توماس فريدمان.. مسيرة صحفي أميركي بين بيروت والقدس وواشنطن

توماس فريدمان عُرف بميله إلى الحزب الديمقراطي الأميركي ودفاعه عن إسرائيل (غيتي)

توماس فريدمان صحفي يهودي أميركي بدأ العمل في صحيفة نيويورك تايمز عام 1981 وبدأ عام 1995 يكتب فيها عمودا مختصا في الشؤون الدولية. تنصب كتاباته على قضايا العولمة والمناخ وملفات الشرق الأوسط إضافة إلى الشأن الداخلي الأميركي.

عُرف فريدمان، بميله إلى الحزب الديمقراطي الأميركي ودفاعه عن إسرائيل، كما اشتهر بمؤلفاته عن قضايا الشرق الأوسط وخبرته في قضايا المنطقة خصوصا تغطيته للحرب الأهلية اللبنانية والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

المولد والنشأة

وُلد توماس لورين فريدمان يوم 20 يوليو/تموز 1953 في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الواقعة في المنطقة العليا من الغرب الأوسط للولايات المتحدة الأميركية، ونشأ في سانت لويس بارك، إحدى ضواحي مينيابوليس التي تقطنها الطبقة المتوسطة.

عمل والده هارولد مديرا تنفيذيا في شركة لصناعة الكرات الحديدية، وتوفي عام 1973، أما والدته مارغريت فهي لاعبة بريدج ماهرة ومثقفة وطاهية، عملت ضابطة برتبة ملازم في البحرية الأميركية أثناء الحرب العالمية الثانية، وتوفيت عام 2008.

وترعرع فريدمان مع شقيقتين أكبر منه سنا هما شيلي وجين. وعن هويته اليهودية يقول "عبارة (أنا يهودي) تعني جزءا بالغ الأهمية من هويتي، ولكنها ليست الجزء الوحيد منها".

وأضاف "أرى نفسي أميركيا صحفيا وكاتب عمود في صحيفة نيويورك تايمز وزوجا وأبا وشخصا كونيا ويهوديا"، وتابع "هذا الأخير ليس أقل أهمية، إيماني لا يُحدد فقط مساري في التواصل مع الله، بل يُحدد أيضا وبالقدر نفسه من الأهمية جزءا كبيرا من جذوري الثقافية والاجتماعية".

NEW YORK, NY - FEBRUARY 26: Pulitzer Prize winning New York Times columnist and bestselling author Thomas L. Friedman attends The Boys' Club of New York Ninth Annual Winter Luncheon at 583 Park Avenue on February 26, 2018 in New York City. (Photo by Sean Zanni/Patrick McMullan via Getty Images)
توماس فريدمان نال الماجستير في دراسات الشرق الأوسط الحديث عام 1978 (غيتي)

الدراسة والتكوين

التحق فريدمان بمدرسة سانت لويس بارك الثانوية، وكان يطمح أن يصبح لاعب محترفا لرياضة الغولف وقاد فريق المدرسة فيها.

نما لديه شغفان حدّدا مسار حياته فيما بعد هما الشرق الأوسط والصحافة. فقد بدأ اهتمامه بالشرق الأوسط عندما زار إسرائيل مع والديه أثناء عطلة عيد الميلاد أواخر عام 1968، أما شغفه بالصحافة فكان على يد أستاذة مادة الصحافة في مدرسته الثانوية، هاتي شتاينبرغ، التي ألهمته حبّ الإعلام.

إعلان

وعن تلك اللحظة الفارقة في حياته، يقول فريدمان "كانت هاتي معلمة صحافة أسطورية في مدرسة سانت لويس بارك الثانوية، التحقت بدورتها التمهيدية في الصحافة في الصف العاشر، عام 1969، ولم أحتج أن ألتحق بدورة أخرى في الصحافة منذ ذلك الحين".

وأضاف فريدمان أن المعلمة "كانت بارعةً للغاية وتؤمن بأن سر النجاح في الحياة يكمن في إتقان الأساسيات. لقد غرست أساسيات الصحافة في نفوس طلابها، ليس فقط كيفية كتابة مقدمة أو نقل تصريحات بشكل دقيق، بل والأهم من ذلك، كيفية التصرف باحترافية وتقديم عمل عالي الجودة دائما".

حصل فريدمان على الثانوية العامة عام 1971، ثم التحق بجامعة مينيسوتا وجامعة برانديز وتخرج فيها عام 1975 بشهادة في دراسات البحر الأبيض المتوسط.

وأثناء دراسته الجامعية، أمضى فصولا دراسية في الخارج بالجامعة العبرية في القدس المحتلة والجامعة الأميركية بالقاهرة.

بعد ذلك التحق فريدمان بكلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد، ثم في عام 1978 حصل على الماجستير في دراسات الشرق الأوسط الحديث.

التجربة المهنية

في صيف عام 1978، بدأ فريدمان مشواره المهني بالانضمام إلى مكتب وكالة يونايتد برس إنترناشونال الأميركية في العاصمة البريطانية لندن وعمل مراسلا صحفيا.

وفي عام 1979 بُعث إلى لبنان لتغطية الحرب الأهلية وقضايا المنطقة، ومكث هناك حتى مايو/أيار 1981.

في الشهر نفسه التحق فريدمان بصحيفة نيويورك تايمز في مقرها المركزي في منطقة منهاتن بمدينة نيويورك، واشتغل مراسلا اقتصاديا إلى أن عُين في أبريل/نيسان 1982 رئيسا لمكتب الصحيفة في بيروت، وذلك قبل ستة أسابيع فقط من الاجتياح الإسرائيلي للبنان.

SINGAPORE - OCTOBER 25: Thomas L. Friedman, Op-Ed columnist, The New York Times speaks to the audience during the International New York Times Global Forum Singapore - Thomas L. Friedman's The Next New World Global Forum Asia at the Four Seasons Hotel on October 25, 2013 in Singapore. (Photo by Suhaimi Abdullah/Getty Images for International New York Times)
توماس فريدمان التحق بصحيفة نيويورك تايمز عام 1981 (غيتي)

أمضى فريدمان هناك أكثر من سنتين غطى أثناءها الكثير من الأحداث الكبرى، بينها خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ومذبحة صبرا وشاتيلا والتفجير الذي استهدف مقر قوات مشاة البحرية الأميركية "المارينز" في بيروت وتداعيات مجزرة حماة في سوريا.

وفي يونيو/حزيران 1984، انتقل فريدمان إلى إسرائيل وشغل منصب رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في القدس المحتلة حتى فبراير/شباط 1988.

وفي يناير/كانون الثاني 1989، تولى فريدمان مهمة كبير المراسلين الدبلوماسيين في مكتب "نيويورك تايمز" بالعاصمة واشنطن، بعد ذلك عُين في نوفمبر/تشرين الثاني 1992 مراسلا رئيسيا للصحيفة في البيت الأبيض ثم أصبح في يناير/كانون الثاني 1994 مراسلا للشؤون الاقتصادية الدولية.

أصبح فريدمان في يناير/كانون الثاني 1995، أحد كتاب أعمدة الشؤون الخارجية في الصحيفة، وهي المهمة التي قال عنها "كانت هذه الوظيفة التي لطالما طمحت إليها".

وأضاف فريدمان "حاولت تحقيق هدفين في هذا العمود، أولا توسيع نطاق تعريف الشؤون الخارجية واستكشاف آثار التمويل والعولمة وحماية البيئة والتنوع البيولوجي والتكنولوجيا على العلاقات الدولية، إضافة إلى تغطية قضايا مثل الصراع والدبلوماسية والحد من التسلح".

وفي مرحلة لاحقة تحدث فريدمان عن دوره في نيويورك تايمز بقوله "إذا كان هناك موضوع شامل يُحرك عمودي اليوم، فهو الحاجة إلى بناء الأمة في أميركا".

إعلان

وإلى جانب عمله في الصحيفة شارك فريدمان في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، في إنتاج 6 أفلام وثائقية في إطار مشروع مشترك بين نيويورك تايمز وقناة ديسكفري حول مواضيع الإرهاب والعولمة والعلاقة بين أوروبا وأميركا والنفط والبيئة.

المؤلفات والاهتمامات

أصدر فريدمان كتابه الأول عام 1989 استنادا إلى تجربته في لبنان وإسرائيل وجاء تحت عنوان "من بيروت إلى القدس"، وفاز في العام نفسه بالجائزة الوطنية للكتاب عن فئة الكتب غير الروائية وبجائزة "نادي الصحافة الخارجية" لأفضل كتاب في السياسة الخارجية.

تُرجم كتابه إلى أكثر من 25 لغة ونقّحه فريدمان مرتين، الأولى بعد توقيع اتفاق أوسلو للسلام عام 1993 والثانية عام 2012 بعد اندلاع ثورات "الربيع العربي".

وفي عام 1999 أصدر كتاب "السيارة ليكساس وشجرة الزيتون: محاولة لفهم العولمة"، وهو الكتاب الذي فاز بجائزة نادي الصحافة الخارجية لأفضل كتاب في السياسة الخارجية عام 2000، ونشر بـ27 لغة.

SINGAPORE - OCTOBER 25: Thomas L. Friedman, Op-Ed columnist, The New York Times speaks to the audience during the International New York Times Global Forum Singapore - Thomas L. Friedman's The Next New World Global Forum Asia at the Four Seasons Hotel on October 25, 2013 in Singapore. (Photo by Suhaimi Abdullah/Getty Images for International New York Times)
توماس فريدمان أصدر كتابه الأول عام 1989 استنادا إلى تجربته في لبنان وإسرائيل (غيتي)

بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، كتب فريدمان سلسلة مقالات عن الحرب والإرهاب وعلاقة الغرب مع العالم الإسلامي، ونُشرت تلك المقالات إلى جانب مذكرات دوّنها في كتاب بعنوان "خطوط الطول والعرض: استكشاف العالم بعد 11 سبتمبر/أيلول".

وفي أبريل/نيسان 2005، نشر مؤلفه الرابع بعنوان "العالم مسطح: تاريخ موجز للقرن الـ21″، وأُعيد طبعه عامي 2006 و2007 وبيع منه أكثر من 4 ملايين نسخة بـ37 لغة.

في عام 2008 نشر فريدمان كتاب "ساخنة، مسطحة ومزدحمة: لماذا نحتاج إلى ثورة خضراء وكيف يمكنها أن تُجدد أميركا".

وفي سبتمبر/أيلول 2011، نشر بالاشتراك مع مايكل ماندلباوم، خبير السياسة الخارجية في مدرسة جونز هوبكنز، كتاب "هكذا كنّا في الماضي.. كيف تخلفت أميركا عن الركب في العالم الذي ابتكرته وكيف يمكننا العودة".

ويناقش الكتاب التحديات الأربعة الكبرى التي تواجهها أميركا وهي العولمة والثورة في تكنولوجيا المعلومات والعجز المزمن في البلاد ونمط الاستهلاك المفرط للطاقة، ويُوضح ما يجب عمله لدعم الحلم الأميركي والحفاظ على القوة الأميركية في العالم.

ويرى المؤلفان أن "أميركا قادرة على العودة إذا استخلصت العبر من تاريخها ومن وصفة النجاح التي جعلتها أغنى وأقوى دولة في العالم على مدى القرنين الماضيين".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، نشر فريدمان كتابا بعنوان "شكرا لك على تأخرك: دليل المتفائلين للازدهار في عصر السرعة"، يوضح فيه أن العالم يُعاد تشكيله بتداخل 3 عوامل قوية هي العولمة الرقمية وتغير المناخ والتكنولوجيا، وهي محددات لإعادة تشكيل السياسة والجيوسياسة ومكان العمل والأخلاق والحياة الاجتماعية.

SINGAPORE - OCTOBER 25: Thomas L. Friedman, Op-Ed columnist, The New York Times speaks to the audience during the International New York Times Global Forum Singapore - Thomas L. Friedman's The Next New World Global Forum Asia at the Four Seasons Hotel on October 25, 2013 in Singapore. (Photo by Suhaimi Abdullah/Getty Images for International New York Times)
توماس فريدمان عُرف بدفاعه عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي (غيتي)

قضايا الشرق الأوسط

يقول فريدمان إن أبرز ما كتبه بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، هي المقابلة التي أجراها عام 2002 مع ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، والتي اقترح عبرها -لأول مرة- المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، إضافة إلى المقالات التي دعم فيها قرار الرئيس جورج بوش الابن بغزو العراق عام 2003.

وأعرب فريدمان، الذي يُدافع دائما عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عن أسفه من أن المبادرة العربية للسلام لم تحظ بتجاوب إسرائيل والولايات المتحدة، ويرى أنها "لا تزال المبادرة الحقيقية لتحقيق السلام في المنطقة".

كما أعرب عن ندمه على دعم التدخل الأميركي في العراق، وذلك بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور في بلاد الرافدين من انقسام وعنف واقتتال وانتهاكات حقوقية، خلافا للوعود بتحقيق الديمقراطية هناك.

الجوائز

فاز فريدمان بـ3 جوائز بوليتزر (واحدة من أهم الجوائز العالمية في مجال الصحافة والأدب والفنون) واحدة عن التقارير الدولية عام 1983عن تغطيته للشأن اللبناني، والثانية عن التقارير الدولية عام 1988 عن تغطيته من إسرائيل، والثالثة عن التعليق المتميز عام 2002 على سلسلة المقالات التي كتبها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

إعلان

وفي عام 2004 حصل فريدمان على جائزة نادي الصحافة الأجنبية عن إنجازاته مدى الحياة، ومنحته الملكة إليزابيث الثانية وسام الإمبراطورية البريطانية الفخري.

وفي عام 2009، مُنح جائزة نادي الصحافة الوطني عن إنجازاته مدى الحياة.

وكان فريدمان عضوا في مجلس أمناء جامعة برانديز الخاصة، وفي مجلس جائزة بوليتزر، كما سبق له أن كان محاضرا زائرا في جامعة هارفارد عامي 2000 و2005.

المصدر: الصحافة الأميركية + مواقع إلكترونية

إعلان