نورييغا.. جنرال بنما الذي تحالف مع أميركا فأطاحت به

سياسي وجنرال بنما القوي الذي وصفه خصومه بالحاكم الدكتاتور، تحالف مع الأميركيين وتجسس لصالحهم قبل أن ينقلبوا عليه ويطيحوا به عام 1989، قضى بقية حياته في السجون.
المولد والنشأة
ولد مانويل نورييغا يوم 11 فبراير/شباط 1934 في بنما سيتي لعائلة كولومبية فقيرة.
الدراسة والتكوين
درس العلوم العسكرية بالكلية العسكرية في بيرو، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1967، وقضى عدة أشهر في كلية تابعة للجيش الأميركي بمنطقة قناة بنما، حيث تلقى دورات حول عمليات المشاة، ومكافحة التجسس، والاستخبارات.
الوظائف والمسؤوليات
تدرج نورييغا في المناصب وأصبح الحاكم الفعلي لبنما دون أن ينتخب من طرف الشعب، وبدأ ظهوره خلال مشاركته بالانقلاب العسكري ضد الرئيس أرنولفو أرياس يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 1968، حيث عين بعد عام من ذلك على رأس جهاز الاستخبارات "جي-2" وذلك من طرف وقائد الجيش الجنرال عمر توريخوس.
التجربة العسكرية
بعد وفاة قائد الجيش في حادث غامض لتحطم طائرة عام 1981، أصبح نورييغا -الذي اتهم بالوقوف وراء الحادث- رجل بنما القوي، فقد تمت ترقيته عام 1983 لرتبة جنرال، وتولى قيادة الحرس الوطني، وحتى عام 1989 تولى الحكم فعليا في عهد ستة رؤساء للجمهورية كانوا أضعف منه بكثير.
عرف نورييغا بالرجل القوي في بنما، واشتهر بالتلويح بمنجل وهو يدلي بخطب نارية.
وبدأ الأمور تنقلب ضد نورييغا عندما اندلعت مظاهرات في يونيو/حزيران 1987 تندد بالفساد، وتطالب بالديمقراطية في هذه الدولة الواقعة في أميركا الوسطى.
يعرف عنه بأنه كان حليفا للولايات المتحدة خلال جهودها لمنع انتشار النفوذ الشيوعي بأميركا الوسطى، وتجسس نورييغا لصالح وكالة المخابرات المركزية الأميركية، لكن ذلك لم يشفع له لدى الأميركيين بعد انتهاء دوره، فقد اتهموه في فبراير/شباط 1988 رسميا بتهريب المخدرات إلى الأراضي الأميركية. كما كانت هناك أدلة تشير إلى تعامله مع أجهزة مخابرات مختلفة.
في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، أغارت القوات الأميركية يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 1989 على بنما وأطاحت بنورييغا الذي سلم نفسه للأميركيين الذين حكموا عليه بالسجن أربعين عاما بتهمة تهريب المخدرات وغسل الأموال، أمضى منها 21 لحسن سلوكه.
وقد أطلق على عملية غزو بنما اسم "القضية العادلة" وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف شخص بينهم العديد من المدنيين.
ونقل نورييغا عام 2010 إلى فرنسا، حيث حكم عليه بالسجن بتهمة غسل الأموال والفساد والاختلاس، رغم أن باريس منحته وسام جوقة الشرف عام 1987 في إطار إقامة العلاقات الدبلوماسية مع بنما.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2011، سلمته باريس إلى بنما ليمضي ثلاثة أحكام بالسجن لعشرين عاما لمسؤوليته عن اختفاء معارضين، وبعد خروجه من السجن ظل يقيم لدى إحدى بناته الثلاث بالعاصمة بنما سيتي.
تعرض نورييغا للانتقاد من طرف معارضيه الذين وصفوه بشتى الأوصاف منها " الدكتاتور البارد، المعتل نفسيا" واتهم بتحويل مبالغ كبيرة من الأموال إلى أوروبا.
وعرف عن نورييغا بأنه كان على علاقة بتجار المخدرات أبرزهم الكولومبي بابلو ايسكوبار، وقد قال الجنرال روبن دارين باريدس أحد قادته السابقين إن "الأهم في حياة نورييغا هو أنه جعل المؤسسة العسكرية أداة تجمع بين الجريمة وتهريب المخدرات".
وعلى الرغم من الأسرار التي يملكها حول السلطة، لم يكشف نورييغا أي معلومات في حياته لا عن مؤيديه ولا معارضيه، وقالت ابنته ساندرا لوكالة الأنباء الفرنسية إن حياة والدها "لا يتسع لها كتاب".
وقبل سنوات قليلة من وفاته، اعتذر الجنرال لشعبه في حوار مع القناة البنمية، وقال "أعتذر لكل من شعر أنه أسيء إليه أو أوذي أو أهين نتيجة أفعالي أو أفعال رؤسائي أثناء تنفيذ الأوامر خلال فترة حكمي للبلاد".
الوفاة
توفي نورييغا يوم 29 مايو/أيار 2017 عن عمر ناهز 83 عاما إثر إصابته بنزف دماغي بعد عملية جراحية.
وكان خضع لعملية جراحية لاستئصال ورم حميد من الدماغ بالسابع من مارس/آذار في مستشفى "بنما سيتي" لكنه أصيب بنزف في الدماغ بعد ذلك. وخضع لعملية جديدة وبقي في حالة حرجة على إثرها.