بوركينا فاسو.. دولة مسلمة بلا سواحل شهدت 8 انقلابات في 62 عاما
أعلن الجيش في بوركينا فاسو أمس الاثنين 24 يناير/كانون الثاني 2022 عزل الرئيس روك كابوري وتعليق العمل بالدستور وإقالة الحكومة وحل البرلمان وإغلاق الحدود.
ومنذ حصولها على الاستقلال قبل نحو 62 عاما، برئاسة موريس ياميوغو، شهدت بوركينا فاسو 8 انقلابات، فيما حصدت الحرب الأهلية آلاف الأرواح، وشردت نحو 1.5 مليون مواطن.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبوركينا فاسو.. الجيش يعلن الاستيلاء على السلطة وتعليق العمل بالدستور
انقلاب في بوركينا فاسو بطعم الكارثة لفرنسا.. 3 أسئلة لفهم ملابسات ما حدث
انقلاب جديد في أفريقيا.. ما الذي يجري في بوركينا فاسو؟
وعبر سنوات ممتدة، أخفقت محاولات قيادات المجتمع في الدولة الأفريقية في فتح حوار مع المسلحين الذين يوصفون "بالمتشددين الإسلاميين" بسبب رفض السلطات الفكرة من أصلها.
وبين إخفاق الحكومة وهزائمها المتكررة أمام المسلحين، وتمدد نطاق سيطرتهم لتصل إلى ما يقدره البعض بثلث مساحة بوركينا فاسو، مع قناعة ترسخت بأن التدخل الخارجي يلعب دور المغذي لانتشار الجماعات وتكاثرها وتقويتها وليس استئصالها، كان لا بد من حدوث الانفجار وهو ما توقعه كثير من المراقبين.
ممالك موسي
ـ منذ القرن الـ11 أو الـ12 كانت بوركينا فاسو قسما من ممالك مستقلة عُرفت باسم "ممالك موسي"، وهي ممالك إسلامية تكونت بعد تفتت مملكة مالي، حتى خضعت أخيرا للاستعمار الفرنسي أيام تقدمه في أفريقيا.
ـ عام 1896: وقّع الاستعمار الفرنسي مع ممالك موسي معاهدة ضمت بموجبها الأخيرة لمستعمرة السنغال العليا.
ـ عام 1916: أصبحت مستعمرة منفردة عرفت باسم "فولتا العليا".
ـ عندما قام المسلمون في فولتا العليا بمحاولات لنيل استقلالهم تفتت أرضهم بين ساحل العاج ومالي والنيجر.
ـ عام 1947: استعادت فولتا العليا وحدة أرضها في مستعمرة واحدة.
ـ عام 1960: نالت جمهورية فولتا العليا استقلالها.
ـ الرابع من أغسطس/آب 1984: قام الرئيس توماس سانكارا بتغيير اسم الدولة إلى "جمهورية بوركينا فاسو" والتي تعني "بلد الناس الطاهرين".
ـ تنقسم بوركينا فاسو إلى 13 إقليم، كل إقليم يدار بواسطة حاكم، وتنقسم هذه الأقاليم إلى محافظات وعددها 45 محافظة، وتنقسم هذه المحافظات إلى شعبية وعددها 351 شعبية.
العاصمة: واغادوغو.
اللغة: الفرنسية (رسمية)، مع وجود عدة لهجات أفريقية.
النظام السياسي: جمهوري برلماني.
العملة: فرنك أفريقي.
الموقع: تقع بوركينا فاسو في غرب أفريقيا وهي دولة بلا سواحل، تحدها من الشمال مالي، ومن الشرق النيجر، ومن الجنوب بنين وتوغو وغانا وساحل العاج، ومن الغرب ساحل العاج ومالي.
المساحة: 274.200 كيلومترا مربعا.
الموارد الطبيعية: الحجر الجيري والمنغنيز والرخام والفوسفات والخفاف والملح.
أهم المنتجات: القطن، المشروبات، الصناعة الغذائية، المنسوجات، الذهب، الذرة، الدخن، الأرز، الماشية.
