دافع عن مبارك وجاسوس إسرائيلي وقاتل نيرة أشرف.. فريد الديب محامي المشاهير في مصر

epa05115341 Egyptian lawyer Farid al-Deeb, lawyer of former Egyptian President Hosni Mubarak, at the High Court, Cairo, Egypt, 21 January 2016. Egypt's highest appeals court adjourned the retrial of former president Hosni Mubarak until April on charges related to protester killings in an uprising that ended his rule. EPA/KHALED ELFIQI
فريد الديب كان يقول إنه يدافع عن سلامة تطبيق القانون بغض النظر عن المتورطين في القضايا (وكالة الأنباء الأوروبية)

فريد الديب، محام مصري شهير ولد عام 1943 ووافته المنية الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2022 عن عمر 79 سنة بعد صراع مع مرض سرطان الدم. بدأ حياته في النيابة العامة قبل أن يصبح واحدا من أشهر المحامين في مصر وأكثرهم إثارة للجدل.

تولى الدفاع عن مشاهير كثر من الفنانين والسياسيين، لكن اسمه ارتبط أكثر بالدفاع عن الرئيس الراحل محمد حسني مبارك بعد ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011، كما عرفه المصريون حين كان محاميا للجاسوس الإسرائيلي عزام عزام عام 1996.

عرف عنه الأداء المسرحي في جلسات المحاكمات واللقاءات التلفزيونية، حتى باتت بعض مقاطعه المصورة من الأكثر تداولا بين الحين والآخر.

المولد والنشأة

ولد فريد الديب يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول عام 1943 في حي القلعة بالعاصمة المصرية القاهرة، وفي حي السيدة زينب التاريخي تلقى تعليمه الابتدائي وحفظ القرآن الكريم.

التحق الديب بكلية الحقوق سنة 1958 وتخرج فيها عام 1963 بتقدير جيد جدا، وعقب التخرج تم تعيينه وكيلا للنيابة العامة، وفي هذه الوظيفة تنقل الديب في مناطق عدة، منها نيابة جنوب القاهرة، ونيابة منطقة الوايلي شرق القاهرة.

بعد سنوات من العمل في النيابة العامة، تمت إقالة الديب من القضاء المصري ومعه عشرات القضاة وأعضاء بالنيابة يقدرهم البعض بنحو 200، وذلك في الواقعة المعروفة تاريخيا بمذبحة القضاة عام 1969 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث تم حل مجلس نادي القضاة وتعيين آخر موال للنظام، وفصل عشرات القضاة وأعضاء بالنيابة ونقل آخرين لجهات حكومية غير قضائية.

انتقل الديب للعمل في وزارة العمل ثم في جامعة الدول العربية عبر المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، لكنه استقال لينتقل للعمل في المحاماة.

بعد وفاة عبد الناصر قضت محكمة النقض بإعادة فريد لمنصبه في النيابة في 15 يناير/كانون الثاني 1972، لكنه استقال بعدها بنحو شهر، ليعود للمحاماة التي وجد فيها نفسه، لتبدأ في العام نفسه رحلة أحد أشهر المحامين في مصر وأكثرهم إثارة للجدل.

محامي المشاهير

ارتبط اسم الديب بالدفاع عن مشاهير المجتمع المصري مثل الأديب العالمي نجيب محفوظ والكاتب محمود السعدني، والممثلة يسرا والممثل ثناء شافع والراقصتين نجوى فؤاد وفيفي عبده والمطرب مدحت صالح.

كما كان الديب محاميا ومستشارا قانونيا لعدد من كبار رجال الأعمال مثل حسام أبو الفتوح، وسيدة الأعمال علية العيوطي المتهمة في القضية الشهيرة المعروفة باسم "نواب القروض"، المتهم فيها أعضاء في البرلمان ورجال أعمال وموظفين كبار في بنوك عدة بالحصول على عشرات الملايين من الجنيهات بطريقة غير قانونية، وذلك عام 1997.

قبلها بنحو 10 سنوات ارتبط اسم الديب بقضية توظيف الأموال، إذ كان من الفريق القانوني لشركة الريان لتوظيف الأموال، ودخل السجن بعد حملة الحكومة المصرية ضد تلك الشركات.

كما برز اسم فريد الديب كمحامي لعائلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ضد صحيفة العربي التابعة للحزب الناصري، والتي اتهمت السادات بالخيانة.

