الاتحاد الوطني الكردستاني.. أحد الأحزاب السياسية الرئيسية في كردستان العراق

الاتحاد الوطني الكردستاني حزب سياسي اشتراكي ديمقراطي ينشط في إقليم كردستان العراق، أُسس في الأول من يونيو/حزيران 1975 على يد جلال طالباني عقب انهيار ما سميت "الثورة الكردية" وتوقيع "اتفاقية الجزائر" عام 1975 بين العراق وإيران.
التأسيس
بدأت الخطوة الأولى لتأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني في 22 مايو/أيار 1975 بعد لقاء في العاصمة السورية دمشق جمع جلال طالباني ومجموعة من المفكرين والنشطاء الأكراد، منهم فؤاد موسم وعادل مراد وعبد الرزاق الفيلي.
نُشر البيان التأسيسي للاتحاد الوطني في الأول من يونيو/حزيران من العام نفسه بعدما أرسل إلى عدد من الشخصيات الكردية في أوروبا، والتي رحبت بفكرة الاتحاد وأبدت استعدادها للانضمام إليه، ومنها نوشيروان مصطفى الذي أعلن جاهزيته للعودة من دراسته في حال تطلب الأمر ذلك.
جاء تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني في ظل انهيار "الثورة الكردية" وتوقيع "اتفاقية الجزائر" في مارس/آذار 1975 بين العراق وإيران، والتي هدفت إلى تسوية النزاعات الحدودية المشتركة بين البلدين على الممر المائي لشط العرب وفي محافظة خوزستان.
الفكر والتوجه الأيديولوجي
تقوم عقيدة الاتحاد الوطني الكردستاني على الفكر الاشتراكي الديمقراطي والنضال من أجل النظام الديمقراطي والعلماني.
وفي يونيو/حزيران 2014 صرح عادل مراد -وهو أحد مؤسسي الاتحاد- بأن الحزب أقام علاقات متميزة مع الحزب الشيوعي الصيني، وكذلك الأحزاب الشيوعية في لبنان وسوريا وتركيا، ولكنه يؤكد أنه لم يدرج في لائحة الأحزاب التابعة للدول الشيوعية والاشتراكية في العالم كعقيدة وممارسة بالتبعية لها.
انتهج الاتحاد الوطني الكردستاني سياسة الانفتاح على مختلف القوى السياسية، الأمر الذي جعله مؤثرا في المشهد السياسي الكردستاني والعراقي والعالمي.
يلتزم الاتحاد الوطني بالأسس الدستورية التي شكلت أساس الدولة العراقية بعد سقوط نظام حزب البعث، ويقول أيضا إنه يؤمن بالتوافق الوطني والتعايش السلمي الديمقراطي.
ونشر الاتحاد الوطني الكردستاني على موقعه الإلكتروني أنه يناضل من أجل تحقيق السلام وتعزيز قيم الحرية والديمقراطية والمواطنة، مع التركيز على حقوق الإنسان وحق تقرير المصير، مشددا على أهمية ثقافة المساواة والتسامح.
وأوضح أن نشاطه لا يقتصر على كردستان العراق، بل يشمل العراق بأسره، ويعمل على "ترسيخ أسس جمهورية العراق ذات النظام الديمقراطي الفدرالي البرلماني" كما هو منصوص عليه في الدستور، باعتبار الساحة العراقية جزءا لا يتجزأ من الميدان الرئيسي الذي يدافع فيه.
ويرى الحزب أن الحركة التحررية في كردستان العراق بحاجة إلى مواصلة النضال المدني والدستوري في ظل التحديات والظروف التي يواجهها العراق والمنطقة، والتي تشكل تهديدا لهذه الحركة ومستقبلها.
الهيكلة
يعد المؤتمر أعلى سلطة في الاتحاد الوطني الكردستاني، ويعقد كل 3 سنوات مرة واحدة، ولا يجوز وتحت أي ظروف أن يتجاوز مجموع عدد الأعضاء في المؤتمر ألف عضو.
ويتولى المؤتمر انتخاب السكرتير العام واللجنة القيادية (50 عضوا) وأعضاء المجلس المركزي (101 عضو).
ويعقد الحزب مؤتمرا استثنائيا في حال حصول أزمة أو حدث مهم.
وتتمثل صلاحيات السكرتير العام في أنه المسؤول عن تنفيذ قرارات الحزب وسياساته.
وتعتبر اللجنة القيادية أعلى سلطة في الحزب في مجال تنفيذ مهامه وواجباته في المدة المحصورة بين مؤتمرين، وتعقد اجتماعها الاعتيادي مرة كل شهرين، وتستطيع اللجنة القيادية عقد اجتماع استثنائي بناء على طلب السكرتير العام أو بناء على طلب نصف أعضاء اللجنة القيادية.
علاقته مع الحزب الديمقراطي
أُسس الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1946 بقيادة الملا مصطفى البارزاني، وكان يمثل الطليعة للحركة القومية الكردية.
بعد انهيار الثورة الكردية عقب اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975 انشق الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزب الديمقراطي بقيادة جلال طالباني، ومنذ ذلك الوقت أصبح الحزبان أقوى فصيلين سياسيين في كردستان العراق.
في عام 1992 وبعد انتخابات أجريت في إقليم كردستان شكّل الحزبان إدارة مشتركة لحكم الإقليم، وتقاسما السلطة في مناطق الإقليم.
توترت العلاقات بين الحزبين في تسعينيات القرن الـ20، واندلعت حرب بينهما عام 1994، فتقارب الحزب الديمقراطي الكردستاني مع تركيا والرئيس العراقي حينها صدام حسين لاستعادة السيطرة على مدينة أربيل، في حين تحالف الاتحاد الوطني الكردستاني مع إيران.
