تعرف على مفهوم التكامل الاقتصادي
عملية تهدف تدريجيا، من خلال مجموعة من التشريعات والتدابير التنظيمية، إلى تحقيق التقارب الاقتصادي بين بلدين أو أكثر، واندماج الفضاءات الاقتصادية المستقلة لكل منها لتشكل في الأخير فضاء واحدا ممتدا.
وتسعى عملية التكامل أو الاندماج الاقتصادي إلى دمج جميع الأسواق داخل فضاء اقتصادي موحد(أسواق السلع والخدمات، وأسواق العمل، وأسواق النقد) حتى تصبح امتدادات لبعضها بعضا، من أجل ضمان تنقل حر ومن دون قيود للسلع والعمالة ورأس المال.
كما تقضي العملية بإلغاء كل أشكال التمييز بين الوحدات الإنتاجية المنتمية لهذا الفضاء بغض النظر عن جنسيتها أو موطنها الضريبي، وتوحيد السياسات الاقتصادية المتبعة على مستوى التجارة والشركات والمنافسة والضرائب والنقد وأسواق العمل والقطاع المصرفي وأسواق المال.
المكاسب
يحقق التكامل الاقتصادي مجموعة من المكاسب لفائدة البلدان التي تتكتل اقتصاديا، منها توسيع الأسواق، وبالتالي تمكين الشركات من الاستفادة من وفورات الحجم التي تتيحها الأسواق الكبيرة ومن تطوير قدرتها التنافسية السعرية، وتحفيز المنافسة والحد من الاحتكارات من خلال فتح الأسواق الداخلية في وجه الشركات الأجنبية.
كما تتمثل المكاسب في الرفع من الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية والقدرة التنافسية للشركات، بالنظر إلى أن المنافسة تقود إلى تخصص كل بلد في الأنشطة الإنتاجية التي يملك مزايا نسبية فيها، إضافة إلى تحفيز النمو عبر التجارة الخارجية بفضل رفع مستوى المبادلات التجارية البينية داخل التكتل الاقتصادي، وتوثيق أواصر العلاقة والتعاون بين الدول المندمجة اقتصاديا، وضمان السلم والاستقرار بينها، والرفع من مستوى رفاه مجتمعاتها.
التوجه العالمي
أصبح السعي نحو التكتل الاقتصادي سمة تطبع المشهد الاقتصادي المعاصر، وانتشرت التكتلات الاقتصادية الإقليمية عبر مختلف بقاع العالم. وانضوت معظم بلدان العالم في إطار اتفاقيات تستهدف مستويات متفاوتة من التكامل الاقتصادي بينها.
وتسيطر هذه التكتلات، وفقا لتقرير التجارة والتنمية الصادر عن منظمة أونكتاد عام 2014، على نحو 85% من التجارة العالمية، وتضم ما يزيد عن 75% من بلدان العالم ونحو 85% من سكانه.
نماذج مختلفة
يزخر العالم بالكثير من التكتلات التي تأسست على مدار عقود عديدة والتي تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين أعضائها، مع وجود تفاوت بين مستويات الاندماج المنشودة في كل تكتل واختلاف في الآليات المرصودة من أجل ذلك.
وتأخذ التكتلات شكل مناطق للتجارة الحرة أو اتحادات جمركية أو أسواق مشتركة أو اتحادات اقتصادية ونقدية. ومنها على سبيل المثال لا الحصر، اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية (نافتا)، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والسوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية (ميركوسور).
ومن التكتلات أيضا، هناك السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا)، ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك)، والاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الجمركي الأوراسي، والاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي.
التكامل الآسيوي
أجمع قادة البلدان الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا في القمة الثامنة والعشرين التي عقدت مدينة فينتيان (عاصمة لاوس) في سبتمبر/أيلول 2016 على ضرورة مضاعفة جهودهم من أجل الدفع قدما بعملية التكامل الاقتصادي الإقليمي بالمنطقة.
وانتهت أشغال القمة بتبني خطة عمل جديدة هي الثالثة من نوعها، وتهدف إلى تضييق الفجوة بين البلدان الأعضاء في مجال التنمية وتعزيز القدرة التنافسية للمنطقة.
كما تنص خطة العمل الثالثة، التي يستغرق تنفيذها خمس سنوات، على الاستمرار في تقديم المساعدة التقنية لكل من كمبوديا ولاوس وميانمار وفيتنام، وذلك من أجل تعزيز قدرات هذه البلدان وتأهيلها لتنفيذ التزاماتها الإقليمية.
وتركز الخطة اهتمامها على خمسة مجالات تكتسي طابعا إستراتيجيا بالنسبة للرابطة، وهي: الغذاء والزراعة، وتيسير التجارة، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والتعليم، والصحة والرفاهية.
ولقد نفذت الرابطة منذ بدء خطة العمل الأولى عام 2000 أكثر من 600 مشروع، رُصدت لها ميزانية تجاوزت مئة مليار دولار. وساهمت هذه المشاريع في تضييق فجوة الدخل داخل الرابطة، إلا أن مستويات الدخل في كل من كمبوديا وفيتنام ولاوس وميانمار لا تزال بعيدة عن مثيلاتها في بقية البلدان الأعضاء.