احتجاجات مسيسيبي.. ذكرى دخول أول طالب أميركي أسود إلى الجامعة

قوة من سلاح المشاة الأميركي لتنفيذ أمر المحكمة بتسجيل الطالب الأسود جيمس ميريديث في جامعة مسيسيبي (أسوشيتد برس)

يوم 30 سبتمبر/أيلول 1962، تحرك 10 آلاف جندي بأمر من الرئيس الأميركي آنذاك جون كيندي إلى مدينة أكسفورد بولاية مسيسيبي جنوبي الولايات المتحدة الأميركية، لتمكين أول طالب أميركي من أصل أفريقي، وهو جيمس مريديث، من الدخول إلى حرم جامعة مسيسيبي، تنفيذا لقرار المحكمة الفدرالية العليا، مما أدى إلى اندلاع أعمال شغب مميتة.

قُتل رجلان في تلك الاشتباكات، وفي اليوم التالي، التحق ميريديث بالجامعة المعروفة اختصارا بـ"Ole Miss"، وبدأ في حضور الفصول الدراسية وبدأت معه حلقة جديدة من حلقات النضال المدني ضد العنصرية، التي تميز العرق الأبيض عن غيره من أصحاب ذوي البشرة السوداء.

قبلها بنحو 100 سنة وفي عام 1861، بعد انتخاب أبراهام لينكولن -الرئيس الـ16 للولايات المتحدة- بدأت الولايات الجنوبية في الانفصال عن الاتحاد من أجل تثبيت دعائم مؤسسة العبودية، حينها قالت ولاية مسيسيبي في اتفاقية انفصالها "إن وضعنا قائم بالكامل على مؤسسة العبودية، أعظم فائدة مادية للعالم".

وفق إحصاءات تاريخية، فإن أميركا شهدت خلال 31 عاما إعدام 2867 زنجيا دون محاكمة، في الوقت الذي لم يقدم للمحاكمة أي قاتل، مما مهد لميلاد "حركة الحقوق المدنية" التي كان لها جهد منظم من قبل الأميركيين السود لإنهاء التمييز العنصري والحصول على المساواة في الحقوق بموجب القانون.

بدأت فعاليات الحركة في أواخر الأربعينيات وانتهت أواخر الستينيات، وسبقها أيضا فعاليات أخرى أسفرت في مجملها عن قوانين لحماية الحقوق الدستورية لكل أميركي، بغض النظر عن اللون أو العرق أو الجنس أو الأصل القومي.

بأمر من الرئيس الأميركي آنذاك جون كيندي اصطحب 10 آلاف من المشاة الأميركيين ميريديث إلى الحرم الجامعي (رويترز)

احتجاجات مسيسيبي

تقدم ميريديث، وهو جندي سابق في القوات الجوية الأميركية، وتم قبوله في جامعة مسيسيبي عام 1962، قبل أن يلغى القبول عندما اكتشفت الجامعة أنه من أصل أفريقي.

إعلان

كانت محكمة فدرالية قد أمرت الجامعة بقبول الطالب ميريديث، لكن عندما حاول التسجيل في 20 سبتمبر/أيلول 1962، وجد مدخل المكتب مغلقا من قبل حاكم ولاية مسيسيبي روس بارنيت.

وفي 28 سبتمبر/ أيلول 1962، أُدين المحافظ بتهمة الازدراء المدني وأمر بالكف عن تدخله في إلغاء الفصل العنصري في الجامعة، وإلا سيواجه الاعتقال ويدفع غرامة قدرها 10 آلاف دولار في اليوم.

في 30 سبتمبر/أيلول 1962، وبأمر من كيندي، اصطحب 10 آلاف من قوات المشاة الأميركية ميريديث إلى الحرم الجامعي، لكنه لم يتمكن من الدخول بسبب اندلاع أحداث العنف التي خلفت قتيلين وعدة مصابين.

من هو جيمس ميريديث؟

بطل الأحداث جيمس ميريديث (89 عاما) من مواليد 25 يونيو/حزيران 1933، في حي كوسيوسكو بولاية مسيسيبي، وهو ناشط أميركي في مجال الحقوق المدنية اكتسب شهرة وطنية في منعطف رئيسي في حركة الحقوق المدنية في عام 1962.

ميريديث هو أول طالب أميركي من أصل أفريقي يدخل إلى حرم جامعة مسيسيبي، حيث رفض مسؤولو الولاية في البداية أمر المحكمة العليا بدخوله، ومنعوه من الدراسة، لكن بعد أعمال شغب كبيرة في الحرم الجامعي خلفت قتيلين، تم قبول ميريديث في الجامعة تحت حماية حراس فدراليين.

خدم ميريديث في سلاح الجو الأميركي في الفترة من 1951 إلى 1960، قبل أن يلتحق بالدراسة في جامعة جاكسون الحكومية في الفترة من 1960 حتى 1962، ثم التحق بعدها بجامعة مسيسيبي.

جيمس مريديث أول طالب أميركي من أصل أفريقي يدخل إلى حرم جامعة مسيسيبي (مواقع التواصل)

ولتحصيله مواد أخرى من جامعات أخرى من بينها جامعة ولاية جاكسون، مكث ميريديث عاما واحدا فقط في جامعة مسيسيبي حصل بعدها على درجة علمية في العلوم السياسية عام 1963.

وفي عام 1966، عاد ميريديث إلى دائرة الأضواء عندما نظم مسيرة فردية للحقوق المدنية رفع خلالها شعار "ضد الخوف"، في محاولة لتشجيع الناخبين الأميركيين الأفارقة في الجنوب على التسجيل في كشوف الناخبين كي يتمكنوا من المشاركة السياسية في البلاد.

إعلان

خلال مسير لمسافة 220 ميلا من مدينة ممفيس في ولاية تينيسي إلى مدينة جاكسون في مسيسيبي أصيب ميريديث في السادس من يونيو/حزيران 1966، برصاص قناص دخل على إثرها إلى المستشفى، قبل أن يعالج ويعود مرة أخرى كي يلحق بالمسيرة التي التحق بها نحو 15 ألف شخص لتصبح أكبر مسيرة للحقوق المدنية في تاريخ الولايات المتحدة.

في عام 1966، نشرت مطبعة جامعة إنديانا مذكراته بعنوان "3 سنوات في مسيسيبي"، كما نشرت له العديد من الكتب حول السياسة والمجتمع.

في عام 2002 احتفل المسؤولون في جامعة مسيسيبي بالذكرى الـ40 للدخول التاريخي لمريديث إلى الجامعة، حيث أقيم على شرفه تمثال في الحرم الجامعي، كما تم تكريمه بالحصول على ميدالية التأثير التربوي من كلية هارفارد للتعليم، وفي عام 2012 احتفلت الجامعة بالذكرى الخمسين لدخوله التاريخي.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان