أمين معلوف.. أديب متعدد الثقافات
أمين معلوف روائي وصحفي لبناني فرنسي، ولد في بيروت عام 1949 وانتقل نهاية السبعينيات إلى فرنسا، يعد أحد أعلام الأدب والفكر العالمي، وواحدا من أبرز الكتاب في تاريخ الثقافة الفرنكوفونية وفي المجال الثقافي بالعالم العربي، ويعتبره كثير من العرب "صوتهم ومؤرخهم عند الغرب"، وترجمت أعماله المختلفة الأدبية والفكرية إلى عدة لغات.
اعترف بعمله كروائي على الصعيد العالمي، وأصبح ثاني كاتب عربي يفوز بجائزة أدبية في فرنسا بعد المغربي الطاهر بنجلون، وأول كاتب لبناني يحظى بعضوية الأكاديمية الفرنسية، قبل أن يصبح أمينها العام الدائم الـ24 يوم 28 سبتمبر/أيلول 2023.
المولد والنشأة
ولد أمين معلوف يوم 25 فبراير/شباط 1949 في بيروت من أبوين ينتميان إلى طائفتين مسيحيتين مختلفتين. فالأب الكاتب والصحفي والشاعر والسياسي رشدي معلوف كان من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، أما والدته أديل غصين، فهي من أم تركية، من الطائفة المارونية، وتزوجا في مصر عام 1945.
حين يروي أمين قصة ولادته، يذكر أنه أبصر النور بعد أسبوعين تقريبا من اغتيال حسن البنا مؤسّس حركة الإخوان المسلمين.
ينحدر أمين من عائلة عريقة تعود جذورها إلى جنوب الجزيرة العربية، واستوطنت جبل لبنان في القرن الـ16، ومنه انتشر أفرادها عبر هجرات متتالية إلى مصر والبرازيل وكوبا وأستراليا.
وكان أحد أسلافه كاهنا تحول ابنه ليصبح قسا مشيخيا، وكان ابن القسيس وهو جد معلوف "عقلانيا ومناهضا للإكليروس (رجال الكنيسة) ورفض تعميد أبنائه"، وحكى أمين أن التوتر الكهنوتي بين الكاثوليك والبروتستانت كان حاضرا على الدوام في بيتهم.
وأمين هو الابن الثاني لوالديه بين أربعة أطفال، وتعمل اثنتان من شقيقاته الثلاث مدرستين للبيانو بفرنسا، وخلال طفولته المبكرة عاش في القاهرة عدة سنوات، لكن أسرته اضطرت لبيع ممتلكاتها بأبخس الأثمان لضابط مصري، في أعقاب الإطاحة بالملك فاروق الأول.
عند عودته إلى لبنان، كان معلوف يقضي الصيف في كثير من الأحيان بقرية عين القبو الجبلية، وفي فصل الشتاء يقيم في بيروت بمسكنهم القريب من الجامعة الأميركية، وعندما كان في الـ13 من العمر، انتقل مع عائلته بين عامي 1961 و1962، للإقامة في منزل أكبر مساحة قرب المتحف.
وعندما بلغ الـ18 تقريبا انضم للحركة الشيوعية اللبنانية، لكنه تركها بعد أقل من عام، حين أدرك أنه "لا يمكن أن يتحوّل إلى ناشط أو تابع لعقيدة، فغادر بهدوء بلا ضجيج ولا ندم أو مرارة " كما يقول.
تزوج معلوف من أندريه، المسيحية المارونية، التي كانت تعمل معلمة في معهد للأطفال الصم، عام 1971. ويقول "إنها قارئتي الأولى" وإنها قاسية جدا في تقييمها لما كان يكتبه.
زوجته أندريه، التي يقول إنها كثيرا ما تساعده في جمع مادة أبحاثه، وفي الاهتمام بشؤون الأسرة والبيت عندما يكون منهمكا في الكتابة، ألّفت كتابا حول المطبخ اللبناني باللغة الفرنسية، ووضع معلوف مقدمة له.
وُصِف الكاتب أمين معلوف بأنه هادئ وخجول، مجامل للغاية ومسالم، قليل الكلام والابتسام، ويفضل الخصوصية والانعزال.
نشأته الأدبية
نشأ معلوف في بيئة متعددة الثقافات واللغات، وكان سليل أسرة مشهورة بالتأليف والكتابة والصحافة، ومن أمسيات الصيف الثقافية العائلية في عين القبو في جبل لبنان، احتفظ أمين بفن القصص، وتعرف على عظماء الشعر العربي القديم مثل أبو الطيب المتنبي وأبو العلاء المعري وعنترة بن شداد وغيرهم.
تحدث في كتابه "البدايات" عن عشق والده للفنون والآداب ونظم الزجل خلال الجلسات الخاصة، وقال "أنا محظوظ بأب فنان كان يحدثني على الدوام عن ستيفان مالارميه (شاعر وناقد فرنسي) ومايكل أنجلو (فنان وشاعر إيطالي)، وعمر الخيام"، الشاعر الفارسي المسلم الذي صار بطلا رئيسيا لروايته "سمرقند".
كان معلوف قارئا نهما منذ طفولته، وكانت مكتبة والده تضم مئات الكتب من التراث والشعر العربي، لكنه عشق قراءة الأدب الكلاسيكي الغربي لتشارلز ديكنز وليو تولستوي وأونوريه دو بلزاك وفكتور هوغو.
كما نشأ على قراءة الأدب الغربي المترجم إلى العربية مثل رحلات غليفر وديكنز ودوماس ومارك توين، وقال "بالنسبة لي، رواية القصص تأتي من هناك"، كما اطلع على الأدب الفرنسي، واكتشف الكتاب الروس والألمان من خلال مطالعاته باللغة الإنجليزية.
قراءاته تكاد تنحصر في اهتمام واحد، وهو الحقل التاريخي، وكل ما يتعلق به من كتب حضارة ودين ورحلات بصفة عامة، وكان ذلك امتدادا طبيعيا من الصحافة ومراجعة الأحداث.
الدراسة والتكوين العلمي
كانت رغبة الأب أن يدخل ابنه أمين مدرسة إنجليزية، لكن الأم أصرت أن يدرس في مدرسة فرنسية، وتركت للأب أن يختار لبناته الثلاث المدرسة التي يرغب بها.
وأمضى أمين دراسته الابتدائية في بيروت، والمرحلة الثانوية في مدرسة سيدة الجمهور (فرنسية يسوعية) في لبنان، حيث أتقن الفرنسية واللاتينية، إلى جانب اللغة العربية والإنجليزية.
التحق بجامعة القديس يوسف ودرس الاقتصاد، كما درس علم الاجتماع في مدرسة الآداب العليا الفرنسية، وحصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع والاقتصاد.
منح عدة شهادات أكاديمية، منها الدكتوراه الفخرية من جامعة لوفان الكاثوليكية ببلجيكا، وجامعة تاراغونا في إسبانيا، وجامعة إيفورا بالبرتغال، والجامعة الأميركية في بيروت.
الحياة المهنية
في سن الـ14 أراد معلوف أن يصبح في السر كاهنا، كما قال في أحد حواراته، لكنه قرر خوض غمار الصحافة على خطى والده عندما بلغ الـ22، إذ كان والده يأخذه معه عندما كان طفلا إلى مكتبه في "الجريدة" حيث كان يعمل.
في بداية السبعينيات انضم معلوف إلى أسرة تحرير "جريدة النهار"، عمل بداية في الملحق الاقتصادي، ثم في الصفحات الدولية.
الروائية اللبنانية حنان الشيخ، التي كانت في السبعينيات، زميلة صحفية لمعلوف في صحيفة "النهار" الصادرة باللغة العربية في بيروت، تتذكره بأنه "مجتهد للغاية ومتحفظ وأكثر تركيزا من أي شخص آخر-ولم يكن كثير الكلام".
في أروقة الصحيفة العريقة، التقى الشاب بشخصيات دولية عربية وأوروبية، إذ كانت مهمته آنذاك تقوم على متابعة الأخبار العالمية والانقلابات في أميركا الجنوبية وأفريقيا. وكان مراسلا تنقل في مهماته الصحفية بين أكثر من 60 بلدا، وغطى أحداثا كبرى منها سقوط النظام الملكي في إثيوبيا ومعركة سايغون الأخيرة، وأجرى مقابلة مع أنديرا غاندي.
وكان أحد الشهود على الحادث الذي أشعل شرارة الحرب الأهلية في لبنان التي اضطرته ضراوتها إلى أن يغادر بلده على متن باخرة إلى فرنسا عام 1976، وهو في الـ27 من عمره.
في باريس كانت أولى تجاربه مع مجلة "إيكونوميا" الاقتصادية، ثم انضم إلى مجلة "جون أفريك" الأسبوعية التي أصبح رئيس تحريرها، وكان صاحب الافتتاحيات الرئيسية فيها. بينما استمر رئيسا لتحرير الطبعة الدولية لجريدة (النهار) التي ظلّ مرتبطا بها حتى نهاية العشرية الأولى من الألفية الجديدة.
رغم بزوغ نجمه في الصحافة، إلا أنه كان يطمح إلى ما يسميه "الميدان الحقيقي للكتابة"، أي تأليف الكتب. وحكى أن رئيس تحرير المجلة التي عمل بها كان يشتغل في دار نشر، وعرض عليه فكرة نشر كتاب، وقال "تحدثنا في موضوع الحروب الصليبية وهكذا بدأت القصة.. هناك أشياء كثيرة في الحياة تبدأ صدفة"، بعدها قرر التخلي عن الصحافة نهائيا، ليتفرغ للأعمال الأدبية.
لكنه بقي ممتنا للمهنة التي قال إنه أخد منها الكثير من قواعد عمله، ومنها خاصة هاجس التوجه إلى جمهور واسع، والكتابة بأسلوب بسيط عن قضايا ومواضيع تهم قطاعا واسعا من الناس.
في مجمع "الخالدين"
حصل الأديب اللبناني على الجنسية الفرنسية عام 1981، وبعد 5 سنوات وضعته روايته الأولى "ليون الأفريقي" على خارطة العالمية. وكان لها الفضل في دخوله للمرة الأولى إلى الأكاديمية الفرنسية مكرما، لتسلم جائزة "الصداقة الفرنسية العربية" عام 1986، وكان يبلغ من العمر حينها 37 عاما.
وبعد 25 عاما على ذلك، عاد معلوف إلى الأكاديمية الفرنسية في 23 يونيو/حزيران 2011، وتبوأ المقعد رقم 29 خلفا للكاتب والمفكر الفرنسي كلود ليڤي-ستروس.
نقش معلوف على سيفه الخاص بأعضاء المؤسسة (واسمهم الخالدون إذ لا تسقط عضويتهم حتى الممات) العريقة رمز "ماريان" (شعار الجمهورية الفرنسية) وأرزة لبنان، وحفر على جانب قبضة السيف الأسماء الأولى لزوجته وأبنائه الثلاثة، وعلى الجانب الآخر الكلمات الأولى من قصيدة كتبها والده.
كانت الكلمات التي دخل بها الأديب والروائي اللبناني مختصرة لمسيرته الأدبية الطويلة وملخصة لهدفه، إذ كتب "في الأكاديمية عندما نحصل على شرف الدخول في قلب عائلة كما عائلتكم الكريمة، لا نأتي بأياد فارغة. وإذا كان المدعوّ مشرقيا كما هي حالي، فيأتي بيدين مُحملتين".
وأضاف "أحضر معي كلّ ما منحني إيّاه هذان البلدان، جذوري، لغاتي، لهجتي، إداناتي، شكوكي، وأكثر من هذا كلّه حلمي في التناغم والتقدّم والتعايش. أحلامي اليوم يُساء إليها. جدار يرتفع في بلدان الشرق الأوسط في وجه العوالم الثقافية التي أطالب بها. هذا الجدار، لم أكن أنوي تجاوزه لأعبر من ضفّة إلى أخرى. جدار المقت هذا، جدار الكراهية بين أوروبيين وأفارقة وبين الغرب والإسلام وبين اليهود والعرب، طموحي هو هدمه، إزالته، محوه ، هذا كان دائما علّة حياتي، علّة كتابتي. هذا هو همّي وسأتابعه داخل مؤسستكم".
لم يتوقف طموح معلوف عند هذه العضوية فقط، ونيل لقب "خالد"، ولكنه مضى قدما في ترسيخ حضوره ومكانته داخل هذه المؤسسة العريقة.
بعد ظهر الخميس 28 سبتمبر/أيلول 2023، فاز وهو في سن الـ74، بمنصب الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية، خلفا للمؤرخة إيلين كارير دانكوس التي توفيت في أغسطس/آب 2023، وهو المنصب الذي لم يشغله سوى 32 شخصا منذ عام 1634.