من أبرز القضايا التي أثارت الرأي العام المصري وظهر فيها اسم فريد الديب، هي مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم في فندق بمدينة دبي الإماراتية عام 2008، إذ دافع عن المتهم بالتحريض رجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى، كما دافع عن منفذ عملية القتل الضابط السابق في أمن الدولة محسن السكري.

ودافع الديب أيضا عن مدير مكتب وزير الثقافة لقطاع الآثار سابقا أيمن عبد المنعم، المدان باستغلال منصبه والكسب غير المشروع.

Farid El Deeb, lawyer of former Egyptian President Hosni Mubarak, gestures during a court session on a case accusing ousted president Mohamed Mursi of breaking out of prison in 2011, in Cairo, Egypt, December 2, 2018. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
فريد الديب خلال جلسة ديسمبر 2018 في قضية اتهام الرئيس الراحل محمد مرسي بالهروب من السجن عام 2011 (رويترز)

الدفاع عن جاسوس إسرائيلي

المحطة الأبرز في حياة الديب كانت في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، حين بات محاميا للجاسوس الإسرائيلي عزام عزام، الذي قضت محكمة مصرية بحسبه 15 عاما.

وكان الديب يجادل دائما بأنه يدافع عن سلامة تطبيق القانون بغض النظر عن المتورطين في القضايا، مبررا دوما تبنيه لقضايا مثيرة للجدل بقوله "إذا ترافعت في قضية جاسوس، هل أصبحت أنا الجاسوس؟ إذا ترافعت في قضية قتل هل أنا القاتل؟".

واعتبرت نقابة المحامين المصرية مرافعة فريد الديب عن عزام "خيانة للوطن، وتلويثا للسمعة النضالية لنقابة المحامين المصرية"، وطالبته بالانضمام للحملة ضد الجاسوس، كما لوحت النقابة بأنها قد تتخذ إجراءات عقابية بحقه إن أكمل دفاعه، لكنه أصر على الدفاع عنه.

محامي مبارك

وصل الديب إلى قمة عمله كمحام حين تولي الدفاع عن الرئيس الراحل حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، كما دافع عن مبارك ونجليه علاء وجمال في قضايا فساد مالي.

كانت القضية هي الأكبر التي تنظرها المحاكم المصرية، وأطلق عليها إعلاميا "محاكمة القرن"، فقد كانت أول محاكمة مدنية لرئيس مصري وعائلته وكبار رجال نظامه.

انتشرت شائعات عدة حول ما حصل عليه الديب نظير دفاعه عن مبارك، وحين ضغط عليه المذيع حمدي رزق ليفصح عن ذلك، راوغ الديب حتى إنه استطاع انتزاع اعتراف من المذيع براتبه (60 ألف جنيه) ظنا من المذيع أن هذا الاعتراف سيقنع الديب بالإفصاح، لكن الديب ابتسم وقال في هدوء "لقد حصلت على ما ذكرته في الإقرار الضريبي"، وهي الإجابة التي باتت في قائمة الأعلى تداولا بين المصريين بين الحين والآخر.

جدل اللحظات الأخيرة

رغم إصابته بمرض سرطان الدم لم يتوقف الديب عن إثارة الجدل بتولي الدفاع عن متهمين في قضايا تثير الرأي العام.

ففي يوليو/تموز 2021 وافق الديب على الدفاع عن رجل الأعمال الشهير ومالك قناة المحور الفضائية حسن راتب، المتهم فيما عرف بقضية الآثار الكبرى، والمتورط فيها أيضا البرلماني السابق علاء حسانين المعروف بنائب الجن والعفاريت، حيث يشاع عنه في مسقط رأسه بمحافظة المنيا جنوبا الاستعانة بالجن في استخراج الآثار.

وكعادته في الأداء المسرحي المثير، تداول المصريون مقطعا مصورا يتحدث فيه الديب عن موكله حسن راتب وإصابته بالسرطان محاولا استعطاف هيئة المحكمة، وهو المشهد الذي اعتبره البعض يلخص قدرات الديب التي جعلته من أشهر محامي مصر.

خلال جلسات المحكمة أعلن الديب أنه مريض بسرطان الدم وأنها المرة الأخيرة التي سيقف فيها أمام المحكمة.

لكن الديب أعلن في يوليو/تموز 2022 عزمه الدفاع عن الطالب المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف قرب جامعة المنصورة شمالي مصر بعد الحكم عليه بالإعدام، وهي الجريمة التي هزت المجتمع المصري نظرا لتسجيل وقائع الذبح عبر مقاطع مصورة تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي.

المصدر : الجزيرة + الصحافة المصرية