المناخ: مداري دافئ جاف شتاء، وحار رطب صيفا.
عدد السكان: 20 مليونا و903 آلاف و273 نسمة، وذلك بنسبة 0.27% من إجمالي عدد سكان العالم (تقديرات عام 2021).
التوزيع العرقي: 40% موسي، 60% طوائف أخرى (فولاني، غورونسي، بوبو، سينوفو، ماندي).
الديانة: أكثر من 60% مسلمون، 19% كاثوليك، 15.3% وثنيون، 4.2% بروتستانت، 0.6% آخرون، 0.4% لا دين لهم.
العلم: يتكون علم بوركينا فاسو من 3 ألوان وهي، الأخضر والأحمر والأصفر.
الجيش: يحتل الجيش البوركيني المركز الـ129 في قائمة أقوى جيوش العالم.
8 انقلابات
ـ يناير/كانون الثاني 1966: بعد 5 سنوات من حكم ياميوغو رئيس حزب التجمع الديمقراطي الأفريقي؛ استاءت البلاد من حكمه، خاصة بعدما أقرت حكومته التقشف المالي، وترجم ذلك إلى إضراب دعا له اتحاد نقابات العمال احتجاجا على عدم أمانة الحكومة.
ـ الرابع من يناير/كانون الثاني 1966: أمام عجز الرئيس عن احتواء الاحتقان الشعبي، سيطر الجيش على الحكم، وأصبح الجنرال أبو بكر سانغولي لاميزانا رئيسا للدولة.
ـ عام 1978: تم إقرار دستور الجمهورية الثانية، ونظمت انتخابات رئاسية فاز فيها سانغولي لاميزانا.
ـ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1980: كبّد الجفاف المزارعين خسائر كبيرة، ودعت النقابات الأربع الأساسية للتعليم إلى إضراب الأساتذة احتجاجا على قرارات تعسّفية ضد زملائهم، فتداخل غضب المزارعين واحتجاج الأساتذة مع التذمر الواسع من استشراء المحسوبية والفساد في الإدارات الحكومية، وتوسعت دائرة الاحتجاجات بشكل شل القطاعات الإنتاجية والحكومية.
ـ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1980: انتشرت قوات اللجنة العسكرية للتغيير من أجل التقدّم الوطني بالمواقع الساخنة في واغادوغو، وأعلن بعدها العقيد سايي زيربو الانقلاب على الرئيس لاميزانا وأطاح به، الأمر الذي رأته أطراف داخلية وخارجية انقلابا على تجربة ديمقراطية نموذجية في المنطقة.
ـ السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1982: بعد سنتين من انقلاب سايي زيربو، انفجرت أزمة داخل اللجنة العسكرية للتعديل من أجل التقدم الوطني، وصل طرفاها إلى حد المواجهة.
ـ الرابع من أغسطس/آب 1983: حسمت المواجهة لتوماس سانكارا بانقلاب مهد السلطة والرئاسة للطبيب جان بابتست أويدراوغو.
ـ الرابع من أغسطس/آب 1983: افتقار أويدراوغو إلى الخبرة السياسية وخلفيته الأيديولوجية سرّعا من سقوطه، بعدما وجهت له تهمة "خدمة مصالح الهيمنة الأجنبية والاستعمار الجديد"، وعزل من الحكم، وتولى بعده توماس سانكارا الحكم.
ـ أسس "المجلس الوطني الثوري" الذي قدم وعودا بالإصلاحات الديمقراطية والاجتماعية، واتباع سياسة خارجية مناهضة للإمبريالية، وغير اسم البلاد من "فولتا العليا" إلى بوركينا فاسو، التي تعني بلاد الرجال المستقيمين.
