لقبه الأميركان بـ"الملك" وفشل في مهمته الدبلوماسية بأفغانستان.. قصة صعود خليل زاد

خليل زاد تنقل بين أروقة السياسة الأميركية، حائزًا ثقة وتقدير قادتها ومهندسيها على مدى 8 إدارات متتالية، من الرئيس ريغان وحتى جو بايدن، إلى أن صار أحد أكبر المستشارين السياسيين الإستراتيجيين في منطقة جنوب غرب آسيا والشرق الأوسط

زلماي خليل زاد
المبعوث الأميركي السابق إلى أفغانستان زلماي خليل زاد (رويترز)

واشنطن- أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن مبعوث الولايات المتحدة إلى أفغانستان زلماي خليل زاد استقال من منصبه الاثنين 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهو ما سبق أن أكده زاد في تصريحات لقناة الجزيرة.

خليل زاد الذي يعرف في أوساط الحكومة في واشنطن باسم "كينج زاد" أو الملك زاد، تنقل بين أروقة السياسة الأميركية، حائزًا ثقة وتقدير قادتها ومهندسيها على مدى 8 إدارات متتالية، من الرئيس ريغان وحتى جو بايدن، إلى أن صار أحد أكبر المستشارين السياسيين الإستراتيجيين في منطقة جنوب غرب آسيا والشرق الأوسط.

المولد والنشأة

ـ 22 مارس/آذار1951: ولد زلماي خليل زاد (البشتوني الأصل) في مدينة مزار الشريف الأفغانية لأب يعمل في الحكومة التي كانت ملكية (فترة حكم الملك محمد ظاهر شاه) آنذاك، وانتقل مع أسرته التي تنتمي إلى طبقة عليا إلى كابل.

ـ عام 1966: أول مرة يغادر فيها أفغانستان حيث زار ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة في مرحلة الثانوية خلال برنامج تبادل طلابي كانت تديره لجنة خدمة أصدقاء أميركا، وهي منظمة خيرية وعاد بعدها إلى وطنه بعد أن أعجب بالثقافة الأميركية.

ـ بعد إنهائه المرحلة الثانوية في كابل انتقل للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت حيث حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير عام 1974، وحصل على الجنسية الأميركية.

الوظائف والمسؤوليات

ـ بعد التخرج عمل مديرا في شركة نفط أميركية كبيرة هي شركة يونوكال.

ـ يرأس شركة غريفون بارتنرز وخليل زاد أسوسياتس وهي شركة استشارات تجارية دولية مقرها واشنطن العاصمة.

ـ عام 1979: حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو في نفس العام الذي غزا فيه الاتحاد السوفياتي بلده، وهناك تأثر بالمفكر الإستراتيجي إلبرت وولستيتر المتخصص في مجال الردع النووي، والمعارض لاتفاقيات نزع السلاح النووي.

ـ بعد ذلك عمل أستاذًا مساعدًا في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا حتى عام 1989، حيث عمل عن كثب مع المفكر الإستراتيجي زبغنيو بريجينيسكي، مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر في الفترة بين 1977 و1981.

زلماي خليل زاد.. المهام الصعبة

ـ في الفترة من 1985-1989: عمل بوزارة الخارجية الأميركية مستشارا خاصا لمساعد وزير الخارجية لشؤون الحرب الإيرانية العراقية والغزو السوفياتي لأفغانستان.

ـ كان ينتمي إلى مجموعة صغيرة من صناع القرار الذين ضغطوا بنجاح على إدارة الرئيس رونالد ريغان لتزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح لمقاومة السوفيات.

ـ كان من أشد المؤيدين لدعم المجاهدين الأفغان في قتالهم ضد السوفيات في ثمانينيات القرن الماضي، كما كان مؤيدًا للاجتياح الأميركي لأفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.

ـ في الفترة من 1991-1992: كان سكرتيرا ثانيا لمساعد نائب وزير الدفاع الأميركي لتخطيط السياسة، في إدارة الرئيس بوش الأب.

ـ عمل أثناء حكم الرئيس بيل كلينتون (1993 ـ 2001)، خبيرا سياسيا بارزا في مكتب معهد راند بواشنطن، ثم انضم إلى مجلس إدارة مؤسسة أفغانستان ومقرها واشنطن.

