوض مع الفلسطينيين.
عبر مساره السياسي لم يشارك حزب "يهودات هتوراه" إلا في حكومة تستجيب لمطالب ناخبيه، وقد عرف ببعده في الغالب عن تولي حقائب وزارية، والاكتفاء بموقع نائب وزير هربا من تحمل المسؤولية السياسة لاعتبارات يقول إنها دينية.
حصل الحزب في انتخابات الكنيست عام 2013 على 7 مقاعد، ودخل مع حزب "شاس" في تكتل حزبي، وحصل معه في انتخابات عام 2022 على 18 مقعدا في الكنيست.
الفكر والأيديولوجيا
تتبنى أحزاب معسكر اليمين المتطرف أفكارا متشابهة إلى حد كبير تجعلها تتحد في نهجها، وتتعاون مع بعضها.
فتبنى "حزب الليكود" التوجه اليميني الليبرالي، ويعرف بأنه حزب صهيوني يؤمن بفكر المحافظين الجدد، وضع لنفسه جملة أسس تشكل دستوره أو توجهه المذهبي والسياسي، أبرزها إيمانه بما يسميه إسرائيل التاريخية، وتهجير اليهود من العالم العربي وغيره إليها.
من تلك الأسس "منح" الفلسطينيين حكما ذاتيا مع احتفاظ إسرائيل بكل ما يتعلق بالخارجية والأمن، والدخول في مفاوضات ثنائية مباشرة مع دول الجوار العربية وتوقيع معاهدات منفردة، بالإضافة إلى حرية الاستيطان واستمراره.
فيما يعتمد المنطلق الأيديولوجي والفكري للصهيونية الدينية على "التوراة" كأساس يمنح اليهود "الحق" في إقامة وطن قومي بفلسطين، وذلك على عكس التيارات الدينية اليهودية الأخرى التي ترى أن قيام "إسرائيل اليهودية" يتحقق فقط بمجيء "المخلّص".
وبالإضافة إلى الأيديولوجية التوراتية، يستند أتباع الصهيونية الدينية إلى مواعظ الحاخامات والفكر المتأصل الذي يخرج من المدارس والمراكز الدينية اليهودية المنتشرة بالضفة والقدس، وهو الفكر الذي يغذي الاستيطان هناك.
أما "حزب شاس" اليميني الديني فيؤيد فكرة المزج بين الديانة اليهودية ومؤسسات الدولة ويدعو إلى تخصيص مساعدات مهمة لطلاب المدارس التلمودية.
ويتبنى "حزب يهودت هتوراه" توجها يمينيا دينيا متشددا، ويرى أنه يتوجب وضع تعاليم التوراة مرجعا لسياسة إسرائيل على المستوى الداخلي والخارجي، ويدعو إلى ضرورة إقامة دولة يهودية تحكمها القوانين الدينية، كما يرفض المفاوضات مع الفلسطينيين.
وتختلف أحزاب اليمين المتطرف، سياسيا وأيديولوجيا عن اليمين التقليدي، بدعوتها لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية والإعلان عن الدولة اليهودية في كل فلسطين التاريخية، ورفض منح أي درجة من الاستقلال الذاتي للفلسطينيين.
وبينما يستند اليمين المتطرف في شعبيته الانتخابية على المستوطنين (بلغ عددهم حوالي مليون بالضفة والقدس) فإنه يدعو إلى دعم وتكريس المشروع الصهيوني على هذه الأراضي خاصة، دون الالتفات للحساسيات الخارجية والموقف الأميركي والأوروبي.
الأعلام والرموز
من أهم أعلام ورموز معسكر اليمين المتطرف:
بنيامين نتنياهو
ولد يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1949 في مدينة القدس، وحصل على "لقب أول في العلوم" (BSc) بالهندسة المعمارية و"لقب ثان في العلوم" (MSc) بإدارة الأعمال من معهد "ماساتشوستس للتقنية" (MIT) في الولايات المتحدة، ودرس العلوم السياسية في جامعة هارفارد ومعهد "ماساتشوستس للتقنية".
شغل مناصب سياسية وإدارية عدة، من أهمها رئاسة "حزب الليكود"، ورئاسة وزراء إسرائيل، وقضى أطول فترة في منصب رئاسة الوزراء، وصلت إلى 15 عاما، من بينها 12 عاما متواصلا، كانت الفترة الأولى ما بين 1996-1999، ثم توالت فتراته الثانية والثالثة والرابعة منذ عام 2009 وحتى عام 2021.
نجح نتنياهو في إبرام 4 اتفاقيات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، ونجح كذلك في إخراج البلاد من الإغلاق بعدما أطلق حملة تطعيم طموحة ضد فيروس كورونا.
إيتمار بن غفير
محام وناشط سياسي إسرائيلي يعرف بانتمائه لليمين المتطرف، رئيس فصيل "العظمة اليهودية" (عوتسما يهودت)، وأحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي، ومشارك أكثر من مرة في محاولات اقتحام المسجد الأقصى.
عرف بعنصريته تجاه العرب وعدائه لهم، واشتهر بوضعه صورة منفذ عملية مجزرة المسجد الإبراهيمي على جدار منزله ووصفه بالبطل، ويطمح إلى تسلم حقيبة الأمن أو الدفاع في تشكيل الحكومة الإسرائيلية لدورة انتخابات الكنيست الـ25 التي أقيمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
بتسلئيل سموتريتش
نائب من "البيت اليهودي"، وهو من حزب "تكوما" الشريك في البيت اليهودي، من مواليد 1980، وصل إلى الكنيست الإسرائيلي لأول مرة عام 2015.
وهو مدير جمعية "زعافيم" اليمينية المتطرفة التي تلاحق الفلسطينيين وتحل أراضيهم في مناطق 48 و67، وله دور بارز وفعال في أحداث حي الشيح جراح، يعرف بعدائه للفلسطينيين، وقيامه بالكثير من حملات التخريب والاقتحامات لمنازلهم وإيذائهم واعتقالهم.
أبرز المحطات
نجح معسكر اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو في تغيير مسار العملية السياسية، وقلب نتائج الانتخابات، والإطاحة بمعسكر اليسار الحاكم، وذلك في دورة انتخابات الكنيست الـ 25 التي أقيمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إذ استطاع المعسكر بسبب توحده ودعمه لنتنياهو بحصد ما مجموعه 64 مقعدا من أصل 120 مقعدا، مما يؤهل نتنياهو إلى تشكيل رئاسة وزراء جديدة، وتوزيع الحقائب الوزارية وفقا للأحزاب والمقاعد التي حصلت عليها.