بئر لحلو.. "عاصمة" البوليساريو ومدفن زعيمها

الموقع
تقع بلدة بئر لحلو (البئر العذبة) شرق الجدار العازل في منطقة الصحراء الغربية، على بعد 220 كيلومترا جنوب غرب مدينة تندوف الجزائرية، ضمن المناطق التي تصفها البوليساريو بالمناطق المحررة، ويعتبرها المغرب مناطق منزوعة السلاح، وهي ممتدة بين الجدار الأمني المغربي والحدود الجزائرية والموريتانية المشتركة.
التاريخ
كانت بلدة بئر لحلو من بين المناطق الصحراوية التي استوطنتها قبائل صنهاجة الأمازيغية في الفترات السابقة على دخول الإسلام إلى المنطقة بالنصف الأول من القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) حيث أسست هذه القبائل منتصف القرن الخامس الهجري (الـ 11 الميلادي) دولة المرابطين التي بسطت سيطرتها على جميع المنطقة وانطلقت منها إلى حكم المغرب والأندلس.
وخضعت تلك المناطق للاستعمار الإسباني في الفترة ما بين عامي 1884 و1975، وبعد مغادرتها تركت إسبانيا الأراضي الصحراوية تحت إدارة المغرب وموريتانيا، كل منهما في المناطق التي تسيطر عليها: الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا. وفي المقابل، أعلنت البوليساريو منذ 1976 قيام ما سمتها "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" ولاحقا (5 أغسطس/آب 1979) انسحبت موريتانيا من إقليم وادي الذهب، وبقي المغرب والبوليساريو يتنازعان السيادة على تلك المنطقة.
العاصمة المؤقتة
تعود أهمية بئر لحلو بالنسبة للبوليساريو إلى عوامل في مقدمتها الرمزية التاريخية التي تحظى بها باعتبارها "منطلقا" لقيام الدولة، فمنها تم الإعلان عن أول حكومة شكلتها الجبهة.
وتفيد وكالة الأنباء الصحراوية التابعة للجبهة أن "أول حكومة صحراوية" تأسست يوم 5 مارس/آذار 1976 بمنطقة "بئر لحلو المحررة".
ولأجل تلك الرمزية ظلت الجبهة تعتبرها "عاصمة مؤقتة للجمهورية الصحراوية" وترفع عليها علم "الدولة الصحراوية" ويتذيل اسمها كل البيانات والمراسيم التي تصدر عنها. في المقابل يصف المغرب هذه المساحة الجغرافية بالمنطقة العازلة، ويضمها إلى خارطته الوطنية الرسمية.
ورغم أن البوليساريو أعطت مزيدا من الاهتمام لبلدة تفاريتي التي أصبحت تحتضن المؤتمرات ومهرجاناتها الاحتفالية واستعراضاتها العسكرية، وشيدت فيها مجموعة من المرافق العمومية منها مدارس ومستشفى تفاريتي و"مستشفى نافارا" وغيرها، وأصبحت توصف في العديد من وسائل الإعلام بالعاصمة المؤقتة للدولة الصحراوية، فإن الأدبيات السياسية والوثائق الرسمية للجبهة ما زالت تصف بئر لحلو بالعاصمة المؤقتة.
ومن حين لآخر، تعقد فيها الجبهة اجتماعاتها الرسمية ومنها اجتماع "مجلس الوزراء" وأحيانا تحتفل فيها بذكرى تأسيس أول حكومة في تاريخها.
وزادت أهميتها السياسية لدى البوليساريو وأنصارها بعد دفن زعيمها الأبرز الراحل محمد عبد العزيز فيها يوم 4 يونيو/حزيران 2016 وسط مراسم رسمية، حيث يتوقع قادة الجبهة أن يتحول ضريحه إلى مزار للأنصار ومحبي الرجل الذي كان أحد مؤسسيها وتولى قيادتها أربعة عقود متتالية.
ويوم 5 مارس/آذار 2016 وصل إليها الأمين العام السابق لـ الأمم المتحدة بان كي مون، وهي الزيارة التي أثارت -وما صاحبها من تصريحات- أزمة كبيرة مع المغرب، فقد اعتبرتها الجبهة انتصارا لها وتأكيدا لحقها في الأرض المتنازع عيلها، في حين عدتها الرباط انحيازا من الأمين العام الذي يفترض أن يبقى "وسيطا محايدا" في قضية الصحراء الغربية.