ـ تتلمذ خليل زاده سياسيا على يد نائب الرئيس ريتشارد ديك تشيني الذي كان وزيرا للدفاع (1989 ـ 1993) أثناء عمل خليل زاد فيها.

ـ يوليو/تموز 1996: في مقال نشر بصحيفة واشنطن بوست، دعا خليل زاد الولايات المتحدة إلى التعامل مع طالبان، وأنه حان الوقت للولايات المتحدة لإعادة الانخراط معها من جديد.

ـ أشار في مقاله إلى أن استمرار العنف كان سببًا في عدم الاستقرار الإقليمي، وعائقًا أمام بناء خط أنابيب نقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى باكستان والأسواق العالمية عن طريق أفغانستان.

ـ يناير/كانون الثاني 1998: كان أحد الموقعين على الرسالة التي بعث بها أعضاء مشروع القرن الأميركي الجديد إلى الرئيس بيل كلينتون، وطالبت كلينتون بالعمل على الإطاحة بصدام حسين ونظامه من السلطة في العراق باستخدام كافة الطرق الدبلوماسية والسياسية والعسكرية. كما دعا إلى الهيمنة الأميركية على المناطق الحرجة.

ـ مارس/آذار 2000: أعاد خليل زاد الحديث عن مشروع خط أنابيب نقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى باكستان والأسواق العالمية عن طريق أفغانستان، موضحًا أن شركة يونوكال (Unocal) الأميركية التي يعمل مساعدًا فيها مهتمة بهذا المشروع.

ـ أجرى خليل زاد دراسة تحليل المخاطر لهذا المشروع، إلا أن الشركة لم تتمكن من البدء بسبب الحرب.

ـ تذكر المصادر أن خليل زاد كان حينها من أشد المعجبين بطالبان الذين استطاعوا فرض الأمن على معظم أفغانستان، لكن هذا الإعجاب لم يدم طويلا بسبب الخلاف مع الحركة.

ـ يونيو/حزيران 2001: وقبل 3 أشهر من أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، شدد خليل زاد على أن الولايات المتحدة ينبغي أن تعمل على إضعاف حركة طالبان ووقف انتشارها، وأن تعمل على تغيير ميزان القوى عن طريق تقديم المساعدة لأعدائها، من خصومها، ومن القادة الإسلاميين المعتدلين.

ـ بعد انتخاب الرئيس جورج بوش الابن (2001ـ 2009) رشحه نائب الرئيس ديك تشيني لرئاسة فريق التحول للدفاع، ولمنصب مستشار لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

ـ مايو/أيار 2002: بعد الإطاحة بحكم طالبان، وقع القادة الأفغان الجدد والتركمان والباكستانيون على صفقة خط الغاز مع شركة يونوكال، مباشرة بعد تعيين الرئيس الأميركي خليل زاد مبعوثًا خاصًا إلى أفغانستان، وكان بمثابة الرئيس الفعلي لها.

 

العراق وأفغانستان.. السفير المتجول

ـ ديسمبر/كانون الأول 2002: اختار الرئيس بوش، خليل زاد في منصب السفير المتجول للعراقيين، لتنسيق الاستعدادات لعراق ما بعد صدام حسين.

ـ شغل زاد أيضا منصبا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الذي ترأسته في ذلك الوقت الدكتورة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة (2005–2009)، وتخصص في شؤون منطقتي الخليج وآسيا الوسطى.

ـ وصفته كونداليزا رايس بأن له مقدرة واضحة في التوفيق بين الآراء المتناحرة وفي تحقيق نتائج في ظل أوضاع صعبة.

ـ مارس/آذار 2003: بعد الغزو الأميركي للعراق مباشرة تولى منصب سفير الولايات المتحدة في أفغانستان (بلده الأصلي) وهناك أسهم في إرساء هيكل الحكومة وأشرف على جهود إعادة الإعمار وعلى أول انتخابات رئاسية.

ـ لعب دورا مهما في إرساء أسس حكم الرئيس حامد كرزاي بعد سقوط نظام طالبان.

ـ تعرّض لانتقادات على خلفية إبرامه صفقات مع أشخاص اعتبروا تجار حرب.

ـ عام 2005: عين سفيرا في العراق، غير أنه لم يحقق الكثير في محطته العراقية، بما فيها فشله في إدماج السنة في العملية السياسية وكبح جماح العنف، وإن كان له تفويض واسع شمل فتح قنوات حوار مع إيران حول الوضع العراقي، وهو ما رفضته بغداد.

