زيباري.. أول كردي يرأس الدبلوماسية العراقية
هوشيار زيباري سياسي ووزير كردي عراقي؛ كان أول وزير خارجية لبلاده بعد إسقاط نظام صدام حسين، وظل في منصبه ذلك طوال 11 سنة. ثم عُين وزيرا للمالية 2014 قبل أن يصوت البرلمان 2016 لصالح سحب الثقة منه لاتهامه بالفساد.
وُلد هوشيار محمود آغا الزيباري يوم 23 سبتمبر/أيلول عام 1953 في مدينة عقرة التي تقع بين مدينتيْ أربيل ودهوك الكرديتين، وكانت تابعة لمحافظة نينوى شمالي العراق، ثم صارت عام 1991 تابعة لمحافظة دهوك بإقليم كردستان.
نشأ زيباري في أسرة كردية سياسية بامتياز؛ فوالده كان رئيس عشيرة "الزيبارية" الكردية الكبيرة، ونائبا مرات عديدة في البرلمان العراقي خلال العهد الملكي، وهو جد رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني لأمه، ومن هنا صار زيباري الابن خاله وصديقه منذ صباه.
الدراسة والتكوين
أكمل زيباري مراحل تعليمه الأولى في مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى)، والتحق بالجامعة الأردنية 1972 حيث حصل في 1976 على شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع والسياسة الدولية، ثم سافر إلى بريطانيا للدراسة فنال عام 1979 شهادة الماجستير في علم الاجتماع من "جامعة إسكس".
الوظائف والمسؤوليات
تولى زيباري -الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني- عدة مسؤوليات حزبية ومناصب سياسية؛ منها أنه كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب، ثم رئيسا لمكتب العلاقات الدولية فيه، وكبيرا لمفاوضيه في محادثات السلام بين حزبه وغريمه القومي حينها حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" برئاسة جلال الطالباني.
وبعد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 أصبح أول وزير لخارجية العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين، وبقي في هذا المنصب خلال فترة 2003-2014، ثم عُين وزيرا للمالية في حكومة حيدر العبادي 2014.
التجربة السياسية
دخل زيباري الحياة السياسية الحزبية عام 1970 من بوابة العمل الطلابي، فانضم -وهو لا يزال في الثانوية- إلى "اتحاد الشبيبة الديمقراطي الكردستاني" المقرب من الحزب الشيوعي. وفي فترة لاحقة اختاره عام 1978 زملاؤه الطلاب في بريطانيا ليكون مسؤول جمعية الطلبة الأكراد في أوروبا ورئيسا للجنة الطلبة الأجانب في بريطانيا.
ومن ثم أصبح ناشطا في الحركة القومية الكردية التاي كان يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني والمطالبة آنذاك بالحكم الذاتي لإقليم كردستان العراق، فخاض معه -بدءا من عام 1979 حين عينه ممثلا له في أوروبا- تفاصيل صراعه مع النظام العراقي الذي قتل ثلاثة من أشقاء زيباري، واعتقله هو مدة يومين ببغداد خلال ديسمبر/كانون الأول 1971.
وخلال فترة ما بين 1981 و2003 تبوأ زيباري مواقع كثيرة في صفوف المعارضة الكردية والمعارضة العراقية بشكل عام، فتولى مسؤوليات بارزة في قيادة حزبه، وعُين 1988 مسؤولا عن العلاقات الخارجية فيه والناطق الرسمي باسمه، وانتخب 1992 عضوا في أول برلمان خاص بالأكراد في إقليم كردستان.
قاد وفدَ حزبه المفاوض لغريمه آنذاك الاتحاد الوطني الكردستاني في محادثات السلام بينهما التي عُقدت جولاتها في عدة عواصم غربية ما بين 1994-1998، وتـُوجت بتوقيع الجانبين "اتفاقية واشنطن للسلام".
وأثناء ذلك كان زيباري -منذ عام 1992- عضوا فعالا في المجلس التنفيذي "للمؤتمر الوطني العراقي" وهو تجمع للمعارضة العراقية في الخارج بقيادة أحمد جلبي. وفي إطار التحضيرات الأميركية لغزو العراق اختير عام 2002 عضوا في لجنة التنسيق والمتابعة الخاصة بالمعارضة العراقية.
وحين أطاحت الإدارة الأميركية بنظام حزب البعث العراقي أوائل أبريل/نيسان 2003؛ شكلت إدارة بديلة للبلاد سمتها "مجلس الحكم العراقي" وأسندت رئاستها إلى الدبلوماسي الأميركي بول بريمر، فعُين زيباري وزيرا للخارجية في حكومة المجلس فكان أول وزير خارجية عراقي بعد سقوط النظام، وأول كردي يتولى هذا المنصب في تاريخ العراق.
ثم استمر في نفس الوظيفة طوال 11 سنة رغم اختلاف تشكيلة وقيادة الحكومات المتعاقبة؛ بدءا من الحكومة المؤقتة برئاسة إياد علاوي (يوليو/تموز 2004)، ومرورا بحكومة إبراهيم الجعفري (سبتمبر/أيلول 2005-2006)، وانتهاءً بحكومتيْ نوري المالكي (مايو/أيار 2006-2010 وديسمبر/كانون الأول 2010-2014).
عمل زيباري -خلال سنوات قيادته للدبلوماسية العراقية- على إعادة العلاقات الدبلوماسية التي كانت مقطوعة أيام نظام حزب البعث مع كثير من دول العالم، بما فيها دول عربية كبرى مثل السعودية ومصر وسوريا.
وقد علق عمله في الوزارة ضمن خطوة مؤقتة اتخذها الوزراء الأكراد في الحكومة ما بين يوليو/تموز 2014 و20 أغسطس/آب 2014، احتجاجا على تصريحات للمالكي اتهم فيها حكومة إقليم كردستان بالتواطؤ مع تنظيم الدولة الإسلامية في سيطرته على مدينة الموصل، وكُلف بتسيير الوزارة بدلا منه وزير شؤون الطاقة حسين الشهرستاني.
وفي 8 سبتمبر/أيلول 2014 أدى زيباري اليمين الدستورية وزيرا للمالية في الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي، الذي جاء خلفا للمالكي المعزول إثر كارثة سقوط الموصل في يونيو/تموز 2014 وهزيمة الجيش العراقي أمام مقاتلي تنظيم الدولة الذين اجتاحوا مدنا كبرى عديدة شمالي العراق.
وفي 27 أغسطس/آب 2016 عقد البرلمان العراقي جلسة لاستجواب زيباري إثر توجيه اتهامات له بالضلوع في "ملفات فساد" يدفع هو بفبركتها وعدم صحتها، وهو ما قاد -يوم 21 سبتمبر/أيلول 2016- إلى سحب البرلمان الثقة منه وإقالته من منصبه بأغلبية 156 صوتا.
يوضح زيباري ما يريده أكراد العراق قائلا في مقابلة مع قناة الجزيرة مطلع سبتمبر/أيلول 2003: "القيادة السياسية الكردية لها رأي وهدف ومطلب واضح جداً بخصوص مستقبل الشعب الكردي في العراق؛ وهو أن يعيش ضمن الوطن العراقي، وأن يتمتع بالديمقراطية والتعددية، وتحقيق نظام فيدرالي ضمن العراق المستقل الموحَّد، هذا ما اتفقت عليه جميع الأحزاب الكردية، وهذا ما وافق عليه البرلمان الكردي الإقليمي المنتخب عام 1992″.