"القيامة".. كنيسة بالقدس مفتاحها بيد مسلمين
تكتسب كنيسة القيامة أهمية كبيرة عند مسيحيي العالم الذين يزورونها سنويا بالآلاف، وتمثل منذ قرون مثالا حيًّا للتعايش الإسلامي المسيحي؛ فمفتاحها بيد عائلة مقدسية مسلمة.
الموقع
تقع كنيسة القيامة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس، وتسمى أيضا "القبر المقدس"، وهي عبارة عن مجمع معماري كبير، ويحيط بها العديد من المباني التاريخية والأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة.
وسميت كنيسة القيامة نسبة إلى "قيامة" المسيح من بين الأموات، بحسب العقيدة المسيحية.
التاريخ
بنيت كنيسة القيامة من قبل الإمبراطورة هيلانة والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين عام 335 للميلاد، وجدد البناء بشكله الحالي في القرن 12، وبنيت فوق الجَلجلة، وهي مكان الصخرة التي يعتقد المسيحيون بأن المسيح عليه السلام صُلب عليها.
وازدادت مكانتها علوا بعد أن أعلن المجمع الرابع المنعقد في خلكيدون عام 451 اعتماده لبطريركية القدس لتصبح رابع البطريركيات الرسولية الشرقية، بالإضافة إلى روما.
وتتشارك الطوائف المسيحية الشرقية والغربية الصلاة والعبادة في كنيسة القيامة، التي تحتوي على القبر المقدس مكان دفن عيسى عليه السلام وفق تلك المعتقدات. ويوجد في الكنيسة دير للكاثوليك، وآخر للروم الأرثوذكس، وثالث لطائفة اللاتين، ورابع للأرمن، أما الأقباط فلهم دير وكنيسة القديس أنطونيوس، ويقعان خارج كنيسة القيامة.
العهد الإسلامي
في العهد الإسلامي بنى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مسجداً بالقرب من كنيسة القيامة، للدلالة على التعايش والتسامح بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.
وعندما حرر القائد صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين عام 1187 حافظ على الكنيسة، واحترم مكانتها الدينية، وبعد خلاف بين العائلات المسيحية حول من يقتني مفتاح الكنيسة، أشار صلاح الدين بأن يعطى المفتاح لعائلة مسلمة تكون هي المسؤولة عن الكنيسة، فوافق الجميع على ذلك، وأصبح يشرف عليها عائلتان مسلمتان، هما عائلة نسيبة التي تقوم بفتح أبواب الكنيسة وإغلاقها صباحاً ومساء، وعائلة جودة آل الحسيني التي تحمل مفاتيح الكنيسة وتحافظ عليها.
وجمعت كنيسة القيامة عددا كبيرا ومميزا من الفنون المعمارية منذ بنائها، ومثلت تزاوجا معماريا فريدا بين مدارس البناء المختلفة في الشرق والغرب، كما شكل تعرض الكنيسة لحوادث الهدم والحرق فرصة في كل مرة لإعادة بنائها وتجديدها، وإضافة ما يناسبها من الفنون التي تميز بها كل عصر من العصور.
ففي عام 1808 أتى عليها حريق كبير، دمر جوانب فنية عديدة، ورممت في ما بعد، وفي عامي 1834 و1927 تعرضت لزلزالين أثرا على أساساتها؛ مما حدا بسلطات الانتداب البريطاني إلى وضع دعامات حديدية وخشبية لحمايتها من الكوارث الطبيعية.
الإغلاق
ولم تسلم كنيسة القيامة كغيرها من الآثار الإسلامية من الانتهاكات الإسرائيلية، وفي 25 فبراير/شباط 2018 أعلنت الطوائف المسيحية في القدس إجماعها على إغلاق الكنيسة، احتجاجا على قرار بلدية الاحتلال فرض ضرائب على أملاك الكنائس فيها، وهو الإغلاق الثاني في تاريخها، والمرتان في ظل الاحتلال الإسرائيلي، حيث تم الإغلاق سابقا قبل ثلاثين عاما، وتحديدا في 27 أبريل/نيسان 1990.