ما هي الرسوم الجمركية؟
الرسوم الجمركية هي ضرائب تفرضها الدول على السلع المستوردة من الخارج أو المصدرة إليه، وتدفع أثناء عبور هذه السلع الحدود وولوجها التراب الجمركي الخاضع للضريبة أو خروجها منه.
ويقصد بالتراب الجمركي الخاضع للضريبة الجزء الأرضي بما في ذلك الموانئ والمسطحات العائمة والمنشآت الواقعة بالمياه الإقليمية من جميع التراب الوطني باستثناء المناطق الحرة التي لا تسري عليها القوانين الجمركية الوطنية كلها أو بعضها وتكون معفية من أداء هذه الرسوم.
تعفى معظم الصادرات حاليا من أداء أي رسوم جمركية إلا في النادر، وتخص بالأساس المواد الأولية والموارد الطبيعية، فوفقا لمنظمة التجارة العالمية تخضع أكثر من 10% من التجارة العالمية لهذه السلع لضرائب على التصدير.
أساس الاحتساب
تحتسب الرسوم الجمركية بالنسبة للواردات على أساس القيمة التجارية للسلع المستوردة بعد إضافة كل من مصاريف الشحن والنقل إلى حين دخولها التراب الجمركي الخاضع للضريبة، وتكلفة التأمين على هذه السلع.
وتحدد القيمة التجارية للسلع المستوردة في أغلب الأحيان اعتمادا على الفواتير التي يدلي بها المستوردون كإحدى الوثائق المرفقة بالتصريح الجمركي إلا إذا ثبت للإدارة الجمركية ما يفيد بوقوع غش في هذه الفواتير بنية التهرب الضريبي عبر التصريح بأسعار دون الأسعار الحقيقية.
وفي هذه الحالة يحق للإدارة الجمركية أن تلجأ إلى إعادة تقييم السلع انطلاقا من الأسعار التي تباع بها في بلد المنشأ (الذي صنعت فيه)، أو من خلال الرجوع إلى فواتير سبق أن تقدم بها مستوردون آخرون وتهم نفس السلع بشرط أن تكون مصنوعة في نفس بلد المنشأ.
وتكون الرسوم الجمركية إما على شكل نسب مئوية من قيمة السلع المستوردة أو عبارة عن مبالغ جزافية تؤدى عن كل وحدة قياس من الكمية المستوردة (كيلوغرام، لتر، متر…).
عماد الحمائية
تعد الرسوم الجمركية على مر التاريخ أهم عمود ترتكز عليه أي سياسة تجارية حمائية تهدف من خلالها الدولة إلى حماية الإنتاج الوطني من منافسة السلع الأجنبية، إذ إن الرسوم المفروضة على استيراد السلع مقابل ولوجها حدود الدولة تزيد تكلفتها، وبالتالي أسعار بيعها أيضا، مما يعزز من القدرة التنافسية السعرية للمنتجات الوطنية مقابل السلع الوافدة على البلد من وراء الحدود.
وتعود الرسوم الجمركية بالنفع كذلك على الدولة من خلال توفير عائدات ضريبية مهمة، مما يسمح بزيادة إنفاقها العمومي وتمويل مشاريعها التنموية.
لكن هذه الرسوم وإن كانت تخدم مصالح المنتجين المحليين والدولة فهي تمس مباشرة القدرة الشرائية للمستهلكين وتقلل فرصهم في الاستهلاك، وهذا ينعكس سلبا على رفاه المجتمع ومستوى عيشه.
كما أن إحساس الشركات الوطنية بالحماية الدائمة من الدولة -وفي غياب منافسة داخلية حقيقية ومحفزة- لا يشجعها على بذل الجهد والمال من أجل استقطاب الكفاءات والاستثمار في الأبحاث والتطوير وتشجيع الإبداع القادر على خلق الابتكارات وتحسين الجودة، فتركن بذلك إلى الخمول والعمل وفق ما جرت عليه العادة من قبل فيصبح المستهلك هو الخاسر الأكبر في ظل هذا الوضع، إذ لم يحصل على الجودة ولا وفر المال على نفسه.
التجارة الحرة
لطالما دعا منظرو الليبرالية -مثل آدم سميث وديفد ريكاردو– إلى ضرورة إزالة أي عقبات ومعيقات أمام التجارة الحرة، سواء ما تعلق منها بالرسوم الجمركية أو الحواجز غير الضريبية، مثل فرض حصص الاستيراد.
وتتمثل حجة الليبراليين في دفاعهم عن التجارة الحرة في أن هذه الأخيرة تحفز المنافسة والتخصص على مستوى العالم، وتقود بالتالي إلى الفعالية والكفاءة والبحث المستمر عن الجودة والإنتاج بأقل التكاليف وتوفير أجود المنتجات للمستهلكين بأقل الأسعار.
ولقد شهدت التجارة الحرة دفعة قوية بعد الحرب العالمية الثانية وبإيعاز من القوى الكبرى (الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية) التي وقعت على الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الغات) في أكتوبر/تشرين الأول 1947.
وتعززت التجارة الدولية كثيرا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والتحاق الكثير من بلدان المعسكر الشرقي ودول حركة عدم الانحياز تدريجيا بمنظمة التجارة العالمية التي أنشئت في يناير/كانون الثاني 1995.
وتضم المنظمة حاليا 164 بلدا انخرطت جميعها في مسار تحريري للتجارة انعكس بشكل كبير على تخفيض معدلات الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المصنعة خصوصا.
الاستثناء الفلاحي
غير أن المنتجات الفلاحية تعد استثناء بالنسبة لهذا التوجه، وتعاني البلدان النامية من فرض البلدان المتقدمة لرسوم جمركية عالية جدا على صادراتها الفلاحية.
ولقد فشلت جولة الدوحة لمفاوضات التجارة العالمية التي انطلقت عام 2001 في تحرير تجارة هذه المنتجات، بسبب الموقف المتعنت للدول الغربية التي لا تريد بذل مجهود جاد بخصوص تخفيض الرسوم الجمركية وإلغاء الحواجز غير الضريبية أمام الصادرات الفلاحية للبلدان النامية.
فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يريدان الاستمرار في تصدير الطائرة ولحوم الأبقار على حد سواء، مما يجعل بعض البلدان النامية الفلاحية (الأرجنتين نموذجا) تتساءل إذا ما أبقت لها الاقتصادات المتقدمة موقعا على خريطة التجارة الدولية.