"أوبك بلس".. تحالف دولي وسع تأثير الدول المنتجة للنفط
جاء تحالف "أوبك بلس" بعد 56 عاما من إنشاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وشمل -إضافة إلى الأعضاء الـ13 الرئيسيين في المنظمة- 10 بلدان أخرى بهدف خفض إنتاج النفط لتحسين أسعاره في الأسواق.
ويعد هذا التحالف بين منظمة "أوبك" وتحالف "أوبك بلس" ذا أثر كبير على أسعار النفط عالميا، فتكون قرارات ومخرجات اجتماعاتهما محل ترقب ومتابعة دائمة.
النشأة والتأسيس
بهدف خفض إنتاج النفط لتحسين أسعاره في الأسواق خاصة بعد الانخفاض الكبير في الأسعار بسبب الزيادات الكبيرة في إنتاج النفط الصخري بأميركا عام 2011، أُنشئت "أوبك بلس" يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ووقعت اتفاقا مع 10 دول منتجة للنفط غير الأعضاء الأساسيين، أبرزها روسيا، ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، وباتوا يعرفون من حينها بـ"أوبك بلس".
أعلنت المنظمة هدفها وهو "تنسيق وتوحيد السياسات النفطية بين الدول الأعضاء" لتأمين التسعير للمنتجين، والإمدادات للمستهلكين، والعائد على رأس المال للمستثمرين.
الأعضاء
أعضاء أوبك الأساسيون: السعودية والجزائر وأنغولا والكونغو وغينيا الاستوائية وإيران والعراق والكويت وليبيا ونيجيريا والإمارات وفنزويلا والغابون، وعلقت إندونيسيا عضويتها عام 2009، وانسحبت منها كل من قطر عام 2019 والإكوادور عام 2020.
الأعضاء العشرة الذين انضموا لتشكيل "أوبك بلس": روسيا وأذربيجان والبحرين وبروناي وماليزيا وكازاخستان والمكسيك وعمان والسودان وجنوب السودان.
الأهمية
تسيطر أوبك على 40% من إمدادات النفط العالمية، و80% من الاحتياطي العالمي، ومع "أوبك بلس" فهما تسيطران على 55% من الإمدادات عالميا، و90% من الاحتياطي.
وبسبب الحصة السوقية التي تمتلكها المنظمة تؤثر قراراتها على السوق العالمية، وتجتمع "أوبك" وحليفتها "أوبك بلس" دوريا لتنظيم كمية النفط الخام التي ستطرح في الأسواق.
وقالت كيت دوريان من معهد الطاقة في المملكة المتحدة "إن أوبك بلس تطرح آلية العرض والطلب بهدف خلق التوازن في السوق"، وعندما يتراجع الطلب عن النفط يبقي التحالف الأسعار مرتفعة عن طريق خفض الإمدادات.
محطات
إثر الظروف غير المستقرة التي عانى منها الاقتصاد العالمي في المنتصف الثاني من عام 2014، إذ أدى مزيج من المضاربة وزيادة العرض والطلب إلى انكماش سوق النفط، اجتمع أعضاء أوبك مع 10 دول أخرى منتجة للنفط من أجل إعادة التوازن في السوق عام 2016، فظهرت "أوبك بلس".
وأعلنت "أوبك" في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 البدء بخفض الإنتاج لضبط الأسعار، مع تعهدات بالتزام "أوبك بلس".
وخفضت السعودية إنتاجها بـ500 ألف برميل يوميا، وروسيا بـ350 ألف برميل. وتم التوصل إلى الميثاق الرسمي لاتفاق "أوبك" وشركائها في اجتماع بفيينا في يوليو/تموز 2019.
عقدت منظمة أوبك -بحضور الأعضاء العشرة الذين انضموا إليها لتشكيل "أوبك بلس"- ندواتها الدولية الخامسة (2012) والسادسة (2015) والسابعة (2018) على التوالي، وجمعت فيها عددا غير مسبوق من ممثلي الدول المنتجة والمستهلكة وشركات النفط الوطنية والدولية، إلى جانب الصحفيين ومحللي الصناعة.
وإثر تأثر السوق عالميا بجائحة كورونا (كوفيد-19)، ركزت "أوبك بلس" على خفض إنتاج النفط للمساعدة على استقرار أسعاره، مما أدى إلى انخفاض الطلب وأسعار النفط بشكل كبير.
عام 2021 ارتفعت إنتاجية النفط في منظمة "أوبك" حتى بلغت 27.882 مليون برميل يوميا، أي بما يزيد على "أوبك بلس" بحوالي 116 ألف برميل باليوم، فتأثرت السوق العالمية للنفط، حتى قررت المنظمتان التعاون وخفض معدل الإنتاج بحوالي مليوني برميل، وذلك للحد من ارتفاع الأسعار العالمية للنفط لموازنة العجز الذي سببته روسيا بحربها على أوكرانيا. على إثر ذلك حدثت أكبر وأطول تعديلات إنتاج طوعية في تاريخ سوق النفط.
واستثنيت 3 دول أعضاء في تحالف "أوبك بلس" من التخفيض بسبب الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تشهدها، وهي فنزويلا وإيران الخاضعتان لعقوبات اقتصادية أميركية، وكذلك ليبيا التي شهدت نزاعا لفترة طويلة.
وقد اعترفت بأهمية هذه الجهود العديد من الدول والمنظمات، بما في ذلك وزراء الطاقة لمجموعة العشرين والأرجنتين والبرازيل وكندا وكولومبيا والنرويج والمنظمة الأفريقية لمنتجي النفط والوكالة الدولية للطاقة ومنتدى الطاقة الدولي والعديد من المنتجين المستقلين.
وظل إنتاج روسيا للنفط أعلى من 10 ملايين برميل يوميا عام 2022 رغم العقوبات التي فرضت عليها إثر حربها على أوكرانيا عام 2022، علما أن إنتاج روسيا وتأثيرها على السوق أكبر بكثير من إنتاج دول "أوبك بلس" الأخرى، لذا تعد أكبر مؤثر من هذا التحالف الوليد على قرارات منظمة "أوبك".
أنتجت "أوبك" و"أوبك بلس" معا حوالي 59% من النفط العالمي، أي ما يقارب 48 مليون برميل يوميا للعام 2022، ومن ثم أثرتا على توازنات سوق النفط العالمية وأسعار النفط أكثر من أي وقت مضى.
وفي أبريل/نيسان 2023، اتفق أعضاء أوبك بلس على خفض إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام. ثم اتفقت دول أوبك بلس يوم 30 نوفمبر/تشرين الأول على خفض الإنتاج العالمي للنفط في السوق العالمية بنحو 2.2 مليون برميل يوميا في الربع الأول من عام 2024، بما في ذلك تمديد التخفيضات الطوعية من السعودية وروسيا بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا.