لاس فيغاس.. أسوأ ليلة رعب بمدينة الملاهي
هجوم دموي استهدف تجمعا لأكثر من 22 ألف مشاهد في ساحة واسعة بعاصمة الترفيه والمقامرة في الولايات المتحدة لحضور حفل للمغني جايسون ألدين خلال مهرجان شهير لموسيقى الكانتري.
التفاصيل
وقعت مجزرة لاس فيغاس في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017 حين كان أكثر من 22 ألف يحضرون حفلا موسيقيا للمغني جيسون ألدين؛ حيث دوت أصوات الطلقات النارية الأولى قرابة الساعة 22.08 بالتوقيت المحلي (7.30 بالتوقيت العالمي)، ظن الجميع بداية الأمر أنها مجرد مفرقعات، ولكن استمرار إطلاق النار أصاب الجميع بالذعر، وأصيب الآلاف بحالة من الصدمة والهلع وتفرقوا مذعورين في كل اتجاه.
وتسبب الهجوم بتدافع كبير وسط حالة من الذعر، فسارع البعض إلى الفرار، في حين تمدد آخرون أرضا للاحتماء من الرصاص، أو فوق أقرباء لهم لحمايتهم بأجسادهم، بينما انتشرت أشلاء الضحايا وتعالت صيحات الجرحى والمذعورين في أرجاء الساحة التي كان ينهمر عليها الرصاص الحي كثيفا. وفي الصور التي التقطت في الدقائق الأولى، يمكن رؤية العديد من الجرحى ممددين أرضا أمام المسرح وأطرافهم تنزف، بينما يواسي بعضهم آخرون.
ووصل عدد القتلى في اليوم الثاني للعملية إلى 59 قتيلا و527 جريحا، ووصف الهجوم بالأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية الحديث. وأكدت المصادر الطبية أن العدد مرشح للزيادة بالنظر إلى حجم وتنوع الإصابات التي لحقت بمئات الحاضرين للحفل الموسيقي.
وقالت قناة إن بي سي الأميركية في نشرتها إن هجوم لاس فيغاس يفوق (من حيث الحجم) مجزرة النادي الليلي التي وقعت بولاية فلوريدا (جنوب شرق) عام 2016 وراح ضحيتها 50 قتيلا، واعتبر آنداك الأكثر دموية في تاريخ أميركا الحديث.
وتبنى تنظيم الدولة عملية لاس فيغاس وأكد أن منفذها "أحد جنود الخلافة" وأنه اعتنق الإسلام قبل شهور، ولكن أجهزة الأمن الأميركية استبعدت فرضية انتماء مطلق النار لتنظيم الدولة، كما لم تتعامل وسائل الإعلام الأميركية مع العملية باعتبارها "إرهابية".
وفتحت السلطات الأميركية تحقيقا موسعا حول دوافع العملية، ولكنها لم تعثر -حتى اليوم الثاني من العملية- على أي رابط بين المنفذ وأي "مجموعة إرهابية دولية"، حسب تصريحات مصدر في مكتب التحقيقات الفدرالي.
ولم يتطرق الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتبني تنظيم الدولة الإسلامية للهجوم ولا لملف ضبط بيع الأسلحة النارية الفردية، في تعليقه على الهجوم.
بل ركز ترمب في كلمة ألقاها من البيت الأبيض على الدعوة إلى وحدة البلاد، معبرا عن الحزن العميق أمام هذه المأساة وقال إن "وحدة صفنا لا يمكن أن يدمرها الشر، وروابطنا لا يمكن أن يحلها العنف. ورغم شعورنا بغضب عارم بسبب قتل مواطنينا، فإن الحب هو ما يعرف بنا اليوم".
وأعلن الكثير من قادة دول العالم تنديدهم بالحادث وتضامنهم مع الولايات المتحدة الأميركية، وتقدموا بالتعازي لأسر الضحايا وللشعب الأميركي وتمنوا الشفاء للمصابين.
منفذ الهجوم
هو ستيفن كريغ بادوك المولود في 9 أبريل/نيسان 1953، وهو أميركي أبيض، متقاعد ثري ولاعب قمار محترف، لم تحُم حوله في السابق أي شبهات جنائية، فقد كان يعيش حياة هادئة ويقضي معظم وقته في هوايته المفضلة المتمثلة في لعب القمار والإدمان على حضور حفلات موسيقى الكونتري بلاس فيغاس، وكان لاعب قمار محترفا ربح في إحدى الليالي 250 ألف دولار على طاولات القمار بلاس فيغاس، حسب إفادة أخيه لوسائل الإعلام.
وقالت وسائل الإعلام الأميركية إن الرجل كان يقطن منذ يونيو/حزيران 2016 في قرية يسكنها عادة المتقاعدون، اسمها "صن سيتي" في مدينة ميسكيت، وتبعد 80 ميلا شمال شرق لاس فيغاس بولاية نيفادا.
وقبل ذلك سكن بادوك بين 2011 و2016 في مدينة رينو بولاية نيفادا وبين 2013 و2015 عاش في مدينة ملبورن بفلوريدا، كما عاش في مدينة هيندرسون بولاية نيفادا، وفي كاليفورنيا.
ويبدو أنه أعد للهجوم بعناية، فقد وصل في 28 سبتمبر/أيلول 2017 إلى جناح مؤلف من غرفتين حجزه في الفندق من غير أن يلاحظ طواقم الفندق في أي وقت أنه أدخل أسلحة، وقام بتحطيم زجاج النافذة ليتمكن من إطلاق النار بسهولة.
وعثرت الشرطة في غرفة الفندق على 23 قطعة سلاح من عيارات مختلفة بينها بنادق هجومية، وبعض البنادق كان يحمل جهاز تصويب، ويعتقد أنه نقلها في أكثر من عشر حقائب، حسب ما أفاد رئيس شرطة المدينة جوزيف لومباردو.
كما عثرت لاحقا في منزله على ترسانة كاملة تضم 19 قطعة سلاح إضافية وآلاف الذخائر والمتفجرات، وبالإضافة إلى ذلك كان المسلح يخبئ في سيارته مادة نترات الأمونيوم، وهو سماد يمكن استخدامه لصنع متفجرات.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن أخيه نفيه وجود أي ارتباط لبادوك بأي جماعات عنصرية أو سياسية أو دينية، مؤكدا أنه كان فقط يهوى السهر وألعاب القمار، وقال إن عائلته مصدومة وكأن نيزكا سقط عليها من السماء.