"الخميس الأسود"
ـ 15 أكتوبر/تشرين الأول 1987: اندلعت مواجهات عنيفة بالقصر الرئاسي بين الموالين للحكومة والمتمرّدين عليها، في ما عرف بيوم "الخميس الأسود"، وانتهت تلك المواجهات باغتيال توماس سانكارا ونجاح انقلاب دبره المستشار الرئيسي بليز كومباوري، الذي حل المجلس الثوري، وفرض حظر التجول، بينما أعلن طبيب عسكري أن وفاة سانكارا كانت طبيعية.
ـ الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2014: أمام إصرار بليز كومباوري على تعديل المادة 37 من الدستور البوركيني بما يسمح له بولاية رئاسية ثالثة، أعلنت المعارضة العصيان المدني، وانضمت لها النقابات والمجتمع المدني، وشكلت جبهة مقاومة لأطماع كمباوري.
ـ اتسعت دائرة احتجاجات المعارضة والغضب الجماهيري، وأصرت على رحيله، وسعى الرئيس لفرض حالة الطوارئ وحل الحكومة، لكن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، تدخلت وأعلنت حل الحكومة والبرلمان وتشكيل هيئة انتقالية لتسيير البلاد.
ـ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014: أعلن الرئيس بليز كومباوري استقالته.
ـ اختير ميشيل كافاندو لمنصب الرئيس خلال الفترة الانتقالية لمدة عام تمهيدا لإجراء انتخابات.
ـ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2014: أدى كافاندو اليمين الدستورية.
ـ 14 سبتمبر/أيلول 2015: طالبت الهيئة الوطنية للمصالحة والإصلاحات بحل فرقة الحرس الرئاسي للرئيس السابق بليز كومباوري، ورفض مطالب مرشحين عملوا تحت إمرته.
ـ 16 سبتمبر/أيلول 2015: اقتحمت قوات الحرس الرئاسي اجتماعا حكوميا في مقر القصر الجمهوري في واغادوغو، واحتجزت الرئيس الانتقالي ميشيل كافاندو ورئيس حكومته إسحاق زيدا واثنين من الوزراء.
ـ 17 سبتمبر/أيلول 2015: أُعلن تعيين الجنرال غيلبرت دينديري (قائد سابق للمخابرات) الذراع اليمنى لكومباوري رئيسا "للمجلس الوطني للديمقراطية" كهيئة جديدة لتسيير البلاد.
ـ 18 سبتمبر/أيلول 2015: علَّق الاتحاد الأفريقي عضوية بوركينا فاسو وفرض عقوبات على قادة الانقلاب العسكري، وأمهلهم 4 أيام لإعادة الحكومة المؤقتة وإلا واجهوا حظرا على السفر وتجميدا للأرصدة.
ـ 23 سبتمبر/أيلول 2015: أعلن دينديري تنحيه عن المنصب وعودة ميشيل كافاندو للمنصب.
ـ 29 ديسمبر/كانون الأول 2015: انتخاب رئيس حزب المؤتمر من أجل الديمقراطية والتقدم، روش مارك كريستيان كابوري لمنصب الرئيس.
إرهاصات مبكرة للانقلاب الثامن
ـ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020: واصل الناخبون الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس وبرلمان جديدين للبلاد، في ظل أجواء من التوتر السياسي والأمني، بينما أبدت المعارضة مخاوفها من حدوث "تزوير على نطاق واسع" من قبل معسكر الرئيس روش كابوري المرشح لولاية جديدة، وتهدد بعدم الاعتراف بالنتائج.
ـ أغسطس/آب 2021: تفيد مصادر عديدة بأن المحاولات الانقلابية بدأت خلال هذا الشهر، لكن لم يكتب لها النجاح.
ـ بين مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني 2021: تشير الأرقام إلى أن المنظمات المسلحة قتلت 403 أشخاص مقارنة بـ162 شخصا في الأشهر السبعة التي سبقتها.
ـ نوفمبر/تشرين الثاني 2021: قامت المنظمات المسلحة بمجزرة في الجيش البور كيني والمليشيات الموالية له، وقتلت في يوم واحد 53 من الجيش.
ـ نوفمبر/تشرين الثاني 2021: أقالت السلطات كثيرا من المسؤولين العسكريين.
ـ ديسمبر/كانون الأول 2021: هجمت المنظمات المسلحة على ثكنة عسكرية وقتلت 41 من الدرك الحكومي، مما أشعل شرارة التحركات احتجاجا على ما سموه "ضعف القوات الحكومية وهزائمها المتكررة أمام الحركات المسلحة".
ـ اندلعت الاحتجاجات في البداية في مناطق شمال البلاد لتضررها أكثر من غيرها، وتوعد الرئيس كابوري بمحاسبة المقصرين من الضباط، مؤكدا أن الحادث لن يمر من دون حساب، ولكن في الواقع لم يتغير شيء.
ـ مطلع يناير/كانون الثاني 2022: اعتقل 12 عسكريا، بينهم ضابط كبير، للاشتباه في تخطيطهم لزعزعة استقرار مؤسسات الدولة.
احتجاجات مدنية وحركات تمرد بالجيش
ـ 23 يناير/كانون الثاني 2022: تزامنا مع احتجاجات مدنية فرقتها الشرطة في عدد من المواقع أهمها وسط العاصمة، ومع مطالبات هنا وهناك برحيل الرئيس كابوري ودعوة الجيش لتسلم السلطة، اندلعت المواجهات وأحرق المحتجون مقر الحزب الحاكم ومبنى حكوميا آخر.
ـ تمرد جنود في عدد من الثكنات العسكرية في 3 مدن -من بينها واغادوغو العاصمة- غاضبين من إخفاق حكومتهم في محاربة المسلحين، حيث بدأ إطلاق النار قبل الفجر بقليل، ثم عادت الأوضاع إلى الهدوء بعد ساعات من المواجهات.
ـ أعلنت الحكومة أنها تسيطر على الموقف تماما وأن الأمر لا يعدو أن يكون محدودا، لكن الجنود احتفظوا بالمواقع التي سيطروا عليها، وتجمعت في الليل أعداد من الشباب حول الثكنات العسكرية تطالب الجيش وتحثه على الاستيلاء على السلطة.
ـ قال وزير الدفاع إن الاضطرابات اقتصرت على الثكنات العسكرية وإن الحكومة تواصلت مع الجنود المتمردين لمعرفة مطالبهم.
ـ ربما كان هذا آخر ظهور لحكومة كابوري، ثم أعلنت بعدها حالة الطوارئ وحظر التجول بين الثامنة مساء والخامسة والنصف صباحا وتعطيل المدارس يومين وقطع الإنترنت عن الهواتف المحمولة.
ـ 24 يناير/كانون الثاني 2022: بعد غموض ساد الموقف بسبب عدم معرفة الجهات التي تقف خلف الانقلاب تأكد أن القوة التي تقف خلف الانقلاب هي القوات الخاصة، والمعروفة بقوات "الكوبرا"، وشارك في العمليات قائد المنطقة الثالثة المقدم بول هنري ساندوغو داميبا وهو العقل المدبر للعملية.
ـ تولى داميبا بالفعل مجموعة التدخل السريع والأمن في الشمال في "واهيقويا"، كما خدم في الشرق، وهو زميل المقدم إيمانويل زانغورانا الذي اعتقل على خلفية اتهامه بالتخطيط للانقلاب نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو خريج المدرسة العسكرية بباريس.
ـ أعلنت القوات الخاصة عبر تلفزيون محلي حل الحكومة والبرلمان وإلغاء العمل بالدستور وإغلاق الحدود.
ـ حمّل بيان الانقلابيين الرئيسَ مسؤولية الإخفاق في توحيد البلاد إزاء التحديات، وبينما تؤكد مصادر الانقلابيين أنه في قبضتهم من دون تحديد مكانه، تفيد مصادر أخرى في البلاد بأن الرئيس ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء محتجزون في قاعدة "سانغولي لا ميزانا" الواقعة في العاصمة واغادوغو، في حين تشكك مصادر أخرى في أن الرئيس استطاع الهرب خارج البلاد.