قوات الحزام الأمني.. إحدى أذرع الإمارات العسكرية باليمن
قوة أمنية وعسكرية تنشط في جنوب اليمن وتضم في صفوفها جمعا متنوعا من الضباط والعسكريين اليمنيين ونشطاء الحراك الجنوبي وبعض المحسوبين على "التيار السلفي"، وتعرف بولائها لدولة الإمارات وخدمة أجندتها في اليمن.
تشكل الحزام الأمني في مارس/آذار 2016 بعد تحرير مدينة عدن بشهور قليلة من قبضة مليشيا الحوثي وحلفائه.
المسار
أدى تحرير مدينة عدن من قبضة مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم أواخر عام 2015 إلى حالة فراغ أمني في المدينة ومحيطها بعد انهيار التشكيلات العسكرية والأمنية التي تتولى حمايتها. وعلى الفور تشكلت لجان محلية من نشطاء ومقاومين أصحاب مشارب واتجاهات متعددة بهدف حماية المدينة وتوفير الحد الأدنى من الاستقرار فيها.
وفي غمرة ذلك الفراغ والتدافع الأمني وتشتت المقاومة الشعبية الجنوبية، وتوزع قوى المقاومة على جبهات عدة وفي اتجاهات مختلفة، تأسس الحزام الأمني في عدن ومحيطها جنوبا متألفا في البداية من لواءين عسكريين، تم تجهيز بعض أفرادهما في دولة الإمارات التي حرصت منذ البداية على اعتماد أسس خاصة في تشكيل هذه القوة، وجعلتها ترتبط بها أكثر مما ترتبط بمؤسسات وأجهزة الدولة الرسمية.
ووصل عدد أفراد قوات الحزام الأمني بعيد انطلاقها إلى أكثر من عشرة آلاف جندي، قبل أن تتوسع لاحقا وتضم قيادات وعناصر عسكرية بعضها من النشطاء الجنوبيين وبعضها من عناصر الأمن السابقة.
ورغم أنها انطلقت بداية في عدن، فقد توسعت لاحقا إلى مدن ومحافظات أخرى من بينها لحج، وتعمل الإمارات على نقل التجربة وتثبيتها في جميع المحافظات الجنوبية باليمن.
وتفيد تقارير إعلامية بأن أبو ظبي سعت في أكتوبر/تشرين الأول 2017 لنقل قوة عسكرية مكونة من نحو ثلاثة آلاف عنصر عسكري تلقت تدريبها خارج اليمن إلى محافظة تعز لإنشاء فرع فيها لقوات الحزام الأمني، ولكنها تواجه العديد من الصعوبات في سبيل تحقيق ذلك.
ساهمت قوات الحزام الأمني بداية من وضع حد للعديد من الإشكالات الأمنية في عدن، ولكنها سرعان ما أثارت لغطا واسعا بسبب العديد من الإجراءات والمعارك التي دخلتها، والممارسات التي ارتكبتها ضد سكان المناطق التي تنشط فيها، ومن بينها تهجير وترحيل مئات من أبناء الشمال ممن استقروا في مناطق ما بعد خط عام تسعين، رغم قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي وقف هذه العملية.
وشملت القرارات والإجراءات التي اتخذتها قوات الحزام الأمني المثيرة للجدل منع دخول القات إلى مدينة عدن باستثناء يومي الخميس والجمعة، هذا فضلا عن حملات الاعتقال والتوقيف والتعذيب التي تعرض لها العديد من العلماء والمشايخ والأئمة وبعض القيادات العسكرية في الجنوب.
وتتهم هذه القوات بالضلوع في عمليات قتل واحتجاز وتعديات خارج القانون، واستهداف ممنهج ومتواصل للخصوم السياسيين، وإدارة سجون سرية تابعة للإمارات في جنوبي اليمن. كما تقوم هذه القوات بتلك التصفيات والتجاوزات بحق الخصوم السياسيين والعسكريين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ومحاولات فرض الأمن والاستقرار في البلاد.
وفي مايو/أيار 2017 منع مسلحون متشددون -يعتقد بانتمائهم لقوات الحزام الأمني- أسرة الناشط أمجد عبد الرحمن من الصلاة عليه في مساجد حي كريتر بعدن، أو دفنه في مقبرتها بحجة آرائه، وهو ما اضطر عائلة الناشط إلى دفنه بمقبرة تقع خارج المدينة. وأوضح شهود أن قوة من الحزام الأمني فرقت عشرات من المعزين توافدوا للعزاء أمام منزل الأسرة.
وفي يونيو/حزيران 2017 تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للمواطن اليمني علي كردة، أحد ضحايا سجون تشرف عليها قوات الحزام الأمني، حيث ظهرت على جسده آثار تعذيب بإطفاء السجائر في جسده والضرب بأدوات معدنية أثناء اعتقاله لدى قوات الحزام الأمني.
وفي أغسطس/آب 2017 احتجزت قوات "الحزام الأمني" بمحافظة عدن أكثر من ثلاثين شحنة مشتقات نفطية مخصصة للبيع في محطات المدينة، وأوضحت مصادر يمنية أن تلك القوات اعترضت واحتجزت أكثر من ثلاثين شحنة بنزين وديزل كانت في طريقها من مصافي عدن إلى محطات البيع، بهدف التخفيف من الأزمة التي تعانيها عدن والمحافظات الأخرى من أزمة خانقة في المشتقات النفطية.
وبدا واضحا منذ الأشهر الأولى لإنشاء هذه القوة أنها تمثل سلطة موازية وخارجة عن نطاق السلطات التابعة للشرعية اليمنية، ونتيجة لذلك دخلت في اشتباكات مسلحة مع القوى العسكرية بما فيها قوات الحماية التابعة وبين قوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس هادي، بسبب التنازع حول الحماية الأمنية لمطار عدن الدولي في فبراير/شباط 2017، حيث منعت طائرة الرئيس هادي من الهبوط في مطار عدن.
وتدخلت طائرات الأباتشي الإماراتية لقصف مواقع تابعة لقوات هادي، وحسم المعركة لصالح قوات الحزام الأمني المدعومة من طرفها. وبعيد أحداث المطار تمت إقالة قائد قوات الحزام الأمني في المدينة نبيل المشوشي، وعين مكانه منير اليافعي المكنى "أبو اليمامة" بدلا منه، قبل أن يعين في مرحلة لاحقة وضاح عمر عبد العزيز قائدا لهذا الجهاز.
وفي مايو/أيار 2017 كشفت منظمة "سام" للحقوق والحريات -ومقرها جنيف– عن سجون سرية في مدن عدن والمكلا وسقطرى وحضرموت جنوبي اليمن، تدار خارج القانون من قبل تشكيلات عسكرية خارجة عن سيطرة السلطة اليمنية، مضيفة أن هذه التشكيلات تشرف عليها قوات إماراتية، منها قوات الحزام الأمني في عدن وقوات النخبة الحضرمية في المكلا الخاضعتان بصورة مباشرة لإشراف دولة الإمارات العربية المتحدة العضوة في التحالف العربي.
وأكدت أن المعتقلين في هذه السجون السرية يتعرضون لصنوف شتى من التعذيب الجسدي والنفسي، ويحرمون من أبسط الحقوق المكفولة بموجب الدستور اليمني والقوانين الدولية. وقالت المنظمة إن القبض على المتهمين يتم بدون أوامر قضائية وبأمر مباشر ممن يشرف على قوات النخبة الحضرمية، وهي تعمل خارج سيطرة السلطة المحلية وقراراتها مستقلة.
ووثقت المنظمة في تقريرها ثمانية معتقلات، منها معتقل خور مكسر، ومعتقل معسكر العشرين في منطقة كريتر قرب المقر الرئيسي المؤقت للحكومة الشرعية، ومعتقل معسكر الحزام الأمني في منطقة البريقة الذي كان يقوده قائد عوضته القوات الإماراتية بآخر، ومعتقل بير أحمد وهو مزرعة استؤجرت لإقامة سجن فيها، ومعتقل معسكر الإنشاءات وتعرض فيه ضحايا للتعذيب من قبل قوات تتبع الحزام الأمني، ومعتقل معسكر الإنشاءات (معسكر الإسناد والدعم) التابع لأبو اليمامة، ومعتقل في منطقة البريقة، ومعتقل في قرية الظلمات وهي منطقة خلف البريقة.
ودخلت قوات الحزام الأمني في 28 يناير/كانون الثاني 2018 في قتال مع قوات حماية الرئاسة في عدن، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.