كامبريدج أناليتيكا.. شركة توظف بيانات الجمهور لخدمة اليمين الغربي
شركة خاصة تعمل في مجال جمع البيانات وتحليلها، ومساعدة السياسيين في الحملات الانتخابية عبر دراسة توجهات الناخبين والتنبؤ بسلوكهم، وتحليل البيانات المتعلقة بهم، ودراسة طرق التأثير عليهم، وتستخدم الشركة -وفق وسائل إعلام غربية- طرقا غير أخلاقية في دعم المرشحين السياسيين، بما فيها الترويج للأخبار الكاذبة خلال الحملات الانتخابية.
تأسست شركة كامبريدج أناليتيكا عام 2013، وهي الفرع الأميركي لشركة "أس سي أل سوشيال ليمتد" البريطانية التي وظفتها الإمارات لشن حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد قطر.
أوار ومهام
تعمل شركة كامبريدج أناليتيكا في مجال تحليل البيانات السياسية عبر الوسائل التكنولوجية، وتسهم في توجيه الناخبين في الحملات السياسية من خلال غربلة وتصفية البيانات التي تحصل عليها غالبا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
وتستخدم الشركة -حسب صحيفة فايننشال تايمز– طريقة اخترعتها تعرف باسم "الرسم البياني النفسي"، وهي طريقة تحاول دراسة الملامح النفسية للمتسوقين والناخبين، وتقوم بإرسال رسائل قصيرة لهم ورسم ملامحهم النفسية.
ورغم أن شركة كامبريدج أناليتيكا، والشركة الأم "أس سي أل سوشيال ليمتد" تعملان في الكثير من بلدان العالم الثالث، فقد برز نشاطها الرئيسي في حملة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، ثم بشكل أبرز في الحملة الرئاسية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
عملت الشركة في حملات انتخابية في نحو مئتي دولة عبر العالم، منها نيجيريا وكينيا والتشيك والأرجنتين، كما أسهمت في أكثر من أربعين استحقاقا انتخابيا في الولايات المتحدة الأميركية، من بينها حملة السناتور الجمهوري تيد كروز والمرشح الرئاسي بن كارسون، الذي انضم لاحقا إلى حكومة ترمب وزيرا للإسكان والتنمية الحضرية.
استخدمت الشركة أكثر من خمسين مليون حساب بفيسبوك دون علمهم للمساعدة في حملة ترمب، فكانت بمثابة الذراع الرقمية لحملة ترمب الانتخابية، وأسهم الدور الذي لبعته في حملة ترمب الانتخابية وحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في تعزيز دورها وحضورها بين شركات تحليل البيانات.
وعلى المستوى الفكري، تعد هذه الشركة طرفا مركزيا في صلب "آلة الدعاية" الخاصة باليمين، وفق مقال نشرته غارديان للكاتبة كارول كادولادر.
كما مثّل فيسبوك الآلية والركيزة الأساسية التي سمحت للشركة بالانتشار والتمدد على نطاق واسع، وأصبح بمثابة مصدر للرؤى السيكولوجية التي مكنت الشركة من استهداف الأفراد، وفقا للكاتبة.
فضيحة
ورغم الزخم الذي حصلت عليه الشركة بعد مشاركتها الفاعلة في حملة ترمب؛ فقد واجهت فضيحة مدوية بعد ظهور كبار ممثلي الشركة في مقطع مصور، وهم يتفاخرون فيه بشأن استخدام الرشاوى وأساليب غير أخلاقية من أجل التأثير على الانتخابات.
وفي تقرير بثته القناة الرابعة في بريطانيا، بدا أن الرئيس التنفيذي للشركة (كامبريدج أناليتيكا) ألكسندر نيكس يعترف بأساليب مخادعة غير أخلاقية تخص الانتخابات قامت بها الشركة لصالح عملائها.
سُمع نيكس في مقطع يقول إن الشركة يمكن أن "ترسل بعض الفتيات إلى منزل المرشح"، وذلك ردا على سؤال بشأن كيفية جمع معلومات استخباراتية عن الفريق المنافس لحملة ترمب.
ويضيف ألكسندر نيكس أنه يمكننا أن نرسل للمرشح بعض الفتيات الجميلات، كما يمكننا أن نعرض عليه مبلغا كبيرا من المال لتمويل حملته الانتخابية مقابل قطعة من الأرض على سبيل المثال، ونحرص على تسجيل كل ذلك وتصويره ونشره عبر الإنترنت، بعد أن نخفي وجه عميلنا.
وتبين أيضا أن الشركة استخدمت حيلا أخرى غير أخلاقية في تلك الحملات، مثل نشر تقارير كاذبة على الإنترنت، وتوظيف مقاولين من الباطن بشكل غير معلن، وإنشاء مؤسسات وهمية ومواقع إلكترونية لجمع البيانات.
من جانبها، رفضت الشركة الادعاءات الواردة في التقرير، وقالت في موقعها على الإنترنت "تم تحرير التقرير وكتابته على نحو يحرف بشكل صارخ طبيعة تلك المحادثات وكيف تدير الشركة أعمالها". وأضافت أنها لا تستخدم الرشاوى أو أي مواد غير صحيحة لأي غرض من الأغراض.
وأعلنت لاحقا أنها أوقفت رئيسها التنفيذي عن العمل إثر الكشف عن أنشطة الشركة في الدعاية الكاذبة وغير الأخلاقية، وسطوها على بيانات مستخدمي فيسبوك للمساعدة في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
وقالت الشركة إن ما قاله رئيسها خلال المقابلة التي بثتها القناة البريطانية الرابعة لا يمثلها ولا يعبر عن أساليبها الدعائية، وأعلنت أنها أوقفته عن العمل لحين إجراء تحقيق مستقل في القضية.
وكانت صحيفتا نيويورك تايمز الأميركية والأوبزرفر البريطانية كشفتا أن شركة كامبريدج أناليتيكا لتحليل البيانات جمعت معلومات خاصة عن أكثر من خمسين مليون مستخدم لموقع فيسبوك من خلال تطوير تقنيات لدعم الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترمب عام 2016.
وقالت الصحيفتان -نقلا عن موظفين سابقين بشركة كامبريدج أناليتيكا ومساعدين ووثائق- إن هذه الواقعة تعد واحدة من أكبر عمليات خرق البيانات في تاريخ فيسبوك.
وردا على ذلك، أعلن فيسبوك أنه قرر تعليق حساب شركة كامبريدج أناليتيكا بعد أن تأكد من انتهاك سياسات خصوصية البيانات.
وقالت الأوبزرفر إن كامبريدج أناليتكا استخدمت البيانات التي حصلت عليها بدون تفويض في أوائل عام 2014، لعمل برنامج حاسوبي للتنبؤ والتأثير على خيارات الناخبين في مراكز الاقتراع، ونقلت الصحيفة عن مبلغ عن المخالفات من كامبريدج أناليتيكا يدعى كريستوفر ويلي الذي عمل مع أكاديمي في جامعة كامبريدج للحصول على البيانات قوله؛ إن البرنامج يستطيع أن يقدم معلومات عن الناخبين لاستهدافهم بإعلانات سياسية شخصية.
وقالت الصحيفة إن الأشخاص الذين تم استهدافهم والحصول على بياناتهم، وعددهم أكثر من خمسين مليون مستخدم على فيسبوك- يمثلون نحو ثلث المستخدمين النشطين للموقع في أميركا الشمالية، ونحو ربع الناخبين الأميركيين المحتملين في ذلك الوقت.
وعلى خلفية تلك "الفضيحة"، طلبت هيئة حماية حرية وخصوصية المعلومات البريطانية أمرا قضائيا للوصول إلى قاعدة بيانات الشركة، كما طلبت لجنة الثقافة في مجلس العموم البريطاني من مؤسس ورئيس شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ المثول أمامها، متهمة إياه بتضليلها سابقا بالقول إن الشركة لا تعلم عن خروق في قاعدة بيانات المستخدمين.
كما طالب أعضاء في الكونغرس الأميركي بجلسة استماع لزوكربيرغ للحصول على تفاصيل أكثر بشأن هذا الخرق، وكيف تغافلت فيسبوك عنه رغم تعلقه بحماية الخصوصية.
وكان روبرت مولر الذي يتولى التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، طلب في وقت سابق من كامبريدج أناليتيكا تسليم جميع المعاملات والمراسلات لموظفيها الذين عملوا في الحملة الانتخابية لترمب.