فكره في أدبه
بدأ الروائي اللبناني نشاطه الإبداعي ببحث تاريخي سنة 1983 بعنوان "الحروب الصليبيّة كما رآها العرب". وترجم الكتاب إلى العديد من اللغات وحقق أرقاما قياسية، واعترف أنه رغم أهمية كتابه، لكنه لم يوف حقه تماما من حيث غنى الوثائق والمراجع التاريخية، وسبب ذلك أنه لم تكن لديه القدرات المالية على شراء تلك المراجع.
وفقا للكاتبة اللبنانية مي غصوب، فبينما تم تأريخ هذه الحروب باللغة العربية، فإن معلوف "جلب رؤية أوسع لتاريخنا المشترك إلى القراء الغربيين".
بعد أقل من ثلاث سنوات، أصدر روايته الأولى "ليون الأفريقي"، وهي مستوحاة من القصة الحقيقية لرحالة القرن الـ16 حسن الوزان (ليون الأفريقي).
وأصدر روايته الثانية "سمرقند" عام 1988 واعتبرها كثيرون أفضل مؤلفاته، حيث أعادت خلق حياة عمر الخيام ورباعياته في بلاد فارس بالقرن الـ11.
كما غذت أبحاثه روايته الثالثة "حدائق النور" التي تناول فيها حياة مؤسس المانوية الفارسي في القرن الثالث. ويقول معلوف إن الكتاب سرد جزءا من تاريخ عائلته الذي كان "غامضا دائما في شبابه". وبعدها أصدر روايته "أوديسة بالتازار".
وإلى جانب ذلك، أصدر روايتين تستعيدان الماضي القريب للبنان والمنطقة، وهما "موانئ الشرق" و"صخرة طانيوس"، التي تدور أحداثها في الجبال اللبنانية خلال طفولته، وفازت بالجائزة الأدبية الأولى في فرنسا، وكانت بالنسبة له مصدر "فرحة هائلة"، وأيضا قلق من "أنه لن يتمتع أبدا بنفس الصفاء، أو الكتابة بنفس البراءة مرة أخرى".
كتب رواية معاصرة الأجواء والشّخوص بعنوان "التّائهون"، وأصدر كتاب "بدايات" (سيرة ذاتية عائلية) الذي بدأه باستعراض مشهد وفاة والده وانتهى بإعادة سرد حكاية عائلته، وغطى حقبة تاريخية ما بين الحربين الأهلية اللبنانية الأولى والثانية عبر وثائق تاريخية تعد مادة خاما لتفاصيل روايته.
في عمل فكري نُشر بعنوان "الهويات القاتلة"، وهو مجموعة مقالات كان قد نشرها في الصحافة بين عامي 1998-2002، وفيها تحليل اجتماعي وتاريخي لمفهوم الهوية، وكانت كلماته الافتتاحية تعبر عن عقيدته "أنا لا آتي من بلد، من أي مدينة، ولا قبيلة. أنا ابن الطريق… كل الألسنة وكل الصلوات لي، لكنني لا أنتمي إلى أي منهم".
وقال عاشق التاريخ، وهو يفكر في مستقبل هذا الكتاب "أتمنى أن يكبر حفيدي ويجده ذات يوم بالصدفة على أرفف كتب العائلة، فينظر في الصفحات، ثم يضعه مرة أخرى في الزاوية المغبرة حيث وجده، يهز كتفيه ويقول مندهشا أنه في زمن جده كان يجب أن تُقال مثل هذه الأشياء".
وقد أقرت وزارة التربية والتعليم العالي الكتاب للتدريس في جامعات بلجيكا ولطلبة الثانوية العامة، وهو يدرس في معهد إعداد المدرسين في بروكسل.
وتحتل موضوعات المنفى والترحال والاختلاط الثقافي والهوية موقعا مركزيا في منشوراته، ويختصر النقاد تجربته السردية عموما في ثلاث مسارات تلتقي في شخصيته، أولها هوس الارتحال عند شخصياته الأساسية عبر العالم، وثانيا الانتماء الثقافي المرن للشخصيات الكبرى في رواياته، وثالثها التحول الدائم في الهويات.
وظل الهاجس الأساسي الذي يقف وراء كتاباته الاهتمام بمسألة الهوية والانتماء والفكرة المحورية التي تدور حولها أعماله، إذ استطاع الاستفادة من التاريخ العربي القديم في إيجاد وصياغة روائية حديثة تقرأ في ضوء علاقات التفاعل بين الشرق والغرب.