ووقّع الحزبان اتفاقية سلام في واشنطن عام 1998 بوساطة أميركية ودعم بريطاني نصت على إنهاء النزاع العسكري بينهما وتقاسم الإدارة في إقليم كردستان بشكل سلمي.
بعد الغزو الأميركي للعراق في مارس/آذار 2003 دخل الحزبان العملية السياسية في البلاد وشغلا مواقع قيادية بارزة تعززت إثر فوز تحالفهما الكردستاني بالمرتبة الثانية بعد الائتلاف الشيعي في انتخابات 2005.
أثمر هذا التعاون عن تولي جلال طالباني رئاسة العراق (2005-2014) عن الاتحاد الوطني، في حين تولى مسعود البارزاني منصب رئيس إقليم كردستان عن الحزب الديمقراطي.
في أبريل/نيسان 2017 اتفق الحزبان على تشكيل لجنة موسعة لتحديد وقت وآلية إجراء استفتاء شعبي لاستقلال كردستان العراق، والذي تم تحديده يوم 25 سبتمبر/أيلول 2017.
برزت خلافات حادة في إدارة ملف الاستفتاء بين الحزبين، وتصاعد التوتر بشأن إدارة الإقليم والموارد المالية، وتمثلت أبرز نقاط الخلاف في التنافس على السيطرة الإدارية، خاصة في مدينتي أربيل والسليمانية، إضافة إلى الخلاف بشأن عائدات النفط وإيرادات المعابر الحدودية.
وأدت الخلافات إلى تقسيم قوات البشمركة (الجماعات المسلحة الكردية) بين الحزبين، فسيطر الحزب الديمقراطي على قوات الوحدة 80، في حين سيطر الاتحاد الوطني على قوات الوحدة 70.
أبرز رؤساء الاتحاد الوطني الكردستاني
جلال طالباني
مؤسس وأمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني، وُلد عام 1933، وبدأ نشاطه السياسي في سن مبكرة، إذ انضم عام 1946 إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي سن الـ18 تم ترشيحه للجنة المركزية للحزب.
في عام 1959 استُدعي طالباني لأداء الخدمة العسكرية وخدم في وحدتي المدفعية والمدرعات، وكان قائدا لإحدى وحدات الدبابات، وعندما اندلع النزاع بين الأكراد وحكومة عبد الكريم قاسم عام 1961 كان طالباني مسؤولا عن جبهتي القتال في كركوك والسليمانية.
وفي عام 1962 قاد طالباني هجوما منسقا واستطاع السيطرة على منطقة شاربازر من القوات الحكومية.
وفي ستينيات القرن الـ20 تولى طالباني مهام دبلوماسية، ومثّل القيادة الكردية في اجتماعات عدة بأوروبا والشرق الأوسط.
في عام 1964 انشق طالباني عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومع انهيار الثورة الكردية عام 1975 أسس الاتحاد الوطني الكردستاني مع مجموعة من المفكرين والنشطاء الأكراد، وبعدها بعام بدأ في تنظيم المقاومة المسلحة داخل العراق.
بعد انضمام الاتحاد الوطني الكردستاني إلى منظمة الاشتراكية الأممية باعتباره حزب فاعل فيها اختارت المنظمة طالباني في مارس/آذار 2017 رئيسا فخريا لها.

بافل جلال طالباني
ولد عام 1973 في بغداد، وهو الابن الأكبر لجلال طالباني، بدأ نشاطه السياسي بمنصب المدير التنفيذي الخاص لمكتب والده، ودرس طالباني الإستراتيجية السياسية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
خضع طالباني لتدريبات عسكرية متقدمة، إذ شارك في برنامج تدريب تابع لفرقة فرنسية عام 1996، ثم في تدريب عسكري مع البريطانيين في 1998، وفي عام 2000 تدرب مع القوات الخاصة الأميركية.
أسس طالباني وكالة لمكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، واهتم بقضايا الأمن الداخلي، وبعد وفاة والده تولى دورا محوريا في إعادة توحيد الاتحاد الوطني الكردستاني.
في عام 2020 أصبح الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، قبل أن يتم انتخابه رئيسا للاتحاد الوطني في 28 أغسطس/آب 2022 بعد حصوله على دعم الأغلبية في مجلس القيادة.
العلاقة مع سوريا
كانت سوريا إحدى الدول التي استضافت الاتحاد الوطني الكردستاني بعد تأسيسه عام 1975، وكانت حكومة الأسد توفر لأعضاء الاتحاد ملاذا آمنا بسبب العداء المشترك مع النظام العراقي في عهد صدام حسين.
عمل الاتحاد الوطني الكردستاني على تشكيل قواعد ونقاط انطلاق من داخل سوريا للتدريب العسكري والإعداد للقتال ضد النظام العراقي حينئذ.
وكانت سوريا بمثابة قاعدة انطلاق لنشاطات الحزب السياسية والعسكرية في السنوات التي تلت تأسيسه.
تميزت العلاقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمال الكردستاني بالتعاون الوثيق، خاصة في القضايا العسكرية والتدريب، في وقت كانت فيه سوريا تدعم حزب العمال في مواجهته مع تركيا.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 تغيرت الديناميكيات الإقليمية بشكل كبير، لكن العلاقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني وسوريا استمرت على الرغم من أن الاتحاد الوطني بدأ في تفعيل دوره السياسي في العراق، لكن علاقاته مع سوريا ظلت مهمة فيما يخص التنسيق في ملفات إقليمية، منها الاستقلال الكردي.