ترمب بالسعودية.. 460 مليار دولار وثلاث قمم

U.S. President Donald Trump (5¬L) prepares for a family
قادة دول مجلس التعاون الخليجي عقدوا قمة مع ترمب (رويترز)

ثلاث قمم عقدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في مايو/أيار 2017 مع الحلفاء السعوديين والخليجيين ومع قادة عرب ومسلمين، واختتمت هذه القمم بالتأكيد على تنسيق الجهود لمواجهة التطرف وعزل إيران.

قمة سعودية أميركية
احتضنت الرياض يوم 20 مايو/أيار 2017 قمة بين ترمب والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز جرى خلالها بحث العلاقات بين البلدين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والعالم، والجهود المبذولة لاستقرار وأمن المنطقة.

ووقع الملك سلمان وترمب إعلان رؤية إستراتيجية سعودية أميركية مشتركة نص على "رسم مسار مجدد نحو شرق أوسط ينعم بالسلام وبسمات العمل الإقليمي والعالمي في القرن الـ 21".

وخلال هذه القمة السعودية الأميركية وقع الملك سلمان وترمب عدة اتفاقيات تعاون عسكري ودفاعي وتجاري بقيمة 460 مليار دولار، في ما قال وزير التجارة السعودي ماجد القصبي إن بلاده منحت تراخيص للاستثمار بالمملكة لـ 23 من كبرى الشركات الأميركية.

وقالت مراسلة الجزيرة وجد وقفي إن السعودية والولايات المتحدة وقعتا اتفاقيات دفاعية بقيمة 460 مليار دولار، منها 110 مليارات قيمة صفقات عسكرية سابقة، وستسلم بموجبها واشنطن أسلحة على الفور للجانب السعودي، بالإضافة إلى صفقات تعاون دفاعي بقيمة 350 مليارا على مدى عشر سنوات.

كما وقع الملك سلمان والرئيس ترمب بيان الرؤية المشتركة للبلدين، ولم يكشف عن تفاصيل هذه الرؤية.

وقال مراسل الجزيرة بالرياض إن الاتفاقات الموقعة غير مسبوقة في تاريخ البلدين، وهي تؤشر على عودة الدفء بوتيرة متسارعة في العلاقات السعودية الأميركية، وذلك بعد فترة وصفت بالفاترة بين السعودية والإدارة الأميركية في آخر فترة الرئيس السابق باراك أوباما.

وبتزامن مع لقاء الملك سلمان وترمب، عقد في الرياض المنتدى الاقتصادي الأميركي السعودي للرؤساء التنفيذيين، بحضور أكبر تسعين شركة أميركية وسعودية، وشهد المنتدى تأسيس شركة "ريثيون العربية" بشراكة بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وريثيون الأميركية لتطوير أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة الذكية في السعودية.

وناقش المنتدى موضوعات الخصخصة والإصلاحات التنظيمية في المملكة وجهود التنويع الاقتصادي وزيادة المشاركة الأميركية في قطاعات الأعمال الرئيسية وبناء القدرات الصناعية الوطنية، كما تطرق إلى الفرص الاستثمارية وكيفية دعم القطاع الخاص للشراكات السعودية والأميركية.

وأبرمت شركة جنرال إلكتريك الأميركية صفقات مع المملكة بقيمة 15 مليار دولار، فضلا عن اتفاقية لشركة أرامكو السعودية النفطية بقيمة خمسين مليارا.

قمة خليجية أميركية
وفي 21 مايو/أيار2017 عقدت قمة خليجية أميركية في مركز الملك عبد العزيز للمؤتمرات في الرياض بمشاركة الرئيس الأميركي وقادة دول مجلس التعاون الخليجي هي الأولى بين الطرفين منذ تولي ترمب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني 2016، والثالثة بعد قمة كامب ديفد 2015 وقمة الرياض 2016.

شارك في القمة إلى جانب ترمب والملك سلمان، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس مجلس الوزراء بـ سلطنة عمان.

وعقدت القمة في جلسة مغلقة دامت ساعة ونصف ساعة، وتناولت السياسات المشتركة والتعاون بشأن مسائل إقليمية، والتحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، ولا سيما الوضع في اليمن وسوريا، فضلا عن السياسة الإيرانية بالمنطقة، حيث اتفق الطرفان على أن نشاطات إيران بالمنطقة تتسبب في عدم الاستقرار.

وتحضيرا للقمة الخليجية الأميركية، عقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي لقاء تشاوريا برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف.

مذكرة تفاهم 
وقعت الدول الخليجية والولايات المتحدة قبيل انعقاد القمة مذكرة تفاهم لمراقبة مصادر تمويل الإرهاب، وتبادل ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون تسليم المذكرة بحضور قادة الدول الخليجية وترمب.

ووفق ما أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، تقضي مذكرة التفاهم بتأسيس مركز لاستهداف تمويل الإرهاب، ولم تقدم توضيحات إضافية عن كيفية عمل المركز أو البلد الذي سيستضيفه.

لقاءات ثنائية
وعلى هامش القمة، عقد ترمب لقاءات ثنائية مع بعض الزعماء العرب، بينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث بحث معه علاقات الصداقة والتعاون الوثيقة بين البلدين وسبل توطيدها وتعزيزها في مختلف المجالات، ودعم الجهود الدولية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف اللذين يهددان الأمن والاستقرار في العالم.

