غسان كنفاني.. أديب ومناضل فلسطيني اغتاله الموساد

يعد أحد أبرز أعلام الأدب والثورة الفلسطينية، عاش النكبة وهو في سن الطفولة، وعايش معاناتها بكل وقائعها السياسية والاجتماعية، رسخ فكرة المقاومة في أدبه، وواكب حياة الفلسطينيين وكتب عن مآسيهم من منطلق إخلاصه لقضيته الإنسانية الكبرى فلسطين وللقضايا الإنسانية الأخرى.

المولد والنشأة
ولد غسان كنفاني يوم 9 أبريل/نيسان 1936 في عكا لعائلة متوسطة الحال، والده كان محاميا، شهد وهو طفل نكبة 1948، وهرب على إثرها مع عائلته سيرا على الأقدام إلى المخيمات المؤقتة في لبنان، ومنها انتقل إلى العاصمة السورية دمشق.     

الدراسة والتكوين
التحق بمدرسة الفرير في مدينة يافا حيث تعلم الإنجليزية وأتقنها، وخالف طموح والده لأن يصبح تاجرا فاتجه إلى عالم الأدب، ونال إجازة في الأدب-قسم اللغة العربية من جامعة دمشق، وكانت الرسالة التي قدمها بعنوان "العرق والدين في الأدب الصهيوني".

الوظائف والمسؤوليات
بعد انتقال العائلة إلى دمشق اضطر كنفاني للعمل في عدة مجالات، منها موزع صحف وعامل في مطعم، واشتغل مدرسا في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بدمشق لمادتي الرسم والرياضة، ثم سافر إلى الكويت عام 1955 وعمل في التدريس، وفي عام 1960 انتقل للعمل في بيروت بصحيفة الحرية التابعة لحركة القوميين العرب.

التجربة الأدبية
اهتم كنفاني بالأدب وهو في سن الشباب، وكتب القصة القصيرة في عمر الـ19، وبعد انتقاله إلى بيروت وجد لنفسه مكانا بين المثقفين والأدباء، وحصل على الجنسية اللبنانية ولمع اسمه في عالم الكتابة.

وخلال عمر أدبي قصير نسبيا ألف 18 كتابا بين قصة قصيرة ورواية وعمل مسرحي وبحث.

كرس كنفاني كتاباته لنقل معاناة الفلسطينيين في الشتات، وكان يؤكد فيها أن اللجوء في المخيمات ليس حلا للشعب الفلسطيني، ففي روايته "موت سرير رقم 12" كتب كيف يتحول الغرباء إلى أرقام بالمنافي، ويعيشون حالة الوحدة دون التفكير في حل جماعي بالعودة، "فهم لم يكونوا يشعرون بالانتماء، والآخرون لم يشعروهم بأنهم عرب".

وفي روايته "رجال في الشمس" كما هو الحال في رواية "ما تبقى لكم" يؤكد كنفاني مجددا أن لا حل لعودة الفلسطينيين إلا بالعمل الجماعي، فهو كان مدركا وواعيا لحقيقة أنه لا يمكن الاعتماد على فكرة أن الدول العربية ستحارب لعودة الفلسطينيين، "فهي لم تسمح لهم بتشكيل تنظيمات".

كما عرف الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني أيضا باعتباره أديبا ساخرا وناقدا للقصة والشعر، وهذا ما يجهله الكثيرون، وظهر ذلك في مجموعة مقالات صحفية له خرجت بكتاب "فارس فارس"، وقال إن كتابة أدب المقاومة لا تعني أن يمتلئ الأدب بالسلاح والشعارات والخطب. وأوضح "أن تكتب قصة قصيرة ناجحة فهذا أدب مقاوم".

التجربة النضالية
لم يكن كنفاني أديبا فقط، بل كان مناضلا من أجل قضيته فلسطين، وظهر التوجه المقاوم لديه منذ طفولته، ورافقه في كل أعماله الأدبية وحياته الشخصية.

انضم إلى حركة القوميين العرب وكتب في المجلات التي كانت تصدرها في دمشق والكويت، وبعد عام 1969 ازداد نشاطه السياسي فأصبح عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد عرف عنه أنه لم يكن منضبطا في العمل الحزبي أو يشارك في الاجتماعات لكن دوره السياسي كان أساسيا، فقد ساهم في وضع الإستراتيجية السياسية والبيان التأسيسي للجبهة الذي أكد على أهمية العمل الفدائي والكفاح المسلح.

وفي سبتمبر/أيلول 1970 أجبرت مجموعة من الجبهة الشعبية ثلاث طائرات على الهبوط في مطار دوسن فيلد العسكري بمنطقة صحراوية في الأردن كانت سابقا قاعدة جوية بريطانية وقامت باحتجاز 310 رهائن للمطالبة بإطلاق صراح ليلى خالد والمعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل، وقد كان كنفاني في واجهة الحدث كونه المتحدث باسم الجبهة الشعبية حينها.

ومع بداية السبعينيات كانت بيروت بؤرة للحركات التحررية العالمية، وكانت لكنفاني علاقات شخصية بالثوريين العالميين في تلك الفترة.

المؤلفات
يمتلك كنفاني في رصيده العديد من الأعمال الإبداعية التي ترجم بعضها إلى عدة لغات أجنبية، ففي الروايات عنده "رجال في الشمس" (1963)، و"ما تبقى لكم" (1966)، و"أم سعد" (1969)، و"عائد إلى حيفا" (1970)، و"من قتل ليلى الحايك؟" (1969).

وفي المجموعات القصصية كتب كنفاني "موت سرير رقم 12″ (1961)، و"أرض البرتقال الحزين" (1963)، و"عن الرجال والبنادق" (1968).

ومن الدراسات التي تركها كنفاني هناك "أدب المقاومة في فلسطين" (1966)، و"في الأدب الصهيوني" (1967)، و"الأدب الفلسطيني المقاوم" (1968).

الاغتيال
اغتيل كنفاني من قبل الموساد الإسرائيلي في 8 يوليو/تموز 1972 بانفجار سيارة مفخخة في العاصمة اللبنانية بيروت، وبحسب نتائج لجنة التحقيق التي شكلتها الجبهة الشعبية فقد نتج الانفجار عن عبوة ناسفة قدرت زنتها بتسعة كيلوغرامات وضعت تحت مقعد السيارة وانفجرت عند تشغيلها.

وترك كنفاني وراءه زوجته الدانماركية التي انضمت إلى قافلة المناضلين من أجل فلسطين، وطفلين هما فايز وليلى.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان