لوس أنجلوس "مدينة الملائكة" وموطن السينما العالمية

إحدى أشهر المدن الأميركية، وأكبر مدن ولاية كاليفورنيا، وهي ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة الأميركية بعد نيويورك من حيث الكثافة السكانية. يعني اسمها باللغة الإسبانية "الملائكة"، وتعرف بأنها "عاصمة الترفيه في العالم" و"موطن صناعة السينما"، لكون حي هوليوود الشهير بالإنتاج السينمائي جزءا منها.
الموقع والجغرافيا
تقع لوس أنجلوس جنوبي ولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية، وتمتد عبر سهل ساحلي مطل على المحيط الهادئ ما يجعلها مركزا مهما للتجارة والنقل.
تبلغ مساحتها نحو 1300 كيلومتر مربع، وهي محاطة بعدد من المدن الصغيرة والمتوسطة، تحدها من الشمال مدينتا سانتا كلاريتا ولاكريسينتا، ومن الشرق باسادينا وألهامبرا، ومن الجنوب كالفر سيتي وكارسون، ومن الغرب سانتا مونيكا وبفرلي هيلز.
يسود أغلب مناطقها مناخ متوسطي دافئ، مع صيف حار وجاف وشتاء معتدل ورطب نسبيا، وتشهد المدينة درجات حرارة معتدلة طوال العام وتتراوح في الصيف بين 25 إلى 35 درجة مئوية، بينما تبقى في الشتاء بين 10 إلى 20 درجة مئوية.
وتضم أجمل وأشهر الشواطئ في الولايات المتحدة، ومن بينها شاطئ سانتا مونيكا وشاطئ منهاتن.
لمحة تاريخية
تقول إحدى الروايات التاريخية إن أصل التسمية يعود إلى القس الإيطالي الأب خوان كريسبي، الذي رافق أول بعثة أوروبية برية تمر عبر كاليفورنيا بتاريخ 2 أغسطس/آب 1769.
وكتب كريسبي في مذكراته أنهم مروا على نهر جميل فسماه باسم كنيسة في إيطاليا تدعى "نوسترا سينيورا دي لوس أنخيليس دي لا بورسيونكولا"، ومعناها بالعربية سيدة الملائكة "لا بورسيونكولا".
وبعد 12 سنة وضع مستوطنون اللبنات الأولى لبناء مدينة على ضفاف النهر توسعت شيئا فشيئا، وسموها على اسم النهر، فأصبحت تدعى مدينة "لوس أنخيليس" (عبارة إسبانية معناها الملائكة)، وبعد هيمنة الإنجليز على المنطقة أصبح اسمها ينطق "لوس أنجلوس".
تأسست لوس أنجلوس عام 1781 وكانت مستوطنة إسبانية صغيرة، وقدرت مساحتها آنذاك بحوالي مئة كيلومتر مربع فقط، ثم انتقلت إلى السيطرة المكسيكية في 1821 بعد الاستقلال عن إسبانيا.
وفي 1846 اندلعت الحرب المكسيكية الأميركية وأجبرت المكسيك عام 1848 على التنازل عن بعض أراضيها لصالح الولايات المتحدة الأميركية بعد أن وقعت معاهدة "غوادالوبي هيداليغو".
وأصبحت لوس أنجلوس مدينة أميركية بشكل رسمي منذ 1850، ومن بين المناطق التي شملتها المعاهدة نيفادا ويوتا وأجزاء من أريزونا وكولورادو ونيومكسيكو.

كوارث طبيعية
شهدت مدينة لوس أنجلوس على مر تاريخها سلسلة من الهزات الأرضية القوية، أبرزها "زلزال لونغ بيتش" في 1933 بقوة 6.4 درجات على مقياس ريختر و"زلزال سيلمار"، الذي وقع عام 1971 بقوة 6.6 درجات، و"زلزال نورثريدج" بتاريخ 1994 -وهو الأعنف- بقوة 6.7 درجات.
ويرجع ذلك إلى قربها من صدع سان أندرياس وهو شق جيولوجي يمتد لمسافة تقارب 1300 كيلومتر، وأحد أكثر الصدوع الزلزالية نشاطا في العالم، ويبعد عن وسط المدينة بـ53 كيلومترا فقط.
وتواجه المدينة أخطارا بيئية أخرى مثل حرائق الغابات الموسمية التي تتزامن وموجات الحر والانزلاقات الطينية، إلى جانب تلوث الهواء الناتج عن الانبعاثات الصناعية والازدحام المروري والجفاف والأمطار الغزيرة والأمواج العاتية.
السكان
بحسب تقديرات مكتب الإحصاء الأميركي في الربع الأول من 2025، فإن عدد سكان مدينة لوس أنجلوس يبلغ حوالي 3.82 مليون نسمة. أما في مقاطعة لوس أنجلوس كلها، فيصل العدد إلى 10.4 مليون نسمة ما يجعلها من أكبر المناطق الحضرية في الولايات المتحدة.
كما تتميز المدينة بتنوع سكاني وعرقي كبيرين، إذ تقول بعض التقديرات إن حوالي 48.5% من سكان المدينة ينحدرون من أصول لاتينية ومكسيكية، بينما يشكل السكان البيض نسبة 49.8% والأميركيون الآسيويون 11.3% والأميركيون من أصول أفريقية 9.6% والهنود الأميركيون 0.7%.
وتعيش في المدينة جاليات أخرى مثل الأرمينيين والإيرانيين والفيليبينيين والكوريين والصينيين والعرب، ويتحدث هذا الخليط البشري في لوس أنجلوس نحو 224 لغة ولهجة مختلفة.

الاقتصاد
تعتمد لوس أنجلوس على الصناعة السينمائية في اقتصادها بشكل أساسي، خاصة وأنها تحتضن استديوهات هوليوود.
ويسهم الإنتاج السينمائي في توفير فرص العمل وتعزيز الإيرادات، التي بلغت في 2023 أكثر من 186 مليون دولار، ووفرت 700 ألف وظيفة في هذا القطاع.
يعتمد اقتصاد مقاطعة لوس أنجلوس أيضا على قطاع الزراعة، وهي من أكثر المقاطعات إنتاجا في البلاد، وذلك لاحتوائها على مساحات زراعية ضخمة تضم بساتين من البرتقال والليمون والمشمش والخوخ، وتعتمد كذلك على تربية المواشي، وخاصة الأبقار الحلوب.
قطاع الخدمات هو الآخر يشكل محركا للاقتصاد المحلي، وخاصة الخدمات المالية والإدارية والمهنية والرعاية الصحية والتعليم والتجارة والسياحة.
تحولت لوس أنجلوس إلى مركز تجاري إقليمي مهم بفضل علاقاتها الوثيقة مع أكثر من 85 دولة، خاصة دول أميركا اللاتينية وآسيا ومنطقة المحيط الهادي.

المعالم السياحية
تزخر "مدينة الملائكة" بوجهات سياحية ومعالم أثرية عدة من بينها مبنى "سي تي هال"، وهو واجهة المدينة، حتى إن صورته توضع على جميع الوثائق الرسمية كشهادات التقدير وتراخيص الأعمال.
بني عام 1928 وصممه كل من جون باركنسون وألبرت سي مارتن وجون سي أوستن، وقد أصبح مقصدا لتصوير الأفلام والمسلسلات بسبب عمارته المميزة، كما أن زخرفته من الداخل تظهر الحضارات التي تعاقبت على مدينة لوس أنجلوس.
ومن أشهر معالم المدينة متحف لوس أنجلوس الوطني للتاريخ الطبيعي، تأسس عام 1913، ويصنف الأكبر من نوعه في الغرب الأميركي. يضم أكثر من 35 مليون قطعة أثرية وعينة علمية.
من أبرز معروضاته "قاعة الديناصورات" التي تحتوي على هياكل عظمية ضخمة، وقاعات مخصصة لتاريخ كاليفورنيا الطبيعي وتنوعها البيئي.
وتضم المدينة متحف "ذا برود" للفن المعاصر، ويضم أكثر من 2000 عمل فني، وقاعة والت ديزني للحفلات الموسيقية التي صممها فرانك غيري.
وفي لوس أنجلوس أيضا متنزه يسمى "ممشى المشاهير" (هوليوود وولك أوف فايم)، كتبت على جنباته أسماء ألمع وأشهر النجوم في الموسيقى والفن والسينما والإعلام.
تضم المدينة أكثر من 10 شواطئ، أشهرها شاطئ سانتا مونيكا المعروف برصيفه الشهير والمرافق الترفيهية المتنوعة، إضافة إلى شاطئ فينيس وشاطئ ماسل وشاطئ ماليبو، وشاطئي مانهاتن وهيرموسا، وشاطئ ريدوندو.