ووفق وكالة الأنباء القطرية التي أوردت النبأ، فقد تبادل أمير قطر وترمب وجهات النظر بشأن آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، ولا سيما آخر المستجدات في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث اتفق الجانبان على ضرورة استئناف عملية السلام، بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع في كل من اليمن وسوريا.

وبعد سنوات من الفتور في ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على خلفية الاتفاق النووي مع طهران، وجدت دول الخليج في ترمب حليفا تعيد معه بناء العلاقة التاريخية مع واشنطن.

ووفق إيجاز صحفي لـ البيت الأبيض، فقد قال ترمب "إنه لشرف عظيم أن أكون معكم، لقد كان هناك بعض التوتر، ولكن لن يكون هناك توتر مع هذه الإدارة".

قمة عربية إسلامية أميركية
وفي 21 مايو/أيار2017 عقدت أيضا قمة عربية إسلامية أميركية في الرياض بمشاركة وحضور الرئيس الأميركي وقادة وممثلي أكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية، لبحث مشاريع الشراكة في الجوانب السياسية والدفاعية والاقتصادية ومكافحة التطرف والعمل على تعزيز قيم التسامح والاعتدال.

وقال الملك سلمان -خلال افتتاحه القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض- إن الدول المشاركة في القمة شريك مهم في مكافحة الإرهاب. وشدد على أن مشاركة ترمب في القمة دليل على اهتمام واشنطن بالمنطقة، وأكد على ضرورة التعاون في القضاء على الإرهاب بكل أشكاله.

وأعلن إطلاق المركز العالمي لمكافحة التطرف الذي يهدف لنشر مبادئ الوسطية والاعتدال ومواجهة التغرير بالصغار وتحصين الأسر والمجتمعات ومقارعة حجج الإرهابيين الواهية. وشدد على أن القضاء على الإرهاب ليس بالمواجهة فقط وإنما بـ التنمية المستدامة.

ورأى الملك سلمان أن "بعض المنتسبين للإسلام يشوهون الدين" وأكد أن "الإسلام دين سلام وتعايش وتسامح" مشددا في الوقت نفسه على رفض وإدانة فرز الشعوب على أساس ديني أو طائفي.

وأضاف: إننا جميعا شعوبا ودولا نرفض بكل لغة وندين بكل شكل الإضرار بعلاقات الدول الإسلامية مع الدول الصديقة، وفرز الشعوب والدول على أساس ديني أو طائفي، وما هذه الأفعال البغيضة إلا نتيجة محاولات استغلال الإسلام كغطاء لأغراض سياسية تؤجج الكراهية والتطرف والإرهاب والصراعات الدينية والمذهبية كما يفعل النظام الإيراني والجماعات والتنظيمات التابعة له مثل حزب الله والحوثيين وتنظيمي داعش والقاعدة، وغيرهم.

واعتبر أن "إيران هي رأس الإرهاب العالمي" منذ ثورة الخميني، وأكد أن النظام الإيراني وحزب الله والحوثيين وتنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة كلهم وجوه لعملة واحدة.

وأعلن الرئيس الأميركي في خطاب له في افتتاح القمة أمام قادة وزعماء الدول العربية والإسلامية أنه يحمل رسالة "صداقة وأمل ومحبة" إلى العالمين العربي والإسلامي.

ودعا ترمب إلى مكافحة "التطرف الإسلامي" مؤكدا أن فصلا جديدا قد بدأ الآن بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي، ولكنه دعا العرب والمسلمين لتولي الريادة في هذه الحرب التي اعتبر أنها تجري بين الخير والشر.

وأكد أن الحرب على الإرهاب ليست حربا بين الأديان وإنما هي معركة بين الخير والشر، وليست معركة بين الأديان المختلفة أو الطوائف المختلفة أو الحضارات المختلفة، بل هي "معركة مع المجرمين الهمجيين الذي يسعون إلى محو الحياة الإنسانية والقضاء على عقلاء جميع الأديان".

وقال إن "أكثر من 95% من ضحايا الإرهاب من المسلمين" واعتبر أن "حزب الله وحركة حماس وداعش (تنظيم الدولة الإسلامية) وغيرهم يمارسون نفس الوحشية".

وأضاف "إن الإرهابيين لا يعبدون الله وإنما يعبدون الموت، فالإرهاب هو تدمير الحياة ويجب أن يشعر أي مؤمن بالإهانة عندما يقتل إرهابي شخصا باسم الرب".

وشدد على أنه "لا يمكن لدول الشرق الأوسط أن تنتظر القوة الأميركية لسحق هذا العدو نيابة عنها، بل سيكون على دول الشرق الأوسط أن تقرر شكل المستقبل الذي تريده لنفسها، لدولها، ولأطفالها".

واعتبر ترمب قرار السعودية بوصم حزب الله اللبناني بالإرهاب قرارا صائبا، مثمنا دور تركيا والأردن وقطر وكل من يساهم في الحرب على الإرهاب واستقبال اللاجئين.

واتهم النظام الإيراني بالمسؤولية عن عدم الاستقرار في المنطقة، وقال إن "إيران توفر الأسلحة والتدريب للإرهابيين والجماعات المتطرفة، وتسلح وتدرب المليشيات التي تنشر الدمار والفوضى" داعيا جميع الدول إلى العمل معا "لعزل" إيران.

وبشأن سوريا، قال ترمب إن على الدول المعنية التعاون لإنهاء الأزمة فيها، مشيرا إلى أن الأسد ارتكب جرائم لا توصف بدعم من إيران. وأشار إلى أن السلام في هذ العالم ممكن بما في ذلك السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

المصدر : الجزيرة + وكالات