ـ 17 أبريل/نيسان 2007: في آخر ولاية جورج بوش الابن الرئاسية عين مندوبا لأميركا في الأمم المتحدة، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى 22 يناير/كانون الثاني 2009.

ـ بعد عهد بوش، تحوّل خليل زاد إلى أحد أشد منتقدي طريقة تعاطي الرئيس الأسبق باراك أوباما مع ملف الحرب في أفغانستان ومع الدعم المشتبه بأن المؤسسة الأمنية الباكستانية تقدمه لطالبان.

ـ سبتمبر/أيلول 2014: ذكرت وكالة أسوشيتد برس (AP) أن السلطات النمساوية أغلقت حسابات زوجته النمساوية شيريل بينارد البنكية لديها على خلفية تحقيق الأجهزة المختصة في الولايات المتحدة مع زوجها خليل زاد في شبهة غسيل أموال بلغت قيمتها مليونا ونصف المليون دولار، تم تحويلها من رجلين، أحدهما في العراق والآخر في الإمارات.

ـ عام 2017: فكر الرئيس السابق دونالد ترامب بوضعه في منصب وزير الخارجية الأميركي.

ـ عام 2018: تم اختيار خليل زاد مجددا لتولّي الملف الأفغاني، لكن هذه المرّة من قبل الرئيس دونالد ترامب الذي سلّمه مهمة التفاوض مع طالبان.

ـ أدار مهمة التفاوض مع حركة طالبان طيلة 18 شهرًا، والتي انتهت بالانسحاب الأميركي من أفغانستان وعودة طالبان إلى الحكم مرة أخرى بعد نحو 20 عاما من ولايتها الأولى.

ـ 18 مايو/أيار 2021: في جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي حول السياسة الأميركية في أفغانستان قلل خليل زاد من أهمية احتمالية استيلاء طالبان السريع على السلطة بعد مغادرة القوات الأميركية.

ـ قال زاد: "أنا شخصيًّا أعتقد أن التصريحات بأن القوات الأفغانية ستتفكك، وأن طالبان ستتسلم زمام الأمور في وقت قصير تصريحات خاطئة، والخيارات الحقيقية التي سيواجهها الأفغان هي بين حرب طويلة وتسوية تفاوضية".

ـ لم يحدث شيء من هذه التقديرات، ووجد خليل زاد نفسه في ما بعد أمام الإدارة الأميركية الجديدة، في حرج شديد لا يتناسب مع تاريخه وعلمه وخبرته.

ـ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021: قدم خليل زاد استقالته من المنصب.

ـ كتب زلماي خليل زاد عدة مقالات كما ألف مؤلفات تضمنت رؤيته للعلاقات الدولية بعد الحرب الباردة، وأخرى تطرقت لقضايا راهنة ترتبط بسياسة بلاده الخارجية.

مؤلفات وأبحاث

ألف خليل زاد العديد من الدراسات البارزة التي عززت مكانته لدى الأوساط السياسية التنفيذية والأكاديمية.

وتكشف هذه المؤلفات وغيرها من البحوث والمشاركات عن انغماس خليل زاد الشديد في الفكر الأصولي للمحافظين الجدد، ومن هذه المؤلفات:

ـ "من الاحتواء إلى القيادة.. أميركا والعالم بعد الحرب الباردة" (عام 1995).

ـ "الولايات المتحدة والصين الصاعدة.. التداعيات الإستراتيجية والعسكرية" (عام 1999).

ـ "الولايات المتحدة وآسيا.. نحو إستراتيجية أميركية جديدة وقوة موقف" (عام 2001).

ـ "المبعوث.. من كابل إلى البيت الأبيض، رحلتي في عالم مضطرب" (عام 2016).

الزوجة والأولاد

ـ عام 1972: تعرف في الجامعة على الطالبة شيريل بينارد التي أصبحت زوجته بعد ذلك.

ـ أنجب من زوجته ولدين هما أليكساندر بينارد وماكسيميليان بينارد، حملا اسم عائلة زوجته الأميركية، التي تنحدر من أصل نمساوي.

ـ زوجته حاصلة على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة فيينا، وتعد من كبار الباحثين في مؤسسة راند الأميركية، وهي روائية وناشطة نسوية متشددة، تدعو إلى الاستقلالية التامة للمرأة.

المصدر : الجزيرة + ويكيبيديا