ابن الشرق والغرب
يعتبر معلوف نفسه ابن الشرق والغرب، ويصنّف نفسه لبنانيا وفرنسيا في آن واحد كما قال "كم من مرة سئلت.. إذا كنت أعتبر نفسي فرنسيا أكثر من لبناني أو العكس وكنت أجيب على الدوام: الاثنان معا"، ويؤكد "إن ما يجعلني ما أنا عليه وليس شخصا آخر، هو وقوفي على تخوم بلدين ولغتين أو ثلاث وعدد من التقاليد الثقافية، وهذا بالضبط ما يحدد هويتي".
ويقول "لي وطنان لبنان وفرنسا، وأنا راض بحالي، مولع بالتاريخ والتعايش بين الثقافات وسيط بين الشرق والغرب، رحالة متبحر في العلوم وإنساني مستنير".
ويشكل كتابه "بدايات" استمرارا طبيعيا لمشروعه الفكري، وتأكيدا على فكرة الهوية المتأرجحة بين الجذور والمنافي، وهو يقتفي أثر عمه الغائب عبر متاهات كوبا وصولا إلى مؤسسته وإلى منزله الذي تحول إلى متحف.
ويقول النقاد إن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انتشار ونجاح روايات معلوف التاريخية أنها تمس مناطق الحدود بين الثقافات والحضارات، ويقول "أفكر دائما في مسألة العلاقة بين الشرق والغرب، وهذه العلاقة هي محور أعمالي، لكن صياغتها تختلف من عمل إلى آخر".
وقال معلوف عند عودته إلى بلده الأم عام 1993 بعد غياب استمر 10 سنوات "لا أحاول أن أعرف إلى أي بلد أنتمي، فأنا أعيش هذه الجنسية المزدوجة -اللبنانية والفرنسية- بطريقة متناغمة".
رجل الكتب الأكثر مبيعا
يفضل معلوف الابتعاد عن الظهور العلني بين مواسم ظهور كتبه أو يعزل نفسه كليا داخل مكتبه للكتابة، وجزيرة يو بمنطقة فانديه الفرنسية، التي يخصصها للكتابة فقط.
جرت العادة لدى معلوف، أن يعتزل هناك نحو ثلاثة أشهر أو أكثر ليكتب رواية جديدة، لكنه يمضي قبلها ثلاثة أشهر أخرى في المكتبة الوطنية بباريس، ينقب في المصادر التاريخية للموضوع الذي اختاره مادة لروايته، وحكى أن روايته الأولى تطلّبت أكثر من سنة بين البحث والكتابة والإصدار.
ومعروف أن صاحب "ليون الأفريقي" يفضل نشر كتاب كل عامين، وأحيانا يكتب عدة كتب في وقت واحد، يعيد قراءة ما يكتب ويبدل ستين أو ثمانين مرة كما قال، وتابع "في كل مرة أغير أشياء وحين أنشر كتابا في النهاية أعرفه ربما كله عن ظهر قلب".
ويضيف "الكتابة كانت دائما عملية صعبة بالنسبة لي، فأنا لا أستطيع قراءة كتبي بعد الانتهاء من كتابتها، فأحيانا لا أقربها ثانية لمدة أربع أو خمس سنوات".
لم يبدأ الكاتب اللبناني في استعمال اللغة الفرنسية إلا عندما استقر في فرنسا، ووجدها الأفضل لكتابة أدبه لعدة عوامل كما قال. ومنها أن حركة الكتاب في العالم العربي "معاقة بعوامل متعددة توزيعية سياسية واقتصادية"، وهو ما يتعذر معه على الكاتب أن يحيا من أعماله.
وقال ابن صاحب قصيدة "ربّي سألتك باسمهنّ" التي تغنّت بها فيروز، "أنا أعيش هنا من حقوقي كمؤلف، وأستطيع الانصراف إلى الكتابة، دون أن يعيقني عائق"، ويعترف أن كتابته بالفرنسية وفرت له انتشارا واسعا، وأن له عددا من الروايات التي ترجمت إلى عدة لغات ما أمن له حياة مادية مريحة.
حقق معلوف من خلال كتبه، نجاحا لدى جمهور القراءة باللغة الفرنسية، حتى إنه طبقا لمصادر النشر والمبيعات تفوق على الروائي الشهير دانييل ستيل في حجم مبيعات تقدر بأنها تتجاوز نصف مليون نسخة. لذلك، يلقب في فرنسا برجل "الكتب الأفضل مبيعا"، وقال إن "أكثر شخص تفاجأ بنجاحي هو أنا".
وقد شكلت رواية "صخرة طانيوس" التي حاز بها على جائزة كونكور الفرنسية تحولا نوعيا في مساره الإبداعي، إذ فتحت أمامه أبواب العالمية، فترجمت أعماله إلى عدد كبير من اللغات من بينها العربية.
وهي أكثر رواية وزعت بالفرنسية، حيث جرى العرف أن تبيع الرواية الفائزة خلال الشهرين اللذين يليان إعلان الجائزة، أكثر من 150 ألف نسخة وأحيانا تصل الى 400 ألف نسخة.
وقال إن الجائزة وفرت له إمكانات مادية من عائدات بيع كتبه، جعلته يتفرغ كليا لكتابة الأعمال الروائية التي يكتبها ضمن طقوس العزلة بعيدا عن الناس.
فيما تراوحت مبيعات "سمرقند" و"ليون الافريقي" ما بين 500-600 ألف، وظلت في عام نشرها على قائمة مبيعات الروايات لعدة أسابيع، أما روايته "أوديسة بالتازار" فقدرت مبيعاتها بأكثر من 5 آلاف نسخة مطبوعة في غضون أسابيع.
المؤلفات والإنجازات
من مؤلفاته:
- رواية "إخوتنا غير المنتظرين" (2020)
- رواية "ليون الأفريقي" (1986)
- رواية "سمرقند" (1988)
- رواية "حدائق النور "(1991 )
- رواية "صخرة طانيوس" (1993)
- رواية "موانئ المشرق" (1996)
- رواية "رحلة بالداسار" (2000)
- رواية "القرن الأول بعد بياتريس" (1992)
- رواية "التائهون" (2012)
- "بدايات" وهي سيرة عائلية كتبها عام 2004.
- المسرحية الشعرية "الأم أدريانا" (2006)
- المسرحية الشعرية "الحب عن بعد" (2001)
- "الحروب الصليبية كما رآها العرب" (1983)
- مقال سياسي عن "الهويات القاتلة" (1999)
- مقال سياسي عن "اختلال العالم" (2009)
- كتاب "عالم الفوضى.. وضع مسار جديد للقرن الواحد والعشرين" (2012)
- كتاب "غرق الحضارات" (2019)
- كتاب "مقعد على ضفاف السين- أربعة قرون من تاريخ فرنسا" (2016)
من جوائزه:
- جائزة مجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا عن كتابه "غرق الحضارات" الذي يخوض في الأزمة التي يتخبط بها العالم العربي والغرب (2021)
- وسام الاستحقاق الوطني، من درجة الضابط الأكبر، تقديرا لعطاءاته وإنجازاته في عالم الأدب (2020).
- جائزة "أوجوردوي" (Prix Aujourd’hui) (جائزة أسسها صحفيون فرنسيون كبار سنة 1962 لمكافأة الأعمال السياسية أو الفلسفية أو التاريخية التي تعالج قضايا معاصرة) عن كتابه "غرق الحضارات" (2019).
- جائزة "الشيخ زايد للكتاب" عن شخصية العام الثقافية (2016).
- نيشان الاستحقاق الوطني من رتبة قائد (2014).
- الوشاح الأكبر لوسام الأرز الوطني اللبناني (2013).
- سيف الشرف في احتفالية انضمامه للأكاديمية الفرنسية (2012).
- جائزة أمير أستورياس الإسبانية للأدب (قيمتها خمسين ألف يورو) اعترافا بقيمة أعماله الأدبية (2010).
- جائزة الأدب لمنطقة البحر الأبيض عن رواية "بدايات" (2004).
- نيشان الاستحقاق الوطني من رتبة ضابط (2003).
- جائزة جاك أوديبيرتي عن روايته "رحلة بالداسار" (2000).
- الجائزة الأوروبية تشارلز فيون عن رواية "حدائق النور وكتاب الهويات القاتلة" (1999).
- جائزة غونكور، من كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية عن رواية "صخرة طانيوس" (1993).
- جائزة اليونسيف لرعاية الطفولة والأمومة عن رواية "حدائق النور" (1991).
- جائزة الصداقة الفرنسية العربية عن روايته "ليون الأفريقي" (1986).
- رواية "ليون الافريقي" في المرتبة 11 من بين أفضل عشرين كتابا صدر بالفرنسية عام 1986.
- جائزة دار الصحافة لـ"رواية سمرقند" (1988).